رياضة < الرئيسية

رياضات تقليدية تجذب الشباب الصينيين

: مشاركة
2025-06-23 14:55:00 الصين اليوم:Source نان بي باو:Author

اليوم، مع تسارع وتيرة الحياة الحديثة في الصين، يشكو كثير من الصينيين وخاصة الشباب من التعب والإرهاق جراء الأعمال الكثيرة وأعباء الحياة الثقيلة، فأصبحت المحافظة على الصحة النفسية والجسدية أمرا بالغ الأهمية لهم. الحكومة الصينية من جانبها، تضع ضمان صحة الشعب في مكانة إستراتيجية ذات أولوية في التنمية، فقد أصدرت سلسلة من السياسات لتعزيز صحة أبناء الشعب، وبالتالي دفع بناء الصين الصحية.

بفضل دعوة الحكومة وترسيخ الوعي باتباع نمط الحياة الصحية، تتنوع الأنشطة الرياضية، حيث يمارس بعض الصينيين اليوغا والبيلاتس لتعزيز التناسق والمرونة، ويستخدم البعض الآخر معدات اللياقة البدنية مثل جهاز التجديف وجهاز المشي لتقوية عضلاتهم. وفي نفس الوقت، أثارت بعض الرياضات الصينية التقليدية مثل ملاكمة تايجي ورياضة بادوانجين، الانتباه أيضا لأنها تتميز بالثقافة الصينية الممتازة وتهتم بالتوازن والاعتدال، وهذا يختلف عن الرياضات التي تتسم بالسرعة والإثارة. بفضل المحتوى الغني والحركات المعتدلة، صارت ممارسة الرياضات الصينية التقليدية موجة جديدة للشباب الصينيين.

رياضة بادوانجين

بادوانجين رياضة صينية تقليدية، في البداية، كانت تهدف إلى تحسين بنية المقاتلين. على الرغم من الغموض حول أصلها، فإنها تعتمد بشكل رئيسي على التنسيق بين التنفس والحركة والوعي، وتساعد على تجنب الإصابة بالأمراض والمحافظة على راحة العقل والبدن. لذلك، تنتقل هذه الرياضة العتيقة من جيل إلى جيل وتعد مكونا مهما في الثقافة الصينية.

رياضة بادوانجين التي تحمل في طياتها الحكمة الصينية، تتكون من ثماني حركات أساسية، لكل منها اسم خاص بها. على سبيل المثال، الحركة الأولى لوضعية الوقوف هي "رفع اليدين نحو السماء لتنقية التجاويف الداخلية الثلاثة من الشوائب"، وهذا يتم بجعل راحتي اليدين متجهتين إلى الأعلى ورفعهما ببطء إلى أعلى فوق الرأس مع مد الذراعين بشكل مستقيم، كأنك ترفع شيئا ثقيلا، وفي نفس الوقت عليك أن تأخذ شهيقا؛ ثم تقوم بقلب راحتي اليدين نحو الأسفل، وإنزالهما ببطء إلى جانبي الجسم مع الزفير. تساعد هذه الحركة على تمديد العمود الفقري وتوسيع تجويف الصدر وتخفيف التعب، والوقاية من أمراض فقرات الرقبة والصدر وتعزيز وظائف القلب والرئتين.

ووفقا لمعايير التصنيف المختلفة، تنقسم رياضة بادوانجين إلى مدارس مختلفة. مثلا، حسب وضعية التمرين، ثمة بادوانجين في وضعية الوقوف وبادوانجين في وضعية الجلوس؛ وحسب قوة الحركات، هناك بادوانجين المدنية وبادوانجين القتالية فضلا على بادوانجين ذات طابع ووشو شاولين وبادوانجين ذات طابع تايجي. في عام 2013، بعد أعمال الجمع والتحليل والمناقشة من جانب الخبراء المعنيين، أصدرت الإدارة العامة للرياضة في الصين نسخة تعميم رياضة بادوانجين التي تعتمد على بادوانجين في وضعية الوقوف بشكل أساسي.

