هو شيويه، أحد الورثة الممثلين لصنع الأواني المزخرفة بطلاء الذهب، التي أدرجت في قائمة التراث الثقافي غير المادي على المستوى الوطني، شارك في ترميم وإصلاح الآثار في المتحف الوطني الصيني وشعر بالفخر الكبير بهذه التجربة المهمة لأن بإمكانه تخيل مشهد حياة الأسلاف في العصور القديمة بعد إزالة طبقة الحمأة السميكة التي تغطي أسطح الأواني المطلية الجميلة.

بدء ممارسة الحرفة بالمصادفة

بعد تخرجه في قسم التصميم الفني بجامعة بيفانغ للتكنولوجيا، أراد هو شيويه أصلا أن يعمل محررا فنيا في صحيفة أو مجلة، غير أنه التقى مصادفة مع السيد باي تشيون، الرئيس التنفيذي لشركة الأواني المزخرفة بطلاء الذهب ببكين، والوارث الممثل لحرفة صنع الأواني المزخرفة بطلاء الذهب، الذي دعاه لزيارة معرض للأغراض الفنية الملكية في شركته وحكى له القصة المثيرة بين أبيه السيد باي ده يوان وحرفة صنع الأواني المزخرفة بطلاء الذهب. بعد هذه الزيارة والمحادثة العميقة مع السيد باي تشيون، غيّر هو شيويه خطته المهنية.

قال هو شيويه: "كانت المعروضات المزخرفة بطلاء الذهب، مثل الحاجز والخزانة والدولاب رائعة للغاية. كنت معجبا بحرفة صنع تلك الأغراض. عندما لمستها، بدا كأنني في عالم خيالي. ما أدهشني هو أنني وجدت أن هذه الحرفة المعقدة تتطور في عصرنا الحالي. عندما سألني السيد باي تشيون ما إذا كنت أرغب في تعلمها، أجبت بالموافقة على الفور بدون أي تردد."

يرجع تاريخ صنع الأواني المطلية في الصين إلى أكثر من ثمانية آلاف سنة. وتعد الأواني المزخرفة بطلاء الذهب، نوعا مهما من الأواني المطلية وكانت تقدم إلى الأباطرة وعائلاتهم في العصور القديمة. أنشأت الحكومات المركزية في فترة أسرة يوان (1271- 1368) وأسرة مينغ (1368- 1644) وأسرة تشينغ (1644- 1911)، أجهزة رسمية لصنع الأواني المطلية في بكين مما جعلها تشتهر في هذا المجال. بعد انهيار أسرة تشينغ في بداية القرن العشرين، بقي عدد كبير من الحرفيين المهرة في صنع الأواني المطلية في بكين وطوروا ثمانية أنواع من حرف صنع الأواني المطلية.

بتزكية من السيد باي تشيون، التحق هو شيويه بشركة الأواني المزخرفة بطلاء الذهب ببكين في عام 2009 وبدأ تعلم هذه الحرفة كتلميذ. قال: "كنت أركب الحافلة المتجهة إلى المصنع في مقاطعة خبي في الساعة الرابعة والنصف كل صباح وأبدأ العمل في تمام الساعة الثامنة. بعد الانتهاء من الدوام في المساء، أركب الحافلة للعودة إلى بكين." برغم البرد الشديد في الشتاء والحرارة العالية في الصيف داخل الورشة، تغلب هو شيويه على جميع التحديات ونجح في إتقان حرفة صنع الأواني المزخرفة بطلاء الذهب وصار حرفيا كبيرا ووارثا ممثلا لهذه الحرفة.

تقديس مهارة الأسلاف، وروح الحرفية

قام هو شيويه بترميم وإصلاح ودراسة الأواني المزخرفة بطلاء الذهب خلال الفترة من عام 2014 إلى عام 2016 لمشروع حماية وترميم الآثار التابع لبرنامج "متحف وطني صيني سليم"، مما عزز إلى حد كبير مهاراته الحرفية ومعرفته بالتراث الثقافي غير المادي.

قال هو شيويه، إنه من أجل إعادة تلوين سطح الأواني المتآكلة بالطلاء الأزرق، كان عليه تكرار الطلاء سبع أو ثماني مرات في الظروف الدقيقة من حيث الموقع والتوقيت وحالة الجو، وبهذه الطريقة فقط، يمكن تجنب ظهور اختلاف اللون بين الطلاء الجديد والطلاء القديم.

أضاف هو شيويه، أنه ينبغي لحرفي صنع الأواني المزخرفة بطلاء الذهب بذل قصارى الجهود لإجادة مهارات مختلفة، منها الرسم وتزيين الأواني بالذهب وترصيع الأواني بالزخارف الجميلة. فضلا عن ذلك، يجب عليه أن يعرف القيمة التاريخية والفنية لتلك الأواني الأثرية. تعكس كثير من الآثار الذوق الجمالي للناس في الفترات التاريخية المعنية، والقطع الرائعة منها التي تحتفظ بأسرارها الخاصة بعد مرور المئات والآلاف من السنين، تُبيّن مغزى الثقافة الصينية وروح الحرفي المخلص. بعد ممارسته ترميم الآثار لسنوات لطويلة، يشعر هو شيويه بتقديس لمهارات الأسلاف الكبيرة في صنع تلك الآثار وحكمة الشعب الصيني في العصور القديمة.

