كلنا شرق < الرئيسية

دفع إقامة علاقات الشراكة الإستراتيجية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي

: مشاركة
2022-06-01 11:55:00 الصين اليوم:Source هناء لي ينغ:Author

العلاقات الودية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي عريقة الينبوع وطويلة المجرى، فقد ربط طريق الحرير البري والبحري بين الجانبين في مجرى التاريخ الطويل. وفي العصر الحديث، ظلت الصين ودول الخليج العربية تتبادلان الدعم في النضال ضد الإمبريالية، وفي حماية مسيرة بناء الدولة، فتحقق اجتياز تاريخي في توسيع وتعميق التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات. على الرغم من التغيرات الكبيرة التي لم يسبق لها مثيل منذ مائة سنة وتفشي وباء كوفيد- 19 بشكل خطير، فإن العلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي تواصل تطورها السلس في السنوات الأخيرة، وحققت ثمارا وافرة، وأصبحت نموذجا مثاليا لتعاون الجنوب- الجنوب، وتصب طاقة إيجابية في أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط وسلام وتنمية العالم.

في التاسع عشر من مايو عام 2022، اجتمع أكثر من أربعين سفيرا وخبيرا وعالما من الصين والسعودية والإمارات والكويت وقطر وعمان والبحرين والسودان ومصر والعراق وغيرها من الدول، في الندوة الافتراضية حول "دفع إقامة علاقات الشراكة الإستراتيجية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي"، التي عقدها مركز الدراسات الصيني- العربي للإصلاح والتنمية بجامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، لإجراء المناقشات حول دفع إقامة الشراكة الإستراتيجية الصينية- الخليجية من خلال تعزيز الثقة السياسية المتبادلة والتعاون الأمني والتعاون التنموي والاقتصادي والتجاري والتواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات في الشراكة الإستراتيجية الصينية- الخليجية، حيث طرح الحاضرون الصينيون والعرب آراءهم واقتراحاتهم القيمة.


الثقة السياسية المتبادلة والتعاون الأمني في الشراكة الإستراتيجية الصينية- الخليجية

الحقيقة أن الجانبين الصيني والخليجي ينسقان المواقف بشكل وثيق دائما لتعزيز الثقة السياسية المتبادلة والتنمية الاقتصادية والتجارية والتعاون في مكافحة وباء كوفيد- 19 والتبادلات الإنسانية والقضايا الإقليمية والدولية. بعد تفشي وباء كوفيد- 19، جرت مكالمات هاتفية بين الرئيس شي جين بينغ وزعماء دول الخليج العربية نحو عشر مرات، وقام كل من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ورئيس دولة الإمارات (ولي عهد أبو ظبي حينذاك) محمد بن زايد آل نهيان، بزيارة خاصة إلى الصين لحضور حفل افتتاح دورة بكين للألعاب الأولمبية الشتوية. وفي بداية هذا العام، أجرى عضو مجلس الدولة الصيني ووزير الخارجية وانغ يي محادثات مع كل من وزراء الخارجية للسعودية والبحرين والكويت وعمان وأمين عام مجلس التعاون الخليجي الزائرين في مدينة ووشي بمقاطعة جيانغسو، والتقى مع نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في نهاية مارس، الأمر الذي حقق التواصل مع كل وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي العربية. وأصدرت وزارة الخارجية الصينية وأمين عام مجلس التعاون الخليجي بيانا مشتركا، توصل الجانبان فيه إلى الاتفاق على إقامة الشراكة الإستراتيجية الصينية- الخليجية وإنجاز التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في أسرع وقت ممكن. كما تبادل الجانبان الدعم بشأن القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية والشواغل الرئيسية لكل منهما.

وفي الندوة اتفق المشاركون على أن "الإستراتيجية" هي الميزة الجلية للعلاقات الصينية- الخليجية، وأن المفاهيم المشتركة والمصالح المندمجة أساس سياسي لإقامة الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين. وينبغي توثيق الزيارات المتبادلة الرفيعة المستوى وأن يكون تعزيز التعاون الأمني مجالا هاما لتعاون الجانبين الصيني والخليجي. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز التعاون بين الجانبين الصيني والخليجي في مكافحة الإرهاب وتسوية النزاعات الإقليمية وإنشاء آلية السلام والثقة لمنطقة الخليج وغير ذلك من المجالات؛ بينما ينبغي تعميق التعاون الاقتصادي والتبادل الإنساني لإطلاق القوة المتأصلة الجبارة للشراكة الإستراتيجية بين الجانبين وتهئية بيئة رأي عام قوية للتنمية المستدامة للشراكة الإستراتيجية بين الجانبين.

