ثقافة وفن < الرئيسية

مهارة صناعة سجاد القصر الإمبراطوري

: مشاركة
2021-02-04 15:26:00 الصين اليوم:Source هو يويه:Author

خلال زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بريطانيا في يناير 2018، تعهد بإعارة منسوجة بايو، وهي بساط حائط وتعتبر كنزا وطنيا لفرنسا، إلى بريطانيا، واصفا هذه الخطوة بـ"دبلوماسية بساط الحائط". منسوجة بايو، مثل التحفة الفنية الصينية الثمينة المعروفة بلوحة "مشاهد ضفة النهر في عيد تشينمينغ"، يرجع تاريخها إلى القرن الحادي عشر، وأدرجتها اليونسكو في قائمة ذاكرة العالم في عام 2007.

في أوروبا القديمة، كان السجاد رمزا لأسلوب الحياة الأرستقراطية. باعتبارها واحدة من أوائل الدول في صنع السجاد في العالم، تتمتع الصين أيضا بتاريخ حافل بأكثر من ألفي عام في صناعة السجاد. في فترة أسرة يوان (1271- 1368) وأسرة مينغ (1368- 1644) وأسرة تشينغ (1644- 1911)، تم إنشاء وكالات لصنع الأثاث للقصر الإمبراطوري، وازدهرت مهارات نسج وصناعة سجاد القصر الإمبراطوري. في وقت لاحق مع مرور الوقت، انتشرت مهارة نسج السجاد تدريجيا بين عامة الناس.

التاريخ

دخلت مهارات نسج السجاد لأول مرة إلى الصين عبر المناطق الغربية (مصطلح أسرة هان للمنطقة الواقعة غرب يويمنقوان، بما في ذلك ما يعرف حاليا بمنطقة شينجيانغ، وأجزاء من آسيا الوسطى) في فترة أسرة هان الغربية (206 ق. م.- 24 م)، وفي فترة أسرة تانغ (618- 907)، تم اتقان وازدهار عملية نسج السجاد في السهول الوسطى في الصين. شهدت أسرة يوان تطورا قويا في صناعة نسج السجاد حيث كان السجاد مفضلا من قبل الأباطرة وكبار الشخصيات. ولتوطين مهارة هذه الصناعة، تم إنشاء وكالة نسج للقصر الإمبراطوري في معبد تشينغتا في بكين في فترة أسرة يوان، وهي متخصصة في صناعة سجاد القصر الإمبراطوري. وفي فترة أسرتي مينغ وتشينغ، نشأت على التوالي وكالات تصنيع السجاد وبلغ تصنيع سجاد القصر الإمبراطوري ذروته في عهد الإمبراطور تشيان لونغ (1736- 1795) في أسرة تشينغ. خلال هذه الفترة أيضا، انتشر فن هذه الصناعة تدريجيا بين عامة الناس، وكان كبار الشخصيات يطلبون السجاد المصمم خصيصا كرمز للمكانة في المجتمع.

مع مرور الوقت، تحولت الأنماط المستخدمة في صنع سجاد القصر الإمبراطوري في بكين إلى أسلوب فني فريد يجمع بين الأنماط والألوان للقوميات المختلفة. يمكن القول بأن السجاد المصنوع يدويا في بكين يجسد تماما خصائص الثقافة الصينية التقليدية وفن البلاط، فقد أطلق عليه اسم "السجاد بطراز بكين"، وتم توسيعه لينتشر بين عامة الشعب، بحيث يتمتع هذا النوع من السجاد بالعناصر الإمبراطورية والفولكلورية.

بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، تم تطوير نسج سجاد القصر الإمبراطوري والمحافظة عليه، باعتباره أحد صناعات التصدير الصينية. فتم إنشاء عدد من مصانع السجاد في جميع أنحاء الصين، مما جذب العديد من الشباب للانضمام وتعلم هذه الحرفة. درست هو جيان جيوان، البالغة من العمر حاليا ستة وخمسين عاما، الرسم الصيني التقليدي منذ أن كانت طفلة. بعد تخرجها في المدرسة الإعدادية، انضمت إلى مصنع تيانجين رقم 6 للسجاد، وبدأت في رسم أنماط وزخارف السجاد. لا تزال هذه السيدة تحتفظ بالكثير من مسودات التصميم منذ سنوات عديدة مضت، بما في ذلك بعض رسومات تصميم ثمينة لسجاد القصر الإمبراطوري. قالت السيدة هو: "سجادة القصر يحمل دلالات ثقافية عميقة. مع مرور الوقت، أدركت سحر هذا الفن الرائع حقا."

