بعد تخرجه في جامعة بكين للطب الصيني، تلقى لي هوا فَيْ، في عام 2001، دعوة من زميل له، أكبر منه، للعمل كمساعد له في عيادة هوارنتانغ للطب الصيني التقليدي في أبو ظبي، فوطأت قدماه أرض الإمارات لأول مرة. منذ أكثر من عشرين عاما، يعيش لي هوا فَيْ ويعمل في الإمارات. يأخذ إبر الوخز في إحدى يديه، ويحمل القلم في يده الأخرى، وشق مجال عمل خاصا له خلال هذه السنوات العديدة.
طبيب يداوي العلل لإنقاذ المرضى
بعد الوصول إلى أبو ظبي، أصبح لي هوا فَيْ مساعدا كفؤا للأطباء القدامى في عيادة هوارنتانغ للطب الصيني التقليدي، بفضل معلوماته الطبية الغزيرة ومستواه الممتاز في اللغة الإنجليزية. قال: "خلال تلك الفترة، صارت لدي كمية كبيرة من معلومات الطب السريري باللغة الإنجليزية، وتحولت من طالب يدرس في الجامعة إلى مساعد يمتلك الجرأة على الممارسة. تعلمت كثيرا من المهارات السريرية على أيدي الأطباء القدامى، مما وضع أساسا ثابتا لعملي المستقل في وقت لاحق."
في عام 2005، عاد لي هوا فَيْ إلى الصين للدراسة في قسم الوخز بالإبر والكي في المستشفى التابع لجامعة تشنغدو للطب الصيني. وبعد سنة واحدة، سافر إلى الإمارات مرة أخرى، وحصل على رخصة ممارس الطب الصيني التقليدي من وزارة الصحة ووقاية المجتمع الإماراتية ورخصة ممارس الطب الصيني التقليدي من هيئة الصحة بدبي. في عام 2012، انضم إلى المركز الطبي الأوروبي في الإمارات ليصبح مدير قسم الطب الصيني التقليدي بالمركز، ومن العادة أن يستقبل حوالي خمسة عشر مريضا كل يوم من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة السابعة مساء. قال لي هوا فَيْ إن 90% من مرضاه أجانب، ومعظمهم يعانون من العقم واضطراب القلق والاكتئاب والأرق وغيرها من الأمراض. يختلف ذلك عن الحالة في الصين، حيث معظم المرضى الذين يتلقون علاج الوخز والكي يعانون من الصداع النصفي ومضاعفات السكتة الدماغية.
في حساب لي هوا فَيْ على تطبيق ويتشات، يمكن أن نرى كثيرا من حالات علاج العقم. قال إنه بفضل العلاج بالوخز على يديه، حملت إحدى مريضاته ثلاث مرات، وستنجب الطفل الثالث بعد أسابيع. لديه كثير من المريضات مثل هذه المريضة، وعدد غير قليل منهن نساء يبلغ عمرهن أربعا وأربعين أو خمسا وأربعين سنة. يسره أن يرى صور الأطفال التي أرسلتها له مريضاته.
يحمل لي هوا فَيْ إبرة الوخز في جيبه دائما، وسبق له أن عالج مرضى بالوخز والكي في عربات القطار وعلى متن الطائرات والسفن. قال: "إبرة الوخز الفضية رفيعة، غير أنها تلعب دورا مهما في مختلف المناسبات. في سبتمبر عام 2019، كنت في مطار شوانغليو بمدينة تشنغدو، وسقط رجل في الصفوف على الأرض. ذهبت إليه مسرعا، ووجدت أن فمه يزبد وأسنانه تصر، فقدرت أنه تعرض لصرع مفاجئ. في هذه اللحظة الحاسمة، أخرجت الإبرة من جيبي، ووخزت الإبرة في نقطة النثرة (الفرجة ما بين الشاربين)، فاستفاق المريض وأصبح في كامل وعيه تدريجيا، وأمسك بيدي بشدة للتعبير عن شكره لي."
ناشر ثقافة الطب الصيني التقليدي
في أكتوبر عام 2021، قام لي هوا فَيْ، باعتباره ممثل الأطباء الصينيين التقليديين، بشرح ماهية الوخز بالإبر ومفعول علاجه ودوره في مكافحة وباء كوفيد- 19، خلال إكسبو دبي 2020. كان أحد الحضور يعاني من ألم في الكتفين والفقرة العنقية، فعالجه لي هوا فَيْ عن طريق غرز الإبرة في نقطة معينة بجسمه. وبعد ذلك، جاء إليه كثير من الحضور للاستشارة.
قبل ذلك، نشر مركز تلفزيون الشرق الأوسط (MBC) قصة لي هوا فَيْ والوخز بالإبرة. كانت هناك سيدة من نيجيريا سافرت إلى دبي للبحث عن الطبيب. قال لي هوا فَيْ إنها امرأة عمرها 38 سنة، تعاني من العقم. بعد شهر واحد من العلاج، حملت في الشهر التالي، وقد أرسلت صورة طفلها إلى لي هوا فَيْ.
