كلنا شرق < الرئيسية

الصين تعلن عن فرص واعدة للتنمية الدولية في الحقبة الجديدة

كتاب أبيض لمجلس الدولة الصيني يشرح للعالم الفرص والتحديات

: مشاركة
2021-02-04 15:14:00 الصين اليوم:Source عادل صبري:Author

تحافظ جمهورية الصين الشعبية منذ سنوات على تقليد، بأن تصدر مجموعة من الكتب والتقارير مطلع كل عام، وكأنها كشف حساب ختامي لما أنجزته مؤسساتها خلال العام المنصرم. يأتي "الكتاب الأبيض" الذي يصدر عن مجلس الدولة الصيني على قائمة هذه الكتب السنوية، حيث يعتبره خبراء الشؤون الدولية، وثيقة رسمية، لا ترصد الإنجازات التي تمت على أرض الواقع فحسب، وإنما أيضا تضع خارطة طريق لما تخطط الصين لتنفيذه ربما للعام الجديد، وما بعده. "الكتاب الأبيض" الذي صدر مع مطلع عام 2021، عن المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني، يعد تقليدا في حد ذاته، ولكن الظرف التاريخي الذي تمر به الصين والعالم أجمع، جعله متفردا. فالكتاب حمل عنوانا هاما وهو" التعاون الإنمائي الدولي الصيني في الحقبة الجديدة" يكشف عما فعلته الصين في عام، وصفه وانغ يي، مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني، في مقابلة تحريرية مع جريدة "الشرق الأوسط" في عشية قمة مجموعة العشرين المرئية التي عقدت نوفمبر 2020 في المملكة العربية السعودية، بأنه "عام التغييرات الكبرى غير المسبوقة". ولِمَ لا وقد شهد العالم وباءً انتشر في الصين وأنحاء المعمورة، أدى إلى دخول الاقتصاد في حالة من الركود والانكماش، وواجهت الدول الصعوبات الناجمة عنه، بمزيد من الأنانية، أدت إلى غلق الحدود، وحركة النقل والأفراد، وسيطرت أجواء الشك والتصرفات ضد المبادئ الحاكمة للعولمة، ومواجهة الفقر والكوارث، بينما بدأ العام الجديد، بموجة جديدة من جائحة كوفيد- 19، تزداد شراسة. ولم تنصت كثير من الدول لما قاله رئيس الصين شي جين بينغ، في بداية الأزمة، العام الماضي، بأن مصالح العالم تترابط، وأن البشرية تشترك في مستقبل واحد، لأن الفيروس لا يعرف الحدود، ولا يميز بين الأعراق، وأنه لا يمكن هزيمته، إلا بالجهود المخلصة وتظافر جهود المجتمع الدولي.

شرح الكتاب الذي صدر بالصينية والإنجليزية واللغات المنطوقة في الأمم المتحدة، فلسفة التعاون الإنمائي الصيني على المستويين المحلي والدولي، مبينا أنه يرتكز على جذور ثقافية نابعة من الشخصية الوطنية الصينية، والمثل العليا للأمة، التي تولي اهتماما خاصا بالصداقة مع الشعوب القائمة على حسن النوايا والاستقامة والعدل. فالصين من منظور "الكتاب الأبيض" تسعى إلى تحقيق عالم مثالي من أجل الصالح العام وإقامة نظام اشتراكي يسود فيه الرفاهية على مستوى الأفراد ويتمتع العالم بالسلام والازدهار. ويؤكد الكتاب أن هذا الازدهار، لن يتحقق إلا بالقضاء على الفقر وتحسين حياة الشعوب، وإنشاء نموذج جديد للعلاقات الدولية قائم على الاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والفوز المشترك والسلام الدائم، وهي السياسات التي أقرتها الصين منذ سنوات وبينتها للعالم أثناء انعقاد المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني.

