كلنا شرق < الرئيسية

مكافحة الإرهاب ومحاربة الفقر وتحقيق الاستقرار والتنمية

: مشاركة
2019-02-26 13:44:00 الصين اليوم:Source عادل علي:Author

نجحت الصين في تحقيق التعايش السلمي بين أبناء مختلف القوميات والديانات بها، عبر قيام الحكومات الصينية المتتالية بوضع السياسات المعنية لحل هذه القضية. وقد وضع الحزب الشيوعي بعد وصوله إلى سدة الحكم السياسة القومية انطلاقا من موقف الشعب، وهي السياسة التي أثبتت التجارب التاريخية فعاليتها في تحقيق التعايش السلمي بين مختلف القوميات وحرية العقيدة. هذا النجاح جعل الصين تُعتبر أكثر دولة في العالم من حيث الأمن والاستقرار، حيث يعيش على أرضها 56 قومية في تناغم تام. المثال الآخر على نجاح الصين في تحقيق التعايش السلمي بين مختلف القوميات والديانات، يتمثل في الزيادة الكبيرة في أعداد الذين لديهم اعتقادات دينية من إجمالي عدد السكان، بجانب النوايا الطيبة التي يحملها من لديهم معتقدات دينية أخرى تجاه المسلمين، والتي أصبحت من تقاليد الصين. فضلا عن تمتع المواطنين الصينيين بالحرية الكاملة في اختيار معتقداتهم الدينية.  غير أن هذا النجاح في تحقيق التعايش السلمي بين مختلف القوميات والديانات، مازالت تعترضه بعض العقبات والمشكلات، والتي يأتي على رأسها مشكلة التطرف والإرهاب التي تواجهها الصين في الوقت الحالي، والتي يترتب عليها حرمان المواطنين من حقهم في التنمية والبقاء. كما أن الإرهاب الناجم عن نزعة التطرف أصبح تحديا كبيراً وهو عدو مشترك يهدد أمن الصين ومصر وجميع دول العالم. وذلك حسبما أكد نائب رئيس دائرة الدعاية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني جيانغ جيان قوه، خلال لقائه مع وفد إعلامي مصري زار الصين في الفترة من 22 يناير حتى الأول من فبراير 2019، وكنت أحد أعضائه.

أسباب الإرهاب في شينجيانغ

يرجع السبب الرئيسي للإرهاب في منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم إلى تأثر الأفراد في شينجيانغ بأفكار العنف والإرهاب، ولجوئهم إلى إرتكاب جرائم عنف وإرهاب، فضلاً عما ترتب على انتشار نزعة التطرف والإرهاب في العالم منذ تسعينيات القرن الماضي من تداعيات على الصين ومنطقة شينجيانغ. وبسبب ذلك عززت القوى الانفصالية والدينية المتطرفة والإرهابية تأثيراتها على شينجيانغ خصوصا في الجنوب، ما ترتب عليه من تشويه المبادئ القويمة للدين الإسلامي، وانتشار التطرف بين المسلمين. وقاموا بتدبير الآلاف من الحوادث الإرهابية التي أدت إلى مقتل عدد كبير من المواطنين ومئات من رجال الشرطة وخسائر مادية جسيمة، وهو ما شاهدت نماذج منه موثقة لدى زيارتي لمعرض الأحداث الرئيسية للعنف والإرهاب بمدينة أورومتشي عاصمة المنطقة.

معرض العنف والإرهاب في شينجيانغ

يؤرخ هذا المعرض بالصورة والأفلام القصيرة سلسلة حوادث العنف والإرهاب التي تعرضت لها شينجيانغ، والتي ترتب عليها خسائر مادية كبيرة، ومقتل الكثير من الأبرياء، وتدمير النظام الأمني، وأيضا التأثير على سلامة المجتمع في شينجيانغ، وحقوق التنمية والصحة لكافة القوميات داخل المنطقة، بل وهددت الأمن الوطني وترتب عليها تأثيرات على استقرار المجتمع في شينجيانغ. يوثق المعرض لهذه الحوادث من حيث تاريخ الحادث وأسماء الضحايا وصورهم وطبيعة الهجوم الإرهابي، وما ترتب عليه من خسائر بشرية ومادية.

ومن الحوادث الإرهابية التي توثقها الصور والفيديوهات بالمعرض، حادث العنف التي شهدتها مدينة أورومتشي في 5 يوليو 2009 بتوجيه وتخطيط من قبل منظمات إرهابية دولية، ما تسبب في مقتل أبرياء كثيرين، وهو يُعد أخطر حادث إرهابي منذ تأسيس الصين من حيث عدد الضحايا والخسائر المادية والتأثير السلبي على المجتمع. 

