كلنا شرق < الرئيسية

"الصديق وقت الضيق" شعار لا يكفي التغني به

: مشاركة
2020-03-10 15:45:00 الصين اليوم:Source مصطفى السفاريني:Author

نعلم، نحن في المركز العربي للمعلومات، ويعلم الإخوة المتابعون لعملنا، والمشاركون بأنشطتنا، والقارئون لنشرتنا، أننا كنا شاهدين على مجمل الأحداث التي مرت بها الصين في العقود الأخيرة. ولا شك أننا تأثرنا بها وأثرنا فيها بطريقة أو بأخرى. ولعل ما تشهده الصين الآن على صعيد تفشي فيروس كورونا الجديد والآثار المترتبة عليه مثال على ما نتحدث عنه.

الصين عودتنا دائما أن تضع سلامة وصحة وأمن مواطنيها في المقام الأول. وهذه المرة أيضا، ومنذ اندلاع الالتهاب الرئوي الناتج عن فيروس كورونا الجديد، تبنت الحكومة الصينية على الفور أشمل وأقوى إجراءات الوقاية والسيطرة عليه، وتجاوزت الكثير من الإجراءات والمعايير الواردة في "اللوائح الصحية الدولية". وقامت على الفور بإخطار منظمة الصحة العالمية والعديد من الدول المعنية بالوضع الوبائي، وبتقاسم تسلسل الجينات الفيروسية معها، بشكل شفاف وفي غاية المسؤولية والانفتاح، مؤكدة رغبتها واستعدادها للعمل مع المجتمع الدولي من أجل حماية أمن الصحة العامة العالمية والإقليمية بشكل مشترك.

لقد دقت القيادة الصينية ممثلة بالرئيس شي جين بينغ، منذ الوهلة الأولى، طبول الحرب على هذا الوباء اللعين، وشرعت في خوض معركة ليس لها خيار فيها سوى النصر، بدأتها من الخطوط الأمامية مسلحة بالتفاف شعبها العظيم الذي يشكل خُمس البشرية حيث وقف بتراص معها وحولها، محققة المنجزات والمعجزات التي يصعب تصويرها أو الحديث عنها في هذا المقال المتواضع، فذلك بحاجة إلى كتب ومؤلفات. نعم، خُمس سكان العالم يعملون كعقارب الساعة التي تدور حول محورها راسمة شبكة عنكبوتية كل في موقعه وعمله، في تناغم وانسجام، دون خوف ولا فزع. الكل يعمل وهو مطمئن على قوته وأمنه وواثق من انتصاره في هذه المعركة. لا توجد بناية أو حارة أو حي سكني أو فندق أو مسكن إلا وتجد أمامه من يقوم بالفحوص اللازمة للاطمئنان على السلامة والوقاية، الأمر الذي يرفع من معنوياتك، ويسندك براحة نفسية لا حدود لها، الكل يتبع التعليمات المركزية بحذافيرها، المؤسسات التي لها علاقة بالمسائل الضرورية في حياة الناس عليها أن تعمل وفق التدابير المتخذة من حيث وقت الدوام، وساعات العمل، ووسيلة النقل، وحدود العلاقة مع الزملاء، وترتيبات وجبات الطعام، في إطار ارتداء الكمامات الواقية المحكمة.

 وقد سارع بنك الشعب (المركزي) الصيني إلى ضخ 173 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل موازنة العديد من الدول مجتمعة، للقضاء على هذا الدخيل القاتل دون الالتفات إلى الخسائر الاقتصادية التي ستنجم عن هذه المعركة وحجم الاستهلاك الذي من المفروض جنيه من عطلة "عيد الربيع" السنة القمرية الصينية، والتي تم تمديدها لأسبوع آخر. حياة الشعب وأمنه وسلامته لا يضاهيها ثمن.

ومن تلك المعجزات لا الخيال، إنجاز بناء مستشفى هوشنشان لمكافحة فيروس كورونا الجديد خلال 10 أيام فقط في مركز تفشي الفيروس بمدينة ووهان، والذي بدأ العمل به بطاقم طبي عدده 1400 فرد من القوات المسلحة الصينية.

