ثقافة وفن < الرئيسية

فن النحت بالنار

: مشاركة
2021-01-06 12:38:00 الصين اليوم:Source دنغ دي:Author

"الأواني الزجاجية الملونة نقية مثل الثلج، فهي صافية تماما بحيث لا تتأثر أبدا بالغبار." جاء هذا الوصف لجمال منتجات الأواني الزجاجية في قصيدة للشاعر يوان تشن (779- 831) بعنوان "قصيدة الأواني الزجاجية". منتجات الأواني الزجاجية هي منتجات يدوية صينية تقليدية حافظت على سمعة طيبة لعدة أجيال. هذه المنتجات استخدمت كزينة منذ يوم ابتكارها. اليوم، في متحف القصر في بكين، لا يزال من الممكن رؤية الزهور الزجاجية المؤصصة، من إنتاج فترة أسرة تشينغ (1644- 1911).

من فترة أسرة تشينغ إلى جمهورية الصين (1912- 1949)، كانت الحرف اليدوية الأكثر شيوعا في الأواني الزجاجية عبارة عن الزهور الزجاجية المؤصصة وزجاجات السعوط وأنواع مختلفة من الزخارف الصغيرة. بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، ظهرت الأزرار وباقات الزهور وأغطية الزهور وحاملات السجائر أو مياسم السجائر، وغيرها من منتجات الأواني الزجاجية العملية.

من بين جميع الحرف اليدوية في الأواني الزجاجية على الصعيد الوطني، تبرز الأواني الزجاجية في بكين، بألوانها الرائعة، وتصاميمها الأصلية، ونقائها، ويفضلها عشاق الحرف اليدوية من الداخل والخارج.

بعد أكثر من ستمائة عام من التطوير، حتى يومنا هذا، انتقلت صناعة الأواني الزجاجية في بكين إلى الجيل السابع. في عام 2008، تمت إضافة الأواني الزجاجية في بكين إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي على المستوى الوطني.

ليو يوي، وريث الجيل السابع لحرفة الأواني الزجاجية في بكين، تعلم هذه الحرفة من والدته، شينغ لان شيانغ، وهو محترف صناعة الأواني الزجاجية الوحيد على قيد الحياة اليوم. لأكثر من عشر سنوات، عمل ليو يوي في الأستوديو الخاص به في متحف بايقونغفانغ للحرف اليدوية في حي دونغتشنغ، ببكين، وكرس نفسه لمسيرته المهنية المحببة، وهو يكسب رزقه عن طريق صنع ألف قطعة جميلة ينتجها كل عام، كما يكسب علاوة خاصة مقدمة من الحكومة باعتباره حاميا لهذه الحرفة العريقة.

تاريخ طويل

يمكن إرجاع تاريخ الأواني الزجاجية في بكين إلى أوائل فترة أسرة مينغ (1368- 1644). يقال إنه عندما كان الناس يصهرون البرونز والإكسير، وجدوا أن بعض المخلفات يمكن أن تشكل طبقة ذات ألوان جميلة. لذلك، بدأوا في استخدام هذه المواد في صناعة الحرف اليدوية، والتي أصبحت مع مرور الوقت الأشكال الأولى للأواني الزجاجية. خلال فترة أسرة مينغ وفترة أسرة تشينغ، كانت الحرف اليدوية من الأواني الزجاجية تُستخدم بشكل أساسي كزينة للأباطرة والنبلاء. إلى جانب ذلك، في عهد أسرة تشينغ، تم تصنيعها واستخدامها أيضا في خرز قبعات المسؤولين، بألوان مختلفة وفقا للألقاب المختلفة. في عهد الإمبراطور كانغ شي (1661- 1722) في فترة أسرة تشينغ، أمر الإمبراطور وزارة الهندسة والصناعات بإنشاء ورشة إمبراطورية داخل مصنع الأواني الزجاجية في بكين آنذاك لصنع منتجات الأواني الزجاجية خصيصا للعائلة الإمبراطورية، وبالتالي اكتسبت الأواني الزجاجية اسمين هما "اللوازم الإمبراطورية" و "الأواني الزجاجية الإمبراطورية".

