في الدورة السادسة عشرة للألعاب الأولمبية الصيفية للرياضيين ذوي الاحتياجات الخاصة في طوكيو باليابان، التي أقيمت خلال الفترة من الرابع والعشرين من أغسطس إلى الخامس من سبتمبر عام 2021، شارك 251 رياضيا صينيا من ذوي الاحتياجات الخاصة في 341 منافسة وحصلوا على 207 ميداليات منها ست وتسعون ميدالية ذهبية وستون ميدالية فضية وإحدى وخمسون ميدالية برونزية، ليحتلوا المركز الأول في جدول الميداليات الشاملة والميداليات الذهبية للمرة الخامسة.

بداية رائعة

في الخامس والعشرين من أغسطس 2021، اليوم الأول للألعاب البارالمبية، بذل اللاعبون الصينيون أقصى جهودهم في كل المنافسات وأحرزوا خمس ميداليات ذهبية وميدالية فضية وميداليتين برونزيتين، مما يبرز الجهود الكبيرة وعزيمة الرياضيين الصينيين.

في المباراة النهائبة لفردي سيف المبارزة للرجال للفئة أ، قدم المبارز الصيني لي هاو أداء قتاليا قويا منذ البداية وحصل على ثلاث نقاط بسرعة. لكن بعد تنفيذ منافسه الأوكراني أرتيم مانكو، تكنيكا مناسبا في المواجهة، خسر لي هاو ست نقاط. بعد تعديل تكنيكه وإظهار تركيز ذهني أقوى، عزز لي هاو جودة كل ضربة في الهجوم ونجح في المواجهة بنتيجة 15 نقطة مقابل 12 نقطة وفاز بالميدالية الذهبية. قال لي هاو في مقابلة صحفية، إنه تسرع في الجهوم في البداية، فطلب مدربه منه إبطاء وتيرة اللعب فأمسك بزمام المواجهة ولم يتوقع الحصول على أول ميدالية ذهبية للوفد الصيني. فضلا عن تتويج لي هاو في هذا السباق، قدم زميله تيان جيان تشيوان أداء جيدا وحصل على الميدالية البرونزية.

شجعت إنجازات لي هاو وتيان جيان تشيوان اللاعبين الصينيين الآخرين، وخاصة لاعبي فريق المبارزة الصيني. وأظهر فنغ يان كه قدرة عالية في التكيف الذاتي في ظل الضغوط الكبيرة وحصل على الميدالية الذهبية في سباق سيف المبارزة للرجال للفئة ب، بعد الفوز على البولندي أدريان كاسترو بنتيجة 15 نقطة مقابل 11 نقطة. في وقت لاحق من ذلك اليوم، في المباراة النهائية لفردي سيف المبارزة للسيدات للفئة أ، واجهت المبارزة الصينية البارزة بيان جينغ المبارزة الجورجية نينا تيبيلاشفيلي ونجحت البطلة الصينية في الحصول على الميدالية الذهبية في نهاية المطاف بفضل مبادرتها في الهجوم والدفاع المحكم. وفي المباراة النهائية لفردي سيف المبارزة للسيدات للفئة ب، تغلبت الصينية تان شو مي على الأوكرانية فيدوتا أولينا وأبرزت قوتها الكبيرة في السيطرة على وتيرة اللقاء والجودة العالية لكل الضربات مما ضمن لها الفوز بالميدالية الذهبية، بينما حصلت مواطنتها شياو رونغ على الميدالية البرونزية لهذه المسابقة.

بالإضافة إلى النتائج الرائعة للمبارزين الصينيين في مسابقات المبارزة بفئاتها المختلفة في ذلك اليوم، قدمت السباحة الصينية تشانغ لي، أداء متميزا وأظهرت "القلب الكبير" في السباق النهائي للسباحة الحرة للسيدات 200 متر S5. في المنافسة، حافظت السباحة البريطانية تولي كيرني على سرعة كبيرة في المسبح منذ بداية المسابقة واحتلت المركز الأول. لكن تشانغ لي تمسكت بالأمل وزادت من سرعتها لتقليل الفارق بينها وبين كيرني تدريجيا ثم لحقت بكيرني عند مسافة أقل من خمسة أمتار من نقطة النهاية وواصلت تقدمها حتى أكملت المسافة بزمن قدره 53ر46 ثانية، متفوقة على كيرني بـ12ر0 ثانية فقط. هذه هي الميدالية الذهبية الأولى لفريق السباحة الصيني في بارالمبياد طوكيو والميدالية الخامسة للوفد الصيني في ذلك اليوم. وفي مسابقة المطاردة للدراجات للسيدات لمسافة ثلاثة آلاف متر C1-3، حصلت الدراجة الصينية وانغ شياو مي على الميدالية الفضية بنتيجة ثلاث دقائق و975ر54 ثانية وهي أول ميدالية للوفد الصيني في هذه الدورة البارالمبية.

