كلنا شرق < الرئيسية

صديقي الصينولوجي المغربي

: مشاركة
2022-05-06 15:52:00 الصين اليوم:Source لي تشانغ لين:Author

على مدى سنة تقريبا، منذ توليت منصب سفير الصين لدى المملكة المغربية، تعرّفت إلى كثير من الأصدقاء من الأوساط السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية في المغرب، والذين أشادوا بالتطور السريع للعلاقات الصينية- المغربية، مفعمين بالثقة في آفاق التعاون بين البلدين. وممثلهم البارز هو الدكتور ناصر بوشيبة، رئيس جمعية التعاون الأفريقي- الصيني للتنمية، الذي يعمل على مساعدة ودفع التبادل والتعاون بين الصين والمغرب منذ سنوات عديدة، وأطلق موجة من التفاهم مع الصين في المغرب.

في بداية العام الماضي، عرفت أنني سأسافر إلى المغرب للعمل وكنت في جمهورية بوروندي، فبدأت البحث عن معلومات عن المغرب، وشاهدت الجزء الخاص بالمغرب في سلسلة الأفلام الوثائقية التي تحمل عنوان ((الوطن أرض الأحلام)) حول طريق الحرير، والتي بثتها القناة الرابعة (الدولية) لمحطة التلفزيون الصينية المركزية (CCTV)، حيث عرفت ناصر على الشاشة، وأعجبني تحدثه اللغة الصينية بطلاقة ومعرفته الواسعة. بعد وقت قصير من تسلم عملي كسفير الصين لدى المغرب، زارني ناصر في مقر السفارة، وأخبرني أنه أعطى مولودته الجديدة اسم "مو لان" (اسم البطلة الصينية في قصيدة صينية قديمة في فترة الأسر الجنوبية والشمالية (420- 589))، بهدف تشجيعها على تعلم اللغة الصينية والانخراط في تعزيز التبادلات بين الصين والمغرب. وقال ناصر إنه يحب رياضة الووشو لأنه متأثر بالأفلام التي يلعب بروس لي وجاكي شان الدور الرئيسي فيها، فسافر إلى جامعة الرياضة في بكين لدراسة علم الطب الرياضي في عام 1995، ثم حصل على درجة الدكتوراه في علم السياسة بجامعة صون يات صن، فدرس وعاش في بكين وشانغهاي وقوانغتشو لمدة إحدى وعشرين سنة. وفي تلك الفترة، تم اختياره كأحد حاملي الشعلة لدورة الألعاب الجامعية العالمية لعام 2011، وشارك في استقبال العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال زيارته للصين في مايو عام 2016، حيث استقبله الملك.

بعد عودة ناصر إلى المغرب، أسس جمعية التعاون الأفريقي- الصيني للتنمية في عام 2017، مع التركيز على تعزيز التعاون بين المغرب والصين وبين أفريقيا والصين. في العام الماضي، أصدر كتاب ((تاريخ العلاقات بين المغرب والصين (1958- 2018))) باللغة الصينية، وتمت ترجمته إلى العربية والفرنسية، ويعتبر هذا الكتاب مرجعا للعلماء والخبراء الذين يشتغلون في دراسة العلاقات الصينية- المغربية ورجال الأعمال من البلدين. قدم ناصر هذا الكتاب إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي سرعان ما رد عليه برسالة أثنى فيها عليه وشجعه على مواصلة تكريس نفسه لقضية التعاون المغربي- الصيني. واستجابة لمبادرة "الحزام والطريق" التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، أقام ناصر سلسلة من النشاطات المعنية في المغرب، مثل إقامة مؤتمر محادثات الإبداع وتأسيس المشروعات لـ"الحزام والطريق" بين الصين والمغرب، و نشر مقالة بعنوان "إلهام من تنمية الصين– قصتي مع الحزام والطريق" وغيره من المقالات في وسائل الإعلام المغربية الرئيسية، والتي أكدت على أن توقيع اتفاقية خطط التعاون بين المغرب والصين في البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" يتفق مع متطلبات التنمية في المغرب. إن المملكة المغربية، باعتبارها أول دولة في شمالي أفريقيا وقّعت على هذه الاتفاقية يمكن أن توفر للصين فرصا لتوسيع التعاون الاقتصادي مع أوروبا وأفريقيا، وكذلك جلب استثمارات ضخمة للمغرب.

يولي ناصر اهتماما بالغا لمشاركة منجزات الصين في مساعدة الفقراء، حيث نظّم ندوة "الحد من الفقر من خلال السياحة الثقافية—الصين والمغرب نموذجا" بالتعاون مع المركز الثقافي الصيني بالرباط، وندوة "تنمية التجارة الإلكترونية الأفريقية والتخفيف من حدة الفقر" بالتعاون مع شبكة التجارة لنهضة الأرياف في غربي الصين، وأصدر مقال ((العودة بالنموذج الصيني لمساعدة الفقراء إلى الموطن))) في صحيفة ((الشعب اليومية)) الصينية، حيث طرح مقترحات للاستفادة من التجارب الصينية في مساعدة الفقراء من خلال المشروعات المحددة.

