كلنا شرق < الرئيسية

انطلاقة جديدة لمنتدى التعاون الصيني- العربي

: مشاركة
2018-12-28 17:23:00 الصين اليوم:Source لي يوان تشينغ:Author

في عام 2019، يكون قد مر على إنشاء منتدى التعاون الصيني- العربي خمس عشرة سنة. هذا المنتدى الذي تأسس سنة 2004، يدخل حاليا مرحلة يشهد فيها حيوية ونشاطا أكثر من أي وقت مضى.

تنتمي الصين والدول العربية إلى الدول النامية، يحتل حجم اقتصادها مجتمعة ثٌمن حجم الاقتصاد العالمي، وتحتل سدس مساحة المعمورة، ويعيش فيها ربع سكان العالم.  

خلال السنوات الأربع عشرة المنصرمة، وبفضل الجهود المشتركة من الصين والدول العربية، حقق المنتدى منجزات عظيمة، أهمها:

1) إنشاء الهياكل والآليات الضرورية لتشغيل المنتدى، مما قدم تسهيلات لصناعة واتخاذ القرارات مع تطبيقها بصورة سليمة؛

2) لا تقتصر المنجزات على دور الإرشاد السياسي فحسب وإنما توسعت إلى مجالات جديدة، في مقدمتها الاقتصاد والتجارة حيث تجاوز حجم التبادل التجاري الصيني- العربي 191 مليار دولار أمريكي في عام 2017 بزيادة بلغت نسبتها 9ر11%، مقارنة مع عام 2016. كما وصل حجم الاستثمار الصيني المباشر في الدول العربية إلى 26ر1 مليار دولار أمريكي بزيادة بلغت نسبتها 3ر9%، مقارنة مع عام 2016، وبلغت قيمة العقود الصينية الجديدة لتنفيذ مشروعات في الدول العربية 805ر32 مليار دولار أمريكي، حسب أحدث الإحصاءات الرسمية؛

3) تعززت التبادلات الإنسانية والثقافية بين الطرفين، فقد أقيمت سلسلة من المنتديات والدورات التدريبية والزيارات المتبادلة، ووقعت الصين اتفاقيات تعاون ثقافي مع إحدى عشرة دولة عربية، وأنشأت ستة عشر معهد كونفوشييوس في تسع دول عربية.

كل هذه المنجزات تدل على التوافق السياسي والتكامل الاقتصادي والتواصل الإنساني بين الصين والدول العربية، وخاصة بعد طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013. هذه المبادرة التي تغطي جميع الدول العربية والمناطق المجاورة، حظيت بتأييد وترحيب على نطاق واسع من قبل الدول العربية التي تتسابق للمشاركة في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية والمشاركة في تنفيذ مشروعات بناء "الحزام والطريق"، باعتبار ذلك انطلاقة جديدة لمنتدى التعاون الصيني- العربي.

أعتقد أن المرحلة الجديدة التي يدخلها منتدى التعاون الصيني- العربي ستتميز بالخصائص الآتية:

1) ضخامة المشروعات التي سيتم تنفيذها في الدول العربية، وفي مقدمتها الدول التي استعادت الاستقرار والأمن بعد اضطرابات استمرت لفترة طويلة. فالصين حاليا تتقدم على طريق أكثر انفتاحا وتثابر على التمسك بالعولمة الاقتصادية وتعارض الحمائية التجارية، من أجل بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية؛

2) زيادة الصادرات العربية إلى الصين بفضل السياسات التشجيعية من كلا الطرفين. وإذا كانت الصين ظلت تحقق فائضا في تبادلاتها التجارية مع معظم الدول العربية في الفترات الماضية، فإن هذا الوضع سوف يتغير جذريا وبصورة مستدامة في العصر الجديد؛

3) ظهور التعاون الثنائي في مجالات جديدة، مثل الطاقات البديلة والفضاء والطاقة الكهرونووية والشؤون المالية والطب التقليدي والحديث، وغير ذلك من المجالات ذات التقنيات العالية المتعلقة بمعيشة الشعب؛

4) دخول التواصل الإنساني والثقافي بين الصين والدول العربية إلى مرحلة جديدة. فسوف يتعزز الحوار بين الحضارات والتواصل بين مختلف الأديان والتعاون في مجالات الثقافة والإذاعة والتلفزيون والسينما والإعلام والنشر ومراكز الفكر والمجالات الأخرى المشجعة، لتحقيق الاستفادة المتبادلة وخاصة بين صفوف الشباب والنساء؛

5) سيشهد قطاع السياحة تطورا مميزا، فسيتم إدراج المزيد من الدول العربية بقائمة المقاصد السياحية للصينيين، كما سيتعزز تبادل ترويج الموارد والمنتجات السياحية بين الطرفين مثل السياحة العلاجية وسياحة الاستجمام والتأهيل الصحي، إلى جانب الزيارات العادية للمعالم والمناظر الطبيعية.

الحقيقة أن مبادرة الحزام والطريق حظيت باستحسان المجتمع الدولي، وبخاصة الدول الواقعة على طول مسارات الحزام والطريق بما فيها جميع الدول العربية.

