كلنا شرق < الرئيسية

السيارات الصينية في مصر

: مشاركة
2019-02-26 13:30:00 الصين اليوم:Source أحمد عيد:Author

لفترة من الزمن، شاع بين المصريين أن المنتج الصيني عمره قصير أو جودته منخفضة، ومع ذلك، تواصل الصين اقتحام الأسواق العربية والعالمية بمنتجاتها، من هواتف وأجهزة كهربائية وسيارات، وغيرها، لأنها ببساطة تراعي احتياجات المستهلك من ناحية السعر، مع تقديم الجودة المطلوبة نسبيا.

في السنوات الأخيرة، يختار كثير من المصريين المنتجات الصينية، بسبب ارتفاع أسعار نظيراتها الأوروبية أو اليابانية، مقابل السعر المنخفض نسبيا للمنتجات الصينية. في سوق السيارات مثلا، على الرغم من الثقة التي تحظى بها سيارات الشركات الأوروبية واليابانية، نجحت السيارات الصينية في سحب البُساط من تحت أقدامها تدريجيا، عن طريق تقديم ميزة تنافسية متعلقة بالأسعار، وأكبر دليل على هذا النجاح، وصول حجم إنتاج الصين من السيارات سنويا إلى ثلاثين مليون وحدة، مقابل عشرة ملايين فقط في عام 2008، حسب موقع "Statista".

بداية الثقة مع "إسبرانزا"

بدأت السيارات الصينية تنتشر في السوق المصرية في عام 2006، حيث كان أول احتكاك حقيقي بين المستهلك المصري والسيارات الصينية ممثلة في السيارة "شيري" التي اشتهرت في مصر باسم "إسبرانزا"، ودخلت السوق بأربع فئات، كان سعر أقلها خمسين ألف جنيه، فيما بلغ سعر أغلاها مائة وأربعة عشر ألف جنيه. بلغت مبيعات "إسبرانزا" 45 ألف سيارة منذ بداية طرحها في السوق المصرية أواخر 2006، كما احتلت المركز الرابع على مستوى السوق المصرية بحصة قُدرت بنحو 8%، حسب تقرير نُشر في عام 2010 لمنتدى "مصر موتورز". كذلك ساهم مشروع استبدال سيارات التاكسي القديمة في القاهرة عام 2008، في دفع مبيعات "اسبرانزا" أكثر وأكثر، حيث كانت السيارة الصينية الوحيدة التي شاركت في المرحلة الأولى للمشروع، وأقبل عليها عدد كبير من السائقين.

وبالنظر للأرقام، نجد أن السيارة أرضت شريحة كبيرة من المستهلكين الباحثين عن السيارات العملية من ناحية وعشاق الرفاهية من ناحية أخرى، وقدمت اختيارا مرغوبا فيه من حيث الأداء والكماليات وقطع الغيار والتصميم، ولا تزال هذه السيارة تُرى بكثرة في الشوارع المصرية، وبحالة جيدة. أعطت تجربة "إسبرانزا" دفعة لوكيل سيارات آخر لطرح سيارة "بريليانس" التي تنتجها شركة بريليانس جينبي للسيارات الصينية بالأسواق المصرية، والتي أثبتت نفسها كونها تتمتع بكماليات أكثر وتصميم جذاب.

"جيلي" و"BYD" و"جاك" تكمل المسيرة

فتحت "إسبرانزا" و"بريليانس" سوقا خصبة للسيارات الصينية في مصر، فلم يقتصر الأمر عليهما في السنوات الأخيرة، بل اقتحمت عدة شركات صينية أخرى السوق المصرية، مع محاولة تلافي مشكلات سابقتيها، التي تمثلت في خدمة ما بعد البيع.