يوضح "الكتاب الأبيض" أن الصين رغم ما تعانيه من عنت من بعض الدول عقب انتشار الجائحة، فإنها تمد يدها لكافة الدول في إطار مبدئها لرد الجميل للأصدقاء الذين شاركوها المحن، بمبدأ "رد المعروف بما هو أفضل منه". فالصين كما يذكر "الكتاب الأبيض" بعد أن أصبحت القوة الاقتصادية الثانية في العالم، تسعى إلى نقل تجربتها الناجحة لتستفيد منها الدول الأخرى. ويشرح الكتاب، سبل تحقيق تقدم جديد في التعاون الإنمائي الدولي، وتعزيز التعاون الدولي على مسار "الحزام والطريق"، ودور الصين كعضو مؤسس في الأمم المتحدة، تشغل مقعدا دائما في مجلس الأمن الدولي، وتعمل على دعم القيم الإنسانية القائمة على السلام والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية وتحقيق المنافع لكافة المجتمع الدولي. ويطرح الكتاب رؤية الرئيس شي جين بينغ في أهمية مبادرة "الحزام والطريق" وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، باعتبار هذه المبادرة، منصة رئيسية للتعاون الإنمائي الدولي. فالحزام والطريق ليس مشروعا اقتصاديا فحسب، وإنما أيضا مسار نحو الانفتاح بين الشعوب والتبادلات الثقافية، ودعم الابتكار والتنمية. ويبين أن التعاون الصيني مع العالم يرتكز إلى المعتقدات الراسخة التي تلهم التعاون الإنمائي الصيني، وهي متجذرة في الثقافة الصينية دعما للاعتقاد بأن جميع الدول أعضاء في قرية عالمية ذات مستقبل مشترك. وتدعو الصين من خلاله إلى علاقات دولية أكثر عدلا وإنصافا تساهم بثبات في التنمية العالمية. فقد ساهمت المبادرة في إنشاء صندوق للتعاون بين بلدان الجنوب"SSCAF" وتوجيه فرق طبية صينية قوامها 27484 عاملا طبيا، و20 ألف متطوع لـ "80" دولة من أجل تقديم المساعدات الدولية الطارئة. وذكر التقرير ما أعلنه الرئيس شي جين بينغ، في منتدى "الحزام والطريق" الأول، عام 2017، بأن الصين ستقدم مساعدة بنحو 60 مليار يوان من أجل مشروعات تنموية لتحسين مستوى الشعوب التي تقع في مسار "الحزام والطريق" بالإضافة إلى ملياري يوان كمساعدات غذائية طارئة، ومليار دولار أمريكي للصندوق الخاص بتنمية دول جنوب الصحراء الكبرى، كما التزمت الصين بدعم المنظمات الدولية الإنسانية بنحو مليار دولار أمريكي. وبين الكتاب الأبيض في تقريره، ما أنجزته الصين على المستوى الأفريقي والعربي، من خلال التعاون المشترك مع كل دولة وفي إطار منتدى التعاون الصيني- الأفريقي ومنتدى التعاون بين الصين والدول العربية، حيث أطلقت 8 مبادرات للتنمية على المستوى الأفريقي شملت كافة المجالات، وتجلى ذلك في القمة الصينية- الأفريقية الاستثنائية، التي انعقدت في يونيو 2020، ببكين بشأن التضامن ضد انتشار كوفيد- 19 بأن أكد الرئيس الصيني على ضرورة منح أولوية التعاون والتمويل لمشروعات الصحة العامة، وإعادة فتح المجالات الصناعية والتجارية، وتقوية الروابط الأفريقية. كان الرئيس شي قد أعلن في افتتاح الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية الثالثة والسبعين التي عقدت في مايو 2020، عن دعم إجراءات لدعم التعاون الدولي ضد كوفيد- 19، منها: تقديم صندوق مساعدات بقيمة ملياري دولار أمريكي على مدى عامين والعمل مع الأمم المتحدة على توقيع اتفاقيات للتآخي والتعاون بين المؤسسات الطبية الصينية و30 مستشفى أفريقي من أجل تبادل ونقل الخبرات وإتاحة الاختراعات الصينية للقاح كوفيد- 19، أمام الشعوب باعتباره منفعة عامة. ولم تكن المساعدات العاجلة التي قدمتها الصين لمصر والسودان وسوريا والجزائر ومشاركتها دولة الإمارات العربية المتحدة في تصنيع لقاح "سينوفارم" إلا استجابة لهذه التطلعات التي تستهدف التعاون بين الصين والدول العربية في مكافحة الوباء، على المستويين المحلي والدولي. كما جاء امتدادا لما قدمته الصين من مساعدات خارجية، بلغت نحو 270 مليار يوان، في الفترة ما بين 2013 و2018، أنفقت على بناء 414 مشروعا في الدول النامية وخصص 47% منها على شكل منح وقروض بلا فوائد، وجهت لمشروعات صناعية وخدمية في الدول النامية. كما ساعدت الصين أثيوبيا في برامج الحد من التصحر وإهدائها مع مصر قمرا صناعيا لمراقبة المناخ ومواجهة الكوارث الطبيعية ورفع الكفاءات العلمية، ودعم برامج التنمية والحد من أزمات المهاجرين واللاجئين.

