كلنا شرق < الرئيسية

السياسة الخارجية الصينية في عالم متغير

: مشاركة
2018-02-05 15:44:00 الصين اليوم:Source د. محمد نعمان جلال:Author

نشرت مجلة تشيوشي (Qiushi)، التابعة للحزب الشيوعي الصيني، مقالة مطولة لوزير خارجية الصين وانغ يي حول السياسة الخارجية للصين. وهنا، نعرض بإيجاز لمحاور السياسة الخارجية للصين في هذه المرحلة من القرن الحادي والعشرين المتسم بالتغيرات السريعة.

المحور الأول: متابعة التغيرات في الإدارة العالمية وفي ميزان القوى العالمي والتحديات العالمية

 فقد شكل الحزب الشيوعي الصيني مجموعتين متخصصتين لدراسة التغيرات في الإدارة العالمية وفي ميزان القوى العالمي والتحديات العالمية، وتقديم التوصيات. استمر عمل المجموعتين لمدة عام، وقدمت المجموعتان توصياتهما للقيادة. وفي هذا الإطار، تمت صياغة أفكار الصين في قمة هانغتشو لمجموعة العشرين وقمة شيامن لمجموعة بريكس وقمة منتدى التعاون لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في ليما، والتركيز على العولمة ورفض الحمائية وتعزيز الانفتاح الاقتصادي، وهو ما أقره المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي، ويتم مراجعة ذلك في المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب في شهر أكتوبر 2017.

المحور الثاني: الاهتمام بدول الجوار وتعزيز التنمية السلمية فيها من خلال علاقاتها بالصين

 وفي هذا الإطار، تطورت علاقات الصين مع الفلبين وبنغلاديش وميانمار وأعضاء رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) وكوريا الجنوبية واليابان. وأكدت الصين على دعوتها لجعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من السلاح النووي، والسعي لتطوير الهدنة بين الكوريتين إلى اتفاقية سلام، ولذلك تعارض الصين نشر الولايات المتحدة الأمريكية منظومة صورايخ "ثاد" ووجود أي رؤوس أو أسلحة نووية في شبه الجزيرة الكورية، لأن من شأن ذلك أن يزيد التوتر في المنطقة.

المحور الثالث: رسم خارطة للعلاقات بين الدول الكبرى

 المقصود هنا هو العلاقات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية. ومن هنا جاءت لقاءات واتصالا ت الرئيس الصيني شي جين بينغ مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما والرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.

المحور الرابع: مزيد من تطوير الشراكة الدولية بالتعاون مع الدول النامية

وفي هذا السياق، جاءت جولة الرئيس شي جين بينغ في الشرق الأوسط في يناير 2016، والتي شملت مصر والسعودية وإيران، وعقد اتفاقية مع جنوب أفريقيا في إطار منتدى التعاون الصيني- الأفريقي، وتأكيد الرئيس شي على أن الصين تضع التعاون الصيني- الأفريقي في قمة الأولويات. كما قام الرئيس شي بزيارة عدد من دول أمريكا اللاتينية لنفس الغرض.

المحور الخامس: فتح آفاق جديدة لمبادرة الحزام والطريق

تمثل ذلك في زيارة الرئيس شي جين بينغ إلى أوزبكستان وإلقاء خطاب في البرلمان، والتركيز على أن يكون بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير على أساس سلمي وذكي وصحي وأخضر. وهناك حاليا أكثر من مائة دولة تؤيد مبادرة "الحزام والطريق". وقد عقدت الصين اتفاقات مع أكثر من أربعين دولة، منها اتفاق الممر الاقتصادي بين منغوليا وروسيا والصين، والممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، والعمل على تطوير ميناء غوادر في باكستان وميناء في سريلانكا وآخر في ميانمار، وبناء خط سكة حديدية سريع بين المجر وصربيا، وبين أديس أبابا وجيبوتي. ويقوم البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، الذي دعت إليه الصين، بتطوير مشروعات في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وفي هذا الصدد، يجري التفاوض بين الصين وإسرائيل لإنشاء منطقة تجارة حرة، وكذلك تم إنشاء خط سكة حديد بين الصين ولاوس وبين الصين وتايلاند وبين جاكرتا وباندونغ.

المحور السادس: الحفاظ على مبدأ السيادة الصينية والأمن

 وفي هذا الصدد، اتخذت الصين موقفا حازما ضد ما يُسمى بالتحكيم في بحر الصين الجنوبي، مخالفة للتفاهم بين الصين وآسيان بحل الخلافات بالحوار والتفاهم. وتتمسك الصين بمبدأ الصين الواحدة وترفض فكرة دولتين صينيتين وفكرة تايوان واحدة وصين واحدة وتبذل جهودا دبلوماسية تتصل بالتبت وشينجيانغ للحفاظ على سيادة الصين.

ونسوق في الختام الملاحظات التالية:

 الأولى: أن القرار السياسي في الصين يتخذ من القيادة مركزا، ولكن بعد دراسات مستفيضة تقوم بها الأجهزة المختصة في الدولة والحزب ومراكز البحوث المتخصصة.

الثانية: أن الصين تعمل في إطار خطة استراتيجية بعيدة المدى، تتم مراجعتها في المؤتمر الوطني للحزب الذي يعقد كل خمس سنوات.

الثالثة: أن النشاط والمبادرات السياسية والتحركات والزيارات، يقوم بها مختلف المسؤولين وعلى مستوى القمة ممثلة في رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الدولة، ثم الوزراء المختصين. وقد زار كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الدولة (الوزراء) أفريقيا أكثر من مرة في السنوات القليلة الماضية، منذ انتخابهما في منصبيهما من البرلمان بعد ترشيح الحزب لهما. كما تناوبت زيارات الرئيس ورئيس مجلس الدولة للدول الآسيوية، وخاصة دول آسيان.

الرابعة: أن المدرسة المركزية للحزب الشيوعي الصيني تقوم بالتثقيف السياسي والحزبي على مستوى كافة موظفي الدولة والمسؤولين القياديين والتنفيذيين، من مستوى الوزراء والوكلاء وما دون ذلك، إذ يتفرغ كل منهم لمدد تتفاوت بحسب درجة المسؤول، من شهر إلى سنة، للدراسة في المدرسة المركزية للحزب. هذا يضمن الوحدة الفكرية بين كافة المسؤولين ويضمن نجاح العمل وعدم الازدواجية، أو الإدعاء بنقص المعرفة أو الرؤية الإستراتيجية لسياسة الدولة. كما يضمن ذلك استمرارية أداء الدولة للعمل في إطار الخطة الإستراتيجية حتى وإن تغير أي من المسؤولين.

--

د. محمد نعمان جلال، سفير مصر الأسبق لدى الصين، وخبير في الدراسات السياسية والإستراتيجية.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4