رياضة تايجي تشيوان من الفنون القتالية التقليدية في الصين، تعتمد على الأفكار الأساسية للأفكار الديالكتيكية بين ين ويانغ في الفلسفة الكونفوشية والطاوية للثقافة الصينية التقليدية، وتعكس اهتمام الصينيين بالتوازن العقلي والجسدي. على مدى مئات السنين من التطور، تم تشكيل عديد من المدارس والأنماط لهذه الرياضة ولكل منها خصائصه في الحركات والأساليب.

تختلف تايجي تشيوان عن التمارين العالية الشدة، فهي تتميز بالهدوء والسلاسة، ويعتقد كثيرون أنها ملائمة للناس في منتصف العمر وكبار السن ومن لا يستطيعون ممارسة الألعاب الرياضية العادية. اليوم، مع تطور المجتمع الصيني وزيادة انتشار رياضة تايجي تشيوان، بدأ كثير من الشباب الصينيين وخاصة الشباب من الجيل زد ممارسة تايجي تشيوان بصورة احترافية أو كهواية. ويمكن القول إن ممارسة تايجي تشيوان صارت أسلوب الحياة الجديد والصحي لهم.

انتشار تايجي تشيوان بين شباب الجيل زد

انضمت رياضة تايجي تشيوان، التي تجمع الأفكار الفلسفية الصينية والعلاج بالطب الصيني والطرق ‏المميزة لتعزيز الطاقة، إلى للتراث الثقافي غير المادي الوطني في عام 2006، ثم أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في قائمة التراث الثقافي غير المادي في عام 2020، الأمر الذي أثار اهتماما كبيرا في الصين. يدرس عدد متزايد من الصينيين وخاصة الشباب من الجيل زد، المعلومات المتعلقة برياضة تايجي تشيوان ويمارسونها في السنوات الأخيرة.

الطلاب هم المجموعة الرئيسية لتعلم تايجي تشيوان. من أجل نشر هذه الرياضة بينهم، أطلق صندوق تاو شينغ تشي للتعليم في أكتوبر عام 2021، "المشروع الخيري لممارسة رياضة تايجي تشيوان ونشر ثقافتها بين الطلاب في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية". وتم اختيار إحدى عشرة مدرسة لتنفيذ هذا المشروع. فضلا عن ذلك، قام الصندوق بالتعاون مع خبراء التربية والتعليم وأساتذة تايجي تشيوان في تأليف سلسلة من الكتب المدرسية ومنها ((ثقافة تايجي تشيوان))، ((ممارسة تايجي تشيوان))، ((الحركات الأساسية لتايجي تشيوان)) وغيرها، من أجل مساعدة الطلاب على اكتشاف سحرها من خلال المحاضرات والتمارين الرياضية، وتعزيز صحتهم الجسدية والنفسية عن طريق التفاعل الإيجابي بين الطلاب والأساتذة. وفي إبريل عام 2022، أصدرت وزارة التعليم الصينية طبعة عام 2022 لجدول الدروس ومعاييرها لمراحل التعليم الإلزامي والتي تضمنت دروس رياضة تايجي تشيوان، مما يقدم ضمانا نظاميا لنشر هذه الرياضة في المدارس الصينية.

من أجل تعزيز نشر رياضة تايجي تشيوان وتطويرها بين الطلاب، قامت كثير من المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية في الصين بوضع خطة مفصلة لتعليم تايجي تشيوان، وأجرت أنشطة معنية لزيادة حماسة الطلاب لممارسة تايجي تشيوان. على سبيل المثال، أدرجت المدرسة الإعدادية الأولى في محافظة شيتشو الذاتية الحكم لقوية توجيا في تشونغتشينغ، رياضة تايجي تشيوان في مناهج الأنشطة الرياضية وعينت معلما متخصصا ليعلم الطلاب الحركات البسيطة كل أسبوع، ونظمت عروضا فنية مختلفة حولها. فضلا عن ذلك، قامت بعض المدارس الأخرى بتبسيط حركات تايجي تشيوان ودمج الرياضة مع دروس الموسيقى والتاريخ، من أجل تحسين معرفة الطلاب بهذه الرياضة وإتقان حركاتها بسرعة ومتعة.

