كلنا شرق < الرئيسية

تضامن القوميات في مواجهة زلزال شيتسانغ

: مشاركة
2025-02-19 10:20:00 الصين اليوم:Source رشا كمال:Author

وسط طوفان وسائل التواصل الاجتماعي والترند، وتأثير الريلز والتيك توك على عقلية ومعلومات الناس، طالعتنا الأخبار بخبرين من طرفي الكرة الأرضية؛ الأول من الناحية الغربية عن حرائق لوس أنجلوس والخطوات المتخبطة من إدارة ولاية كاليفورنيا لتقليل تأثير غضب الطبيعة الأم؛ والثاني من أقصى الشرق عن الزلازل القوية في جنوب غربي الصين، في منطقة شيتسانغ الذاتية الحكم، لتتركنا في حيرة، والأهم في احتياج ملح لنتدبر الأحداث ونفهم خلفياتها.

صدمتنا الأخبار برصد إجمالي 646 هزة ارتدادية بعد أن ضرب زلزال بقوة 8ر6 درجات على مقياس ريختر محافظة دينغري بمنطقة شيتسانغ في جنوب غربي الصين، في السابع من يناير 2025. بين أطلال المنازل وبكاء الملهوفين على الصرعى والجرحى نتيجة الزلزال، صادفنا قصصا إنسانية مؤثرة. بعد يوم من الكارثة، قرر الشاب هوانغ يون الذي يمتلك مطعما للمأكولات المحلية في مدينة لاسا، التوجه من مدينته التي تبعد ثماني أو تسع ساعات بالسيارة عن مركز الزلزال إلى المنطقة المنكوبة للمساعدة وتقديم يد العون. أغلق هوانغ مطعمه وأخذ معه فريقه من الطهاة والعمال لمنطقة الكارثة غير عابئ بالمخاطر والهزات المتتالية وارتفاع المنطقة عن سطح البحر وصعوبة التنفس لقلة الأكسجين. تبرع هوانغ بكمية ضخمة من الأطعمة ومستلزمات الطهي لتقديم وجبات ساخنة للمتضررين من الزلزال وقوات الإغاثة والطواقم الطبية، في حين سطر الجيش الصيني صفحة مضيئة لإعادة توطين المتضررين وغوث الجرحي والمعوزين، فقدموا جميعا صورة حقيقية للمجتمع الصيني، غير تلك الصورة النمطية التي يبثها الإعلام الأمريكي. يتميز المجتمع الصيني وخاصة تلك المنطقة التى ضربها الزلزل بتنوع كبير في القوميات، ويتفاخر الصينيون بعبارة مأثورة متدوالة منذ أجيال: "56 قومية تتشبث ببعضها مثل حبات الرمان".

سألت وسائل الإعلام الصينية الشاب هوانغ، الذي ينتمي لقومية هوى، وهي أشهر القوميات المسلمة العشر في الصين: "ما الذي دفعك لهذا التصرف؟" فأجاب هوانغ: "هذه هي أخلاق أهل الصين، وهذه هي أخلاق المسلمين. لا يمكن أن يكون في استطاعتي مساعدة أبناء بلدي ولا أهرع لمساعدتهم." وأضاف هوانغ: "مسقط رأسي في محافظة لينتان بمقاطعة قانسو في شمال غربي الصين، وجئت إلى لاسا بمنطقة شيتسانغ سعيا وراء الرزق، فعندما تحتاجنا هذه المنطقة نهب لنجدتها ونقف مع بعضنا البعض مثل البنيان المرصوص. هذا حق بلادنا علينا، وفي أوقات كهذه كلنا جنودها وعتادها." عاود المراسلون سؤال هوانغ، وهم يتناولون مكرونته الشهية الساخنة: "كيف طرأت الفكرة على عقلك؟" فرد سريعا: "فكرت في الجنود وأطقم الإغاثة الذين يعملون ليلا ونهارا لتجهيز مناطق سكنية مؤقتة لاستقبال المتضررين من الزلزال، كيف سيعملون في هذا البرد القارس وفي ظل نقص الأكسجين؟ ففطنت إلى أن أقل ما يمكننا تقديمه هو وجبات ساخنة على مدار الساعة لأفراد الجيش والمعوزين، كرد جميل لوطننا."

وسط حرائق لوس أنجلوس، استغرب الجميع تباطؤ إجراءات الإنقاذ وعمليات الإطفاء من قبل الأجهزة المعنية في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى بدأنا نسمع عبارات مثل: "لا توجد مياه لإيقاف الحرائق"، "ليس في يدنا حل"، "إنها أزمات تغير المناخ"، في حين قدمت الأجهزة المناظرة في الصين نموذجا فريدا في تقديم العون السريع للمتضررين من الزلزال، مثل تشييد المخيمات التى تتسع لأعداد غفيرة في فترة زمنية قياسية، ثم الانتقال لمرحلة تأسيس منازل مؤقتة لدرء البرد والرياح عن المتضررين تحت شعار "منزل كل دقيقة"، حيث يتكاتف النجارون والسباكون والفنيون وغيرهم من أصحاب الحرف اليدوية لتجهيز منزل مؤقت خلال 60 ثانية فقط، مع استعادة خدمات الكهرباء والاتصالات والمواصلات بالمنطقة، وتقديم مواد دوائية كافية.

لماذا أحدثكم عن هذه المنطقة البعيدة؟ شيتسانغ في جنوب غربي الصين التي تبعد عن منطقتنا العربية ما لا يقل عن 12 ساعة بالطيران المباشر وأكثر من 48 ساعة بالطيران غير المباشر ثم قطارات وسيارات وغيرها؟ ذلك لأنني أريد أن نستوعب الشائعات والدعاوى والافتراءات التي يطلقها الإعلام الأمريكي والغربي عموما عن حياة أبناء القوميات المسلمة في الصين وأحوالهم المعيشية. في الواقع هم خيط من خيوط النسيج الوطني الصيني، لا تستطيع أن تميزهم عن غيرهم من أبناء القوميات الصينية الأخرى. وكما تقول الحكمة الصينية "تحت هذه السماء، لا شئ أهم من بلادي". فليتمسك كل فرد بحبه لوطنه ويقدم له كل نفيس وغال، لنتخطى هذه الأيام الثقيلة.

--

د. رشا كمال، رئيسة قسم اللغة الصينية في جامعة بدر في مصر.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4