وفي جزء آخر من المعرض تُعرض مجموعة من الأسلحة التي استخدمها الإرهابيون في تنفيذ عمليات العنف والإرهاب في شينجيانغ، ومنها مسدسات وبنادق بعضها مصنوع في الصين وبعضها الآخر من خارج الصين. كما يوجد بالمعرض مجموعة من الأسلحة الأخرى التي يستخدمها الإرهابيون وبعضها قاموا بصناعتها بأنفسهم.

ولا يحتوي المعرض على صور توثيقية لعمليات العنف والإرهاب في شينجيانغ فحسب، وإنما أيضا يتم توثيق هذه العمليات من خلال الفيديوهات التي تضمن بعضها قيام منظمات إرهابية بإنتاج فيديوهات للترويج لفكر الإرهاب والتطرف وتعليم كيفية تنفيذ العمليات الإرهابية والتفجيرات ونشر هذه الفيديوهات عبر الانترنت.

إن الرسالة التي يعمل المعرض على تأكيدها تتمثل في أن جهود الصين لمكافحة الإرهاب تُعد جزءاً من الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، وأن شينجيانغ تتخذ الإجراءات اللازمة لمكافحة الإرهاب مع ضمان الحقوق الأساسية للمواطنين ومنع الهجمات الإرهابية لضمان الأمن المادي وضمان الحياة لخلق البيئة الصالحة للحياة والمعيشة والإقامة والعمل. وليس أدل على النجاح الكبير للحكومة الصينية وللحكومة المحلية بإقليم شينجيانغ في مكافحة الإرهاب من أن شينجيانغ لم تتعرض لأي عمل إرهابي منذ أكثر من 26 شهرا.

جهود الحكومة الصينية لحل مشكلة الإرهاب في شينجيانغ

في مواجهة الأنشطة الإرهابية في شينجيانغ، تبنت الحكومة المحلية سياسة مزدوجة ترتكز على "المكافحة والوقاية معا"، مع مراعاة التوازن بين توقيع العقوبات وحماية حقوق الإنسان، فهي تلتزم بالقانون الجنائي وقانون الإجراءات الجنائية وقانون مكافحة الإرهاب في الصين من جهة، ومن جهة أخرى تطبق مبدأ العدل والرحمة، من خلال تخفيف العقوبات على من تأثروا بأفكار الإرهاب والتطرف والمشتبه في إرتكابهم أعمال إجرامية غير جسيمة حسب القوانين، وفي الوقت نفسه توفر لهم تدريبات مهنية مجانية لتعلم اللغة والقانون والمهارات، وذلك لمعالجة الظروف المؤدية إلى إنتشار الإرهاب والتطرف.

إن التجربة الصينية في المكافحة الفعالة للإرهاب والتطرف تُعد من التجارب ذات الخصوصية في هذا الشأن، إذ ركزت على معالجة الأعراض والأسباب الجذرية للظاهرة على السواء، وتشير إلى وجود إدراك من جانب الحكومة الصينية بأنه لا سبيل أمامها لمواجهة التطرف سوى من خلال تغيير الفكر وضمان عدم تعاطف المزيد من الأشخاص مع الأفكار المتطرفة التي تدعو إلى انفصال شينجيانغ، وهو ما يعني أن الحكومة لم تعتمد على المواجهة الأمنية فقط لمكافحة الظاهرة، وإنما لجأت أيضا إلى أسلوب المواجهة الفكرية، لتغيير القناعات والآراء السلبية التي تسيطر على أفكار المتأثرين بنزعة التطرف والإرهاب، من خلال جمع هؤلاء المتعاطفين مع هذا الفكر وإخضاعهم للتعليم والتدريب ومعرفة الدستور والقانون وتعلم اللغة. وهو ما يتم- وشاهدناه- في مراكز التدريب والتأهيل المهني التي أقامتها الحكومة الصينية لهذا الغرض في شينجيانغ.

مراكز التدريب والتأهيل المهني

مراكز التدريب والتأهيل المهني في شينجيانغ مشروع تنفذه الحكومة الصينية والحزب الشيوعي الصيني لمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب، ويُثار حولها جدل كبير، فمن ناحية تتهم الدول الغربية الصين بأن هذه المراكز تتنافى مع حقوق الإنسان، ومن ناحية أخرى ترد الصين عليها بأنها مؤسسات تعليمية لتأهيل المواطن وتعريفه بمبادئ الدستور والقانون وتدريبه على إحدى المهن. ولحسم هذا الجدل قمنا بزيارة هذه المراكز للتعرف عليها عن قرب وعلى أرض الواقع.