البداية مع "جيلي إيمغراند"، والتي تصدرت قائمة مبيعات السيارات الصينية خلال الربع الأول من عام 2016، وسجلت مبيعاتها 1225 سيارة بقيمة 124 مليون جنيه، بعد طرحها في السوق المصرية مباشرة.  يليها في النجاح السيارة "BYD"، التي حققت انتشارا كبيرا في السوق المصرية. هكذا، ترضي السيارات الصينية شريحة كبيرة في مصر، خاصةً ممن ينتمون للطبقة المتوسطة. الشركات الصينية دخلت أيضا سوق السيارات SUV الرياضية المتعددة الأغراض، لتدخل في منافسة شرسة مع العلامات التجارية اليابانية الكبرى، التي اهتمت هي الأخرى بالسيارات SUV في السنوات الأخيرة. وحرصت الشركات الصينية على الاهتمام بالحافلات، فهناك السيارة "كينغ لونغ"، الشبيهة بالسيارة "تويوتا هاي- إيس"، وأصبح الكثير من سائقي الميكروباص في مصر يعتمدون عليها. وبحسب البيانات الصادرة عن تقرير مجلس معلومات سوق السيارات "أميك"، فإنه خلال 2017 استحوذت "كينغ لونغ" على الحصة السوقية اﻷكبر في فئتها بنسبة 7ر46%، متقدمة على "تويوتا هاي- إيس" التي بلغت حصتها 9ر34%.

"السيارات الصينية".. ما لها وما عليها

تتمثل الميزة التنافسية الأبرز للسيارات الصينية في سعرها مقارنة بالعلامات التجارية المنافسة. وفي ظل الارتفاع الجنوني لأسعار كل السلع، يظل دائما المنتج الصيني هو الأنسب للمواطن المصري واحتياجاته. تُنتج الصين سيارات متقدمة وعالية الجودة ذات فئات "أ" و"ب" بأسعار مرتفعة، إلا أن الوكيل المصري يستورد الفئة "ج" لضمان بيع سياراته التي تأتي بسعر أقل من مثيلاتها الكورية الجنوبية واليابانية، برغم أنها تتمتع بكافة الإمكانيات المطلوبة من القدرة والتكييف والوسائد الهوائية ونظام الفرامل المانع للانزلاق، وغيرها من الإمكانيات التي يبحث عنها المستهلك المصري. أسعار قطع الغيار الرخيصة أيضا ميزة أخرى تُضاف للسيارات الصينية، مقارنة بمثيلاتها الكورية الجنوبية واليابانية، التي تُكلف صاحبها كثيرا إذا عطبت بسبب ارتفاع أسعارها، ولكنها تستطيع العمل لفترات أطول نسبيا من قطع الغيار الصينية.

على الجانب الآخر، هناك ضعف ملحوظ لانتشار صالات العرض للسيارات الصينية، ومراكز خدمات ما بعد البيع والصيانة، حيث أن غالبية تجار وموزعي السيارات يسعون إلى جمع توكيلات صينية بهدف زيادة أرباحهم وحجم أعمالهم، دون أن يقابل ذلك ضخ استثمارات في بنية تحتية، أو في قطاعات التسويق لضمان نجاحها.

مستقبل السيارات الصينية

في النصف الأول لعام 2018، بلغت حصة العلامات الصينية 6ر8% من إجمالي السيارات المستوردة بمصر، وفقا للأرقام الصادرة عن منفذ الإسكندرية الجمركي، ما يعني أن سوق السيارات الصينية في مصر يزدهر بشكل مستمر وثمة توقعات بأن تستحوذ العلامات الصينية على حصة سوقية تصل إلى 40% من إجمالي مبيعات السوق بحلول 2020، خاصة مع سعي عدد من الوكلاء لبدء عمليات التجميع خلال الفترة المقبلة. ولكن، على الشركات الصينية ووكلائها في مصر، عدم تغافل عدة عوامل ليكون لديها القدرة على الاستمرار في التوسع بالسوق المصرية، أهمها مواصفات السيارة والقدرة على تسويقها، والاهتمام بمراكز الخدمة ما بعد البيع والصيانة وخدمات الضمان. وثمة عامل آخر قد يساهم في ازدهار سوق السيارات الصينية في مصر أكثر وأكثر، وهو الاتجاه لتجميع السيارات محليا داخل مصر، خاصة في ظل التخفيضات الجمركية التي تحصل عليها الشركات عند استيراد المكونات اللازمة لتشغيل خطوط الإنتاج. التجميع المحلي سيكوّن شبكة كبيرة من العملاء داخل السوق، وسيساهم في خفض الأسعار التي ارتفعت في الفترة الماضية بسبب الاستيراد، كما أنه سيكون خطوة أولية قبل الاتجاه إلى التصنيع المحلي بالكامل.

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4