بعد انهيار أسرة تشينغ، انتقلت صناعة الأواني الزجاجية من صنع الزينة للقصر الإمبراطوري حصريا إلى منازل عامة الشعب في المجتمع. وقد اشتهرت أربع عائلات كبيرة بصناعاتها الزجاجية ذات أنماط بكين المميزة. كانت هناك آلاف الأنواع من المشغولات اليدوية المصنوعة من الأواني الزجاجية في بكين، بدءا من الحلي اليومية مثل المجوهرات إلى مشغولات الزينة اليدوية في أشكال مثل الطيور والحيوانات والزهور والفواكه وشخصيات بشرية. من بينها المصنوعات اليدوية الزجاجية المقلدة لليشم التي بالكاد يمكن تمييزها عن اليشم الأصلي.

بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، استثمرت الحكومة المركزية بشكل كبير في أواني بكين الزجاجية. تم جمع صانعي الأواني الزجاجية القدامى وإنشاء مصنع للأواني الزجاجية في بكين لصنع المشغولات الزجاجية المزخرفة. أصبحت تلك الإبداعات اليدوية منتجات تصدير رائدة في ذلك الوقت.

أستوديو ليو يوي في متحف بايقونغفانغ للحرف اليدوية هو الموقع الأصلي لمصنع الأواني الزجاجية في بكين. شينغ لان شيانغ، والدة ليو يوي، كانت أصغر الحرفيين في القسم الفني بالمصنع عندما كان المصنع يعمل. أشار ليو يوي إلى أنه عندما بدأت والدته العمل هناك، كانت سيارات الشحن تصطف خارج المصنع لشراء منتجات الزجاج اليدوية. في ذلك الوقت، حقق المصنع الكثير من الأموال للبلاد، لدرجة أن الحكومة المركزية أولت أهمية كبيرة له. وقد زار رئيس مجلس الدولة آنذاك شو أن لاي المصنع عدة مرات وطلب من العمال هناك صنع منتجات رائعة يمكن استخدامها لإظهار الحرف الزجاجية الصينية للعالم.

ومع ذلك، نظرا لأسباب مختلفة بما في ذلك نقص المواد الخام والإصلاح الداخلي للمصنع، فضلا عن التغييرات في أذواق المستهلكين، انخفض الاهتمام بأواني بكين الزجاجية تدريجيا، مثلما حدث لدى الكثير من التراث الثقافي غير المادي. فقط عدد قليل من الحرفيين اليوم يتقنون هذه الحرفة.

صنعة رائعة

تصنع أواني بكين الزجاجية بنحت الزجاج في النار. يتم الانتهاء من المنتج دفعة واحدة، وبالتالي فإن مهارات الحرفي هي كل ما تحتاجه هذه الحرفة؛ وهذا يجعل من الضروري للحرفي أن يكون مستعدا تماما مسبقا. صورة المنتج المراد تصنيعه ودرجة حرارة النار، وكل شيء في العملية برمتها يعتمد بشدة على مهارة الحرفي.

المادة الرئيسية هي قضبان الأواني الزجاجية أو الطلاء الرصاصي المصنوع بالحرارة المنخفضة. للحصول عليه، يقوم العمال أولا بكسر الصخور المأخوذة من الجبال إلى قطع، ثم حرق السيليكات في الصخور المكسرة لتذويبها وإزالة الشوائب، ثم إضافة معادن مؤكسدة مختلفة لتشكيل مجموعة متنوعة من الألوان.

لا توجد قوالب مستخدمة طوال عملية تصنيع منتجات الأواني الزجاجية. يستخدم الحرفي مقصا وملاقط لنحت أو فتل مادة الآنية الزجاجية التي يتم تذويبها في النار حسب ما يريد الحرفي. في غمضة عين، يتم إبداع منتج يدوي جميل. في هذه العملية، يعد الضغط والتمديد والطباعة والتنقيط والسحب من التقنيات الرئيسية المستخدمة.