خلال وباء كوفيد- 19، قام لي هوا فَيْ بتقديم الاستشارات المجانية للصينيين المغتربين حول كوفيد- 19 أكثر من مائة مرة، وكتب أكثر من خمسين وصفة طبية. قال لي هوا فَيْ: "كنت أستقبل أكثر من عشرين مريضا في اليوم الواحد. العقاقير الصينية التقليدية سريعة المفعول، ومن العادة أن تخف أعراض المرض بعد تناول العقاقير مرتين. أعتز بأن الطب الصيني التقليدي قدم مساهمة كبيرة في مكافحة الوباء."
في عام 2021، حصل لي هوا فَيْ على "الإقامة الذهبية لعشر سنوات" من حكومة الإمارات. قال: "الإقامة الذهبية لمدة عشر سنوات يصدرها حاكم إمارة دبي بنفسه، وأعتقد أنها اعتراف بعملي في الطب الصيني التقليدي خلال العشرين سنة الماضية، كما أنها تأكيد لثقافة الطب الصيني التقليدي. في المستقبل، سأواصل تعميم الطب الصيني التقليدي في الإمارات لأجعل مزيدا من الناس يعرفون الطب الصيني التقليدي ويختارونه."
مسجل مخلص للحياة في الخارج
بالإضافة إلى كونه طبيبا متخصصا في الطب الصيني التقليدي، يعد لي هوا فَيْ مسجلا مخلصا لحياة الصينيين المغتربين في دبي. في عام 2017، تعاون مع صديقه ماو يي مينغ في كتابة ((موجز تاريخ الصينيين في دبي)) المكون من 25 ألف مقطع صيني. قال لي هوا فَيْ: "تاريخ الصينيين المغتربين في الإمارات ليس طويلا، ويمكن أن أتواصل مع الدفعة الأولى منهم. وإذا احتفظنا به جيدا فسنخلف تسجيلا لفترة تاريخية كاملة لهم. في الأيام الأخيرة، اشتريت على موقع إلكتروني للكتب القديمة ثلاث رسائل أُرسلت من دبي إلى الصين في نهاية القرن العشرين، وتُعتبر هذه الرسائل مراجع تاريخية ثمينة لتاريخ الصينيين في دبي."
في عام 2014، نجح لي هوا فَيْ في إصدار رواية ((دبي، ألف ليلة وليلة لي)) التي بدأ إبداعها في عام 2010 وتسجل قصة كفاحه في دبي وحياة الصينيين المغتربين في دبي خلال الفترة من عام 2006 إلى عام 2009. وذكر في خاتمة الرواية: "مضت سبع سنوات على إقامتي في دبي، وما زلت أتذكر بوضوح الأيام الأولى بعد وصولي إلى دبي. كنت أتنقل من شقة إلى أخرى حينا بعد حين، فتنقلت تسع مرات خلال سنتين. عشت مع أناس مختلفين ورأيت الملامح المعنوية المميزة للصينيين المغتربين في دبي." وعن الغاية الأصلية لكتابة هذه الرواية، قال لي هوا فَيْ: "عرفت صينيين مغتربين في مختلف القطاعات خلال عملي في دبي لمدة عامين، وحدثت قصص كثيرة. عندما بدأت أتخيل حبكة هذه الرواية، كان عدد الصينيين المغتربين في دبي مئات الآلاف. أرجو أن أصدر كتابا يساعد الناس على معرفة الثقافة التاريخية والمثل الإنسانية للإمارات، ليندمجوا في المجتمع المحلي بشكل أسهل."
بعد إصدار هذه الرواية، تلقى لي هوا فَيْ ملاحظات من أطراف مختلفة. قال: "كثير من الأصدقاء الذين شاركوني في الشدة أرسلوا رسائل قصيرة إلي، وقالوا إنهم زرفوا الدموع أثناء قراءة هذه الرواية. رغم أنهم لم يشهدوا القصص في الرواية بأنفسهم، فإنهم رأوا من خلالها صورا لأصدقاء حولهم. في بداية الرواية نام البطل على مقعد طويل في الحديقة لمدة ثلاث ليال، وقد جربت ذلك أنا بنفسي. بعد قراءة الرواية، سألني كثير من القراء عن المقعد الطويل، وقالوا إنهم ربما ناموا أيضا على نفس المقعد، فتلك الأيام هي ذاكرتنا المشتركة."
--
يانغ نينغ، صحفي بالطبعة الخارجية لصحيفة ((الشعب اليومية)).
لي ون جيه، صحفية متدربة بالطبعة الخارجية لصحيفة ((الشعب اليومية)).