كلنا شرق < الرئيسية

كيف ساهم لقاح كوفيد- 19 في تعزيز العلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي؟

: مشاركة
2021-01-06 12:11:00 الصين اليوم:Source د. تمارا برّو:Author

أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في شهر نوفمبر2020، أن الصين ستسعى جاهدة لجعل اللقاحات منتجا عاما يمكن للناس في جميع أنحاء العالم استخدامه، كما يمكنهم تحمل تكلفته، معربا عن استعداد بلاده لتعزيز التعاون مع الدول الأخرى لتطوير وإنتاج وتوزيع اللقاحات.

هذا ما تقوم به الصين على أرض الواقع، إذ تتعاون مع عدد من الدول بهدف تطوير لقاح لفيروس كوفيد- 19 ومن بينها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. تتواصل الجهود الطبية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي لمكافحة فيروس كورونا الجديد. فبعد أن تبادل الطرفان المساعدات الطبية، وعقد الخبراء من كلا الجانبين الاجتماعات الافتراضية للتعاون والتشاور في مكافحة الجائحة، عملت الصين ودول الخليج العربية على تطوير لقاح لهذا الفيروس الذي أصاب وقتل الملايين حول العالم، وألحق خسائر فادحة باقتصاديات الدول.

لقد بات التعاون في مجال اللقاحات من أبرز مجالات التعاون بين الصين ودول الخليج العربية، هذا ما أشار إليه عضو مجلس الدولة وزير خارجية الصين وانغ يي خلال حضوره الاجتماع الوزاري المشترك بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي الذي عقد في 9 نوفمبر 2020 عبر تقنية الاتصال المرئي عن بعد. وأضاف وانغ أن الصين تعمل على تعزيز بناء "مجتمع صحة للبشرية" بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي.

تجلّى التعاون الأول بين الطرفين في مجال اللقاحات عبر توقيع اتفاقية تعاون إكلينيكي بين المجموعة الصينية للتكنولوجيا الحيوية (China National Biotec Groups) وشركة الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية (G42)، ومقرها أبوظبي، على أحد اللقاحين اللذين طورتهما شركة "سينوفارم" الصينية.

انطلقت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية يوم 16 يوليو 2020 في أبوظبي، تحت إشراف شركة G42 للرعاية الصحية بالشراكة مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع ودائرة الصحة في أبوظبي. ووضع برنامج خاص للمتطوعين للمشاركة في التجارب السريرية الثالثة وسمي البرنامج (لأجل الإنسانية). شملت التجارب مدينتي أبوظبي والعين ولاحقا امتدت لتشمل إمارة الشارقة.

وفي شهر سبتمبر أجازت الإمارات الاستخدام الطارئ للقاح "سينوفارم" للعاملين في القطاع الطبي. وقال وزير الصحة الإماراتي عبد الرحمن بن محمد العويس إن الاستخدام الطارئ للقاح يتوافق بشكل تام مع القوانين التي تسمح بمراجعة أسرع لإجراءات الترخيص. وأضاف بأن نتائج الدراسات خلال المراحل النهائية في المرحلة الثالثة أظهرت أن اللقاح آمن وفعّال ونتجت عنه استجابة قوية وتوليد أجسام مضادة للفيروس، وتلقى العويس الجرعة الأولى من لقاح كوفيد- 19. وبعد ذلك تلقى العديد من كبار المسؤولين اللقاح وأبرزهم نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان ووزيرة الثقافة وتنمية المعرفة نورة الكعبي. وتعتبر الإمارات العربية أول دولة بعد الصين تجيز الاستخدام الطارئ للقاح سينوفارم. وفي شهر ديسمبر وافقت وزارة الصحة الإماراتية على تسجيل اللقاح رسميا في الدولة بعد أن أثبت فعاليته بنسبة 86% ضد فيروس كورونا الجديد.

تسعى الإمارات العربية إلى أن تكون جسرا يربط بين مصانع اللقاحات وبين الدول المرسل إليها اللقاح. فالإمارات تتمتع بموقع مثالي كبوابة ومركز لتوزيع اللقاحات إلى بقية دول العالم، كما تمتلك البنية التحتية المتطورة. وسيكون لشركة "الإمارات للشحن الجوي" نصيب الأسد من عملية توزيع اللقاحات، ومن ضمنها اللقاحات الصينية. ولأجل ذلك قامت الإمارات بإنشاء أول مركز شحن جوي في العالم مخصص للقاح في دبي.