خصائص بارزة لنتائج الرياضيين الصينيين

بفضل جهود الرياضيين الصينيين في كل المسابقات، حققوا إنجازات كبيرة واختراقات مدهشة في طوكيو هذا الصيف. أشارت تشاو سو جينغ، سكرتيرة الوفد الصيني إلى أن نتائج الرياضيين الصينيين تتميز بخمس خصائص: أولا، تحقيق إنجازات جديدة في الرياضات التي تتفوق فيها الصين. على سبيل المثال، في رياضات الساحة والميدان، حصل الرياضيون الصينيون على 27 ميدالية ذهبية و13 ميدالية فضية و11 ميدالية برونزية في 167 منافسة. أما كرة الطاولة، المعروفة باللعبة الوطنية في الصين، فقد حقق اللاعبون الصينيون 16 ميدالية ذهبية وأربع ميداليات فضية وست ميداليات برونزية في 31 مسابقة، مما يعزز مكانة الصين العالية في هذه الرياضة. فضلا عن ذلك، حصل السباحون الصينيون في مختلف منافسات السباحة على 19 ميدالية ذهبية و19 ميدالية فضية و18 ميدالية برونزية، بالمقابل، أحرز الرياضيون من فريق المبارزة على الكراسي المتحركة 11 ميدالية ذهبية وأربع ميداليات فضية وخمس ميداليات برونزية. فلا نبالغ إذا قلنا إن هذه الإنجازات الرياضية تؤكد مستوى الصين المرتفع وتقدم الرياضيين الصينيين المطرد في تلك الرياضات؛ ثانيا، الاختراقات الضخمة في الرياضات التي تكون فيها الصين ذات المزايا الممكنة. مثلا، في رياضة رفع الأثقال، حصل 14 رباعا صينيا على سبع ميداليات ذهبية وست ميداليات فضية في هذه الدورة البارالمبية، وهو أكثر مما حُقق في دورتي لندن عام 2012 وريو دي جنيرو عام 2016. ليو لي الذي شارك في ثلاث دورات بارالمبية، بدلا من اعتزال الرياضة، تغلب على الآلام في الأذن واللثة وقدم أداءه الأفضل في هذه السنة، حيث فاز بالميدالية الذهبية بعد نجاحه في رفع 198 كيلوغراما في مسابقة رفع الأثقال لوزن 65 كيلوغراما للرجال ليحصل على الميدالية الذهبية الأولمبية الرابعة له وليسجل إنجازا كبيرا للصين في هذه الرياضة. أما نتائج الفريق الصيني للرماية، فكانت رائعة للغالية. فقد أحرز الرماة الصينيون بهذا الفريق أربع ميداليات ذهبية وميداليتين فضيتين. مثلا، فازت تشانغ تسوي بينغ بالميدالية الذهبية في المسابقة النهائية للرماية بالبندقية لخمسين مترا من ثلاثة مواضع SH1 للسيدات وحطمت الرقم القياسي للألعاب البارالمبية وحصلت أيضا على الميدالية الفضية في المسابقة النهائية للمسدس الهوائي 10 أمتار للسيدات في تلك الفئة؛ ثالثا، تقدُم اللاعبين الصينيين في الرياضات الجديدة المدرجة في أولمبياد طوكيو لذوي الاحتياجات الخاصة. تعد كرة الريشة الطائرة إحدى الرياضات الجديدة في دورة طوكيو البارالمبية، وقد حصل الرياضيون الصينيون على خمس ميداليات ذهبية وثلاث ميداليات فضية وميداليتين برونزيتين في هذه الرياضة. بدأت المسابقات النهائية لهذه الرياضة في الرابع من سبتمبر، وقد توج اللاعبون الصينيون في ثلاث منافسات، الأمر الذي أظهر قدرة الرياضيين الصينيين العالية في هذه الرياضة. وقد وصلت اللاعبة الصينية يانغ تشيو شيا إلى المباراة النهائية لفردي السيدات SU5 وواجهت اللاعبة اليابانية سوزوكي أياكو التي تحتل المركز الأول في التصنيف العالمي لفئة فردي السيدات في كرة الريشة الطائرة. مع أن يانغ تشيو شيا ارتكبت بعض الأخطاء في بداية المباراة، إلا أنها نجحت في السيطرة على المباراة بصورة تدريجية وتمكنت من التغلب على منافستها وفازت بأول ميدالية ذهبية للصين في هذه الرياضة في دورة طوكيو البارالمبية. بالإضافة إلى فوز يانغ تشو شيا، في المباراة النهائية لفئة WH2، تغلبت ليو يو تونغ على زميلتها شيوي تينغ تنينغ وحصلتا على الميدالية الذهبية والميدالية الفضية للفريق الصيني على التوالي؛ وفي المباراة النهائية لفردي الرجال لفئة WH1، فاز تشوي تسي موه بالميدالية الذهبية أيضا بعد تغلبه على لاعب من جمهورية كوريا؛ رابعا، أداء الرياضيين الصينيين الجيد في الرياضات الجماعية. مثلا، في كرة السلة على الكراسي المتحركة للسيدات، بذل الفريق الصيني قصارى جهده في كل المباريات محققا الفوز في جميع المباريات الأربع بدور المجموعات. ثم تغلب الفريق الصيني على الفريق البريطاني والفريق الأمريكي على التوالي في دور ربع النهائي ونصف النهائي وحصل على الميدالية الفضية في النهاية، وهي أفضل نتيجة للصين في هذه الرياضة في تاريخ مشاركاتها في الألعاب البارالمبية. وفي كرة الهدف، حقق الفريق الصيني للرجال تقدما كبيرا أيضا، بفضل التدريبات المتخصصة والخبرات الوافرة في المسابقات الدولية والتعاون الوثيق بين اللاعبين. استعد الفريق الصيني جيدا لمواجهة الفرق القوية ووصل إلى المباراة النهائية لهذه الرياضة لأول مرة بعد 13 عاما وحصل على الميدالية الفضية؛ خامسا، المساهمات الكبيرة للاعبين الشبان.على غرار إنجازات اللاعبين الصينيين الشبان في أولمبياد طوكيو التي اختتمت في الثامن من أغسطس 2021، قدم الرياضيون الصينيون الشبان من ذوي الاحتياجات الخاصة أداء جميلا في هذا الصيف في مختلف المسابقات فأضافوا قوة حيوية لقضية الرياضة الصينية. جيانغ يو يان، المولودة في عام 2004، أصغر مشاركة في الوفد الصيني، حققت أربع ميداليات في مسابقات السباحة والرقم العالمي في ثلاث مسابقات. في الثلاثين من أغسطس، حطمت جيانغ يو يان الرقم العالمي بنتيجة 56ر34 ثانية في المنافسات التمهيدية لسباحة الفراشة للسيدات خمسين مترا S6، ثم فازت بالميدالية الذهبية في المنافسات النهائية لهذا الحدث الرياضي بنتيجة 69 ر34 ثانية. في الثاني من سبتمبر، وفي المنافسات النهائية للسباحة الحرة للسيدات 400 متر S6، فازت بالميدالية الذهبية مرة أخرى بنتيجة خمس دقائق و57ر4 ثانية متجاوزة الرقم العالمي السابق بأكثر من ثماني ثوان. تشو ده نينغ المولود في عام 1999، أحد اللاعبين الشبان الممتازين في الوفد الصيني أيضا. رغم أنه شارك في المسابقات الأولمبية لأول مرة، فإنه أظهر مهارات فائقة وقدرة عالية في مواجهة الضغوط. في الثامن والعشرين من أغسطس، شارك هذا البطل الصيني في منافسات سباق 100 متر T38 للرجال وحصل على الميدالية الفضية بفارق بسيط. من أجل تحقيق نتيجة أفضل، قام تشو ده نينغ بالتكيف الذاتي وتعزيز التدريبات لعدة أيام. وفي الأول من سبتمبر، فاز بالميدالية الذهبية في الوثب الطويل T38 للرجال. في هذه المنافسات، أكمل تشو ده نينغ كل قفزة بصورة رائعة وحطم الرقم العالمي والرقم القياسي للألعاب الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة بقفزته الثالثة بنتيجة 31ر7 أمتار.

