رياضة < الرئيسية

رياضة الكاراتيه في الصين

: مشاركة
2021-04-30 09:28:00 الصين اليوم:Source نان بي باو:Author

في أغسطس عام 2016، على هامش الدورة التاسعة والعشرين بعد المائة للجمعية العمومية للجنة الأولمبية الدولية التي عقدت في ريو دي جانيرو بالبرازيل، تم الإعلان عن إضافة خمس رياضات إلى منافسات دورة طوكيو للألعاب الأولمبية باليابان، وهذا يعد إصلاحا كاملا للمنافسات الرياضية للألعاب الأولمبية في التاريخ المعاصر. الكاراتيه من الرياضات التي ستضاف إلى أولمبياد طوكيو 2020، ولهذا يولي المزيد من الناس اهتماما واسعا بهذه الرياضة.

مسيرة تطور الكاراتيه في الصين

الكاراتيه نوع من الفنون القتالية المتميزة بالأخلاق النبيلة العالية والمبادئ والقوانين الصارمة. ثمة آراء كثيرة حول نشأة الكاراتيه، فالسيد قوان جيان مين المدرب العام للفريق الصيني للكاراتيه، يعتقد أن الصين هي الموطن الأصلي لهذه الرياضة التي انتقلت إلى جزيرة أوكيناوا ومناطق أخرى في اليابان. في بداية القرن التاسع عشر، كانت هذه الرياضة تُعرف في اليايان باسم "تانغشو" الذي يعني حرفيا "اليد الصينية" أو "يد تانغ". في عشرينات القرن الماضي ومع زيادة شعبية هذه الرياضة في اليابان، قام اللاعب الياباني غيشين فوناكوشي (1868- 1957)، الذي نقل الكاراتيه من أوكيناوا إلى جزر اليابان الرئيسية، بتغيير اسم هذه الرياضة إلى "كاراتيه" أي "اليد الفارغة". بعد ذلك، انتشرت الكاراتيه الحديثة إلى الدول الأخرى في العالم بصورة تدريجية.

بالرغم من أن الصين هي منشأ رياضة الكاراتيه، لم تبدأ مسيرة تطورها في الصين في العصر الحديث إلا في سبعينات وثمانينات القرن العشرين حينما مارس عدد قليل من الصينيين هذه الرياضة في المناطق الساحلية والمدن الكبيرة. مع تعزيز التبادلات مع الدول الأخرى، بفضل تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، انتشرت هذه الرياضة إلى مزيد من المناطق الصينية. في عام 1988، زار لاعب الكاراتيه الياباني المشهور ميكارو كينيتشي، شانغهاي وقدم عرضا لحركات الكاراتيه في معهد الووشو بشانغهاي، مما ساهم في رفع شعبية هذه الرياضة بين المحليين بشانغهاي. في عام 1990، تأسست أول حلقة تدريب صينية لرياضة الكاراتيه في شانغهاي. بعد ذلك، حققت هذه الرياضة تطورا في بكين وتيانجين ونانجينغ، وقوانغتشو وغيرها من المدن في الصين. في إبريل عام 1999، تأسس مجلس رياضة الكاراتيه التابع للجنة الووشو بشانغهاي، وهو أول مجلس في هذا المجال في الصين. من أجل تعزيز مستوى الصين في الكاراتيه، عمل ميكارو كينيتشي مستشارا ومدربا عاما في المجلس لتعليم وتدريب الطلاب وإقامة النشاطات المعنية.

في مايو عام 2006، قررت الإدارة العامة للرياضة الصينية تطوير الكاراتيه بصورة رسمية، فكان ذلك بداية جديدة لهذه الرياضة في الصين. في مارس عام 2007، بعد إكمال أعمال اختيار لاعبين من الألعاب الرياضية الأخرى وفقا لرغباتهم الشخصية والبنية الجسمانية والمهارات الأساسية لهم، تم تأسيس أول فريق وطني لرياضة الكاراتيه في الصين. وفي يوليو ذلك العام، أقيمت الدورة الأولى للبطولة الوطنية للكاراتيه في الصين. في ديسمبر نفس العام، عُقد اجتماع لتأسيس الرابطة الصينية لرياضة الكاراتيه في تشينغداو بمقاطعة شاندونغ، وذلك من أجل جمع مزيد من الأكفاء لتعزيز تطوير هذه الرياضة في الصين.