قال هو شيويه، إن معظم المعروضات المطلية في المتحف الوطني الصيني هي من الأواني المزخرفة بطلاء الذهب، مثل أريكة الإمبراطور بزخارف التنين في قاعة تايخه، اللوحة الكبيرة المعلقة داخل قاعة تشيانتشينغ. فقد أقام المتحف الوطني الصيني علاقة تعاون مع شركة الأواني المزخرفة بطلاء الذهب ببكين التي يعمل فيها هو شيويه، لسنوات عديدة، ذلك لأن الحرفيين المهرة العاملين في الشركة يعززون ويبدعون مهارات الحرفيين القدماء.

الاندماج في الحياة المعاصرة

تعمل شركة الأواني المزخرفة بطلاء الذهب ببكين، التي تأسست قبل ستة وستين عاما، على حماية وتطوير حرفة صنع الأواني المزخرفة بطلاء الذهب. هو شيويه، بصفته أحد الحرفيين الشباب في الشركة، يدرس المهارات على أيدي الحرفيين الكبار من الأجيال السابقة. قال باي ده يوان، إنه لا بد للحرفيين من جيل الشباب أن يهتموا بالإبداع المناسب والفعال على أساس الحرفة الأصلية. وبالمعنى الدقيق للكلمة، فإن الأعمال الإبداعية تتطلب تلبية الاحتياجات العصرية من ناحية، والمحافظة على المهارات الأصلية بصورة تامة باستخدام التكنولوجيا من ناحية أخرى.

في بداية عام 2022، تعاونت شركة الأواني المزخرفة بطلاء الذهب ببكين مع بعض المتاحف والشركات المحلية، في إنتاج ساعة اليد المزخرفة بطلاء الذهب، التي تم تصميم قرصها برسوم ندفات الثلج الجميلة مع الزخارف التقليدية الصينية الرائعة، فضلا عن الاستفادة من المفهوم الفني للرسام الهولندي موريتس كورنليس إيشر، ما جعل القرص يتمتع بإحساس قوي بالجمال الإيقاعي والطابع الحركي. ساعة التراث الثقافي غير المادي هذه ذات الإصدار المحدود من "الطراز الوطني" حظيت بشعبية واسعة بين المستهلكين، حتى أنها نفدت في السوق في وقت قصير. يرى هو شيويه أن التراث الثقافي غير المادي الممتاز يتفق مع متطلبات العصر واحتياجات الناس الواقعية ويندمج في حياتنا. أما عن معايير التقييم لتوارث منتج من التراث الثقافي غير المادي، فأشار هو شيويه إلى "أن المؤشر الأول للتقييم هو القدرة على تحقيق الأرباح. إذا لم يكن هناك سوق للمنتج المصنوع، ولا أحد يحبه، وحتى الوارث لا يستطيع إعالة نفسه، فإنه سيفقد قيمة وأهمية التراث نفسه." ويعتقد أن الصناعة تحتاج إلى الأرباح التجارية وهذا شرط مهم لجذب مزيد من الشباب للانضمام إليها، وطريق فعال لحل المشكلات الواقعية مثل نقص الحرفيين الشباب والمستوى المنخفض في الإبداع.

بالإضافة إلى المحافظة على استمرار الحرفة التقليدية، صنعت شركة الأواني المزخرفة بطلاء الذهب ببكين في السنوات الأخيرة، سلسلة من أغراض الزينة والأثاث وغيرها من المنتجات المطلية، بأسعار معقولة ووظائف متعددة. كما فتحت الأسواق المحلية والأجنبية من خلال التعاون مع العلامات التجارية الشهيرة دوليا. على سبيل المثال، في عام 2019، تعاونت مع شركة قاييا الصينية المشهورة لملابس السيدات في صنع حقائب اليد النسائية المزخرفة بطلاء الذهب، التي جذبت الأنظار على نطاق واسع في عروض الأزياء خلال فترة أسبوع الموضة في باريس بفرنسا.

ومن أجل تحسين حرفة صنع الأواني المزخرفة بطلاء الذهب، أقامت شركة الأواني المزخرفة بطلاء الذهب ببكين علاقة تعاون مع بعض المعاهد المحلية لقبول الطلاب لدراسة هذه الحرفة ودعوتهم للعمل في الشركة بعد التخرج. علاوة عن ذلك، يلقي بعض الحرفيين المحاضرات في المدارس الابتدائية والثانوية بحي شيجينغشان في بكين ليعلّموا الطلاب المعلومات الأساسية عن هذه الحرفة الممتعة، ويرشدوهم في تجربة سحر التراث الثقافي التقليدي غير المادي من خلال التشغيل العملي.