كلنا شرق < الرئيسية

خليفة أدهم: كين تفسح المجال أمام الدول الأخرى للدخول إلى السوق الصينية

: مشاركة
2018-12-11 13:13:00 الصين اليوم:Source جين ري:Author

بمناسبة معرض الصين الدولي للاستيراد، الذي أقيم في نوفمبر 2018، بشانغهاي، أجرت ((((الصين اليوم)))) حوارا شاملا مع الخبير الاقتصادي خليفة أدهم رئيس تحرير مجلة ((الأهرام الاقتصادي)) المصرية، تناول جملة واسعة من الملفات الاقتصادية. وإلى تفاصيل الحوار..

((الصين اليوم)): استضافت مدينة شانغهاي الصينية في الفترة من الخامس إلى العاشر من نوفمبر 2018، الدورة الأولى لمعرض الصين الدولي للاستيراد. كيف ترون فكرة هذا المعرض الأول من نوعه وغير المسبوق في العالم؟

خليفة أدهم: الحقيقة أن معرض شانغهاي الدولي للاستيراد فريد من نوعه، فهذه أول مرة تقيم دولة معرضا دوليا ضخما للاستيراد، وخاصة أن هذه الدولة هي أكبر دولة مصدرة في العالم وثانى أكبر دولة مستوردة في العالم. ولكن الجميع يعلم أن الصين لديها قدرة تنافسية عالية جدا في النفاذ للأسواق العالمية، ويكفي أن نعلم أن حجم العجز التجاري بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وهي أكبر اقتصاد عالمي، يصل إلى 335 مليار دولار أمريكي لصالح الصين. من هنا تأتى أهمية هذا المعرض وتميزه وتفرده. إن بكين تفسح المجال أمام الدول الأخرى للدخول إلى السوق الصينية. هذا المعرض خطوة هامة جدا وفرصة للدول والشركات المشاركة للتعرف على احتياجات السوق الصينية الضخمة، خاصة مع تحول الاقتصاد الصيني منذ سنوات من اقتصاد قائم على التصدير بالأساس إلى اقتصاد قائم على الاستهلاك المحلي لدفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المزيد من الاستقرار.

((الصين اليوم)): أقيم معرض الصين الدولي للاستيراد في وقت تتزايد فيها الحمائية التجارية ويشتد تيار مقاومة العولمة، فما هو مغزى إقامة هذا المعرض؟

خليفة أدهم: الحقيقة أن إعلان الرئيس الصيني شي حين بينغ أن الصين سوف تنفتح أكثر على العالم وأنها لن تغلق أسواقها أمام دول العالم، أمر بالغ الأهمية. معرض شانغهاي الدولي للاستيراد هو الخطوة الأكثر تعبيرا ومصداقية لتصريحات الرئيس شي. وأعتقد أن هذه الخطوة هامة جدا لتقليص الفجوة الكبيرة في عجز الميزان التجاري ما بين الصين ودول العالم والتي تمثل إحدى أهم المشكلات والمصدر الأساسي للحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الصين، بزعم أن الصين تنتهج سياسات تجارية غير نزيهة وخاصة في خفض عملتها وأيضا فيما يتعلق بإغلاق أسواقها أمام الصادرات من دول العالم الأخرى. أعتقد أن المعرض جاء في الوقت المناسب.

((الصين اليوم)): مصر كانت من بين الدول ضيفة الشرف للدورة الأولى لمعرض الصين الدولي للاستيراد، ما مغزى هذا الاختيار؟ 