خلال زيارتي لمراكز التدريب والتأهيل المهني في شينجيانغ، تعرفت على الأهداف الرئيسية التي من أجلها قامت الحكومة الصينية والحكومة المحلية للمنطقة ببناء هذه المراكز، وكذلك المواد والمهارات المختلفة التي يتم تدريسها للمتدربين فيها، بما يراعي حقوقهم الإنسانية. فهذه المراكز أقيمت بهدف القضاء على الإرهاب والتطرف من خلال إزالة فكرة التطرف لدى المتدربين، ومنع إنزلاق الأشخاص ذوي الأفعال الإجرامية البسيطة في هاوية الإرهاب والتطرف، بجانب إكساب المتدربين المهارات اللازمة للعمل في مختلف المجالات من خلال دورات لتعليم اللغات والقانون ومختلف المهارات الأخرى.

مراكز التدريب عبارة عن مجموعة من المباني ذات المساحة الكبيرة التي يحيط بها سور خارجي، وهي تشبه في تصميمها المباني الجامعية، وتحتوي على فصول للدروس وملاعب ومساكن. المتدربون في هذه المراكز مواطنون من سكان المدينة بصرف النظر عن أعمارهم أو جنسهم شباب أو فتيات، ثبت أنهم تعاطفوا مع الأفكار التي لا تنسجم والنظام الصيني، يتم إحضارهم إلى هذه المراكز لتأهيلهم وإخضاعهم لنظام تعليمي لمدة سنتين أو أكثر، لدمج أبناء الشعب في فكر واحد يبتعد عن التطرف ويحترم نظام الدولة وقوانينها بهدف وقف العمليات الإرهابية التي عانت منها البلاد في هذه المنطقة بعد وقوع عدة حوادث كبيرة.

أعمار المتدربين في هذه المراكز فوق العشرين عاما، وهم لديهم الحرية المطلقة في اختيار المواد التي يتعلمونها، ويمكن للمتدربين أن يعودوا أسبوعيا إلى أسرهم، ويتم ترشيح المتدربين الذين يجتازوا التدريب بنجاح للشركات والمصانع لتوفير فرص العمل لهم. وتتسم مراكز التدريب والتأهيل المهني بالاحترام والحماية الكاملين للمعتقدات الدينية للمتدربين، خاصة وأن الدستور الصيني يحمي حرية المعتقدات الدينية.

وتضم مراكز التدريب والتأهيل المهني العديد من الفصول والغرف المختلفة. فهناك فصول لتعليم اللغة الصينية بهدف رفع مستوى معرفة المتدربين بهذه اللغة، حيث لا يجيد عدد كبير من قومية الويغور في شينجيانغ اللغة الصينية، وأحد الشروط الهامة للتخرج في هذه المراكز هو إجادة اللغة الصينية وحفظ ثلاثة آلاف مقطع صيني. وهناك فصول أخرى لتعليم القانون والدستور الصيني بهدف رفع مستوى الوعي بالدستور والقوانين واللوائح لدى المتدربين، عبر تدريبهم على دراسة القانون، مكافحة الإرهاب، ومواد أخرى. كما توجد أيضاً فصول للفنون المحلية لتعليم الرقص والعزف على الآلات الموسيقية. بالإضافة إلى فصول تعليم الخياطة، والتعليم على الكمبيوتر حيث يتعلم المتدربون مهارات التجارة الإلكترونية، والتدرب على الرسم، وصيانة السيارات، والطبخ، وأعمال الفنادق، وتدريب الفتيات على العمل في خدمة المنازل، وكذلك تربية الأطفال ورعايتهم.

وبجانب فصول وغرف التدريب، تحتوي مراكز التدريب والتأهيل المهني على مباني مخصصة لإقامة المتدربين، وهي تضم حجرات ترفيهية، وحجرات لقراءة الكتب والصحف، ويوجد بها غرف للرجال وأخرى للسيدات، كما يوجد بها مطاعم لتقديم الوجبات. كما تحتوي هذه المراكز أيضا على مساحات مخصصة للتدريب على ممارسة الألعاب الرياضية المختلفة، مثل كرة السلة، الكرة الطائرة، كرة الطاولة، وكرة الريشة وغيرها. من خلال زيارة العديد من مراكز التدريب والتأهيل المهني في خوتان وكاشغر، يمكن القول إنها تختلف تمامً عما نُشر في تقارير بعض وسائل الإعلام الغربية التي قالت إن تلك المراكز تسيء معاملة المتدربين فيها. وهذه الحقيقة جاءت على لسان المتدربين أنفسهم، والذين أبدوا رضاهم عن وجودهم في هذه المراكز، واستفادتهم الكبيرة منها، وتقديرهم للحكومة الصينية على قيامها بإتاحة الفرصة لهم للتدريب فيها، بالإضافة إلى نفيهم وجود أي معاملة قاسية لهم في هذه المراكز. وقامت شينجيانغ في السنوات الأخيرة بتطوير التعليم قبل المدرسي عن طريق إنشاء رياض أطفال حديثة في العديد من القرى في كاشغر وخوتان. وقام الوفد بزيارة إلى إحدى رياض الأطفال الحكومية المجهزة بكافة الإمكانيات الحديثة في إحدى قرى مدينة خوتان، يتم فيها تعليم الأطفال مجانا باللغتين الصينية والويغورية.

