كلنا شرق < الرئيسية

الصين تربح الشارع العربي بانحيازها لحل القضية الفلسطينية ووقف إطلاق النار في غزة

: مشاركة
2024-01-09 14:59:00 الصين اليوم:Source خالد الشامي:Author

ظلت القضية الفلسطينية على مدار خمسة وسبعين عاما، محط أنظار العالم للصراع في منطقة الشرق الأوسط، دون حل يذكر. وكانت بين الحين والآخر بؤرة للتوتر الإقليمي والعالمي، خاصة في ظل تضارب وانقسامات مواقف الدول الكبرى، انحيازا لطرف على حساب طرف أخر.

مرت القضية الفلسطينية بمراحل صعود وهبوط في جذب انتباه العالم لما يجري على الأرض من استمرار انتهاكات إسرائيلية في الأراضي المحتلة سواء في القدس والمسجد الأقصى وقطاع غزة، الذي شهد توترا شديدا منذ عملية "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها حركة "حماس" في السابع من أكتوبر 2023، وما تبعها من رد إسرائيلي عنيف باستخدام كافة أنواع الأسلحة أسفر عن سقوط آلاف القتلى وعشرات الآلاف من المصابين وآلاف المفقودين وانهيار وتدمير البنية التحتية، سواء كانت في المستشفيات والمدارس والمنازل ودور العبادة. ومنذ الوهلة الأولى للصراع الأخير، أطلقت الصين نداءات عديدة لوقف إطلاق النار والعمل على إقامة هدنة إنسانية لإدخال المساعدات للقطاع، فقد دعا مبعوث الحكومة الصينية الخاص إلى الشرق الأوسط، تشاي جيون، للأمم المتحدة، إلى عقد مؤتمر سلام مؤثر وواسع النطاق لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي في أسرع وقت ممكن. وذكر أن المخرج من الحلقة المفرغة للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي هو العودة إلى حل "الدولتين"، وإقامة دولة فلسطين المستقلة. تعد تلك الدعوة تأكيدا على موقف الصين من القضية الفلسطينية. وقد طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ، مبادرة تتضمن الالتزام بمفاوضات السلام واحترام الوضع الحالي للقدس، كمدينة مقدسة دينية، وإقرار حل الدولتين، مما يؤكد أن الرئيس شي حريص على إنهاء الصراع المحتدم طوال عدة عقود، وأن عينه على إبرام السلام في الشرق الأوسط، حتى يعم الأمن والاستقرار على العالم أجمع.

وأعتقد أن العالم لاحظ أن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي يؤثر سلبا على الأمن والاستقرار العالميين وكذلك الاقتصاد، فقد وقف العالم ينظر إلى مشاهد القتل والنزوح لأبناء قطاع غزة، في الوقت الذي رفضت فيه الصين خطط التهجير القسري. وحرصا من الصين على توضيح موقفها العادل لحل القضية الفلسطينية، جاءت تصريحات وزير خارجية الصين وانغ يى، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي، وتأكيده على التعاون من أجل وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية الطارئة، وحماية حياة المدنيين ومنع التهجير، وتحذيره من محاولات تصفية القضية الفلسطينية، في الوقت الذي أكد فيه لنظيره الإسرائيلي إيلى كوهين، أنه يتعين على الدول الالتزام بالقانون الإنساني الدولي وحماية سلامة المدنيين. وفي اعتقادي أن الجهود الصينية هي دعوات للسلام وتحذيرات من تفاقم الأزمة ودق ناقوس الخطر بأن عدم الحل ينذر بكوارث على المنطقة والعالم بأكمله.

وقد قام وفد وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، المكون من وزير خارجية مصر سامح شكري ووزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان ونائب رئيس الوزراء وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي ووزير خارجية إندونيسيا ريتنو ليستاري ووزير خارجية فلسطين رياض المالكي والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، بزيارة الصين للنقاش حول تهدئة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وحماية المدنيين وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.

خلال زيارتي إلى بكين في بداية شهر نوفمبر 2023، التقيت بالسفير ليو جيان المسؤول في إدارة غربي آسيا وأفريقيا بوزارة الخارجية الصينية، الذي قال إن الصين ترى أن مصر تلعب دورا كبيرا مهما في القضية الفلسطينية منذ عشرات السنين، كما تتفق معها في أولويات حل هذه الأزمة وهذا الصراع الدائم، وهناك تطابق كبير مع وجهة النظر المصرية، فالصين لديها مبدأ لن يتغير، وهو القائم على "حل الدولتين"، من أجل حصول الشعب الفلسطيني على كافة حقوقه وضمان وجود دولة فلسطين المستقلة، وهو ما أوضحته الصين لإسرائيل.

وأرى أن تمسك الصين بموقف يدعو للمفاوضات السياسية ورفض العنف، ورفض تهميش القضية الفلسطينية، وفقا لما طرحه الرئيس شى، يتسق مع المطالب العربية. وقد ربحت الصين تأييدا واسعا من قبل الدول العربية، التي رأت أن بكين تدعم حقوق الإنسان وحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية، بالمقارنة مع موقف الولايات المتحدة الأمريكية التي رأت في بداية الحرب أهمية دعم إسرائيل، ما أضعف موقفها ولجأت بعض الشعوب لمقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية، بالمقارنة بالبضائع الصينية المنتشرة في كل بيت مصري وعربي وإسلامي.

لقد وضح جليا للمواطن العربي أن الصين اتخذت موقفا منحازا للإنسانية وعدم إراقة الدماء. ولا ينسى أحد موقف الصين، التي فاجأت العالم بـ"اتفاق بكين" لاستئناف العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. نجحت الصين في التوفيق بين الرياض وطهران على إنهاء خلافهما الدبلوماسي وإعادة فتح السفارات، في اتفاق نادر الحدوث لقضية ظلت محتدمة الصراع. لذلك، فإن هناك ترقب لما ستفعله الصين خلال الفترة المقبلة بما يساهم في تهدئة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. وأعتقد أنها تملك أدوات تستطيع أن تمارسها للوصول إلى اتفاق، في ظل علاقة الصين الوطيدة بغالبية الدول العربية وإسرائيل، وما ذكره الرئيس شي في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث وضع الخطوط العريضة لبلاده في علاقتها مع واشنطن، بأن بكين تنتهج مبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح، وأن مسار الاشتراكية ذات الخصائص الصينية تأسسَ في إطار توجيه نظرية الاشتراكية العلمية، وكونه متأصل الجذور في تقاليد الحضارة الصينية لأكثر من خمسسة آلاف عام. ونذكر بأن مقولة العرب "اطلبوا العلم ولوفي الصين"، تشير إلى المكانة الحضارية والتاريخية للصين التي ينظر إليها العرب والمسلمون بأهمية رفعتها العلمية وتقدمها على مختلف العصور. إن الدولة التي لديها حضارة وتاريخ يمكنها أن تغير التاريخ لصالح البشرية.

--

خالد الشامي، صحفي بجريدة ((المصري اليوم)) المصرية، وباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4