خليفة أدهم: اختيار مصر ضيف شرف لمعرض شانغهاي الدولي للاستيراد، يكتسب أهمية كبيرة وله مغزى ودلالات هامة تعكس عمق العلاقات بين مصر والصين على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية. مصر أصبحت شريكا إستراتيجيا للصين بعد توقيع اتفاقية الشراكة الإستراجية الشاملة بين البلدين. أشير هنا إلى الزيارات المتبادلة على مستوى الرؤساء والعلاقات القوية التي تريط الرئيس عبد الفتاح السيسي بالرئيس شي جين بينغ، وهذا انعكس في حجم الزيارات التي قام بها الرئيس السيسي إلى الصين، وآخرها مشاركته في سبتمبر 2018 في منتدى التعاون الأفريقي- الصيني، وهي الزيارة التي شهدت توقيع عدد من الاتفاقيات الهامة التي تعزز التعاون الإستراتيجي والشراكة الإستراتجية بين البلدين. هناك أيضا على مستوى العلاقات السياسية والتاريخية أن مصر هي أول دولة عربية وأفريقية اعترفت بجمهورية الصين الشعبية. هناك أيضا توافق وتشابه بل وتطابق رؤى البلدين في القضايا الهامة الإقليمية والدولية. مصر ستتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي في عام 2019، ويأتي ذلك في ظل توجه الصين إلى تنمية علاقاتها التجارية والاقتصادية مع القارة الأفريقية. ولذا، هناك اهتمام صيني كبير بالتعاون مع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الصين والدول الأفريقية. وهذا انعكس بوضوح في الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال مشاركة مصر في منتدى التعاون الأفريقي- الصيني في سبتمبر 2018.  

حجم التبادل التجاري بين مصر والصين قفز من مليار دولار أمريكي في عام 2000 إلى 11 مليار دولار أمريكي في عام 2017. وقد شهدت الاستثمارات الصينية في مصر قفزة كبيرة جدا خلال العام الماضي والعام الحالي، وهذا يواكب العلاقات السياسية القوية بين الدولتين. هناك مثلا المنطقه الصناعية الصينية (تيدا) في خليج السويس، التي بلغ حجم الاستثمارات الصينية فيها حوالي مليار دولار أمريكي، وهناك شركة جوشي لإنتاج الألياف الزجاجية في مصر باستثمارات تصل إلى نصف مليار دولار أمريكي، والتي جعلت مصر ثالث أكبر دولة منتجة للألياف الزجاجية في العالم بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وتهدف إلى سد احتياجات السوق المصرية والتصدير للأسواق الأفريقية والإقليمية. كما أن هناك استثمارات صينية كبيرة في محطة توليد الطاقة والكهرباء من الفحم في منطقة الحمراوين بمنطقه البحر الأحمر، فضلا عن مشروعات ضخمة في العاصمة الإدارية لشركات صينية باستثمارات تصل إلى ثلاثة مليارات دولار أمريكي، وهناك أيضا شركات صينية ستقيم أعلى برج في العاصمة الإدارية، وهناك أيضا مشروع القطار الكهربائي الذي يربط بين مدن السلام والعاشر من رمضان والعاصمة الإدارية، وتنفذه شركات صينية.

نشير أيضا إلى أن مصر كانت من أولى الدول التي تحمست لمبادرة "الحزام والطريق" التي طرحها الرئيس شي جين بينغ. ويولي الجانب الصيني اهتماما كبيرا بدور قناه السويس خاصة بعد حفر القناه الجديدة ودورها في مبادرة "الحزام والطريق"، لتصبح القناة منطقة استثمارية وصناعية واقتصادية كبرى في إطار هذه المبادرة، ولإعادة تصدير المنتجات الصينية إلى القارة الأفريقية، باعتبار أن مصر بوابة الشركات الصينية إلى أفريقيا.

((الصين اليوم)): شهد عام 2017، نمو صادرات مصر إلى الصين بمعدل أعلى من معدل نمو الصادرات الصينية إلى مصر، كما أن مصر كانت ثالث أكبر دولة مصدرة للبرتقال إلى الصين في 2017، ما هي دلالة هذا التوجه؟

