ثقافة وفن < الرئيسية

السمندل الصيني العملاق

: مشاركة
2019-04-30 12:29:00 الصين اليوم:Source جيانغ فو مي:Author

نواصل في هذه السلسلة من المقالات استعراض الأنواع النادرة من الحيوانات المنتشرة في الصين، واليوم نلقي الضوء على السمندل العملاق.

 بين الجداول والأنهار الجبلية في مناطق المجاري الوسطى والدنيا لنهر اليانغتسي، وفي نهر هوانغخه (النهر الأصفر)، ونهر تشوجيانغ (نهر اللؤلؤ) في الصين، يعيش نوع من البرمائيات الفريدة هو السمندل الصيني العملاق (Andrias davidianus)، أطرافه قصيرة ومسطحة، له أصابع غشائية، أما طرفاه الأماميتان فمثل ذراعي الطفل، ويصرخ صراخا مثل بكاء الطفل. لذلك، أطلق الناس عليه منذ فترة طويلة "واوايوي"، أي "سمك الطفل".

يعتقد علماء الأحياء أن السمندل العملاق نشأ قبل 350 مليون عام، وكان موجودا في نفس الفترة التي نشأت فيها الديناصورات. نظرا لوجوده منذ زمن طويل، يُعرف أيضا باسم "الأحفورة الحية".

في عام 2002، اكتشف علماء الآثار أحفورة "السمندل الناري" عمرها 165 مليون عام في الطبقات الجوراسية بمحافظة نينغتشنغ في مدينة تشيفنغ بمنطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم في الصين، والذي يعتبر سلف السمندل العملاق. يبلغ طول السمندل العملاق اليوم حوالي 60- 70 سنتيمترا ويزن حوالي 5- 6 كيلوغرامات. في مقاطعة هونان، تم أيضا صيد سمندل يبلغ طوله 1ر2 متر ووزنه 65 كيلوغراما، وقد اكتشف علماء الآثار أن أسلاف السمندل من هذا النوع كانوا أكبر بكثير من السمندل اليوم.

جاء في بعض الكتب الصينية القديمة منذ حوالي ألفي عام أن "السمندل العملاق له أربعة أرجل؛ يعيش كسلحفاة ولكنه يتحرك بسرعة مشيا على الأقدام، ويبدو وكأنه سمكة، وصوته مثل بكاء الطفل". ينقسم جسم السمندل إلى الرأس والجذع والأطراف والذيل. رأس السمندل مسطح على شكل قوس منفرج، وله فم كبير وعينان ضعيفتان ودون جفون. الجزء الأمامي من الجسم مسطح، يتحول تدريجيا الى جزء ذيل مسطح جانبيا، مع ما يشبه الزعنفة في القسم العلويّ من الجسم وأسفله. يتميز جسم السمندل بجلد متجعد بجانبيه، مع خمس أصابع في كلا الطرفين الأماميين وأربع في كلا الطرفين الخلفيين، مربوطة بأغشية بسيطة، لمساعدته في الماء. الجلد على سطح الجسم أملس، مع وجود ثآليل عليه، يفرز عند التنبيه والتحذير من الخطر مخاطا أبيض له رائحة مثل الفلفل. يستطيع السمندل العملاق تغيير لون جسمه حسب البيئة التي يعيش فيها. يكون ظهره بنيا أو بنيا محمرا أو بنيا غامقا في الغالب، أما بطنه فيكون بنيا فاتحا أو أبيض رماديا.

يتميز قلبه بهيكل فريد وله رئتان تستخدمان للتنفس، لكنهما غير مكتملتين، ولذا فهو يشبه الضفدع الذي يحتاج إلى استخدام الجلد الرطب لتبادل الغازات كشكل من أشكال التنفس المساعدة. من وجهة نظر التطور البيولوجي، فإن السمندل نوع انتقالي من الأسماك التي تعيش في الماء إلى الحيوانات الأرضية الحقيقية.

يعيش السمندل العملاق عادة في الجداول والأنهار الجبلية، حيث المياه الباردة والسريعة التدفق، والشقوق والكهوف الكثيرة بها. عندما لا يكون في الماء، يتحرك السمندل أحيانا عن طريق الزحف على جذور الأشجار أو على جذوع الأشجار الساقطة. تكون أوكار السمندل العملاق غالبا قريبة من الشاطئ حيث يوجد ارتداد مياه، ويعيش سمندل عملاق واحد فقط في كل وكر. تتطلب هذه البرمائيات درجة حرارة الماء بين صفر و26 درجة مئوية. فإذا كانت أعلى من ذلك، يختار السمندل النوم أثناء فصل الصيف؛ وعندما تكون درجة حرارة الماء منخفضة عن ذلك، يضطر السمندل أيضا إلى تقليل نشاطه وحركته، بل وقد يدخل في سُبات حتى فصل الربيع.

يختبئ السمندل العملاق في أوكار أثناء النهار غالبا، مع إبقاء رأسه متجها للخارج، ليكون دائما جاهزا للتحرك والعمل، مثل البحث عن الطعام أو الاختباء من الأعداء. في حال كشفه لخطر ما، يمكنه ترك الوكر والسباحة في المياه العميقة بسرعة. عمليات التحرك والافتراس لدى السمندل تحدث عادة خلال المساء. يحب السمندل العملاق أكل السمك والضفادع وسرطان البحر والثعابين والروبيان وديدان الأرض والحشرات المائية، ويأكل أحيانا أيضا الطيور والقوارض.

