ثقافة وفن < الرئيسية

الرسم على قشر البيض

: مشاركة
2021-03-04 10:31:00 الصين اليوم:Source دنغ دي:Author

بالنسبة لمعظم الناس، قشر البيض هو شيء يرمى في سلة المهملات. لكن بالنسبة للسيدة تشاو وي، وريثة التراث الثقافي غير المادي للرسم على قشر البيض، فإنه يمثل القماش الذي تبدع عليه رسومات بالغة الروعة. على مر السنين، باستخدام الأفكار المبتكرة والتقنيات الماهرة، أعادت تشاو إحياء الفن القديم للرسم على قشر البيض وطورت أساليب عديدة لهذا الفن.

الرسم على قشر البيض الذي يسمى بالصينية "تسايدان"، أي قشر البيض الملون، حرفة يدوية شعبية تقليدية في بكين. يستخدم الفنانون الفرش أو الأقلام أو السكاكين أو الإبر لرسم أو نحت أو خياطة جميع أنواع الأنماط على السطح الخارجي لقشر البيض الفارغ، ويشمل ذلك بيض الدجاج والبط والإوز والأفاعي والحمام والنعام.

الملمس الرقيق والدقيق لقشر البيض مع صعوبة الحرفة، يمنح المنتج النهائي جمالا رقيقا فريدا. بعد أن كرّست نفسها لهذا الفن لسنوات طويلة، أصبحت تشاو ماهرة للغاية فيه. الآن، وقد تجاوز عمرها خمسة وستين عاما، لا تزال تسعى جاهدة لحماية هذا الفن الرقيق والترويج له من خلال إعطاء التعليمات العملية للمتدربين معها.

تاريخ الرسم على قشر البيض

الرسم على قشر البيض له تاريخ طويل. وفقا للسيدة تشاو، يعود فن صنع البيض الملون، أو الرسم على قشر البيض، إلى فترة الممالك المتحاربة (475- 221 ق.م)، عندما كان الحرفيون القدامى يرسمون على البيض المسلوق ويستخدمونه كزينة للمكاتب. وقد شهد هذا الفن تطورا في فترة أسرة تانغ (618- 907)، حيث ورد ذكره في سجلات مقابر تانغ؛ ثم ازدهر لاحقا في فترة أسرة تشينغ (1644- 1911)، عندما تم تسجيله كمهنة من اثنتين وسبعين مهنة، وكان يطلق على الحرفي الذين يتقن هذا الفن "رسام البيض". في السبعينيات من القرن الماضي، كان قشر البيض المرسوم عليه لا يزال يحتل مكانة هامة، باعتباره من المنتجات الفنية للتصدير.

أصل الرسم على قشر البيض لا ينفصل عن العادات الشعبية. في نظر الصينيين القدامى، كان البيض رمزا للحظ السعيد والقوة السحرية. في العمل الكلاسيكي الصيني القديم ((أغاني تشو))، يُعتقد أن أبا البشر ولد من بيضة. بدأ هذا التفكير البدائي في استخدام البيض كرمز للتكاثر. من خلال رسم أنماط ميمونة على البيض، يمجد الفنانون الفضائل أو يعبرون عن رغباتهم.

ممارسة تشاو وي فن الرسم على قشرة البيض ترتبط ارتباطا وثيقا بتأثير أسرتها، إذ كان والدها من البارعين في هذا الفن. أبدت السيدة تشاو اهتماما قويا بالأشكال الفنية منذ نعومة أظفارها، وكانت على دراية واطلاع بها. كان والدها المتعدد المواهب والمفعم بالأفكار، رائدا في تطوير وابتكار تقنيات الرسم على قشر البيض. في طفولتها، كانت تشاو وي ترى والدها يصنع سلال زهور جميلة من خيوط بلاستيكية ويصنع جميع أنواع العقد الصينية المتشابكة. أثار حب والدها للحياة وشغفه الكبير بالحرف اليدوية اهتمامها بالفن.

بعد أن تعلمت الرسم على قشر البيض من والدها، في أواخر ستينات القرن العشرين، استجابت للدعوة الوطنية للشباب المتعلم للذهاب إلى الريف، فذهبت من مسقط رأسها في تيانجين إلى منطقة جبال شينغآن الصغرى في مقاطعة هيلونغجيانغ النائية. حظي البيض المرسوم الملون الذي رسمته لأصدقائها المحليين بإشادة كبيرة، وهناك التقت بشاب قادم من بكين، أصبح فيما بعد زوجها.