في نفس الوقت، يمارس كثير من الشباب الذين يعملون في وظائف دائمة تايجي تشيوان في السنوات الأخيرة سعيا لتحقيق الاسترخاء وتقليل إرهاق العمل وتعزيز المثابرة والهدوء. يقوم بعض الشباب بتمارين تايجي تشيوان بأنفسهم قبل الدوام أو بعد جلوس ساعات طويلة في المكاتب من خلال متابعة مقاطع الفيديو لدروس تايجي تشيوان الموجودة في تطبيقات ممارسة الرياضة، وذلك يساعدهم على إرخاء الكتف والظهر وتخفيف الإرهاق والتوتر. تعمل تشن ران، الشابة البالغة من العمر 27 عاما، في شركة تجارية بمدينة هانغتشو ‏في مقاطعة تشجيانغ، وتمارس تايجي تشيوان منذ عدة السنوات. قالت إنها مشغولة كثيرة في أعمالها وليس لديها وقت كاف لممارسة تمرينات اللياقة البدنية في صالة رياضية. أضافت أن تايجي تشيوان تختلف عن كرة القدم أو كرة التنس أو الملاكمة التي تتطلب ظروف لعب خاصة ومهارات عالية. يمكنها أن تؤدي حركات تايجي تشيوان في المكتب أو البيت بنفسها وبدون إزعاج الآخرين. ترى تشن ران أن تايجي تشيوان حركاتها بطيئة ومتدفقة ويمكنها إرخاء المفاصل والعضلات وزيادة الطاقة والمرونة أثناء القيام بالتمرين بصورة آمنة. لذا، تعتقد أن رياضة تايجي تشيوان حل مثالي للتغلب على الإرهاق اليومي.

مع ارتفاع مستوى معيشة الصينيين، يهتم المزيد منهم وخاصة من الجيل زد برعاية صحتهم الجسدية والعقلية. يمارس بعضهم رياضة تايجي تشيوان كهواية ومتعة لهم. ظهرت في بكين وشانغهاي وقوانغتشو وتشنغتشو وغيرها من المدن الكبيرة والمتوسطة الحجم في الصين أندية أو فرق متخصصة لممارسة تايجي تشيوان للشباب حيث يعلم المعلم المتدربين حركات تايجي تشيوان وكيفية المحافظة على التنفس الطبيعي بوعي أثناء القيام بالحركات، وتصحيح وضع الجسم خلال تفاعل العقل والجسد. هكذا، تمثل رياضة تايجي تشيوان نافذة جديدة للشباب لمعرفة الثقافة الصينية التقليدية ووسيلة جديدة لهم لقضاء وقت الفراغ وتعزيز راحة القلب وإدارة الانفعالات أيضا.

مسابقات وأنشطة ممتعة لتعزيز حماسة الجيل زد لممارسة تايجي تشيوان

من أجل تطوير الثقافة الصينية التقليدية في العصر الجديد ونشر رياضة تايجي تشيوان بين الجيل زد، تم تنظيم سلسلة من المسابقات والأنشطة الثقافية والرياضية بأحجام مختلفة، لتحفيز الشباب على ممارسة تايجي تشيوان.

أقامت لإدارة العامة للرياضة الصينية والأقسام التابعة لها دورتين من مسابقة تايجي تشيوان العالمية الافتراضية، حيث شارك فيها كثير من الشباب والأطفال واليافعين الصينيين الذين أحبوا تايجي تشيوان ومارسوها لعدة سنوات. على سبيل المثال، كانت وانغ يي ران، من مقاطعة جيلين، البالغة من العمر خمس سنوات، أصغر المشاركين في الدورة الثانية.

وبمناسبة اليوم الوطني الرابع عشر للياقة البدنية، أقيمت الدورة الأولى للمؤتمر الوطني لرياضة تايجي تشيوان في أغسطس عام 2022 ببكين، حيث نظمت سلسلة من الأنشطة المتنوعة ومنها منتدى تايجي تشيوان لتعزيز الصحة، وإصدار ((الكتاب الأزرق لرياضة تايجي تشيوان في العالم))، ومسابقات جماهيرية وعروض الشباب الفنية لتايجي تشيوان وغيرها. قال سو جينغ بين، نائب رئيس التحرير التنفيذي لـ((الكتاب الأزرق لرياضة تايجي تشيوان في العالم))، ‏إن هذه الأنشطة جمعت الخصائص الرياضية والفنية والطبية والعلمية لرياضة تايجي تشيوان، بما يتفق مع المتطلبات المختلفة للصينيين ممن مارسوها أو لم يمارسوها من قبل. كما شارك في الأنشطة كثير من الأطفال الذين أظهروا أداءهم الرائعة وشغفهم الكبير برياضة تايجي تشيوان، مما يعكس انفتاح وشمول رياضة تايجي تشيوان.