ولكن، ربما كان بعض الناس من جيلها يفكرون فقط في العثور على وظيفة جيدة دون أن يدركوا أن وراء وظيفتهم مسؤولية مخفية للتوارث الثقافي.

الوضع الحرج لهذه الصناعة

بدأت وانغ قوه ينغ، البالغة من العمر اثنتين وخمسين سنة، العمل في مصنع السجاد رقم 5 في بكين بعد تخرجها في مدرسة مهنية في عام 1986. ولأنها مفتونة بمهارات نسج سجاد القصر الإمبراطوري، انضمت إلى ورشة العمل التجريبية الجديدة للمصنع، كمتخصصة في بحث وتطوير منتجات جديدة. تشعر السيدة وانغ بسعادة لإنجازاتها التي حققتها في موقع عملها، فثابرت عليه حتى تصبح من "الجيل الخامس لوارثي حرفة نسج سجاد القصر الإمبراطوري".

تنقسم عملية نسج السجاد بشكل أساسي إلى ثلاث خطوات رئيسية: الأولى هي عملية التحضير، يحتاج الحرفي إلى تصميم نمط، وغزل ونسج وصبغ الخيوط، وتجهيز المواد الخام اللازمة. أما الخطوة الثانية فهي عملية النسج وتنسيق الألوان. وتتمثل الخطوة الأخيرة في تسطيح وتقليم وتقطيع المنتج الشبه النهائي، حتى يكتمل العمل بعد عملية الزخرفة.

النسج هو الخطوة الأكثر استهلاكا للوقت في العملية برمتها؛ حيث يتطلب صبرا كبيرا، فقد يستغرق إنجاز قطعة واحدة من ستة أشهر إلى اثني عشر شهرا. في أيدي الحرفيين البارعين، تتشابك خيوط السداة واللحمة والعقدة في نسيج ملون. هناك عقدة خاصة متقاطعة، وهي جزء أساسي من سجاد القصر الإمبراطوري، والتي تشكل الهيكل الأساسي للسجادة المنسوجة.

لقد استغرق الأمر من السيدة وانغ أكثر من ثلاثة عقود لتصبح خبيرة في نسج سجاد القصر الإمبراطوري، وكانت رحلة العمل والإتقان بعيدة كل البعد عن السلاسة. خلال مسيرتها المهنية، شهدت ذروة صناعة الحرف اليدوية التقليدية، وعايشت تراجعها، والآن تشهد انتعاشها من جديد.

في الثمانينات من القرن الماضي، كانت صناعة نسج سجاد القصر في ذروتها. كان لدى شركة سجاد بكين أحد عشر مصنعا يعمل بها خمسة آلاف موظف. كان المصنع الذي تعمل فيه السيدة وانغ هو الأصغر، ويضم عدة مئات من العمال. لكنه ينتج كميات كبيرة من السجاد والمفروشات للتصدير كل عام.

في التسعينات، مع ازدهار اقتصاد السوق في الصين، خضعت تقنيات الإنتاج لتحول كبير، وانتشر السجاد المصنوع آليا، ونتيجة لذلك، أصبح السجاد اليدوي فجأة منتجا عفا عليه الزمن. خرجت مصانع السجاد القديمة عن العمل واحدا تلو الآخر، ولم يعد الشباب يرغبون في الانضمام إلى هذه الصناعة تحت ضغط السوق الثقيل.

شهد المصنع رقم 5 الذي تعمل فيه وانغ انخفاضا في طلبات الإنتاج وأحجام المبيعات، واستنزافا للعقول والأفكار تماما. كما تقلص عدد العمال في ورشة الإنتاج التجريبي من حوالي عشرين في ذروة ازدهارها إلى اثنين فقط. أصبحت السيدة وانغ يائسة للغاية بشأن مستقبل عملها المحبوب.