بفضل اهتمام الإدارة العامة للرياضة الصينية بالكاراتيه، حقق الفريق الصيني تقدما ملموسا في الكاراتيه في السنوات الماضية. في أغسطس عام 2007، بعد تأسيس الفريق الوطني للكاراتيه ببضعة أشهر، شارك الرياضيون الصينيون في الدورة الثامنة للبطولة الآسيوية للكاراتيه في كوالالمبور بماليزيا، وحصلت اللاعبة الصينية فنغ لان لان على الميدالية البرونزية وهي أول ميدالية للصين في تاريخ هذه الرياضة. في سبتمبر عام 2009، فاز الفريق الصيني بثلاث ميداليات ذهبية وميدالية فضية وميداليتين برونزيتين في الدورة التاسعة للبطولة الآسيوية للكاراتيه التي أقيمت في فوشان بمقاطعة قوانغدونغ في جنوبي الصين. في أكتوبر عام 2010، فاز الفريق الصيني للكاراتيه بميداليتين ذهبيتين وميدالية برونزية في دورة قوانغتشو للألعاب الآسيوية؛ وفي الشهر التالي، فازت الصينية لي هونغ بالميدالية الذهبية في منافسات وزن خمسين كيلوغراما للسيدات بالدورة العشرين للبطولة العالمية للكاراتيه في بلغراد بصربيا وهي أول ميدالية ذهبية في تاريخ الصين في هذه البطولة. في أغسطس عام 2018، في دورة جاكرتا للألعاب الآسيوية بإندونيسيا، حصل الفريق الصيني على ميدالية ذهبية وميداليتين فضيتين. وفيما بين يناير إلى مارس من عام 2020، أحرز اللاعبون الصينيون ثلاث ميداليات ذهبية وميداليتين فضيتين وخمس ميداليات برونزية في منافسات أربع محطات لبطولات السلسلة التحضيرية لأولمبياد طوكيو، الأمر الذي أثبت تقدم الصين الكبير في الكاراتيه.

نجوم بارزون في الكاراتيه

مع مرور سنوات من الاستكشاف والتطور، وخاصة بعد تأسيس الفريق الوطني الاحترافي للكاراتيه، ارتفع مستوى الصين في هذه الرياضة بسرعة عالية وظهر عدد كبير من الرياضيين الممتازين، الذين يسهمون في نشر هذه الرياضة في الصين بنتائجهم الجيدة في المنافسات المختلفة.

ين شياو يان، المولودة في عام 1993 بمدينة تشنغتشو، حاضرة مقاطعة خنان في وسط الصين، من أفضل لاعبي الكاراتيه في الصين والعالم. بدأت ين شياو يان ممارسة الكرة الطائرة بالمدرسة الرياضية في تشنغتشو وكانت في حوالي العاشرة من عمرها. رغم قصر قامتها نسبيا، بذلت ين شياو يان أقصى جهودها في التدريبات لرفع مهاراتها وحققت تقدما تدريجيا.

في عام 2007، وبمحض الصدفة، قرأ أهل ين شياو يان مقالة عن اللاعبة تشن تشونغ، البطلة الأولمبية في رياضة التايكواندو، فاستهلموا من مسيرة تشن تشونغ عبرا ودروسا تتعلق بمستقبل ابنتهم. بعد تحليل مكامن القوة والضعف لأداء ين شياو يان في الكرة الطائرة، وافقت ين شياو يان على التوقف عن ممارسة الكرة الطائرة والتحول إلى ممارسة التايكواندو. قالت ين شياو يان إن التايكواندو رياضة فردية وتتطلب مهارات عالية لمن يمارسها. برغم تأخرها في التدريب، كانت على ثقة تامة بأنها ستنجح في هذه الرياضة. وبعد القيام بالتدريبات لمدة أسبوعين فقط، سمعت رن شياو فنغ، مدربة لين شياو يان، خبرا عن تأسيس الفريق الوطني للكاراتيه، ورأت أن ين شياو يان تتميز بإمكانية أكبر في هذه الرياضة الجديدة وشجعتها على ذلك، وبدأت ين شياو يان تمارس الكاراتيه وكانت في الرابعة عشرة من عمرها.

أدركت ين شياو يان أنها بدأت التدريبات المتخصصة في الكاراتيه متأخرة، لذا، بذلت قصارى جهدها لتحسين حركاتها وتعميق فهمها لهذه الرياضة المتسمة بالفن القتالي والأخلاق النبيلة العالية.

