كلنا شرق < الرئيسية

العلاقات بين الصين والسودان نموذج للتعاون الصيني- الأفريقي ومثل يحتذى به لتعاون الجنوب- الجنوب.

: مشاركة
2023-12-18 16:54:00 الصين اليوم:Source ماهيش باثاك:Author

أكد الرئيس شي جين بينغ على الصداقة الدائمة والمتينة بين الصين والدول العربية، باعتبارها رابطة ظلت صامدة أمام اختبار الزمن لآلاف السنين. في الآونة الأخيرة، ازدهرت الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين، وحققت نتائج مثمرة، وأصبحت مثالا بارزا للتعاون بين بلدان الجنوب، والمنافع المتبادلة، والنتائج المزدوجة المنفعة.

هناك معلم مهم في هذه العلاقات، تحقق خلال القمة الصينية- العربية الناجحة التي عُقدت في الرياض في عام 2022. خلال هذه القمة المهمة، تعهد القادة من الصين والبلدان العربية بالتعاون الصادق لبناء رابطة مصير مشترك صينية- عربية في هذا العصر الجديد. وهذا المسعى المشترك يهدف لتعزيز التضامن والتعاون بين الصين والدول العربية، ودفع عجلة النهضة الوطنية لكل منهما، وتعزيز السلام والتنمية بالمنطقة، ودعم مبادئ العدالة والإنصاف بالعالم. ومما لا شك فيه، فإن هذه التطورات الديناميكية تمثل لحظة مهمة في تطور العلاقات الصينية- العربية.

وتطلعا إلى المستقبل، فإن الصين على استعداد تام للعمل بشكل وثيق مع الدول العربية، ودفع روح الصداقة الصينية- العربية، المستندة على إنجازات القمة الصينية- العربية الأولى. والهدف النهائي هو الارتقاء بالشراكة الإستراتيجية الصينية- العربية لمستويات أعلى، ومواصلة كتابة قصة رائعة للصداقة والتعاون الصيني- العربي القوي. ويستعد الجانبان معا لكتابة فصل جديد وواعد في تاريخهما المشترك.

الشرق الأوسط منطقة ذات أهمية إستراتيجية كبيرة وغنية بالموارد، ولكن تخيم عليها الصراعات والتعقيدات التاريخية. وعلى مدى سنوات، مرّ المشهد الجيوسياسي للمنطقة بتحولات كبيرة، ومن أبرز التطورات هو تطور العلاقة بين دول الشرق الأوسط، ولا سيما المملكة العربية السعودية والصين. هذا المقال يستكشف تطورات هذه العلاقة، وتأثير الحضور الصيني المتزايد في المنطقة، والآثار المترتبة على علاقاتها مع الولايات المتحدة، ويقترح طريقة للمضي قدما في التعامل مع هذه الترابطات المعقدة.

على مدى العقود القليلة الماضية، برزت الصين كقوة اقتصادية عالمية، ووسعت حضورها واستثماراتها في جميع أنحاء العالم، بما فيه الشرق الأوسط. لقد أسهم احتياطي الطاقة الهائل في منطقة الشرق الأوسط وموقعها الإستراتيجي، في جعلها شريكا رئيسيا لمبادرة "الحزام والطريق" الطموحة المقترحة من الصين. وقد زادت بشكل كبير، الاستثمارات الصينية في مشروعات البُنى التحتية والموانئ وقطاعات الطاقة، الأمر الذي عزّز دورها كشريك اقتصادي مهم لبلدان الشرق الأوسط. أحد الأمثلة الرئيسية على هذه العلاقة المزدهرة، هو تعاون المملكة العربية السعودية مع الصين. السعودية، التي تسعى لتنويع مصادرها بعيدا عن الإيرادات المعتمدة على النفط، ظلت حريصة على جذب الاستثمار والتكنولوجيا الصينية. وبدورها، تنظر الصين إلى المملكة العربية السعودية، كمورد حيوي للنفط، وبوابة إلى سوق الشرق الأوسط الأوسع.

