ثقافة وفن < الرئيسية

ربيع جوقة الأطفال الصم

: مشاركة
2021-07-26 13:34:00 شبكة الصين:Source وو شيويه:Author

جوقة الأطفال الصم ليست مجرد كورال غنائي وإنما عمل يهدف إلى تعزيز التعاون والتربية الروحية وتشكيل القيم لأطفال حرموا من نعمة السمع، وإضاءة نور الحياة لهم.

نافذة جديدة على العالم

يعاني الأطفال الأعضاء في "جوقة الحلزون للأطفال" من إعاقة سمعية خلقية. وبرغم زرع القوقعة الاصطناعية في أذن كل منهم، فإن العالم الذي يسمعونه يختلف عن العالم الذي نسمعه. وإذا كان كثير من الناس يظنون أن إنشاء جوقة موسيقية لأطفال يعانون من إعاقة في السمع أمر مستحيل، فالحقيقة هي أن هناك بالفعل جوقة موسيقية لهذه الفئة من الصغار.

قالت المعلمة لي يونغ تشين، من مركز تأهيل الأطفال الصم، إن الأطفال في مركزها يعانون من إعاقة سمعية بدرجات مختلفة. واعتمادا على التقنيات المتاحة حاليا، لا توجد سماعات يمكن أن تعيد أصوات العالم الحقيقي لهم، والأصوات التي تحاكي الأصوات الحقيقية للقوقعة الاصطناعية فيها ضجيج، فتتأثر الألحان الموسيقية بالإزعاج. وكثير من الأطفال يفتقدون حتى القدرة على الكلام بطلاقة، فيمكننا تخيل مدى صعوبتهم في غناء أغنية كاملة مع الكورال.

في نهاية عام 2018، قابلت السيدة يوان يويه يون، نائبة مدير كلية التعليم الاجتماعي التابعة لمعهد الموسيقى بشانغهاي، هؤلاء الأطفال مصادفة، فعقدت العزم على إنشاء جوقة موسيقية لهم، لغرس جذور الموسيقى في قلوبهم وإدخال البهجة على نفوسهم.

بعد استشارة كثير من الموسيقيين، رؤي أن الكورال (الغناء الجماعي) هو الاختيار الأفضل، لأنه يضم عددا كبيرا من الأطفال معا يمكنهم أن يروا ويسمعوا وينظروا كثيرا من ناحية، ومن ناحية أخرى، يمكن تعزيز روح التعاون الجماعي والمثابرة عند هؤلاء الأطفال؛ والأهم أنه يرفع القدرة على حركة عضلات الفم ويحسن ضبط الصوت والنغمة، وفي النهاية يساهم في شفاء الأطفال. وأضافت السيدة يوان قائلة: "أمنيتنا الأصلية ليست تعليم الغناء ومهاراته، فنحن نتخذ عملية الغناء الجماعي وسيلة للتربية الصحية بدنيا ونفسيا للأطفال."

بعد سلسلة من الاختبارات الصارمة، وقع الاختيار على المعلمتين ون كاي لان وتشن هوي لتكونا معلمتي هؤلاء الأطفال. في بداية عام 2019، بدأت تدريبات الجوقة رسميا، وإن كان تكيف المعلمتين مع الأطفال استغرق فترة طويلة نسبيا.

قالت المعلمة تشن هوي، إن تعليم الطفل الأصم يختلف تماما عن تعليم الطفل الطبيعي، فالطفل الأصم عندما ينطق جملة واحدة يكون كلامه متقطعا، فلا بد أن يتم تعليمه الألحان واحدا بعد الآخر بدقة من خلال بث الموسيقى مرة تلو أخرى مع استخدام إشارات الرفع والخفض لتوجيه النطق.

خلال السنتين الماضيتين، طرأت تغيرات كبيرة على هؤلاء الأطفال. وحسب المعلم لي مين، من مركز التأهيل، فإن بيانات تقييم من طرف ثالث، أوضحت أن الأطفال في الصف النهائي في روضة الأطفال بالمركز بلغ معدل تكيفهم مع المجتمع 05ر67 درجة، وهو أعلى من المعدل للأطفال الصم العاديين البالغ 50 درجة.

وقد اعتبرت السيدة يوان يويه يون أن جرأة هؤلاء الأطفال على فتح أفواههم على خشبة المسرح انتصارا. وبالتالي، سيطور معهد الموسيقى بشانغهاي منظومة تعليم ومجموعة من المواد الدراسية، استفادة من التجارب التعليمية خلال السنتين المنصرمتين والظروف الواقعية لهؤلاء الأطفال.

لغات متعددة تربط الصين بالعالم

في مدرسة فوشان الابتدائية للغات الأجنبية الواقعة في مركز لوجياتسوي المالي في قلب مدينة شانغهاي جوقة موسيقية عمرها خمسة وعشرون عاما. وباعتبارها مدرسة لغات، يجيد الطلاب فيها الغناء بعدة لغات. في عام 2019، قدمت جوقة مدرسة فوشان الابتدائية للغات الأجنبية أغنية "هلم أيها الروح الخلاقة (Veni Creator Spiritus)" باللغة اللاتينية في قاعة موسيكفيرين للحفلات في فيينا، وحظي هذا العرض بترحيب وتقدير من قبل لجنة التقييم.