وكما يقال، من جدّ وجد. حققت ين شياو يان إنجازات كبيرة في الكاراتيه في السنوات اللاحقة. ففي نوفمبر عام 2009، حصلت على المرتبة الثانية في المنافسات النهائية لوزن 54 كيلوغراما للسيدات في الدورة السادسة لبطولة الكاراتيه العالمية للشباب التي أقيمت في الرباط بالمغرب. وفي مايو عام 2010، فازت بلقب وزن 68 كيلوغراما للسيدات في البطولة الوطنية للكاراتيه التي أقيمت في ونتشو بمقاطعة تشجيانغ في شرقي الصين. وفي سبتمبر عام 2015، توجت بلقب وزن 61 كيلوغراما للسيدات في الدورة الثالثة عشرة للبطولة الآسيوية للكاراتيه التي أقيمت في يوكوهاما باليابان. وفي أغسطس عام 2018، في دورة جاكرتا للألعاب الآسيوية بإندونيسيا، حصلت على الميدالية الذهبية لوزن 61 كيلوغراما للسيدات وهي أول ميدالية للفريق الصيني في الكاراتيه في تلك الدورة. فضلا عن ذلك، أحرزت ين شياو يان ألقابا عدة في بطولات الدوري الممتاز لاتحاد الكاراتيه العالمي بين عام 2019 إلى 2020، مما أهلها للمشاركة في دورة طوكيو للألعاب الأولمبية. قالت إنها استفادت من هذه الرياضة كثيرا وإنها لم تكن تتوقع الحصول على كل هذه الإنجازات. على أساس تلك البطولات والألقاب، تتطلع إلى تحقيق نتائج أفضل في أولمبياد طوكيو.

وانغ تشي وي، عضو الفريق الصيني للكاراتيه، يعد من اللاعبين الممتازين أيضا. بدأ ممارسة الووشو في الثامنة من عمره، الأمر الذي عزز مرونة جسمه وروح المنافسة لديه. بعد عدة سنوات من التدريبات، بدأ وانغ تشي وي ممارسة الكاراتيه في عام 2007 وحقق تطورا ملموسا. في عام 2013، فاز بلقبي منافسات وزن 60 كيلوغراما للرجال في البطولة الدولية المفتوحة للكاراتيه بأستراليا والدورة السادسة لألعاب شرقي آسيا في تيانجين على التوالي. وفي نفس العام، حصل على الميدالية الفضية في وزن 60 كيلوغراما للرجال في البطولة الآسيوية للكاراتيه التي أقيمت في دبي بالإمارات. في عام 2017، توج وانغ تشي وي بقلب وزن 67 كيلوغراما للرجال في الدورة الثالثة عشرة للألعاب الوطنية للكاراتيه في لويانغ بمقاطعة خنان. في عام 2020، فاز بلقبي منافسات فرق الرجال ومنافسات وزن 67 كيلوغراما للرجال في منافسات المحطة الأولى لبطولات السلسلة الوطنية للكاراتيه.

مع تقدم الصين في هذه الرياضة في السنوات الأخيرة، ظهر عدد هائل من الرياضيين المتميزين، ولكن تظل ين شياو يان ووانغ تشي وي أفضل لاعبي كارتيه في الصين. من خلال مساهماتهما وإنجازاتهما الكبيرة، اصبح بإمكان مزيد من عشاق الكاراتيه في العالم مشاهدة آخر تطورات الصين في هذه الرياضة.

تعزيز انتشار الكاراتيه في الصين

مع تقدم الرياضيين الصينيين في الكاراتيه في السنوات الماضية، يزداد عدد الصينيين الذين يتابعون منافسات الكاراتيه ويقرؤون الكتب عن هذه اللعبة الرياضية، بل ويمارسون الكاراتيه كهواية، وهذا يساعد على انتشار الكاراتيه في المجتمع الصيني.

في الحقيقة، دخلت الكاراتيه إلى الجامعات الصينية منذ تسعينات القرن الماضي حينما أنشأ طالب صيني وطالب ياباني رابطة الكاراتيه في جامعة فودان في عام 1991 بشانغهاي، وهي أول رابطة للكاراتيه في الجامعات الصينية. مع إصدار قرار الإدارة العامة للرياضة الصينية بتطوير الكاراتيه في الصين في عام 2006، أخذت هذه الرياضة تنتشر في الجامعات الصينية على نطاق واسع. في إبريل عام 2010، تم تأسيس جمعية الكاراتيه الفرعية التابعة لرابطة الرياضة للطلاب الجامعيين الصينيين وذلك من أجل تسريع تطوير هذه الرياضة في الجامعات الصينية بشكل أكبر من خلال تنسيق التدريبات وتنظيم المسابقات. وبعد ذلك، أنشأت عشرات الجامعات الصينية فرق الكاراتيه من أجل تشجيع مزيد من الطلاب على المشاركة في هذه الرياضة المثيرة وتعزيز أخلاقهم وقدراتهم في التدريبات. على سبيل المثال، تأسس فريق الكاراتيه بجامعة تشينغهوا في عام 2014 وجذب عددا كبيرا من الطلاب لتحسين البنية الجسمانية والتمتع بمزايا الكاراتيه الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، تقيم الأجهزة المعنية المسابقات المختلفة من أجل تعزيز مهارات الطلاب الجامعيين في الكاراتيه وتعميق فهمهم لمميزات هذه الرياضة وزيادة علاقات الصداقة بين الطلاب من مختلف الجامعات. في عام 2010، أقيمت الدورة الأولى لبطولة الكاراتيه الوطنية للطلاب الجامعيين في جامعة الهندسة بمقاطعة آنهوي حيث شارك فيها 385 طالبا من 36 جامعة صينية. بعد سنوات من الاستكشاف والتطور، أصبحت هذه البطولة أهم حدث وطني للطلاب الجامعيين في رياضة الكاراتيه. وقد شارك حوالي 3500 طالب في دورات هذه البطولة من عام 2010 إلى عام 2018 . فضلا عن ذلك، هناك مسابقات أخرى للطلاب الجامعيين الذين يمارسون الكاراتيه، مثلا، منذ عام 2016، تقيم الجامعات بمقاطعة شنشي بطولات سلسلة الكاراتيه حيث يشارك فيها الطلاب الذين يمارسون الكاراتيه في مختلف الجامعات داخل المقاطعة. وفي عام 2020، أقامت جامعة تونغجي بشانغهاي الدورة الأولى لبطولة كأس "يويي" (الصداقة) للكاراتيه التي جذبت أكثر من مائة طالب من مختلف الكليات. تساعد هذه المنافسات على تعزيز التبادلات بين الطلاب من مختلف الجامعات في هذه الرياضة بصورة فعالة ونشر الكاراتيه إلى مزيد من الجامعات الصينية.

