رياضة < الرئيسية

تطور سباق القوارب واليخوت في الصين

: مشاركة
2020-06-21 15:00:00 الصين اليوم:Source نان بي باو:Author

مع قدوم فصل الصيف الحار، يعتبر ركوب القوارب في البحار والتمتع بأجواء خاصة اختيارا مثيرا. وحقيقة الأمر، ظهرت السفن والقوارب واليخوت في العصور القديمة، حيث أبحر بها القدماء من مختلف القارات واستكشفوا العالم البعيد والغريب عنهم. على سبيل المثال، قيل إنه في فترة أسرة شانغ (القرن 16- 11 ق.م) في الصين، صنع الصينيون السفن الكبيرة وأبحروا في المحيط الهادئ؛ في منتصف القرن الثامن الميلادي، قاد التاجر العماني أبو عبيدة السفينة صحار ووصل إلى قوانغتشو في جنوبي الصين بعد رحلة استغرقت سنتين، فكان ذلك رمزا للعلاقة الودية بين الصين والدول العربية؛ وفي نهاية القرن الخامس عشر، عبر الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس المحيط الأطلسي ووصل إلى الجزر الكاريبية، مما فتح صفحة جديدة لتاريخ البشرية.

مع تطور استخدام الناس للقوارب وزيادة المعلومات عن البحار، والرغبة في الاستكشاف، أصبح سباق القوارب أو الإبحار لعبة رياضية منذ القرن التاسع عشر ورياضة شعبية في الدول الأوروبية والأمريكية. مع تطور هذه الرياضة، دخلت إلى الصين وشهدت تطورا تدريجيا.

مسيرة سباق القوارب في الصين

تتوفر في مناطق شمالي وشرقي وجنوبي الصين المطلة على البحر ظروف طبيعية مناسبة لتطور رياضة القوارب فأصبحت مهد الإبحار في الصين. في عام 1873، في نهاية فترة أسرة تشينغ (1644- 1911م)، أقام نادي شانغهاي للإبحار الدورة الأولى لمسابقة كأس شانغهاي للقوارب التي اعتبرت أول سباق في مجال الإبحار في آسيا. وفي عام 1934، فاز الصيني شيانغ ليان سون بسباق القوارب في شانغهاي.

بعد تأسيس جمهورية الصين الجديدة، ظهرت عدة أندية لسباق القوارب في المدن المطلة على البحر. ومن أجل إعداد المواهب الصينية في سباق القوارب ومواصلة تعزيز تطوير الإبحار، تم إنشاء مدرسة رياضة القوارب في تشينغداو بمقاطعة شاندونغ المطلة على البحر الأصفر. تميزت المدرسة بقدرة عالية في صنع السفن والقوارب، واهتمت بتدريب الطلاب والقيام بالبحوث العلمية وغير ذلك.

منذ تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح، حققت رياضة القوارب في الصين تطورا كبيرا. في عام 1979، تأثر مدرب في مدرسة رياضة القوارب في تشينغداو اسمه وانغ لي، بمقطع فيديو حول سباق القوارب الشراعية في فرنسا، فقرر صنع القوارب مع زملائه ونجحوا في صنع أول قارب شراعي في الصين. استعرض وانغ لي مهارات ركوب القارب الشراعي في مراسم افتتاح سباق الزوارق الآلية للدورة الرابعة للألعاب الرياضية الوطنية، مما جذب اهتماما كبيرا بين المشاهدين، وكان ذلك بداية ورمزا لرياضة ركوب الزوارق الشراعية في الصين. في أغسطس السنة التالية، أقيمت في تشنيغداو أول بطولة وطنية للقوارب. وفي عام 1981، تأسست الرابطة الصينية للقوارب، الأمر الذي يعني تحقيق تقدم كبير لهذه الرياضة في الصين.

مع قدوم القرن الحادي والعشرين، دخل سباق القوارب في الصين إلى مرحلة التقدم المزدهر. في عام 2005، أسس وانغ تشاو يونغ فريق الصين الوطني للمشاركة في بطولة كأس أمريكا للقوارب، التي تعتبر من أشهر السباقات الدولية في العالم. وفي عام 2007، أقيمت الدورة الأولى لمسابقة كأس الصين للقوارب، التي تعد أول مسابقة دولية للقوارب تقام في الصين. وبعد سنة، نجحت تشينغداو في استضافة سباقات القوارب لدورة بكين للألعاب الأولمبية، مما شجع على إقامة مزيد من السباقات المعنية في المناطق المطلة على البحر في الصين. في عام 2018، بلغ عدد سباقات القوارب التي أقيمت في الصين نحو مائتي سباق، منها سباقات للمحترفين وأخرى للهواة، وسباقات للشباب وسباقات للأسر، وسباقات دولية وسباقات وطنية. وصارت تشينغداو وشانغهاي وشنتشن وسانيا من أشهر المدن الصينية في مجال سباق القوارب. قال ليو هونغ، الرياضي السنغافوري الذي سافر إلى الصين للمشاركة في سباق القوارب، إن هذه الرياضة تزدهر في الصين باعتبارها رياضة جيدة وصديقة للبيئة.