هذا وقد زار الصين خبراء من منظمة الصحة العالمية، وقاموا بجولات ميدانية في مدينة ووهان. وقبلها زار المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الصين، حيث تبادل الآراء مع المسؤولين الصينيين بشكل شامل ومعمق بشأن الوقاية من الوباء ومكافحته. وعلى ضوء الزيارة، أشاد المدير عام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس بالإجراءات الحاسمة التي تتخذها الحكومة الصينية، وقدرتها على منع انتشار الوباء والسيطرة عليه. وأشار إلى أن الرئيس الصيني شي جين بينغ يقود بنفسه جهود احتواء الفيروس والوقاية منه. وأوضح أن السرعة التي رصدت فيها الصين تفشي المرض، وعزلها للفيروس، وتعقبها لجينوم الفيروس ومشاركتها المنظمة والعالم أمر جيد ومثير جدا تعجز الكلمات عن وصفه. وأضاف: "بطرق عديدة، تضع الصين معايير جديدة للاستجابة لتفشي الأمراض." وقال إن ذلك يعكس حس الصين العالي بالمسؤولية تجاه حياة وصحة شعبها، إضافة إلى دعمها القوي للوقاية من المرض والسيطرة عليه عالميا. وأوضح أنه يؤمن بأن الصين ستحتوي الوباء بشكل فعال وستقضي عليه، مضيفا أن الجهود الصينية لمكافحة المرض تستحق الاحترام والتقدير وتستحق التعلم منها. وأشار إلى أن الوضع حاليا يتطور، وأن الأمور بحاجة إلى المزيد من الأبحاث. كما ينبغي تعزيز الاستجابة عند الدول ذات الأنظمة الصحية الهشة. وأضاف أن هذا هو السبب الرئيسي وراء إعلان حالة الطوارئ وأن أخذ الأمن الصحي العالمي في الاعتبار خطوة ضرورية لتحقيق استجابة علمية وعقلانية وهادئة قائمة على دليل ولمساعدة الدول الأخرى في اتخاذ إجراءات علمية ومناسبة وعقلانية وفعالة لمنع هذا الوباء. وقال إن الصين بقيادة الحزب الشيوعي الصيني تتمتع بالقدرة والثقة في التغلب على الوباء في أسرع وقت ممكن. وأكد أن المنظمة تعارض فرض قيود على السفر إلى الصين أو التجارة معها وفقا للوائح الصحة الدولية.

لا بد أن نعي بأن الملحمة التي تخوضها الصين ضد فيروس كورونا الجديد لا تهدد الشعب الصيني فحسب، وإنما أيضا تهدد الجميع. فهي لا تقل في خطرها وأبعادها عن خطر الإرهاب والتطرف. ولكن قدر الصين اليوم أن تخوض هذه الحرب دفاعا عن البشرية جمعاء.

 وفي الوقت الذي تخوض فيه الصين المعركة بثبات ضد وباء فيروس كورونا الجديد، ليس من المستغرب أن نسمع بعض التصريحات الشاذة والشائعات المنافية للحقيقة من باب التشفي وبث الرعب ونشره لأغراض خفية لا تخفى على أحد من قبل الجانب الأمريكي والقلة القليلة التي تدور في فلكه، هذا إذا استبعدنا أي دور لها في زرع هذا الوباء، كونها عادت تغرد خارج سرب المجتمع الدولي، ولم تعد تحتكم لا للقانون الدولي ولا إلى مقاصد وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، ولا إلى قواعد ومبادئ العلاقات الدولية، فمصالحها الأنانية الضيقة القائمة على البلطجة والتفرد والأحادية هي التي تتحكم في مواقفها.

ولكن المستغرب هو أننا لا زلنا نشاهد على وسائل التواصل الاجتماعي بعض الأصوات التي تكتفي بالصمت أو التعبير عن الأسف والحزن وعن بث مشاعر الرعب والخوف، في الوقت الذي نشهد فيه المواقف المشرفة من قبل عالمنا العربي والإسلامي الداعم والمساند لكل الجهود والتدابير التي اتخذتها الصين، والوقوف معها في مواجهة هذا الوباء القاتل.

المثل العربي يقول: "الصديق وقت الضيق"، والمثل الصيني يقول: "عند المحن والشدائد تظهر العزائم". إننا نؤمن إيمانا راسخا بأنه بفضل القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني، والمزايا العظيمة للنظام الاشتراكي ذي الخصائص الصينية، والدعم القوي من المجتمع الدولي، ووحدة الشعب الصيني العظيم، ستتمكن الصين الصديقة، وكما فعلت دائما، من هزيمة الوباء والتغلب على جميع الصعوبات على طريق التقدم نحو تحقيق التحديث الكبير للأمة الصينية.

إننا نتطلع إلى حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، تعكس الواقع الموضوعي للصين، وترتقي إلى المعجزات التي حققتها في حربها الضروس ضد وباء فيروس كورونا الجديد القاتل نيابة عنا جميعا وحفاظا على حياتنا ومستقبل البشرية جمعاء، وتثمن جهود الصين في وقوفها معنا في السراء والضراء طوال العقود السبعة الماضية من عمر جمهورية الصين الشعبية، وتعكس الواقع الذي نعيشه نحن العرب والمسلمين الأجانب في الصين. فمنا من هو مرابط في ووهان، ومنا من هو صامد في الجبهة الأمامية للحرب ضد الوباء؛ ومنا من طلب التطوع في حملة الوقاية من الوباء، ومنا من يقوم بعملية جمع التبرعات، ومنا من يتواصل مع زملائه وأصدقائه من الصينيين. نعيش معهم وبينهم نتقاسم السراء والضراء.

--

د. مصطفى السفاريني، رئيس المركز العربي للمعلومات، سفير سابق ورئيس اللجنة الإعلامية والثقافية العربية بالصين.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4