على الرغم من مظهره، يمكن أن يكون هذا المخلوق شرسا للغاية عند الصيد، حيث يبقى مختبئا بهدوء وراء الصخور في الماء بانتظار اللحظة المثالية للهجوم. عندما تمر الفريسة، يقوم السمندل العملاق بمهاجمتها بشكل مفاجئ، وبسبب أسنانه الحادة والكثيفة، نادراً ما تهرب الفريسة من هذا الهجوم. ولأن مأكولية السمندل كبيرة، وأيضه بطيء، فهو مقاوم للغاية للجوع عندما ينقص الطعام. ويمكن أن يبقى من دون تناول الطعام لمدة من عامين إلى ثلاثة أعوام. عمره طويل ويعيش بشكل عام لمدة تتراوح بين 50 و60 عاما، وقد يصل عمره إلى 130 عاما.

يتكاثر السمندل العملاق في الفترة من مايو إلى أغسطس من كل عام، ولكن يصعب تمييز الذكور والإناث على أساس المظهر فقط. ذكور السمندل لا تصيح، عادة عندما تبحث عن أنثى للتزاوج، لا يوجد أي نوع من السلوك أو الإشارات للتزاوج بين الجنسين، وبدلا من ذلك، تفرز الذكور سوائل منوية تسمى أمهات المني، وتأخذ الإناث أمهات المني إلى داخل أجسامها لتخصب بيضها. يقوم الذكر عادة بالمهام الهامة الأساسية في تربية الصغار. فلا يجتذب الأنثى ويثيرها فحسب، وإنما هو أيضا مسؤول عن اختيار وتهيئة الكهوف المناسبة "كغرف لوضع البيض" لتكون مكانا لتفريخ البيض. تضع الأنثى البيض بشكل رئيسي خلال الليل، ويمكنها وضع 400-1500 بيضة في المرة الواحدة. بعد وضع البيض، تغادر الأنثى الكهف بينما يبقى الذكر، حيث ينحني جسمه غالبا إلى نصف دائرة لتطويق البيض ويلتف حوله لحمايته من التعرض للماء أو التعرض للهجوم من قبل الأعداء المنتشرين في الطبيعة. تتراوح فترة الحضانة من 30- 40 يوما وأحيانا تصل إلى 80 يوما، تتفاوت الفترة حسب درجة حرارة الماء.

فرخ السمندل بعد الفقس يشبه الشرغوف "فرخ الضفدع"، مع وجود فتحة الأنف على رأسه، وخياشيم خارجية على الرقبة؛ ليتنفس منها. ويمتلئ بطنه البيضاوي بمادة تشبه صفار البيض، وهو مصدر التغذية الرئيسي للفراخ في السنة الأولى بعد الفقس. عندما يختفي الصفار في السنة الثانية، يبدأ الفرخ البحث عن الطعام بنفسه، وعادة ما يعتمد على الديدان التي تطفو على سطح الماء. في السنة الثالثة، تختفي الخياشيم الخارجية، وتتشكل الرئتان، ويكتمل نمو السمندل العملاق، ويمكنه أيضا أن تفترس الأسماك والروبيان وسرطان البحر. ينضج السمندل العملاق جنسيا في السنة الخامسة من عمره.

المتطلبات المعيشية والشروط البيئية اللازمة للسمندل العملاق تحدد أنه على الرغم من ندرته، يعيش على نطاق واسع في المناطق الجبلية في الصين، في أحواض الأنهار الثلاثة الرئيسية وروافدها، في مناطق تمتد شمالا إلى حي هوايرو في بكين، وغربا الى مقاطعتي قانسو وتشينغهاي، وجنوبا الى قوانغدونغ وقوانغشي.

ومع ذلك، ومع استمرار تناقص موائله، لا يزال السمندل العملاق يواجه خطر الانقراض. في وقت مبكر يعود إلى عام 1959، حددت الحكومة الصينية السمندل العملاق ضمن الحيوانات المحمية من الدرجة الثانية على المستوى الوطني. وفي عام 1988، تم إدراجه مرة أخرى ضمن نفس قائمة الحيوانات المحمية، حتى أصبح في الصين خمس عشرة محمية على المستوى الوطني للسمندل العملاق في تسعينات القرن الماضي. في عام 2004، ضم الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) السمندل الصيني العملاق في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض.

لحسن الحظ، في هذه الفترة، دخلت الصين حقبة جديدة من إعادة الأراضي الزراعية إلى ما كانت عليه من غابات وحماية البيئة الإيكولوجية بشكل شامل. وقد وفرت النباتات المورقة والجداول الصافية الرقراقة مساحة معيشة جيدة للسمندل العملاق، مما أوجد مساحة معيشية جيدة للسمندل العملاق الصيني. في الوقت الحالي، تم توسيع مناطق المحميات الوطنية إلى 21 محمية، بما في ذلك محميتان على المستوى الوطني في تشانغجياجيه بمقاطعة هونان وفي تايباي بمقاطعة شنشي. ولا يزال هناك المزيد والمزيد من الأماكن التي يتم فيها العثور على آثار السمندل العملاق، وقد يكون هناك أنواع برية منه، بالإضافة إلى سلالاته من التكاثر الاصطناعي، التي فرت إلى الطبيعة وتحولت إلى برية.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4