مع انتشار بادوانجين وفوائدها الكبيرة، ازداد عدد ممارسيها في السنوات الأخيرة، وأغلبهم من الشباب. تمارس تشو يانغ، البالغة من العمر واحدا وثلاثين عاما، رياضة بادوانجين. تعمل السيدة تشو محررة برامج تلفزيونية بإحدى الشركات الثقافية والإعلامية في بكين، وتقضي ساعات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر كل يوم وأحيانا تعمل في عطلة نهاية الأسبوع والعطلات الرسمية. بسبب الإفراط في العمل وقلة النشاط البدني، أصيبت بأمراض مزمنة في فقرات الرقبة والكتفين. بعد تلقي العلاج الطبي، تحسنت إلى حد كبير. ومن أجل المحافظة على الصحة، أوصاها الطبيب بممارسة رياضة بادوانجين في المكتب أو المنزل بشكل منتظم. قالت السيدة تشو إن رياضة بادوانجين لا تحتاج إلى معدات كثيرة أو مكان فارغ، كما لا تحتاج إلى وقت طويل. تستغل الوقت الذي يقضيه الآخرون في تصفح تطبيقات التواصل الاجتماعي على الهواتف النقالة لممارسة جولة كاملة من بادوانجين، وبهذا تنعش روحها وتحصل على راحة جسدية أيضا. وبفضل تأثيرها، أصبح العديد من زملائها في الشركة يمارسون رياضة بادوانجين معها، مما جعلها موضة جديدة في الشركة.

رياضة ووتشينشي

مثل رياضة بادوانجين، تعد رياضة ووتشينشي تمارين قديمة أخرى في الصين. يقال إن مخترعها هو الطبيب الشهير هوا توه الذي عاش في نهاية فترة أسرة هان الشرقية (25- 220م)، وقد استوحاها من حركات النمور والأيائل والقرود والدببة والطيور، وعلى أساس ما ورد في الكتب القديمة. وفقا لأفكار الطب الصيني التقليدي، تركز رياضة ووتشينشي على تمرين الأحشاء الخمسة في جسم الانسان؛ الكبد والقلب والطحال والرئتين والكليتين. على سبيل المثال، حركة "تحليق الطائر" تساعد على توسيع تجويف الصدر وتعزيز وظائف الرئتين، بينما حركة "تأرجح الدب" تسهم في تدليك الطحال والمعدة وتعزيز عملية الهضم. من خلال تنسيق الحركات مع الشهيق والزفير، تساهم هذه الرياضة في تحسين حالات برودة الأطراف وتقليل التعب. كما تؤكد تمارين ووتشينشي على مبدأ "الدمج بين القوة والليونة"، حيث تتميز حركاتها بالهدوء والبطء، لكنها تتطلب تمديد الأطراف. على سبيل المثال، تسهم حركة "رفع القرد" في تمديد وتر العرقوب وعضلات الرقبة من خلال الوقوف على رؤوس أصابع القدم وتقليص الرقبة، وتساعد حركة "ركض الأيل" في التدرب على التوازن الجسدي عبر اتخاذ وضعية القوس وتحريك الذراعين. فضلا على ذلك، أثناء التمرين، يجب على الممارس التركيز على الحركات والتنفس، مما يجعله يدخل في حالة من التأمل الديناميكي، وهذا يساعد على تخفيف القلق وتحسين النوم. وتشير الدراسات المعنية إلى أن رياضة ووتشينشي تعمل على تنظيم الجهاز العصبي، وتعزز إفراز الإندورفين، مما يخفف التعب المزمن والتوتر النفسي. بفضل المنافع العديدة، انتقلت رياضة ووتشينشي إلى الحياة المعاصرة، وأدرجت ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي على المستوى الوطني بالصين في عام 2011.

