دلفين اليانغتسي نوع من دلافين المياه العذبة مهدد بالانقراض. يتميز بأنه ليس له زعانف ورأسه المستدير وجبهته المحدبة قليلاً وزوايا الفم المقلوبة، ويعرف باسم "الملاك المبتسم". في عام 2013، تم إدراجه في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض من قِبل الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN)، وأدرج أيضا كنوع مهدد بالانقراض في البند الأول من اتفاقية "CITES (اتفاقية التجارة الدولية بالأنواع البرية المعرضة للانقراض من الحيوانات والنباتات، المعروفة أيضا باسم اتفاقية واشنطن)". وباعتباره من الثدييات الوحيدة الباقية في مياه نهر اليانغتسي، فقد تم إدراجه كحيوان تحت الحماية من الدرجة الأولى على مستوى الدولة في الصين في عام 2017.

في الحادي عشر من إبريل 2018، نشر البروفيسور يانغ قوانغ وفريقه من كلية علوم الحياة بجامعة نانجينغ للمعلمين، تقريرا بحثيا في مجلة "اتصالات الطبيعة (Nature Communications)". وكانت النتيجة التي توصلت إليها هذه الدراسة هي أن دلفين اليانغتسي والفصائل المقاربة له، كالحيتان والدلافين البحرية، لديها ما يكفي من الاختلافات الوراثية الكبيرة والمستقرة لكي تسمى وتصنف بأنواعها المستقلة، مما زاد من عدد أنواع الحيتان في العالم من 89 إلى 90. وقد أثار ذلك أيضا أهمية حماية دلفين اليانغتسي.

جنيّة مائية جميلة

يعتبر دلفين اليانغتسي حوتا صغيرا، يشبه الدلافين البحرية. الرأس يكون حادا ولكن فيه انتفاخ أمامي طفيف بالقرب من الجبهة. دلفين اليانغتسي له فك على شكل منقار قصير واسع، وأسنان صغيرة وعينان صغيرتان. لا توجد زعنفة الظهر على عموده الفقري، وزعانفه الجانبية كبيرة وثلاثية. ظهر هذه الحيوانات يحتوي على سلسلة من النتوءات بعرض 3-4 سنتيمترات بدلا من زعنفة الظهر ومعظم جسمه مغطى بقشور صلبة. لون جسمه رمادي أو أبيض رمادي، وبطنه أفتح في اللون مقارنة ببقية جسمه. ويبلغ طول دلفين اليانغتسي حوالي 2ر1 متر، وأطوله يصل إلى 9ر1 متر، ولا يزيد وزن الجسم عادة عن 200 كيلوغرام.

هذا الحيوان ينتشر بشكل أساسي في المجاري الوسطى والسفلى لنهر اليانغتسي، وخاصة في بحيرة دونغتينغ وبحيرة بويانغ وفي المجرى الرئيسي لنهر اليانغتسي. غالبا ما يظهر في جزء نهر اليانغتسي الواقع بين نانجينغ وشانغهاي، حيث يتغذى على الأسماك والروبيان؛ وحيث مياه النهر العميقة ووفرة الأسماك والحيوانات المائية.

يستمتع دلفين اليانغتسي باللعب ورش ونثر الماء. يسمح له جسمه بالتدحرج، والقفز، والتمايل، ورش رذاذ الماء، والدوران والتقلب بنشاط وحيوية. في حالة الشعور بالخوف، يسبح بسرعة ثم يقفز فوق سطح الماء عدة مرات متتالية. بمساعدة ذيله الذي يدفعها للأعلى، يمكنه رفع جسمه بالكامل خارج الماء، ليصل ارتفاعه إلى نصف متر.

أحيانا يسبح هذا الحيوان بمفرده، ولكن في أكثر الأحيان، يسبح في أزواج، خاصة عندما يطارد الذكور والإناث بعضهم بعضا. في بعض الأحيان، يسبح دلفين اليانغتسي مع صغاره، لتوفير الأمان لهم في المياه المفتوحة. كما يحب دلفين اليانغتسي السباحة بجانب السفن والقوارب في نهر اليانغتسي، حيث توجد الأمواج الناتجة عن حركة السفن السريعة، ويطاردها دلفين اليانغتسي. يكون الناس على متن القوارب متحمسين جدا لرؤية دلفين اليانغتسي، وهو يسبح ويلعب في المياه.

يبدأ موسم تكاثر دلفين اليانغتسي في فصل الخريف، تقريبا من سبتمبر إلى أكتوبر كل عام. ولكن موعد الولادة يكون في نفس الشهر من العام التالي، مما يعني أن الأمر يستغرق سنة كاملة لولادة صغار دلفين اليانغتسي. وفقا للتقارير، يمكن أن يصل عمر هذا الحيوان إلى عشرين سنة على الأكثر. ومع ذلك، يحتاج هذا النوع من الدلافين إلى الانتظار لمدة يوم على الأقل من بداية علامات الولادة وحتى الولادة الفعلية. تستمر عملية الولادة ثلاث ساعات تقريبا. أظهرت دراسة أجريت عام 1992 أن معدل الخصوبة السنوي لدلفين اليانغتسي يبلغ حوالي 20%، ويبدأ نموه الجنسي في سن الرابعة. تضع أنثى دلفين اليانغتسي عموما مولودا واحدا.