يذكر الكتاب الأبيض أن الصين تمكنت من خلال مبادرة "الحزام والطريق" خلق أرضية مشتركة للتعاون بين الدول، تتجاوز الخلافات القائمة، وتضع سياجا لحل المشكلات العالقة، بما يخلق فرصا للتعاون الاقتصادي والتجاري على مستوى الأقاليم الجغرافية والعالم بأسره. كما ساهمت المبادرة في تحقيق التكامل المالي ودعم العلاقات الثقافية والإعلامية بين الدول وخاصة الأفريقية والعربية. كما قدمت الصين نموذجا عالميا في مواجهة الفقر بأن تمكنت من إزاحة 98 مليون مواطن من قائمة الفقراء في السنوات العشر الماضية وانتهى عصر الفقر المدقع من الصين عام 2020، وانطلقت البلاد نحو الحياة الرغيدة، لكافة المواطنين فالصين وفقا للكتاب الأبيض تعتز بانتمائها لمجموعة الدول النامية، بما يدفعها إلى حمل ملفاتها الساخنة في المنظمات والمؤسسات الدولية، وسعيها وراء إنشاء شراكات إستراتيجية بين الصين ومجموعة البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي وبنك التنمية الأفريقي وغيرها للحد من الفقر في البلدان النامية والعربية والأفريقية بخاصة.

الخلاصة

نستطيع أن نخرج من التقرير الذي أورده "الكتاب الأبيض" أن الأزمة الحالية أسقطت نظرية إمكانية سيطرة قطب واحد على العالم، مع ظهور معالم عصر جديد لعالم متعدد الأقطاب، على الساحة الدولية مع دعوة الصين لمبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ، بعيد توليه السلطة عام 2013. المبادرة التي يعرفها كثيرون بأنها "طريق الحرير الجديد" أحيت باب أمل أمام التقاء الشرق والشرق، ثم الشرق بالغرب بل دول الجنوب مع الجنوب والشمال مع الجنوب، بأسلوب مغاير لما كنا نشاهده منذ بدء حقبة التحرر الوطني وانتهاء الاستعمار التقليدي الذي انتهى رسميا، مع انتهاء الحرب العالمية الثانية.

المتحمسون يرون الصين ومبادرة الرئيس شي، بمثابة باب أمل لنهاية عصر العولمة المتوحشة. ويعلل هؤلاء وجهة نظرهم بأن الصين تمكنت خلال فترة وجيزة من جذب 65 دولة و35 منظمة دولية للانضمام إلى المبادرة، كبوابة لتعزيز أواصر العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية بين هذه الدول. يرى آخرون أن المبادرة تصب في صالح الصين التي تحولت إلى أكبر مقرض للدول الأفريقية وأكبر شريك تجاري لها، وأنها تسيطر على الأسواق العربية وترغب في دعم الدول من أجل مصالحها فقط مشيرين إلى بدء الصين التواجد عسكريا في "باب المندب" ورغبتها في إحداث تحولات سياسية داخل الدول تصب في صالحها فقط. ما بين الرأيين جاءت أزمة الوباء العالمي لتضع الصين أمام اختبار واقعي شديد الصعوبة، في عالم كثير التقلبات ويمر بأزمة مالية وتحولات فكرية عند اليمين المتعصب واليسار المتقلب وتبدل الأيدولوجيات وتوجه بعضها نحو العزلة والتطرف البغيض.

في مناقشات عديدة شهدتها العديد من الصحف والمراكز البحثية ومجتمعات رجال الأعمال في كل من بكين والقاهرة والرياض ودبي والجزائر والمغرب، على مدار الأشهر الماضية، تعرضت السياسات الصينية للفحص والتدقيق من قبل رجال الأعمال والساسة والمفكرين. البعض اعتبر الصين منقذا لدول العالم وخاصة الدول النامية، حيث توجه مليارات الدولارات لإنقاذ اقتصاد العالم من آثار التدمير الذي لحق به، وآخرون يرون أنها خطوة أولى أمام التنين الصيني لإحياء "طريق الحرير القديم" والسيطرة على إدارة العالم، بأسلوب القرن الحادي والعشرين.