بعد عشرات السنين من تطورها، تجذب رياضة القوارب كثيرا من الصينيين الذين يشاركون في هذه الرياضة لمعايشة متعة خاصة على البحر. خلال السنوات الأخيرة، تفتتح بعض المدارس أو الدورات الخاصة لتدريب محبي هذه الرياضة، مما يساعد على نشر سباقات القوارب في الصين على نطاق واسع.

المميزون في سباق القوارب

مع تطور رياضة القوارب في الصين، ينبثق عدد هائل من الرياضيين الممتازين في هذه الرياضة ويسهمون في نشرها من خلال أدائهم الرائع في المساقات المعنية.

عندما نتحدث عن رياضة القوارب في الصين، علينا أن نذكر قوه تشوان، البحار الصيني الشهير الذي قدم مساهمات ضخمة في هذه الرياضة. ولد قوه تشوان في عام 1965 في تشينغداو بمقاطعة شاندونغ، التي تعتبر مدينة هامة في تطور رياضة القوارب في الصين في العصر الحديث.

رغم أنه لم يتلق تدريبات نظامية منذ صغره، إلا أنه بفضل حماسته للإبحار بدأ يشارك في سباقات المحترفين. في أكتوبر عام 2008، انطلق قوه تشوان من أليكانته في أسبانيا وعبر المنطقة البحرية الخطيرة، ووصل إلى موانئ البلطيق بعد حوالي عشرة أشهر. جاء قوه تشوان وسفينته في المرتبة الخامسة في هذا السباق، وأصبح أول لاعب آسيوي يكمل هذا السباق في العالم.

 في عام 2012، قرر قوه تشوان تحدي الرقم القياسي العالمي للملاحة العالمية بانفراد وبدون توقف. فانطلق من تشينغداو في نوفمبر عام 2012 وعاد إليها بعد مرور نحو 138 يوما في عرض البحر، في إبريل عام 2013. أصبح قوه تشوان أول صيني يقوم بالملاحة العالمية منفردا وبدون توقف، مسجلا رقما قياسيا جديدا.

في الخامس عشر من أغسطس عام 2015، قاد قوه تشوان السفن التي تحمل اسم "تشنيغداو الصين" واتجه إلى المحيط المُتجمّد الشمالي مع خمسة ملاحين من دول أخرى ووصلوا إلى خط النهاية في مورمانسك بروسيا في اليوم الثاني من سبتمبر ذلك العام. نجح قوه تشوان وفريقه في عبور الممر الشمالي الغربي للمحيط المتجمد الشمالي، وحقق رقما قياسيا جديدا.

ين جيان، رياضية صينية مشهورة في رياضة القوارب الشراعية، وهي الحائزة على أول ميدالية ذهبية في تاريخ هذه الرياضة في الألعاب الأولمبية.

ولدت ين جيا في عام 1978 في قرية قانغياو لناحية هاينان في مدينة شيتشانغ بمقاطعة سيتشوان في جنوب غربي الصين. منذ صغرها، تحب السباحة في بحيرة تشياونغهاي. فضلا عن السباحة، أجادت لعب كرة السلة مما أظهر مواهبها في الرياضة. في عام 1992، بدأت ين جيان تلقي التدريب المحترف في رياضة ركوب القوارب الشراعية في مدرسة تشيونغهاي للرياضات المائية. رغم صغر سنها، حيث كانت في الرابعة عشرة من عمرها، ولا تعرف رياضة ركوب القوارب الشراعية ولم تمارسها سابقا، تميزت ين جيان بقدرة عالية في التعلم حيث تمكنت من اتقان الحركات والمهارات بسرعة عالية، فحققت تقدما كبيرا خلال دراستها وتدربها في المدرسة.

من أجل تحقيق نتائج ممتازة في السباقات، بذلت ين جيان أقصى جهودها في التدريب. ولكن، بسبب كسر في ركبتها اليمنى، لم تستطع إجراء التدريبات لمدة طويلة، ومع ذلك لم تفكر في التوقف عن هذه الرياضة. قال مدربها وأصدقاؤها إن ين جيان رياضية ممتازة، لا تخشى أي صعوبات. بعد انتهاء دروس التدريب وعودة زملائها من البحر، تبقى ين جيان وحدها وتواصل التدريب على القوارب .