وقال السيد لي هوا شين، سفير الصين الأسبق لدى العراق وسوريا والسعودية، إن ظروف إقامة الشراكة الإستراتيجية الصينية- الخليجية ناضجة، حيث أقامت الصين العلاقات مع مجلس التعاون الخليجي منذ تأسسه في عام 1981، وقد أصبح الجانبان شريكين حميمين هامين خلال الـ41 سنة المنصرمة، وبينهما الثقة السياسية المتبادلة، كأساس إقامة الشراكة الإستراتيجية، والاحترام المتبادل، والتفاهم القوي، مما جعل العلاقات بينهما نموذجا مثاليا في العلاقات بين دول العالم. إن إقامة الشراكة الإستراتيجية بينهما في صالح بناء رابطة المصير المشترك في العصر الجديد بين الصين والدول العربية.

وأشار الدكتور سيد غنيم، الرئيس التنفيذي لمعهد شؤون الأمن العالمي والدفاع (الإمارات) إلى أن للصين وكتلة دول الخليج ثقلا مهما في ميزان العالم المعاصر، فعلى رغم من تنوع كل منها في شكل ذلك الثقل، يجمع بينهما عناصر تكامل؛ الصين من حيث القوة الصناعية والتكنولوجية والقوة البشرية الهائلة، ودول الخليج التي تمثل مركزا حيويا في إمدادات الطاقة العالمية وسوقا، رغم متوسطية حجمها، تُعتبر قوة شرائية كبيرة. هناك تهديدات مشتركة لكلا الجانبين يسعى كل منهما سواء بشكل منفصل أو مشترك على إيجاد حلول لها. وهناك فرص يمكن توظيفها لتوسيع التقارب الأمني والعسكري بين الجانبين مثل البدء بالتعاون على مجابهة التهديدات المشتركة، والتحرك في مجابهة تهديدات التنظيمات الإرهابية، والعمل المشترك على تأمين الممرات الملاحية.


التعاون التنموي والاقتصادي والتجاري في الشراكة الإستراتيجية الصينية- الخليجية

دول الخليج العربية شريك تعاون مهم للصين في مجال الطاقة والاقتصاد والتجارة، كما قال في الندوة الدكتور جعفر كرار أحمد السفير السوداني السابق لدى الصين والباحث في مركز الدراسات الصيني- العربي للإصلاح والتنمية، في الندوة. فقد أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لمجلس التعاون الخليجي وحلت محل الاتحاد الأوروبي منذ عام 2020، وشهد حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين زيادة سريعة في عام 2021، حيث بلغ 88ر232 مليار دولار أمريكي بزيادة بلغت نسبتها 1ر44% عن العام السابق، ومنها بلغ حجم واردات الصين 44ر145 مليار دولار أمريكي. إن التعاون بين الجانبين في الطاقة يتطور بخطى ثابتة، وكانت السعودية أكبر مصدر نفط خام للصين في عام 2021. واستمر التعاون الصيني- الخليجي في هذا المجال نحو اتجاه أكثر عمقا واتساعا في استخراج النفط والغاز الطبيعي وتكرير النفط. كما وقعّت الصين اتفاقية للتعاون مع كل دول الخليج العربية، في البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" وحققت ثمارا وافرة في التعاون معها في الطاقة والمنشآت التحتية والقدرة الإنتاجية والمال وغيرها من المجالات التقليدية والطالقة الجديدة والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية والتجارة الإلكترونية والمدن الذكية وغيرها من مجالات العلوم والتكنولوجيا العالية والصناعات الناشئة.

أكد السيد لي تشن، سفير شؤون منتدى التعاون الصيني- العربي بوزارة الخارجية الصينية، في كلمته ضرورة مواصلة تعزيز تآزر إستراتيجيات التنمية بين الجانبين، واستكشاف القوة الكامنة في التعاون في الصحة والفضاء والطيران والاقتصاد الرقمي وغيرها من المجالات الناشئة وذات العلوم والتكنولوجيا العالية، ويجب أن يعمل الجانبان على إنجاز التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة الصينية- الخليجية في أسرع وقت ممكن، لإظهار التفوق الجغرافي لدول مجلس التعاون الخليجي وتقاسم فرص السوق الكبرى للصين وتسريع التنمية المتنوعة لدول مجلس التعاون الخليجي.