جمال التناغم

مثلما أقيمت مراسم حفل الختام لدورة طوكيو للألعاب البارالمبية تحت شعار "تعاون متناغم"، أظهر اللاعبون الصينيون جمال التناغم في التعامل مع كل المشاركين من مختلف أنحاء العالم باختلاف جنسياتهم وأعمالهم، الأمر الذي يطور الروح الأولمبية إلى حد كبير.

الإعاقات الجسدية والحواجز اللغوية والثقافية لم تؤثر في التعبير عن الصداقة بين الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة بل تساعدهم على تعزيز التفاهم والتعارف بكل حب وصدق ومن أعماق قلوبهم. في الخامس والعشرين من أغسطس، بعد المباراة النهائية لفردي سيف المبارزة للسيدات للفئة أ، رأت الصينية بيان جينغ الحاصلة على الميدالية الذهبية في تلك المسابقة أن منافستها نينا تيبيلاشفيلي من جورجيا، جالسة على الكرسي المتحرك وتتحرك بصعوبة للنزول من منصة المسابقة فبادرت إلى تقديم المساعدة لها. قالت بيان جينغ إنهما تبادلتا التهاني وهما يعرفان بعضهما البعض من سنوات طويلة وبينهما تفاهم بشكل كبير. يشير هذا العمل الحسن إلى مفهوم التفاهم المتناغم بصورة واضحة حيث تنافست بيان جينغ وتيبيلاشفيلي في المباراة بأكبر الجهود سعيا للفوز وتحقيق الشرف لبلديهما ولكنهما يتبادلان تقديم المساعدة والتشجيع المخلص بعد المنافسة.