وستستمر الصين في الالتزام بالصداقة التقليدية الصينية- العربية وتطويرها، وتثابر على إثراء وتعميق شمول وتعدد أبعاد ومستويات التعاون الصيني- العربي، ودفع التطور السليم والمستمر لعلاقات التعاون الإستراتيجي القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة، مما يقدم مساهمة إيجابية في صون السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم بأسره.

يتزايد عدد الدول العربية التي تعمل على ربط برامج وخطط تنميتها بـ"الحزام والطريق"،  سعيا لاغتنام الفرصة لتحقيق الفوز المشترك. وفي هذا الصدد نشير إلى رؤية مصر"2030" و"رؤية السعودية 2030" و"رؤية الأردن 2030"، وبناء مدينة الحرير الكويتية وإنشاء مدينة محمد السادس للعلوم والتكنولوجيا بطنجة في المغرب، والمشروعات المشتركة الأخرى. كل ذلك يدل على أن مبادرة "الحزام والطريق"، وبرغم أن الصين هي التي اقترحتها، تسير وفقا لقاعدة التشاور والتشارك والتقاسم ، وتلتزم بمشاركة الجميع على قدم المساواة وليس التفرد بالقرار، وتلتزم بالنزاهة والشفافية وليس بإبرام الصفقات وراء الكواليس، وتسعى إلى المنفعة المتبادلة والكسب المشترك وليس على طريقة حساب الغالب والمغلوب.

ففي هذا الوضع الجديد يجب على طرفي الصين و الدول العربية مواصلة الالتزام وفق رؤية جديدة بالنقاط الأساسية التالية التي ضمنت تطور وتقدم منتدى التعاون الصيني- العربي خلال أكثر من أربع عشرة سنة:

1)    الشراكة الإستراتيجية الحقيقية القائمة على الثقة والتأييد المتبادلين، حيث ينظر كل طرف بعين الاعتبار لاتجاه تطور العلاقات الثنائية والمصالح الجوهرية لهما، ويعتني كل طرف بالقضايا التي تهم الطرف الآخر؛

2) شراكة التنمية المشتركة لتحقيق الفوز المشترك. تنهض بعض الدول العربية بمهمة تنويع اقتصاداتها، ومنها الدول المصدرة للنفط والغاز الطبيعي، وبعضها بصدد عملية الإعادة والبناء، ومن ذلك الدول التي تضررت بسبب التدخلات الخارجية والنزاعات الداخلية، في حين وضعت دول أخرى خططا للتنمية المستقبلية. ولكنها جميعا لا غنى لها عن المساعدات الخارجية والتعاون مع الخارج في المجالات المالية والفنية والبشرية. ومن هنا فإن إنشاء منطقة للتجارة الحرة بين الصين والدول العربية أصبح الآن ضروريا أكثر من أي وقت مضى؛

3) المشاركة في السراء والضراء. لقد عانى الشعب العربي نفس معاناة الشعب الصيني في التاريخ، وربط طريق الحرير القديم بين الجانبين في الماضي، بينما تجمعنا في الحاضر مبادرة الحزام والطريق لمواجهة مهمة شاقة هي تحقيق التنمية والازدهار، فبطبيعة الحال ينبغي لنا أن نتضامن ونتكاتف ونتقاسم المسؤوليات والالتزامات، من أجل تحقيق المنفعة المتبادلة؛

4) أن نكون أصدقاء حقيقيين في التبادل والتواصل، وخاصة في مجالات التعليم والإعلام والمؤسسات الفكرية والشباب، على مختلف المستويات.

بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة عشرة لتأسيس منتدى التعاون الصيني- العربي، يجب علينا أن نسعى إلى مزيد من التفاهم والتنسيق في مختلف الأوساط، وتعزيز التبادل والاستفادة المتبادلة من خبرات حوكمة الدولة ودعم بعضنا بعضا في البحث عن طريق يناسب التاريخ والثقافات والعادات والظروف المحلية، لتحقيق بناء مجتمع صيني- عربي ذي مصير مشترك.

إنني على ثقة بأن المنتدى سيتقدم مواكبا التطورات العالمية، وسيساهم مساهمة عظيمة في توثيق التعاون القائم بين الصين والدول العربية، كما سيتم في وقت قريب إكمال الأمور الجديدة، ومنها بناء المركز الصيني- العربي لنقل التكنولوجيا ومركز نظام بيدو للأقمار الاصطناعية ومركز التدريب على الاستخدام السلمي للطاقة النووية ومركز التدريب حول الطاقة النظيفة، مما يضيف إلى المنتدى محتويات جديدة  في العصر الجديد. كما أقترح على الجانب العربي أن يشارك أكثر في النشاطات والفعاليات المتعلقة بالبحث والدراسة حول مبادرة الحزام والطريق، لإحداث تأثير أوسع في هذا المجال. أنا متفائل بأن المنتدى سيحصل على تأييد ودعم مستمرين من كلا الطرفين حكومة وشعبا في المستقبل، وسيشهد تطورات أعظم في السنوات القادمة.

--

 لي يوان تشينغ، المستشار التجاري السابق بسفارة الصين لدى السعودية.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4