في كل الأحوال اتفق كثير من الخبراء على أن الصين هي طوق نجاة أمام دول العالم، لإنقاذ الاقتصاد الدولي من حالة الركود والكساد التي تهدده منذ الأزمة المالية الكبرى عام 2009، والتي زادت مع كارثة كوفيد- 19 التي تعصف باقتصاديات الدول، وأعادت شبح فترة الكساد الكبير التي شملت أنحاء العالم، في ثلاثينات القرن الماضي، وأدت نتائجه إلى نشوب الحرب العالمية الثانية. لمح هذا الفريق بأن العالم يمر الآن بفترة مشابهة لمقدمات حرب عالمية جديدة، وأن رؤية الصين التي طرحها الرئيس شي في قمة العشرين نهاية العام الماضي والتي ذكرت خطوطها العامة في "الكتاب الأبيض" جاءت "طوق نجاة" لما بها من فرص كبيرة للإنعاش الاقتصادي وتبادل الاستثمار وتوفير ملايين من فرص العمل أمام الشعوب التي انضمت لمبادرة الحزام والطريق أو المستفيدة منها. وما بين الرأيين يقف فريق برؤية متوازنة يؤكد على أن الصين بقدر ما هي بوابة حقيقية لـ"الفرص" فهي أيضا أمام كثير من "التحديات".

ففي مناقشات عديدة شهدتها جمعية رجال الأعمال المصرية، على ضفاف نيل القاهرة، أقر المتحدثون "أن التعاون مع الصين مثل يحتذى". لأنه تعاون من أجل سلام العالم، حيث تؤمن فرصا للاستثمار والتنمية لنحو 63% من سكان العالم، لاسيما أن الصين انتقلت حاليا من مرحلة "مصنع العالم" إلى دولة تشجع على نقل رؤوس الأموال من داخلها، وتبحث عن الإبداع والابتكار وتدعم التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الواقعة على مسار الطريق، وزيادة الواردات من هذه الدول إلى السوق الصينية، بهدف خفض العجز في الميزان التجاري الذي يميل لصالح الصين طوال العقود الثلاثة الماضية.

خرجت رؤية الخبراء بأن الفرص التي توفرها الصين تتركز في أن مبادرة "الحزام والطريق" هي إستراتيجية جديدة، تخدم المصلحة الصينية وتفيد العالم، لأنها ليست مشروعا ضخما لتنمية الاقتصاد والتجارة فقط، رغم اعتمادها آلية السوق، بل تعبر عن رؤية إستراتيجية شاملة للسلام العالمي والتنمية المستدامة.

ويعتبر الخبراء أن المبادرة تبلور الحكمة الجماعية للنخبة الثقافية والسياسية في الصين، وتجسد أفكار الرئيس شي جين بينغ وأصحاب النظر البعيد في دول العالم حول واقع البشرية ومستقبلها، ولا تهدف إلى إحداث ثورة على النظام العالمي الحالي، بل إجراء إصلاحات عليه، ولا تهدف إلى استبدال الآليات والمبادرات القائمة للتعاون، بل تسعى إلى تحقيق الالتقاء بين الإستراتيجيات التنموية في الدول المشاركة بها.

ويعتبر هؤلاء أن المبادرة تقوم على فلسفة تتجاوز المفهوم الجغرافي التقليدي الضيق لمشروعات التعاون الإقليمي، وتسمح بضم أكبر عدد من الدول المتباينة سياسيا واقتصاديا وثقافيا وأكبر عدد من الأقاليم الجغرافية.

على الجانب الاقتصادي يرى الخبراء في دراسة أعدتها "جمعية رجال الأعمال المصرية" أن الصين تؤمن استثمارات ضخمة لن تستطيع الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية توفيرها في الوقت الراهن أو المستقبل القريب، مشيرة إلى ضخ الصين استثمارات تقدر بنحو 160 مليار دولار في 62 دولة، انضمت إلى مبادرة "الحزام والطريق"، عام 2015. ووفقا للدراسة فإن الصين ساهمت في ربط الدائرة الاقتصادية المتقدمة في أوروبا بحزام اقتصادي قوي، يمر عبر ممرات الصين- روسيا- أوروبا، وأيضا عبر منطقة الخليج وقناة السويس وغرب أوروبا، بما سيؤدي إلى مزيد من اعتماد الصين على الممرات البحرية عبر المحيط الهندي ومضيقي هرمز وباب المندب وحمايتها لهذه الخطوط البحرية التي أصبحت شديدة الأهمية للصين.