وتوسع المشروع الصيني- الإماراتي لاختبار اللقاحات المحتملة لشركة "سينوفارم" الصينية ليشمل البحرين. فقد أعلنت وزارة الصحة البحرينية في أغسطس أن شركة الأدوية "سينوفارم" بدأت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح كوفيد- 19 في البحرين. وفي شهر نوفمبر بدأت البحرين تطعيم أفراد الصفوف الأمامية بلقاح "سينوفارم". وفي معرض موافقتها على استخدام اللقاح، قالت وزيرة الصحة البحرينية فائقة بنت سعيد الصالح، إن استخدام اللقاح "يتوافق بشكل تام مع اللوائح والقوانين المعمول بها في مملكة البحرين التي تسمح بالترخيص الاستثنائي في الحالات الطارئة". وأضافت أن نتائج المرحلتين الأولى والثانية من التجارب السريرية أظهرت أن اللقاح آمن وفعّال. وحتى الآن لم تظهر أي آثار جانبية خطيرة خلال مرحلة التجارب الثالثة. والجدير بالذكر أن ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة وعددا من الوزراء منهم وزير الداخلية راشد بن عبد الله آل خليفة ووزير الخارجية عبد اللطيف بن راشد الزياني وكبار المسؤولين تلقوا جرعات اللقاح.

إن قيام المسؤولين بتلقي اللقاح يدلّ أولا على الثقة التي يبديها هؤلاء باللقاحات الصينية وفعاليتها، وثقتهم بالصين التي تقف إلى جانب دولهم في السرّاء والضراء، وثانيا، من أجل تعزيز ثقة المواطنين في سلامة وفعالية اللقاح.

وانضمت السعودية إلى قافلة الدول التي تتعاون مع الصين لإنتاج وتطوير لقاح ضد فيروس كورونا الجديد، حيث تعمل وزارة الصحة السعودية ومركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية مع شركتين دوائيتين صينيتين. فقد تم توقيع اتفاق مع شركة "سينوفاك بيوتيك" الصينية لتلقي لقاح كورونا الجديد وتوزيعه على حوالي 7000 عامل صحي. وقد اجتاز اللقاح المرحلة الثالثة من التجارب التي أجريت في السعودية. وفي هذا الإطار قال عارف العامري، رئيس قسم الجزيئات الحيوية وعلم الوراثة في المختبر الإقليمي في الرياض: "حتى الآن لم تحدث أي مضاعفات أو ردود فعل تحسسية لدى من تلقوا اللقاح باستثناء الحمى أو صداع نصفي خفيف، لكن هذا طبيعي عند التطعيم ضد أي فيروس." ومن جهة أخرى وقّعت وزارة الصحة السعودية اتفاقية مع شركة تطوير لقاحات صينية أخرى، هي شركة "كانسينو بيولوجيكس" والتي تجري تجارب المرحلة الثالثة في المملكة على حوالي 5000 متطوع في الرياض والدمام ومكة المكرمة.

وفي إطار التعاون بين الصين والسعودية في مجال اللقاحات، أكد الرئيس شي جين بينغ، في اتصال هاتفي مع الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أن الصين ستواصل العمل مع السعودية على الدراسات وعمليات التطوير الخاصة باللقاحات ضد فيروس كورونا الجديد، مشيرا إلى أن الطرفين يجب أن يكثفا الاتصالات والتنسيق بينهما لتعزيز التعاون في إطار مجموعة العشرين من أجل جعل الأمصال "خيرا عاما عالميا متاحا لكل الدول وكل الشعوب". وكان وفد سعودي مكوّن من أعضاء هيئة الغذاء والدواء السعودية، وأعضاء من مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك)، قد زار مصنع شركة "سينوفاك بيوتيك" الصينية لمتابعة تطوير لقاح فيروس كورونا الجديد.

ترتبط الصين ودول مجلس التعاون الخليجي بعلاقات وثيقة على مختلف الأصعدة. وأثبت فيروس كورونا الجديد متانة وعمق هذه العلاقات، كما أظهر تعاون الجانبين لبناء مجتمع صحي سعيد، لما للصحة من أهمية في تعزيز التنمية التي تؤدي إلى تحقيق الأمن والأمان والاستقرار، الأهداف التي يسعى الطرفان الوصول إليها، وبناء مجتمع المصير المشترك الذي دعا إليه الرئيس شي جين بينغ.

إن تعاون الصين ودول الخليج العربية لإنتاج لقاح لفيروس كورونا الجديد يعود بالنفع أولا على العالم الذي ينتظر على أحرّ من الجمر لقاحا ينقذ أرواح الملايين من البشر، ويعود بالنفع ثانيا على الجانبين الصيني ودول مجلس التعاون الخليجي، فمن ناحية يتبادل الطرفان الخبرات في مجال إنتاج وتطوير اللقاحات، واستفادة دول الخليج من الصين التي تتمتع بخبرة كبيرة في هذا المجال، ومن جهة أخرى تصبح دول الخليج العربية محطة لتوزيع اللقاحات الصينية في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وباقي دول العالم.

--

د. تمارا برّو، باحثة لبنانية.

 

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4