على مر السنين، لم تتخل تشاو وي أبدا عن شغفها بالرسم على قشر البيض في أوقات فراغها. بفضل جهودها، تم إدراج هذه الحرفة في قائمة التراث الثقافي غير المادي لحي شيتشنغ في بكين في عام 2009.

توارث وابتكار

الرسم على قشر البيض حرفة صعبة، تتطلب دقة وعناية قبل وأثناء الطلاء وحتى بعده. لا يتجاوز سمك قشر البيض سمك ورقتي طباعة. يتشكل قشر البيض الرقيق من عدة طبقات- الطبقة الخارجية الحمراء، والطبقة الوسطى وهي عبارة عن مسحوق أبيض، والطبقة الداخلية وهي عبارة عن رقاقة دقيقة. يمكن أن ينكسر قشر البيض بسهولة أثناء عملية الطلاء.

الخطوة الأولى في الرسم على قشر البيض هي اختيار بيضة بالحجم المطلوب. يفضل الفنان استخدام البيضة البيضاء اللون للرسم. بعد ذلك، يقوم الفنان بإدخال إبرة حقنة بداخلها، وتصريف المحتويات من خلال ثقب الحقنة، ثم تنظيف قشر البيض، ويتم صقل القشرة لتسهيل عملية الطلاء. أثناء الرسم، تعتبر خبرة الحرفي أمرا حيويا في تحديد كيفية ومكان تحريك الأقلام والإبر والسكاكين من أجل اتباع الملمس الطبيعي وخطوط قشر البيض. أحيانا يختلف المنتج النهائي عن التصميم الأصلي.

بناء على التقنيات التقليدية، طورت تشاو وي طريقة جديدة للإبداع الفني، وهي إنشاء رسمين أو نقشتين أو تطريزين بقشرة بيضة واحدة.

كان الفنانون من جيل والدها يرسمون على قشر البيض بالكامل، لكن تشاو كانت الرائدة في تقنية تقسيم قشر البيض إلى نصفين ورسم كل منهما بشكل مختلف. هذا النمط مستوحى من الثقافة الصينية التقليدية. في الأسطورة الصينية، يُقال إن بان قو، وهو كائن سماوي، خلق العالم من خلال فصل الكون إلى السماء والأرض.

لقد قسمت تشاو وي البيض إلى نصفين متساويين، ليمثل أحدهما تحسين الإنسان المستمر لذاته، والآخر يمثل التزامه الأخلاقي. إلى جانب ذلك، فإن وضع العملين الفنيين المصنوعين من نفس قشر البيض معا يتوافق أيضا مع العقلية الصينية القائلة بأن الأشياء الجيدة تأتي بشكل مزدوج.

ولكن تقطيع قشرة بيضة كاملة بالتساوي إلى نصفين عملية ليست عملية سهلة. لم تكتسب تشاو وي القدرة على ذلك إلا بعد أيام وليال لا حصر لها في تجارب متكررة و"إهدار" عدد لا يحصى من قشر البيض.

أعمال تشاو وي غنية بالموضوعات. لقد أبدعت العديد من الأعمال المسلسلة، ومنها 108 شخصيات من العمل الأدبي الكلاسيكي الصيني ((أبطال على شاطئ البحيرة))، و48 قطعة من حكايات بكين الشعبية القديمة والحيوانات الاثنا عشر للأبراج الصينية.

تم رسم كل سلسلة من الأعمال على نفس مجموعة البيض، وتستغرق وقتا طويلا لإنهائها بالشكل المطلوب. على سبيل المثال، استغرق رسم شخصيات ((أبطال على شاطئ البحيرة))، سنة ونصف. كل عمل في السلسلة له مواصفاته الخاصة، ولكنه أيضا جزء لا يتجزأ من السلسلة بأكملها. الشخصيات النابضة بالحياة في العمل الفني تسهم في إحياء الثقافة التقليدية.

إخلاص وشغف

يتطلب فن الرسم على قشر البيض من الفنان الجلوس أمام منضدة العمل بعقل هادئ وذهن صاف وتركيز عال وحبس أنفاسه مع كل ضربة على القشر.