اتفق الحاضرون على تعزيز تكامل التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين الصيني والخليجي، ورأوا أن العلاقات الصينية- الخليجية دخلت مرحلة جديدة بعد أربعين سنة من التطور المستمر، وأن آفاق التعاون واسعة، ينبغي التوصّل إلى اتفاقية التجارة الحرة بسرعة، على أساس مبدأ تبادل المنفعة والفوز المشترك. ترى الصين أن دول مجلس التعاون الخليجي تتمتع بالوضع السياسي الآمن والإمدادات المستقرة بالنفظ والغاز الطبيعي، والتعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين يدفع النمو السريع لاقتصاد الصين من ناحية، ومن ناحية أخرى، يعزز تخلص دول الخليج من اقتصاد الريع النفطي وتحقيق التحول الهام إلى التنويع الاقتصادي. ويجب على الجانبين أن يركزا القوة على إبداع أنماط التعاون، ودفع تحول نمط التعاون الاقتصادي والتجاري والارتقاء بمستواه، لإظهار هيكل جديد ذي أشكال ومستويات وأطراف متعددة.


التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات في الشراكة الإستراتيجية الصينية- الخليجية

أكد المشاركون في الندوة أنه في إطار منتدى التعاون الصيني- العربي، أظهر التبادل والتعلم المتبادل حضاريا بين الجانبين الصيني والخليجي خصائص العصر، مثل التعاون الطويل المدى والمحتويات الغنية والأشكال المتعددة والمنصات المتنوعة وغيرها. قال السيد وو سي كه، مبعوث الصين الخاص الأسبق لقضية الشرق الأوسط، إن الثقافة التقليدية المتمثلة في الاحترام المتبادل والتمسك بالتواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات هي حجر الأساس لصمود العلاقات الصينية- الخليجية أمام اختبار تقلّبات الأوضاع الدولية. ويعتبر التبادل الإنساني محتوى مهما في تطور علاقات التعاون الإستراتيجية بين الصين ودول الخليج العربية، وأنه وضع أساسا شعبيا للتطور البعيد المدى للعلاقات الثنائية. وبفضل الجهود المشتركة لسنوات عديدة، تحقق الارتباط الإيجابي لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية برؤية التنمية لدول الخليج العربية، فأضحت المبادرة جسرا ورابطا لتقدم الجانبين إلى التطور والازدهار. اقترح السيد وو أن يكون الجانبان شريكين ثابتين للاستفادة المتبادلة بين الحضارات، وللتضامن والتعاون والتقدم المشترك، وأن يعززا الثقة الإستراتيجية المتبادلة والقدرة على مقاومة المخاطر من خلال الاستفادة المتبادلة بين الحضارات، وأن يعظما القيم المشتركة للبشرية معا، وأن يجعلا الحضارتين الصينية والإسلامية العريقتين تبثّان الحيوية الشابة في العصر الجديد.

وأشار الدكتور يحيى محمود بن جنيد، رئيس مركز البحوث والتواصل المعرفي السعودي، إلى أنه ينبغي تعميق الروابط بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في اللغة والترجمة والتربية والتعليم والإعلام وغيرها من المجالات، علاوة على التبادلات في الصناعة والتجارة والسياسة وغيرها، سعيا إلى تحقيق الاجتياز الحقيقي في التواصل.

قال السيد لي تشنغ ون، سفير شؤون منتدى التعاون الصيني العربي السابق والسفير الصيني الأسبق لدى السودان والسعودية، في كلمته، إنه بسبب تفشي الوباء والنزاع بين روسيا وأوكرانيا، اشتدت اضطرابات العالم، وتتعرض دول مجلس التعاون الخليجي لضغوط كبيرة، فأصبحت كيفية الإمساك بثمار التنمية التي لم تأت بسهولة والمحافظة على بيئة السلام المستقرة الدائمة قضية تحتاج الصين ودول مجلس الخليج إلى تسويتها بإلحاح. إن الزيارة الجماعية لوزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي وأمين عام مجلس التعاون الخليجي للصين تبرز الاهتمام البالغ لدول مجلس التعاون الخليجي للصين، ورسوخ العلاقات بين الجانبين. يجب على الصين ودول مجلس التعاون الخليجي أن تبادر إلى البحث عن الفرص وتحقيق التطور الفعلي للعلاقات الثنائية والشراكة الإستراتيجية بين الجانبين.

إن نجاح انعقاد هذه الندوة الافتراضية يبرز دور مركز الدراسات الصيني- العربي كمنصة لتبادل آراء الجانبين في الإصلاح والانفتاح وحوكمة الدولة وإدارة شؤونها، وفي تعزيز الربط العميق لإستراتيجيات التنمية للجانبين، ودفع تقدم علاقات الشراكة الإستراتيجية بين الصين والدول العربية في العصر الجديد بشكل مطرد.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4