خليفة أدهم: الصادرات المصرية إلى السوق الصينية زادت بمعدل 60% في عام 2017 لتصل إلى أكثر من 450 مليون دولار أمريكي، إلا أنها رغم معدل النمو الكبير هذا في عام 2017 مقارنه بعام 2016، لا تزال دون المستوى المأمول، خاصة أن العجز في الميزان التجاري بين الصين ومصر يصل إلى 5ر10 مليارات دولار أمريكي، ذلك أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى 11 مليار دولار أمريكي، منها 450 مليون دولار أمريكي صادرات مصرية. يجب أن يكون هناك اهتمام بنمو الصادرات المصرية إلى السوق الصينية لتقليل هذه الفجوة الكبيرة. ومن هنا كانت أهمية مشاركة الشركات المصرية في معرض الصين الدولي للاستيراد، الذي مثل فرصة حقيقية للشركات المصرية لتنمية صادراتها وخاصة الصادرات الصناعية التي يمكن أن تلبي طلبا حقيقيا، والتعرف على احتياجات الصين من الواردات والسلع المستوردة وتيسير نفاذ الصادرات والسلع المصرية إلى هذه الأسواق. لقد شهدت الصادرات المصرية إلى الصين في الربع الأول من عام 2018، استمرار معدل النمو الذي بلغ 48%، فسجلت الصادرات نحو 445 مليون دولار أمريكي في الربع الأول فقط، ما يعني أن ثمة فرصة حقيقية لنمو الصادرات المصرية إلى الصين.

((الصين اليوم)): معرض الصين الدولي للاستيراد ليس لتجارة السلع فقط وإنما أيضا لتجارة الخدمات وتسويق الاستثمار، ومصر احتلت صدارة الدول الأفريقية في جذب الاستثمار في 2017 وفي النصف الأول من 2018. هل يمكن أن يكون معرض الصين الدولي للاستيراد نافذة جديدة للاستثمار في مصر؟

خليفة أدهم: بالتأكيد، هناك فرصة حقيقيه لنمو الاستثمارات الصينية في مصر، خاصة إذا عرفنا أن السوق المصرية وفقا لتقرير التنافسية 2018، تحتل من حيث الحجم مركزا متقدما فقد جاءت في المرتبة 24 عالميا. وهي سوق ضخمة تكتسب أهميتها من وجود فرص حقيقية للاستثمار في ظل التطور الكبير جدا والتحسن في مناخ الاستثمار والتشريعات المحفزة للاستثمار ومناخ الاستثمار بشكل عام، وقوانين التراخيص الصناعية ومنح التراخيص في سبعة أيام. هناك تطور كبير جدا وفرص حقيقية أمام الشركات الصينية لزيادة استثماراتها في مصر لتلبية احتياجات السوق المصرية وأيضا لتصدير منتجاتها إلى القارة الأفريقية والأسواق العربية، وخاصة أن مصر تربطها علاقات واتفاقيات تجارية مع القارة الأفريقية.

((الصين اليوم)): ما هي النصيحة التي توجهها، كخبير اقتصادي، للمصدرين المصريين للنفاذ إلى السوق الصينية؟

خليفة أدهم: أعتقد أنه في واقع الأمر لا تحتاج إلى نصيحة لأن الشركات المصرية لديها دراسات حول السوق الصينية واحتياجاتها وكيفيه زيادة صادراتها إليها. وأعتقد أن التصدير إلى السوق الصينية سوف يكسب هذه الشركات قدرة عالية وتنافسية للنفاذ إلى باقي الأسواق، لأن السوق الصينية تتسم بقدرة تنافسية عالية جدا، ومن ثم فإن الشركات التي تصدر منتجاتها إلى السوق الصينية ستكون لديها قدرات تنافسية عالية وقدرة على النفاذ إلى الأسواق الأخرى المشابهه كاسواق شرقي آسيا والأسواق المشابهة الأخرى. الاقتصاد المصري يحتاج إلى قوة دفع حقيقية وكبيرة للصادرات خلال الفترة المقبلة، لأن إستراتيجية مصر تستهدف نمو الصادرات إلى نحو 30 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية عام 2020، وأعتقد أن هذا ليس مستحيلا. ومن ثم فإن السوق الصينية تحتل أهمية كبيرة في ظل هذه الإستراتيجية، باعتبار أن الصين هي ثاني أكبر دولة مستوردة على مستوى العالم.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4