وفقا للسيدة تشاو، فإن الرسم على قشر البيض يشبه ممارسة تمارين تشيقونغ (التنفس العميق)، التي تستند على العقل والجسد والروح وتعمل على تحسين الصحة العقلية والبدنية من خلال دمج وضعية الجسد والحركة وتقنية التنفس والتركيز الذهني. في الرسم على قشر البيض، يحتاج المرء إلى رفع طاقته وتهدئة ذهنه. هذه العملية تشبه عنصري يِن ويانغ في الثقافة الصينية، حيث تمسك يد واحدة بعناية قشر البيض وتتحرك الأخرى ببراعة للرسم عليه. إلى جانب ذلك، قشر البيض هش للغاية، لذلك يحتاج الفنانون إلى درجة كبيرة من الصبر لتجنب تكسير قشر البيض. عندما ترسم تشاو على قشر البيض الهش، تطلب من نفسها الهدوء والتريث والرسم ببطء، خطوة بخطوة، تماما مثل ممارسة ملاكمة تايجي (ملاكمة الظل) التي تتميز بتغلب النعومة على الصلابة، حتى تنجز العمل في النهاية.

السيدة تشاو لديها ارتباط عميق بقشر البيض المرسوم؛ فهي تحب قشر البيض والرسم عليه بقدر ما تحب أطفالها. في كثير من الأحيان كانت تخبر طلابها بعدم قول"سيدتي، قشر البيض مكسور". حتى لو انكسر القشر، فإنها لا تريد سماع ذلك، لأن قلبها يتحطم مع صوت تكسير قشر البيض. علاوة على ذلك، كلما باعت منتجاتها من قشر البيض المرسوم أو أعطته هدية لأصدقائها، كانت تتردد في ترك أعمالها بعيدة عنها.

إن تفاني تشاو في الرسم على قشر البيض مؤثر للغاية. عندما كانت تشاو ترسم شخصيات ((أبطال على شاطئ البحيرة))، لم تكن تستطيع الانتظار طوال الليل حتى تستيقظ وتذهب إلى طاولة العمل لترى كيف تبدو أعمالها من اليوم السابق، وكانت تسرع إلى إلقاء نظرة إلى نتاج عملها حتى قبل تمشيط شعرها وغسل وجهها.

في السنوات الأخيرة، نظمت الحكومة العديد من الأنشطة للترويج للتراث الثقافي غير المادي، وتم عرض مهارات تشاو وي في الرسم على قشر البيض للفتيان والأطفال. أولئك الذين يأتون إليها بقلب صادق يتم الترحيب بهم كطلاب، بغض النظر عن أعمارهم. هي تعتقد أن الفضول حول هذا الشكل الفني هو الأكثر أهمية.

قالت تشاو وي: "بعض طلابي الشباب، يتعلمون الأشياء بسرعة كبيرة. لدي العديد من الطلاب الصغار الذين يمكنهم الرسم جيدا. وقد شارك اثنان منهم في مسابقة وطنية لفنون الأطفال قبل أربع سنوات وفاز أحدهم بالميدالية الذهبية والآخر بالميدالية الفضية."

لدى تشاو وي تفكيرها الفريد والمميز حول كيفية جذب الشباب للاهتمام بهذا الشكل الفني التقليدي. في رأيها، المفتاح هو التواصل معهم حسب تفكيرهم وأسلوبهم. لا تزال تتذكر أنه في أحد فصولها سألها طفل عما إذا كان بإمكانها رسم إينوياشا على قشر البيض. قالت: "لم أكن أعرف ما هي إينوياشا في البداية، ولكن قيل لي لاحقا إنها شخصية كرتونية يابانية. ثم رسمتها على قشر البيض، ورسمت أيضا أنماطا على ملابس الأطفال لحضور اجتماع رياضي بالمدرسة. وكان الأطفال سعداء جدا."

بعد تفشي كوفيد- 19، ابتكرت تشاو العديد من أعمال قشر البيض المرسوم لتكريم العاملين في المجال الطبي، وكذلك الأشخاص العاديين الذين لعبوا دورا بارزا في مكافحة الوباء. حبها العميق وشغفها الكبير يجعلان أعمالها الفنية انعكاسا لحياة الناس اليومية، وبالتالي فهي تلقى صدى لدى العديد من الشباب.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4