ومن أجل تحسين انتشار الكاراتيه في المجتمع الصيني، أدرجت بعض المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية الصينية الكاراتيه ضمن دروس التربية البدنية وتدعو المدربين المتخصصين لتعليم وتدريب الطلاب الحركات الأساسية للكاراتيه وقوانينها. على سبيل المثال، في عام 2017، أقامت رابطة رياضة ساندا (الاشتباك بالأيدي الفارغة) بمدينة بينتشو في مقاطعة شاندونغ ومصلحة الثقافة والرياضة بحي تشانهوا ومدرسة الرياضة المحلية سلسلة من النشاطات لإدخال الكاراتيه وساندا إلى المدارس الابتدائية والإعدادية. قال تساي لي تشن، المسؤول عن هذه النشاطات، إن كثيرا من الطلاب شاركوا في التدريبات المعنية وأعرب معلمو المدراس وأولياء أمور الطلاب عن تقديرهم العالي لهذا الاستكشاف إذ أنه يساعد على زيادة متعة الدروس وتعزيز البنية الجسمانية للطلاب وتوسيع آفاقهم في نفس الوقت.

مع تطور الكاراتيه في الصين وانتشارها بين عامة الناس، ازداد عدد صالات الكاراتيه في كثير من المناطق الصينية في هذه السنوات. أشارت البيانات المعنية إلى أن عدد صالات الكاراتيه بلغ أكثر من ثلاثين ألفا بحلول عام 2019، مما يسد حاجات الناس لتجربة هذه الرياضة في أوقات الفراغ.

تشاو ينغ، وهي موظفة من إحدى الشركات المالية بتشنغدو في مقاطعة سيتشوان، قامت بالتسجيل في إحدى صالات الكاراتيه القريبة من شركتها وتتدرب مرتين كل أسبوع، من أجل تخفيف التعب والضغوط في العمل. قالت إنها تحب الفنون القتالية منذ صغرها. مع تطور الكاراتيه في الصين في العقود الماضية، أرادت تجربة هذه الرياضة. فضلا عن تقليل الضغوط الناجمة عن الأعمال الروتينية، تعزز فهمها لقوانين هذه الرياضة، وتساعد على رفع فعالية العمل إلى حد كبير. أضافت أنها تقابل كثيرا من الناس الذين يحبون الكاراتيه في الصالة، وبإمكانهم تقاسم الخبرات خلال التدريبات. هكذا، صارت ممارسة الكاراتيه فرصة هامة لتنشيط الجسم والحصول على الأصدقاء في آن واحد.

بفضل تعزيز اهتمام الصين بتطوير الكاراتيه وأداء اللاعبين المحترفين الممتاز في البطولات الوطنية والدولية وانتشارها الكبير في المجتمع الصيني، تزداد شعبية الكاراتيه في الصين وأصبحت إحدى الرياضات المفضلة بين كثير من الصينيين بشكل عام والشباب بشكل خاص. ولا نبالغ إذا قلنا إن الكاراتيه ستحقق تطورا أكبر في بلادنا في المستقبل القريب وستكون رياضة معروفة وشعبية بين الصينيين يوما ما، ونأمل أن يسهم ذلك في تحقيق المزيد من الإنجازات الصينية في الكاراتيه في المحافل الدولية.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4