من المعروف أن احترام المنافس عمل مشرف في كثير من الحالات، وخاصة في المنافسات الرياضية. من خلال التعبير عن الاحترام الكامل للمنافس، يمكن للرياضي إدراك مغزى الرياضة بصورة أعمق وأكثر شمولا. في هذه الدورة من الألعاب الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة، قدمت السباحة الصينية لو دونغ أداء مذهلا، حيث توجت بأربع ميداليات في منافسات السباحة وحطمت الرقم العالمي في ثلاث مسابقات. والأهم من إنجازاتها الرائعة، أنها أظهرت الاحترام الخالص لمنافساتها، مما جعلها تحظى بثناء عال في المجتمع الصيني. في حفل توزيع الجوائز لمسابقة سباحة الفراشة خمسين مترا S5 للسيدات ومسابقة السباحة المتنوعة مائتي متر SM5 للسيدات، كانت لو دونغ واقفة بين سباحتين أخريين كانتا جالستين على الكراسي المتحركة. لالتقاط الصورة الجماعية للفائزات بالميداليات على منصة توزيع الجوائز؛ قررت لو دونغ الجلوس بجلسة القرفصاء لالتقاط صور جماعية جميلة لهن. يرى بعض مستخدمي الإنترنت أن لو دونغ رياضية رائعة لأنها بذلت أقصى جهدها في المسابقات وأظهرت أكبر احترام للمنافسات بدون أي تردد. قال البعض الآخر إن هذه الصور الجماعية المتناغمة تظهر الروح الأولمبية التي تتجاوز عوائق الجنسية واللغة والثقافة، وأطلقواعلى لو دونغ لقب "حورية البحر الصينية بدون ذراعين"، تعبيرا عن حبهم لها ولروحها وإيثارها.

وبالنسبة لبعض الرياضيين ذوي الاحتياجات الخاصة، بسبب الإعاقات الجسدية، يحتاجون إلى المساعدة لإكمال الحركات وتحقيق أحلامهم الرياضية. في هذه الحالة، التعاون بين الرياضي ذوي الاحتياجات الخاصة والمرشد الرياضي المصاحب السليم أمر بالغ الأهمية. أثرت قصة العداءة المكفوفة الصينية ليو تسوي تشينغ ومرشدها شيوي دونغ لين في كثير من المشاهدين. من غريبين إلى شريكين حميمين، تغلبا على التحديات في التدريبات والأفكار وشاركا في المسابقات بشكل مشترك، نشأت ثقة متبادلة عميقة بينهما. بفضل هذا التعاون القوي على مدى ثماني سنوات، حققت ليو تسوي تشينغ الكثير من الإنجازات في المسابقات الدولية والوطنية. وفي هذه الدورة من الألعاب البارالمبية في طوكيو، قدم ليو تسوي تشينغ وشيوي دونغ لين تعاونا ممتازا في المسابقات مرة أخرى. بمساعدة شيوي دونغ لين، توجت ليو تسوي تشينغ في سباقي مائتي متر وأربعمائة متر T11 للسيدات على التوالي، فضلا عن الحصول على الميدالية الفضية في سباق مائة T11 للسيدات. رغم أن ليو تسيوي تشينغ لا تستطيع رؤية العالم بعينيها، فإنها تبصر العالم عبر شيوي دونغ، فهو عيناها التي تنير لها الطريق في المسابقات وفي الحياة ويساعدها على تعزيز أدائها الرياضي.

تعتبر الألعاب الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة حدثا رياضيا هاما لكثير من الرياضيين الذين يجتهدون في التدريبات لعدة سنوات. وبسبب تفشي كوفيد- 19، تشتد أهميتها وخصوصيتها في إظهار قوتهم وحيويتهم في مواجهة التحديات. خلال فترة هذه الدورة من الألعاب الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة في طوكيو، أظهر الرياضيون الصينيون مستواهم العالي وحبهم المخلص للحياة والرياضة والتعاون المتناغم بين مختلف الأشخاص. لذا، كلهم أبطال يشجعون الناس على تعزيز الثقة للتغلب على التحديات المتنوعة وتحقيق الأحلام الجميلة.