في ديسمبر من نفس العام، انطلقت سلسلة من الأنشطة الثقافية والرياضية بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لإدراج رياضة تايجي تشيوان في قائمة التراث العالمي غير المادي، في تشنجياقو بمدينة جياوتسوه في مقاطعة خنان، مهد رياضة تايجي تشيوان، وذلك تحت رعاية قسم التراث الثقافي غير المادي لوزارة الثقافة والسياحة الصينية. قام كثير من الشباب من الجيل زد المولعين برياضة تايجي تشيوان، بمناقشة كيفية تطوير هذه الرياضة ومشاهدة فيلم ((رياضة تايجي تشيوان)) الرائع والعروض جميلة عبر الإنترنت. ولتطوير رياضة تايجي تشيوان بين الأطفال واليافعين، أطلقت جهات التنظيم لهذه الأنشطة "خطة ممارسة تايجي تشيوان ساعة كل يوم" و"دروس مجانية لتايجي تشيوان" بالتعاون مع أساتذة تايجي تشيوان، فيمكن للشباب تعلم الحركات وزيادة معلوماتهم عن رياضة تايجي تشيوان بطرق مختلفة.

نجوم تايجي تشيوان البارزون

مع انتشار رياضة تايجي تشيوان بين الجيل زد وزيادة الأنشطة والمسابقات المتنوعة، انبثقت مجموعة من النجوم الصاعدين الذين يحبون هذه الرياضة ويعملون على تطويرها ونشرها.

رن تشي وي، المولود في عام 1998 في مقاطعة خنان، وارث التراث الثقافي غير المادي لرياضة تايجي تشيوان. تأثر بثقافة رياضة الووشو منذ صغره، وتعلم رياضة تايجي تشيوان على يد الأستاذ الكبير تشن تشونغ. من أجل تحسين أدائه، بذل رن تشي وي جهوده في ممارسة كل حركة وقرأ كثيرا من الكتب عن مبادئ وطرق تايجي تشيوان. بعد عدة سنوات من الممارسة والتعلم العلمي، حقق تقدما بارزا ونتائج ممتازة في المسابقات الوطنية. ورغم أن رن تشي وي يعمل في شركة بيولوجية بمقاطعة قوانغدونغ، ما زال يمارس تايجي تشيوان ويدمج روح تايجي تشيوان مع عمله لتخفيف ضغوط العمل والتركيز على الذات وزيادة العزم والهدوء أمام الصعوبات.

تعد جيانغ ون يوان، الشابة البالغة من العمر 23 عاما من مقاطعة شاندونغ، نجمة أخرى لرياضة تايجي تشيوان من الجيل زد. بدأت تمارس تايجي تشيوان في عام 2015. مع تحسين أدائها وزيادة معرفتها برياضة تايجي تشيوان، اكتشفت جيانغ ون يوان شغفها بالثقافة الصينية التقليدية ودرست الرقص الصيني وصارت تعزف الآلات الموسيقية الصينية التقليدية. اليوم، تعمل جيانغ ون يوان بتعليم تايجي تشيوان ونشرها بين المزيد من الناس وخاصة اليافعين والأطفال. في عام 2021، ألقت جيانغ ون يوان محاضرات على طلاب المدرسة الثانوية التجريبية الثانية بمدينة لاييانغ ومدرسة تشينغداو الثانوية في مقاطعة شاندونغ، لتعلم الطلاب المحليين المعلومات الأساسية والحركات البسيطة لتايجي تشيوان. وشاركت جيانغ ون يوان في دورات تدريبية بمدينة لاييانغ لإرشاد الأطفال في ممارسة تايجي تشيوان. وفي نفس الوقت، تهتم جيانغ ون يوان بنشر ثقافة الووشو في العالم، حيث تدير جيانغ ون يوان الموقع الإلكتروني عن نشر تايجي تشيوان في الصين، وتقدم مزيدا من الأخبار والمعلومات حول هذه الرياضة إلى الشباب الراغبين في الصين والعالم بأسره.

رن تشي وي وجيانغ ون يوان نجمان بارزان في مجال تايجي تشيوان. مع انتشار هذه الرياضة العريقة والمفيدة بين الجيل زد، ظهر عدد كبير من الممارسين الشباب وهم شغوفون بهذه الرياضة وثقافتها ويتمتعون بفوائدها ويساهمون في نشرها.

مع انتشار رياضة تايجي تشيوان بين الأطفال واليافعين والشباب الصينيين، وزيادة الأنشطة والمسابقات وظهور نجوم صاعدين، استعادت هذه الرياضة التي يرجع تاريخها إلى مئات السنين، حيويتها وصارت جزءا مهما من الحياة اليومية للجيل زد، وسوف تحقق تطورا أكبر في المستقبل.