نقطة التحول

ظهرت نقطة التحول لصناعة السجاد في بداية هذا القرن، عندما بدأ المزيد والمزيد من الناس يدركون أهمية الحرف اليدوية التقليدية في توارث الثقافة الصينية. برعاية الحكومة، بدأت السيدة وانغ وزملاؤها في البحث عن المهارات المفقودة في نسج السجاد الذهبي.

السجاد الذهبي هو أرقى أنواع سجاد القصر الإمبراطوري، وهو سجاد يصنع من خيوط ذهبية بشكل رئيسي، مما يجعله رائعا بشكل مميز. تحدثت وانغ قوه ينغ عن الصعوبات التي واجهتها هي وزملاؤها في عام 2003 عندما تعاونوا للبحث عن عينات من السجاد الذهبي، وقالت: "لقد سمعنا عنها فقط ولكن لم يرها أحد من قبل." وأضافت: "ثم سمعنا أن هناك بساطا ذهبيا في متحف القصر، لذلك ذهبنا إلى هناك ورأينا قطعة حقيقية في النهاية! ومع ذلك، لم نتمكن من النظر إليها إلا من خلف الزجاج، وفشل إنتاجنا التجريبي الأول."

 قامت هي وزملاؤها بزيارة متحف القصر مرة أخرى، غير متأكدين مما إذا كان سيتم السماح لهم بدراسة بنية البساط الذهبي باستخدام المجهر أم لا. لحسن الحظ، حصلوا على الإذن. بعد عامين من التجارب المتكررة، نجحوا أخيرا في عام 2005 في صنع سجادة ذهبية تشبه إلى حد بعيد القطعة الموجودة في متحف القصر الإمبراطوري.

في عام 2008، تم إدراج تقنية نسج سجاد القصر الإمبراطوري من إنتاج بكين كمشروع وطني لحماية التراث الثقافي غير المادي، وأصبحت السيدة وانغ وريثة معترفا بها بنسج سجاد القصر الإمبراطوري على مستوى بلدية بكين.

في نفس الوقت، تم دمج مصنع السجاد رقم 5 مع شركة بكين هوافانغ للتنمية الثقافية، فأصبح المصنع شركة بكين هوافانغ لفنون السجاد. اعتبارا من عام 2015، بدأوا في توظيف العمال، وفي غضون عامين، قاموا ببناء نظام إعداد وارثي فنون سجاد القصر الإمبراطوري المتخصصين في السجاد الذهبي. تم تكييف منتجاتهم لتلبية احتياجات السوق. في نظر السيدة وانغ، هذه هي خطوة النهوض والعودة من حافة فقدان فن هذه الصناعة.

قالت السيدة وانغ: "هذه الحرفة مخيفة للعديد من الحرفيين لأن العملية طويلة ومملة ومعقدة. وكثيرا ما يستغرق إنجاز عمل واحد أكثر من نصف عام.". أضافت أنه بالنسبة لأي شخص يريد دخول عالم هذه الحرفة، يجب عليه أولا أن يحب هذه الحرفة، ويتمتع بالعقلية الهادئة. وقالت ايضا: "الحرفيون المهرة يكرسون أنفسهم تماما للقيام بصنع عمل مثالي واحد."

في الوقت الحاضر، تم قبول سبعة طلاب من شركة بكين هوافانغ لفنون السجاد في معهد بكين لتكنولوجيا الأزياء لتلقي تعليم منهجي. قالت وانغ: "لدى الشباب اليوم أفكارهم الخاصة، وهم محظوظون لأنهم يترعرعون في وقت تحظى فيه الحرف اليدوية التقليدية بتقدير كبير. تعزز الدولة روح الحرفية، ونحن، الحرفيين، عازمون على أن نصبح جيلا جديدا من الحرفيين." وأضافت مازحة أنها لا تزال صغيرة مقارنة بالعديد من الحرفيين والورارثين الرئيسيين. إنها في بداية الخمسينات من عمرها ومليئة بالأفكار والثقة بمستقبل نسج سجاد القصر الإمبراطوري.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4