تعتني أنثى دلفين اليانغتسي بصغارها، فهي تحمل الصغار على ظهرها للعودة إلى سطح الماء كل بضع دقائق للاستمتاع بالهواء النقي. في بعض الأحيان، يشارك ذكر دلفين اليانغتسي في تربية الصغار، فيسبح الصغار بين الأب والأم، لتسبح كل الأسرة للأعلى وللأسفل في الماء في نفس الوقت. أنثى دلفين اليانغتسي تتميز بالعاطفة وهي أم حنون للغاية. إذا تم اصطياد الصغير من قبل الصيادين، لا تتخلى الأم عن صغيرها فكثيرا ما يتم اصطيادها مع صغيرها.

حماية الدلفين المهدد بالانقراض

دلفين اليانغتسي حيوان حساس تجاه تغيرات تدفق الهواء فوق سطح الماء. عندما تقترب الرياح والأمطار الغزيرة، يصبح هذا الحيوان أكثر نشاطا فيطارد بعضها البعض بالقرب من سطح الماء، مما يسبب تموجات وأمواجا صغيرة. وجود أعداد كبيرة من دلافين اليانغتسي، وهو مشهد نادر جدا، ترشد الصيادين المحليين إلى أن رياح قويا أو أمطارا غزيرة قادمة، وهو تحذير عاجل بأن عاصفة ضخمة في الطريق! وفقا للسجلات، فإن أكثر عدد تمت مشاهدته من دلفين اليانغتسي، كان 87.

بدأ الانخفاض الكبير في عدد دلفين اليانغتسي في ثمانينات القرن العشرين، وبدأ التركيز على حماية هذا النوع من الحيوانات في عام 2006، حينها قام العلماء بإجراء دراسة شاملة لنوع آخر من الثدييات الأخرى، وهو الدلفين الصيني "بايتشي"، أو دلفين "Lipotes vexillifer"، ولكن لم يتم العثور على دلفين بايتشي، في العام التالي، فتم إعلانه "منقرضا وظيفيا".

يواجه دلفين اليانغتسي نفس الخطر الذي واجهه دلفين بايتشي، حيث انخفضت أعداده بشكل كبير خلال العقد الماضي أو نحو ذلك. أصبحت الضوضاء ومراوح محركات سفن الشحن العالية الكثافة المزدحمة على نهر اليانغتسي أكبر تهديد لبقائه. كما يهدد بقاءه الصيد الجائر والاستخدام المكثف لمعدات الصيد غير القانونية، وتلوث المياه، وبناء مرافق الحفاظ على المياه.

في عام 2012، اكتشف العلماء أنه لم يعد باقيا من دلافين اليانغتسي سوى نحو ألف، وأن عددها ينخفض بمعدل سنوي حوالي 7ر31%. تشير تقديرات معهد علوم الأحياء المائية، والأكاديمية الصينية للعلوم، إلى أن هذا النوع من الكائنات المائية يمكن أن يتلاشى من الطبيعة خلال عقد من الزمن إذا لم يتم اتخاذ تدابير وقائية فعالة في الوقت المناسب.

اليوم، هناك ثماني محميات طبيعية للدلفين الخالي من الزعانف في نهر اليانغتسي في الصين، وقد انضم عدد كبير من المتطوعين في أنشطة المراقبة والمحافظة على دلفين اليانغتسي. منذ عام 2013، تم تنفيذ حظر صيد موسمي على طول نهر اليانغتسي.

منذ عام 2017، تقدم العلماء والخبراء باقتراحات لفرض حظر شامل على الصيد في حوض نهر اليانغتسي. وتشمل الجهود الأخرى إغلاق العديد من الشركات الكبيرة الملوثة للمياه، في حين اعتمدت الشركات المتبقية تدابير أكثر صرامة لحماية البيئة. بالإضافة إلى ذلك، تم تطبيق نظام أكثر صرامة لتقييم ومراقبة الأثر في المشروعات الجديدة لحفظ المياه وأنشطة الشحن.

ومع تنفيذ تلك التدابير، تحسنت البيئة المعيشية لدلفين اليانغتسي بشكل كبير، في حين بدأت أعمال الترميم البيئي أيضًا في الوقت نفسه، كما تمكن العلماء الصينيون من إتقان تقنية التكاثر الاصطناعي لدلفين اليانغتسي الخالي من زعانف. وحاليا، يتم نقل بعض دلافين اليانغتسي إلى المحميات الطبيعية، وكل شيء على ما يرام حتى الآن. على الرغم من أن الحماية البيئية للمناطق المائية تمثل تحديا صعبا، تأمل الصين أن يبقى دلفين اليانغتسي حيا، ولا ينقرض مثل دلفين بايتشي.