وتبين الدراسة أن الصين ستعمل على إقامة خطوط قطارات وموانئ وطرق ومراكز خدمات لوجستية على مساري الحزام والطريق تبلغ قيمتها نحو 400 مليار دولار أمريكي، وسيتوجه جزء من هذه الأموال، لإنشاء الطرق بأنواعها والمطارات ومحطات الكهرباء والسكك الحديدية، بما يساهم في تسهيل النقل والحركة بين الدول وتوسيع الاستثمارات الخارجية.

تشير دراسة نشرها الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، إلى أن تراكم القدرات الاقتصادية والثروات المالية الهائلة بالصين، بعد نجاحها في تطبيق" نظام الإصلاح والانفتاح" منذ عام 1978، جعلها القوة الاقتصادية الثانية في العالم، وتمتلك أكبر احتياطي نقدي، مع تقدمها في مشروعات البنية التحية وتوجهها نحو الإبداع والابتكار وهو الأمر الذي صنع منها نموذجا جاهزا يمكن للشعوب الأخرى الراغبة في النمو والتطور أن تستفيد من تجربتها الحية ببساطة.

ويرى الخبير المالي المصري الدكتور مدحت نافع أن الصين ستسهم في النمو التجاري وتعزيز تسوية المعاملات بين الدول المشاركة في "الحزام والطريق" باستخدام العملات الوطنية، عبر خلق أنماط لتبادل العملات، وبما سيساهم في تخفيض تكلفة التعاملات وحجم التبادل وتحسين تنافسية الإقليم كله، مع تعزيز فرص التعاون المالي الثنائي والمتعدد الأطراف، ويمكن من إنشاء مؤسسات إقليمية تهدف إلى التنمية الإقليمية تكون أكثر فاعلية من مؤسسات التمويل الدولية القائمة.

ويؤكد الخبير المالي أن المشروع سيساهم في الحد من الصدام الحضاري والثقافي ودعم التعايش السلمي، وقبول الآخر، واعتناق قيم التنوع التي تعززها التجارة عبر العصور.

أعمال واسعة يحسبها الخبراء بداية الخطوات في المسار الصحيح، ومع ذلك هناك توافق على وجود الكثير من التحديات، تتعلق بضرورة فهم الصين لحالة الانقسام الدولي والصراعات التي تضع الدول وبخاصة المنطقة العربية بين خيارات في سباق موازين القوى، التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية مع الدول الأخرى، مع ضرورة استكشاف نمط جديد من العلاقات بين الدول الكبرى يبحث عن "وحدة مصيرية مشتركة" ويبعد عن الهيمنة والاحتواء.

فمع استمرار التنافس الروسي- الأمريكي والغربي- الشرقي على المناطق الواقعة في مسار الحزام والطريق، في آسيا والشرق الأوسط، وتفشي الإرهاب، ودعم فكرة الصراع الديني والمذهبي، بما يتطلب البحث عن حل لمساعدة الدول التي تنتشر بها هذه النزاعات، والتي تقع تحت وطأة ضغوط الحروب الأهلية والطائفية. ويؤكد الخبراء على أهمية تقديم الصين نموذجا تنمويا، يعلي من شأن البيئة، ويحارب الفساد والرشوة والتزوير، ويرفع من شأن الصداقة والانسجام بين الشعوب بقيم أعلى من تحقيق الربح المادي، ويحترم حرية الأديان والثقافات المحلية حيث تتحمل الصين المسؤوليات الاجتماعية تجاه الدول، وتعمل على تعميم فوائد التنمية على شرائح واسعة من أبناء هذه الشعوب". ويدعو الخبراء إلى ضرورة إزالة العوائق أمام حركة التجارة والاستثمار، وأن تدفع الصين إلى إقامة شراكة حقيقية بين شركاتها والشركات المحلية، بما يحقق فوائد ملموسة للجميع.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4