كانت الولايات المتحدة الأمريكية حليفا رئيسيا للعديد من دول الشرق الأوسط، حيث قدمت مساعدات عسكرية ودعما دبلوماسيا وضمانات أمنية. أدى الحضور الصيني المتزايد في المنطقة، لمخاوف أمريكية بشأن تحديات محتملة لنفوذها ومصالحها بالمنطقة. تشكلت علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالشرق الأوسط عبر العديد من العوامل، بما فيها اعتمادها على واردات النفط، ومخاوف بشأن الاستقرار الإقليمي، والتزامها التاريخي تجاه حلفاء مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

العلاقة المتنامية بين الشرق الأوسط والصين هي تطور مهم في الجغرافيا السياسية للمنطقة. ومع استمرار التأثير المتزايد للصين، ينبغي لبلدان الشرق الأوسط أن توازن بشكل دقيق بين مصالحها الاقتصادية والحاجة لمعالجة المخاوف الدولية المعنية. في الوقت نفسه، ينبغي للولايات المتحدة الأمريكية التكيّف مع التطورات المتغيرة، ومواصلة المشاركة البناءة مع حلفائها في الشرق الأوسط. ومن خلال التعامل مع هذه التعقيدات، بشفافية وحوار مفتوح وتركيز على المصالح المشتركة، يمكن للمنطقة العمل نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا لجميع الأطراف المعنية.

من المنظور الصيني، هناك العديد من النقاط الرئيسية الواجب مراعاتها. أولا، يمكن لتوسيع التعاون الاقتصادي الصيني مع دول الشرق الأوسط، أن يسهم في تعزيز الاستقرار السياسي، وتوفير فرصة للتنمية والازدهار المشتركين. وهذا بدوره يسهم في عالم متعدد الأقطاب، حيث يمكن لمختلف البلدان أن تتعاون وتساهم في الاستقرار الإقليمي. ثانيا، يمكن لمشاركة الصين في مشروعات البُنى التحتية والموانئ الحيوية في الشرق الأوسط، أن تعزز التواصل والتجارة، مما يعود بالفائدة على جميع الأطراف المعنية. والصين لا تزال ملتزمة بالتنمية السلمية، وليست لديها أي نية لاستخدام هذه المشروعات لأغراض عسكرية أو استخباراتية.

إن الاستكشاف الناجح لتطورات المشهد المعقد للعلاقة بين الشرق الأوسط والصين، مع المحافظة على علاقات صحية مع الولايات المتحدة الأمريكية، يستدعي معالجة دبلوماسية دقيقة. أظهرت بلدان الشرق الأوسط قدرتها على إعطاء الأولوية لمصالحها الاقتصادية، مع معالجة عوامل القلق الدولية بشأن مختلف القضايا. وسوف يؤدي تبني الشفافية والحوار المفتوح لتعزيز هذه الجهود. ويمكن للمناقشات البناءة بين الصين ودول الشرق الأوسط، أن تعزز فهما أعمق للقيم والاهتمامات المشتركة، الأمر الذي يقود لنتائج إيجابية.

توفر العلاقات المتنامية بين الشرق الأوسط والصين فرصة تحوّلية للجغرافيا السياسية بالمنطقة. ومع استمرار توسّع حضور الصين وتأثيرها، تتوفر لبلدان الشرق الأوسط، الفرصة لتحقيق توازن متناغم بين تطلعاتها الاقتصادية والاهتمامات العالمية. في الوقت نفسه، ينبغي للولايات المتحدة الأمريكية التكيّف مع هذه التطورات الديناميكية والعمل بشكل استباقي لمواصلة المشاركة مع حلفائها في الشرق الأوسط. ومن خلال تبني الشفافية، وتعزيز الحوار المفتوح، والتركيز على المصالح المشتركة، تكون المنطقة على استعداد لرسم مسار نحو الاستقرار والازدهار الدائمين لجميع أصحاب المصلحة المعنيين.

 

--

ماهيش باثاك، خبير مستقل في العلاقات الدولية، مقيم في نيبال.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4