من وجهة نظر ليو يوي، هذه الخطوات التي تبدو سهلة تستهلك الكثير من الطاقة. يتطلب تصميم صورة جيدة أن يتمتع الحرفي بتجربة غنية وخلفية ثقافية جيدة. في الإنتاج الرسمي، عندما تشتعل النار وتذوب المادة الزجاجية، يجب تشكيل الأواني الزجاجية في غضون أربعين دقيقة، وإلا تصبح المادة غير صالحة للاستعمال. وراء هذه الخطوات البسيطة، هناك ممارسات دقيقة للحرفي على مدى عقود.

توريث الإرث الحضاري

بالنسبة إلى ليو يوي، بصفته وريث أواني بكين الزجاجية، أهم شيء هو نقل الحرف اليدوية الأصلية من الأجيال السابقة إلى الأجيال القادمة. كونه الممارس الوحيد المتفرغ لهذه الحرفة اليوم، هذا الوضع يجعله يشعر باستمرار بالقلق بشأن المهمة التي يقوم بها والمسؤولية الملقاة على عاتقه.

قال ليو: "في الوقت الحاضر، ورثة أواني بكين الزجاجية ثلاثة: أمي وأنا وأخي الأصغر. ومع ذلك، فإن والدتي في السبعينات من عمرها وقد تقاعدت عن العمل، وأخي يعمل في مجال آخر وبالكاد يصنع منتجات الأواني الزجاجية. لذلك من الناحية الفنية، أنا الوحيد المتخصص في هذه الحرفة."

قال ليو يوي إنه على الرغم من تراجع حرفة أواني بكين الزجاجية، لا يزال الأستوديو الخاص به يتلقى العديد من الطلبات لمنتجات ذات طبيعة خاصة كل عام. لذلك، بالمقارنة مع العديد من المنتجات الثقافية غير المادية الأخرى التي بالكاد تجد مشترين وتحقق أرباحا، تحقق أواني بكين الزجاجية نجاحا كبيرا وتلاقي إقبالا كبيرا من المواطنين.

على الرغم من كل هذا، يشعر ليو يوي بالقلق والتشاؤم بشأن مستقبل أواني بكين الزجاجية. النقص في عدد ورثة هذه المهنة همه الأكبر. إلى جانب ذلك، لم يعد هناك إنتاج لمواد لأواني الزجاجية، وخاصة منها ما تتمتع بالألوان الخاصة. تقيد هذه العوامل بشكل كبير التطور والقدرة على نقل الميراث الثقافي لأواني بكين الزجاجية إلى الأجيال القادمة.

بالإضافة إلى ذلك، نظرا لصعوبة الحرفة، والوقت الطويل المطلوب لإتقانها، والدخل غير المستقر، يكون عدد الشباب الذين يختارون هذه المهنة قليل للغاية. هذه الحرفة الشعبية التقليدية بحاجة ماسة إلى الحماية والتنشيط من قبل الحكومة والأشخاص الذين يحبونها.

يبيع ليو يوي كل عام أعماله المصنوعة في الأسواق المعبدية. في السنوات الأخيرة، أولت الأسواق المعبدية أهمية كبيرة لترويج العادات الشعبية والتراث الثقافي غير المادي، مما يجعلها مصدر دخل رئيسيا للحرفيين أمثاله.

من وجهة نظر ليو يوي، حققت حماية الحكومة للتراث الثقافي غير المادي تقدما كبيرا، حيث وفرت لأواني بكين الزجاجية العديد من فرص التسويق.

من أجل نقل مهارة الأواني الزجاجية في بكين بشكل أفضل إلى الجيل القادم، قام ليو يوي بتعليم العديد من المتدربين بمن فيهم ابنته. في الوقت نفسه، يدعو أيضا مستخدمي الإنترنت المهتمين بالحرف اليدوية التقليدية لزيارة الأستوديو الخاص به، ويمنحهم فرصة صنع إكسسوارات بسيطة بأيديهم.

وراء كل تراث ثقافي غير مادي قصص تاريخية ثرية. منذ وجودها كزخرفة، شهدت أواني بكين الزجاجية صعود وسقوط الأسرات الحاكمة وتغير أذواق المجتمع. كل هذه التجارب تمثل قطعا تاريخية ثمينة تشكل معا تفرد أواني بكين الزجاجية.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4