مع انتشار الطب الصيني التقليدي واهتمام الشباب بالرياضة، يجرب كثير من الناس ممارسة رياضة ووتشينشي، وظهر ممارسون بارزون ومنهم السيدة هوا يي، وريثة رياضة ووتشينشي من الجيل التاسع والخمسين. ولدت السيدة هوا في بوتشو بمقاطعة آنهوي، موطن رياضة ووتشينشي. بدأت السيدة هوا ممارسة الووشو وهي في عمر سبع سنوات، وشرعت في ممارسة رياضة ووتشينشي وهي في الثالثة عشر من عمرها. بعد ممارسة ووتشينشي لسنوات طويلة، أصبحت ماهرة في هذه الرياضة المفيدة للصحة وتكرس نفسها لتعميمها. ابتكرت طريقة جديدة لتدريب المبتدئين والشباب المصابين بالضغط والآلام بسبب الأعمال الكثيرة، ودمجت رياضة ووتشينشي في علاج الطب الصيني. بالإضافة إلى ذلك، نشرت مقاطع فيديو للتمارين على وسائل التواصل الاجتماعي، وحققت ملايين المشاهدات في دول مختلفة. قالت هوا يي إن رياضة ووتشينشي تساهم في تحسين الصحة النفسية والجسدية. وفي الوقت نفسه هي وسيلة لنشر فلسفة الشرق وجمالياته إلى العالم أجمع.

رياضة داهواقون

ربما لم يسمع كثيرون من قبل عن "رياضة داهواقون" أو "رياضة شواهواقون"، لكن الذين شاهدوا عروض السيرك، لا بد أنهم يعرفون عرض "عصا الزهور" أو "عصا الشيطان". يرجع أصل هذا العرض إلى رياضة داهواقون التي نشأت في الصين، ووصلت إلى بريطانيا في القرن التاسع عشر ثم انتشرت في عروض السيرك.

داهواقون هي تمارين شعبية تؤدى باستخدام أدوات بسيطة، تتكون من ثلاث عصي مستقيمة مصنوعة من الخشب أو الخيزران أو البلاستيك الصلب ويبلغ طول كل منها ستين سنتيمترا. يمسك العارض بعصا في كل يد تسمى "العصا اليدوية"، بينما تسمى العصا الثالثة "عصا الزهور" أو "العصا المزخرفة"، إذ أنها تزين برسوم أو أشرطة ملونة. يؤدي العارض الحركات من خلال الضرب بالعصا في اليد اليسرى ثم استلام العصا الأخرى في اليد اليمنى، مما يجعل عصا الزهور تدور وتتقلب وتتأرجح وتقفز في الهواء، فتتنوع حركاتها وتتحرك برشاقة في السماء من دون أن تسقط على الأرض لفترة طويلة. يمكن للعارض المتمرس رمي عصا الزهور إلى ارتفاع يصل إلى عدة أمتار في الهواء، أو جعلها تقترب من سطح الأرض من دون أن تلمس يديه، مستخدما حركات مثل الركل بالقدم والمسح بالذراع، مما يثير دهشة المشاهدين.

يرغب الكثير من الناس في ممارسة هذه الرياضة التي أصبحت تمارين تناسب جميع الأعمار. تتطلب رياضة داهواقون تنسيقا تاما بين حركات المعصم والذراعين وكامل الجسم، من أجل تأدية الحركات بشكل صحيح، مما يسهم بفعالية في تقوية عضلات الأطراف العلوية، وخاصة عضلات الساعدين والكتفين ومنطقة الرقبة. كما أن حركات دوران العصا ورميها والتقاطها تتطلب تنسيقا عاليا بين العينين واليدين والدماغ، ولذلك فإن الممارسة المنتظمة لها تساهم بشكل ملحوظ في تحسين سرعة الاستجابة الجسدية والقدرة على التوازن. هذه الفوائد تجعل داهواقون رياضة مفيدة للغاية للشباب الذين يجلسون على المكاتب لفترات طويلة.

تعد رياضة بادوانجين ورياضة ووتشينشي ورياضة داهواقون، من الرياضات التقليدية الصينية المشبعة بحكمة الصينيين القدماء لتحسين الصحة، وتجسد فلسفة الشرق العريقة. في الوقت الحاضر، مع زيادة الحاجة للمحافظة على الصحة وأسلوب الحياة الصحية، تظهر هذه الرياضات التقليدية القديمة حيويتها من جديد، وأضحت اختيارا مفضلا لدى العديد من الشباب، الأمر الذي لا يسهم في تعزيز اللياقة البدنية لهم فحسب، وإنما أيضا يدفع توارث الثقافة الصينية التقليدية الممتازة وتجديدها بطريقة مبتكرة.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4