قالت السيدة تشيان فانغ، مديرة مدرسة فوشان الابتدائية للغات الأجنبية" "إن جوقة فوشان تتمسك بمفهوم تعددية اللغات دائما، فيغني التلاميذ باللهجات المحلية الصينية مثل لهجة شانغهاي ولهجة وو، واللغات الأجنبية مثل اللغة الألمانية واللغة الأسبانية واللغة المجرية. الجوقة تعد جسرا يربط الصين بالعالم، ونسعى إلى نشر الثقة بالنفس في مجال الثقافة الصينية، بينما نجعل تلاميذنا يفهمون تغيرات العالم بشكل عميق."

في عام 2016، قدم تلاميذ مدرسة فوشان الابتدائية أغنية شعبية من مقاطعة يوننان في فيينا، وتمت إعادة توزيع هذه الأغنية باستخدام اللحن والإيقاعات المحلية واللهجة المحلية. خلال بضع عشرة دقيقة على خشبة المسرح، غنى الأطفال بوضوح مشاعر التنافس في سباق قوارب التنين. وبعد انتهاء الغناء، أحاط بهم أعضاء الجوقات الموسيقية يسألونهم عن "سر النجاح".

فانغ ينغ، رئيسة قسم بحوث التعليم الموسيقي في مدرسة فوشان الابتدائية للغات الأجنبية، تتمتع بخصائص تعليمية مميزة بفضل خبرة واحد وعشرين عاما في تدريب الجوقة. قالت إن أهم شيء في الغناء الجماعي هو تناغم وتوحيد الأصوات. يتعلم أعضاء الجوقة وفقا لنموذج تدريب درجي، حيث يقسم الأطفال وفقا لأعمارهم. بالنسبة لتلاميذ الصفين الأول والثاني الابتدائي، لا تحدد الأقسام الصوتية لهم، بل يتمرنون على توحيد الأصوات وضبط الصوت. ويُحدد القسم الصوتي العالي والقسم الصوتي المنخفض بين الأطفال في الصف الثالث، ويتم اختيار بعض الأطفال الممتازين الذين يتمتعون بأصوات ضابطة والمدى الصوتي الواسع ليتعاونوا مع مختلف الأقسام الصوتية عند الحاجة. أضافت: "الغناء الجماعي مفيد لنمو الأطفال، فلا يمكن غرس الثقة بالنفس والآفاق العالمية من خلال سرد بعض القصص فقط. الشعور بحب الحياة والدراسة في عملية تعلم الغناء أمر هام."

جوقة الناشئين، تعلم الآداب قبل تعلم المهارة

تُعتبر جوقة مينهانغ للناشئين أكبر جوقة موسيقية في شانغهاي. السيد ليو تشينغ جيانغ، وهو باحث في معهد التعليم بحي مينهانغ، أسس هذه الجوقة، ويعتقد أن الغناء الجماعي له مغزى هام في تعليم النشء. ويرى أن تعليم الغناء الجماعي هو عملية ترعرع للناشئين يتعلمون فيها كيف يكونون أشخاصا مستقيمين.

وُلد لي تشينغ جيانغ في محافظة صغيرة بمدينة تشوتشو في مقاطعة آنهوي، وهو محب للغناء منذ صغره. كان يستمع إلى حكايات الأطفال وأوبرا بكين كلما عاد إلى البيت بعد انتهاء الدوام المدرسي. وبفضل حبه للموسيقى وصوته الرنان، انضم إلى فرقة الفنون في مدرسته، ولكنه لم يجرؤ على الغناء على خشبة المسرح.

ذات يوم، في الصف الثاني للمدرسة الإعدادية، بدأ يجرؤ على الغناء أمام عدد كبير من المشاهدين. قال ليو تشينغ جيانغ إن الصبية يترعرعون ببطء، غير أن كثيرا من أولياء أمورهم يتعجلون ويتسرعون في تعليم أبنائهم المهارات الفنية غير مدركين أن الأطفال لا يتعلمون المهارات، بل يتعلمون المعارف، قبل سن المراهقة. إن الحماسة هي ما يدفع الانسان للعمل، والمهارة الفنية لا تكفي وحدها لمواصلة العمل.

من زاوية الموسيقى والجمال، تعد الجوقة أفضل طريق للتدريب الجماعي في الوقت الراهن. وقد نشأت الجوقات الموسيقية في أوروبا من الكنيسة، وحافظت على ازدهارها منذ أكثر من ألف سنة، وتحافظ بعض الجوقات القديمة على تقاليد كورال الأطفال حتى اليوم، ويرتفع مستواها بشكل مطرد. يرجع السبب إلى أن الجوقة الموسيقية في قلوب الأوروبيين نشاط جماعي، مثلما ذكر في شعار المسابقة الإيطالية للغناء الجماعي: المشاركة هي أسمى شيء.

في مارس عام 2012، بدأ ليو تشينغ جيانغ تعليم الأطفال الغناء الجماعي، وأسس جوقة مينهانغ للأطفال في سبتمبر عام 2016. خلال السنوات الخمس المنصرمة، ظل العشرة معلمين للجوقة يعملون حتى اليوم، ويبلغ عدد أعضاء الجوقة 111 طفلا، جاءوا من مختلف المدارس الابتدائية في حي مينهانغ.

قال ليو تشينغ جيانغ إن الغناء الجماعي مثل الرياضة البدنية، يحتاج إلى المثابرة على التدريب اليومي للمحافظة على الحالة الأفضل. وينبغي رفع الخبرات الأدبية قبل سن المراهقة، والشروط المسبقة لتعلم الغناء الجماعي هي الخبرات الأدبية والتهذيب البيتي، لأن الشخص لا يمكن أن يحقق منجزات كبيرة بدون الخبرات الأدبية والتهذيب البيتي الطيب. وهذا ما يُسمى بـ"تعلم الآداب قبل تعلم المهارة".

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4