مشاريع تنموية لتوفير فرص العمل والقضاء على الإرهاب

باعتبار الحق في الحصول على العمل من الحقوق الأساسية للإنسان، عملت الحكومة الصينية وحكومة شينجيانغ في إطار جهودها لمكافحة الإرهاب والتطرف على إقامة المشروعات التنموية التي توفر فرص العمل وتحل مشكلة التوظيف وبالتالي تحسين مستوى المعيشة، بما يؤدي إلى القضاء على أسباب الإرهاب في شينجيانغ. خلال زيارة محافظة شوله ذات الأغلبية الويغورية بمدينة كاشغر، شاهدت أحد مصانع إنتاج الملابس المخصصة للتصدير تم تأسيسه عام 2017 بهدف حل مشكلة التوظيف وتحسين مستوى المعيشة في المحافظة والقضاء على الإرهاب، ويعمل به نحو 200 عامل براتب شهري من 1500 إلى 3500 يوان (الدولار الأمريكي يساوي 8ر6 يوانات). وبجانب هذا المصنع تم إنشاء 4 مصانع أخرى مماثلة في قرى المحافظة بدعم من الحكومة، بالإضافة إلى تدريب المحليين على المهن الحرفية الأخرى للاستفادة منها وكسب العيش. ويتم توفير هذه الوظائف من خلال المساعدات التي تقدمها المقاطعات الصينية لمدينة كاشغر.

خدمات صحية متطورة للسكان

تعمل الحكومة المحلية في شينجيانغ على توفير الخدمة الصحية المجانية للسكان المحليين، حيث يقدم مستشفى الشعب الثاني لمنطقة كاشغر، الخدمة الطبية للمواطنين مجانا أو مقابل رسوم رمزية. يوجد بالمستشفى قسم للعلاج عن بعد تم تأسيسه عام 2013، يمكن من خلاله الاتصال بأكثر من ٢٠ مستشفى بشانغهاي وأيضا الكثير من المستشفيات في شينجيانغ. ويستطيع المرضى الحصول على الاستشارة الطبية المجانية دون الحاجة إلى الذهاب للمستشفى لتلقى العلاج. ويحتوي قسم الأشعة بالمستشفى على أحدث أجهزة الفحص، ومنها جهاز لفحص القلب يستطيع الكشف على جميع أنواع الأوردة بدقة، ويمكن للمريض استلام نتيجة الفحص من خلال جهاز طبع عن طريق كود معين، دون التعامل مع الموظفين.

حماية وضمان حرية الاعتقاد الديني

ينص الدستور والقوانين في الصين ليس فقط على تمتع كافة المواطنين من مختلف القوميات بحرية الاعتقاد الديني، وإنما أيضا على وجود العديد من الضمانات التي تكفل حمايتهم. حيث تحصل الأنشطة الدينية المشروعة على الحماية من الدولة والقوانين، وتضع الحكومة اللوائح المنظمة للشؤون الدينية التي تدعو إلى الاحترام الكامل بين جميع القوميات، وتنتهج سياسة الفصل بين الدين والسياسة، وتضمن بشكل كامل الحرية الدينية لمواطني شينجيانغ من المسلمين وغيرهم، وهناك احترام كامل بين من لديهم اعتقادات دينية وبين من ليس لديهم اعتقادات دينية وهم يعيشون في تناغم.

وتحرص الدولة على توفير البيئة الملائمة لرجال الدين للقيام بدورهم على أكمل وجه، حيث تعقد دورات تدريبية لهم لتعلم الثقافات والعلوم الدينية، عبر إرسالهم إلى المعاهد الدينية في عاصمة المقاطعة وبكين، وتتحمل جميع تكاليف السفر والإقامة، بالإضافة إلى منحهم علاوة يومية خلال الدورة التدريبية.

-

عادل علي، إعلامي وباحث بالهيئة العامة للاستعلامات المصرية.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4