يعرف ناصر النظام السياسي وأسلوب التنظيم الاجتماعي الصيني معرفة عميقة، كما شهد التطورات والتغيرات اليومية للصين بعينيه. أرسل إليّ رسالة تهنئة باللغة الصينية بمناسبة الاحتفال بمرور 100 عام على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني، وخلال مقابلته مع شبكة تلفزيون الصين الدولية (CGTN)، لبس بذلة صينية معلق عليها دبوس يحمل صورة الرئيس الصيني الراحل ماو تسي تونغ، أثنى ثناء عاليا على وفاء الحزب الشيوعي الصيني بتعهده بتحسين مستوى معيشة الشعب على نحو شامل وحلها التاريخي لمشكلة الفقر المدقع، وفوزها بثقة الشعب. وهو يعتقد أن إنجاز الصين لبناء مجتمع الحياة الرغيدة يوفر مرجعية هامة للدول النامية الأخرى، كما يعد مساهمة جبارة في سلام وتنمية العالم. أثنى ناصر على مبادرة التنمية العالمية التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ ثناء عاليا، ويعتقد أن هذه المبادرة تشير إلى اتجاه دفع قضية التنمية العالمية والتعاون في التنمية الدولية، وتتفق مع سعي شعوب دول العالم إلى حياة أفضل، ويثق بأن التعاون الصيني- الأفريقي سيشهد ازدهارا جديدا. وقبل افتتاح دورة بكين للألعاب الشتوية، عارض ناصر ممارسة عدد قليل من الدول لما يسمى بـ"المقاطعة الدبلوماسية" لدورة بكين للألعاب الشتوية خلال مقابلته مع وسائل الإعلام، ورأى أن ذلك طريقة خاطئة تتمثل في تسييس دورة الألعاب الرياضية، ويخالف الروح الأولمبية التي تؤمن بها شعوب العالم بأسره. بعد مشاهدة حفل افتتاح دورة بكين للألعاب الشتوية، قال إن حفل الافتتاح يجلب للعالم قوة تضامن وأملا، وهو مهرجان رائع مفعم بالطاقة الإيجابية وأمل غير محدود.

ناصر واسع الاطّلاع، ويجيد اللغة الصينية، وهو "خبير بأمور الصين وأحوالها" مشهور في المغرب، وأستشيره في بعض العبارات والمفردات المعقدة في اللغة الفرنسية. كما أن ناصر صديق ومساعد للشركات الصينية والمركز الثقافي الصيني والفريق الطبي ومعهد كونفوشيوس، وتلبية لدعوتهم، يقدم لهم محاضرات حول المغرب في مجالات النظام الإداري وسياسة الاستثمار والسياسة الضريبية والدين والثقافة وغيرها، لمساعدة الصينيين على الاندماج الفعال في المجتمع المحلي، ويقوم بدور الوسيط في أعمالهم. قبل أيام، أخبرني ناصر أنه أنجز ترجمة وتحرير ألبوم الرسوم ((رحلة في الصين الجميلة.. رحلة في الأعياد الصينية)) الذي يشرح الأعياد التقليدية الصينية ويهدف إلى جعل الأجانب يعرفون فحوى الثقافة الصينية بشكل أفضل. وقد اتفق مع دار رنمينتيانتشو للنشر ببكين على التعاون في إدارة مكتبة شينغكونغ في الرباط، ويخطط لإعادة تعديل نمط إدارة المكتبة، لجعلها تلعب دورا أكبر في نشر الثقافة الصينية. كما قال ناصر إن الرحالة المغربي ابن بطوطة جرّب كل أنواع المتاعب والصعوبات على طريق الحرير البحري للوصول إلى الصين قبل أكثر من ستمائة سنة، مما يقرّب المسافة بين الصين وأفريقيا والدول العربية، وإن الرئيس شي جين بينغ سماه بـ"أول دبلوماسي مغربي جاء إلى الصين"، وفي هذا السياق أصبحت مهمته الأكثر أهمية هي تحويل قصة رحلات ابن بطوطة إلى الصين إلى سيناريو والاستعداد لتصوير فيلم لها، لسرد قصص التبادلات الودية بين الصين والمغرب بشكل جيد.

يقيم ناصر نشاطات "فهم الصين" بمختلف الأشكال لتعريف أبناء المغرب بالصين الحقيقية على مستويات شاملة، واستكشاف طرق جديدة لتعميق العلاقة بين الصين والمغرب بقوة. وأثق كل الثقة بأن الشراكة الإستراتيجية الصينية- المغربية ستتقدم بخطى جديدة.

--

لي تشانغ لين، سفير الصين لدى المملكة المغربية.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4