كما يقول المثل "من جد وجد". في عام 2002، فازت ين جيان في البطولة الوطنية للقوارب الشراعية بالصين والبطولة الآسيوية للقوارب الشراعية. وفي نفس العام، حصلت على الميدالية الفضية في رياضة ركوب القوارب الشراعية في دورة الألعاب الآسيوية في بوسان، بجمهورية كوريا. وفي عام 2008، فازت ين جيان في سباق ركوب القوارب الشراعية بدرجة RS-X للسيدات في دورة بكين للألعاب الأولمبية، وحصلت على الميدالية الذهبية الرابعة والأربعين للصين في تلك الدورة.

فضلا عن قوه تشوان وين جيان، ظهر في السنوات الأخيرة كثير من الرياضيين الصينيين الممتازين أيضا في هذه الرياضة، مثل شيوي لي جيا، الحاصلة على الميدالية الذهبية في أولمبياد لندن عام 2012، وقوه وي لونغ، البطل الوطني في الإبحار وغيرهما. كلهم يحبون هذه الرياضة ويقدمون مساهمات عظيمة في نشرها في الصين.

سباق يعزز التبادلات بين شعوب طريق الحرير البحري

في فترة أسرة مينغ (1368- 1644م)، قام البحار الصيني تشنغ خه بسبع رحلات بحرية على متن أكبر أسطول بحري في العالم آنذاك. ذكرت كتب التاريخ الصينية أنه وصل إلى أكثر من ثلاثين دولة وسافر إلى المحيط الهادي الغربي والمحيط الهندي ووصل إلى شرقي أفريقيا والبحر الأحمر. وفرت هذه السلسلة من الرحلات البحرية فرصا للتبادل بين الصين والدول الأخرى ودفعت تطور طريق الحرير البحري إلى حد كبير.

منذ طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013، تتوثق العلاقات بين الدول على طول "الحزام والطريق". فتتعاون هذه الدول في إقامة النشاطات الاقتصادية، السياسية، الثقافية والرياضية من أجل تعزيز الصداقة بينها.

في أغسطس عام 2019، أصدر الديوان العام لمجلس الدولة الصيني إعلانا بشأن منهج بناء الدولة الرياضية القوية، أوضّح فيبه أهداف ومهام وإجراءات تحقيق ذلك. أشار هذا الإعلان إلى تعزيز التعاون والاهتمام بالتبادل في مجال الرياضة مع الدول والمناطق المعنية والمشاركة في التبادلات الثقافية بين الحكومات لدفع التشارك في بناء "الحزام والطريق".

باعتبار القوارب وسيلة هامة لتعزيز الصداقة بين الشعوب على طول طريق الحرير البحري، يزداد عدد السباقات والنشاطات الرياضية في مجال القوارب خلال السنوات الأخيرة. في الفترة بين نوفمبر عام 2019 إلى يناير عام 2020، أقيمت الدورة الأولى لسباق القوارب في إطار "الحزام والطريق" التي تكونت من سلسلة من سباقات القوارب الفرعية في تايلاند والصين وسنغافورة وماليزيا. شارك فيها أكثر من ألف لاعب من مختلف الدول ومنها الدول على طول طريق الحرير البحري.

رغم أن الدورة الأولى لسباق القوارب في إطار "الحزام والطريق" تكونت من أربع محطات فقط، فإنها قدمت منصة للتبادلات الجديدة، فقد أقامت الجهات المنظمة بعض النشاطات لنشر رياضة القوارب وتشجيع مزيد من الناس للمشاركة فيها. على سبيل المثال، في محطة بيهاي، بمنطقة قوانغشي الذاتية الحكم لقومية تشوانغ في جنوب غربي الصين، أقيم مهرجان القوارب حيث شارك فيه كثير من المشاهدين من مختلف الدول، وتوفرت لهم فرصة التبادل والتواصل مع الرياضيين المحترفين وتجريب القوارب بأنفسهم، مما أسهم في زيادة معلومات الناس عن هذه الرياضة. في محطة سنغافورة، قدمت الجهة المنظمة محاضرات وأجرت تبادلات وزيارات لتعزيز رغبة الشباب في رياضة القوارب. أشارت آنا سانشيز نائبة رئيس الاتحاد الدولي للتجديف، إلى أهمية نشر هذه الرياضة بين الشباب. قال وو جيان وي، الرياضي الصيني في ركوب القوارب الشراعية، البالغ من العمر 19 عاما، إنه مارس هذه الرياضة لمدة خمس سنوات. من خلال المشاركة في هذا السباق، يمكنه أن يتبادل مع الرياضيين من الدول الأخرى والتعلم منهم.

مقارنة مع الدول الأوروبية والأمريكية، مازالت رياضة القوارب في الصين في مرحلة التطور. لكن، لا يمكننا أن نهمل تقدمها الكبير في السنوات الأخيرة. مع زيادة عدد السباقات المقامة في الصين، ظهر العديد من الرياضيين الصينيين المميزين في هذه الرياضة، وتتعزز العلاقات مع الدول على طول طريق الحرير البحري، فلا بد لهذه الرياضة أن تشهد ازدهارا ضخما في المستقبل في الصين.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4