في العاشر من مارس عام 2019، اختتمت بطولة العالم للتزلج السريع على المضمار القصير لعام 2019 في العاصمة البلغارية، صوفيا. وفي اليوم الأخير، حصل فريق التزلج الصيني للرجال على ميدالية فضية في سباق التتابع للرجال لمسافة 5000 متر. وحصل الفريق الصيني إجمالا على ثلاث ميداليات فضية وميدالية برونزية في سباق 500 متر للرجال وسباق 500 متر للنساء وسباق التتابع للرجال لمسافة 5000 متر، مما أهله لاحتلال المركز الثالث في هذه الدورة من بطولة العالم، فيما جاء فريق جمهورية كوريا في المركز الأول وفريق هولندا في المركز الثاني.
وو دا جينغ، قائد فريق التزلج السريع الصيني، وصاحب ميدالية ذهبية أولمبية لدورة بيونغ تشانغ 2018 وصاحب الرقم القياسي العالمي لسباق التزلج السريع على المضمار القصير لمسافة 500 متر، لم يقدم أداء قويا وبشكل مستقر في منافسات هذه الدورة من البطولة، وذلك بسبب الإصابات المتكررة وعدم الانتظام في تدريباته. شارك وو دا جينغ في جولتين فقط من منافسات كأس العالم للتزلج السريع على المضمار القصير، ولم يقم بتدريبات انتظامية حتى في عشية بطولة العالم. وبجانب ذلك، ارتكب المنافسون الآخرون أخطاء لثلاث مرات في النهائي وكان لا بد من إعادة بدء المنافسة من جديد لأربع مرات، واصطدم به أحد المنافسين خلال السباق، مما شكل تحديا كبيرا له. ونظرا لهذه الظروف، يعتبر حصوله على الميدالية الفضية إنجازا كبيرا جدا، رغم التوقع السائد قبل المنافسات بحصوله على الميدالية الذهبية، لكونه المنافس الأقوى. ورغم فشله في الحصول على الميدالية الذهبية، لم يتأثر كثيرا. قال: "فقدت فرصة التتويج بالميدالية الذهبية وهو أمر حدث ولن يتغير، الأهم الآن هو رفع قدراتي وتطوير مستواي باستمرار، لكي أتمكن من استعادة الميدالية الذهبية في المرة القادمة." ولم يكن هذا سوى جزء بسيط من حياته الرياضية، لكن نتيجة المنافسات في البطولة تثبت أمرين: أن كل رياضي يواجه فترات تألق وصعود وفترات تراجع وهبوط ولا يستطيع أي رياضي مهما كانت قوته وقدراته أن يحقق الفوز كل مرة، حتى وهو في قمة قوته ومستواه. ثانيا، لم يفقد وو دا جينغ موهبته وقدراته، ولا يزال هناك وقت ومجال لتقوية وتطوير مستواه قبل الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022 في بكين.
وفي التاسع من مارس، أي يوم التنافس الثاني لبطولة العالم للتزلج السريع على المضمار القصير، بجانب حصول وو دا جينغ على ميدالية فضية، حصلت الرياضية فان كه شين، قائدة فريق التزلج السريع الصيني للنساء وصاحبة الألقاب الخمسة لبطولة العالم للتزلج السريع على المضمار القصير، على ميدالية فضية في سباق 500 متر. شارك في منافسات نهائي 500 متر لاعبات مشهورات، جميعهن في ترتيب متقدم على مستوى العالم، وبينهن الهولندية المشهورة لارا فان رويجفين صاحبة الترتيب الثالث عالميا، والإيطالية المشهورة فالسيفينا صاحبة الترتيب الثاني على العالم وغيرهما من اللاعبات المشهورات العالميات الأخريات؛ فيما تحتل الصينية فان كه شين الترتيب العالمي السادس. وفقا للترتيب العالمي، كان من الصعب على فان كه شين تحقيق نتيجة جيدة. رغم المنافسة القوية في النهائي، تمكنت هذه الرياضية الصينية بفضل مهارتها وقدراتها المميزة وإصرارها من إحراز الميدالية الفضية، التي تحققت في الوقت المناسب، مما يفتح بداية جيدة لها في الموسم الجديد.
في عام 1993، ولدت فان كه شين في أسرة فقيرة بمدينة تشيتايخه المعروفة بمهد أبطال العالم للتزلج السريع على المضمار القصير في الصين، بمقاطعة هيلونغجيانغ. هي فتاة هادئة لطيفة منذ طفولتها. في عام 2000، بدأت فان كه شين وكان عمرها سبع سنوات تعلم الرقص، لكنها توقفت بعد فترة قصيرة، بسبب عدم قدرة اسرتها على تحمل تكلفة تعليمها الرقص، رغم أنها كانت موهوبة فيه. وفي السنة التالية، أي 2001، بدأت تعلم التزلج على الجليد مصادفة. وبعد سنتين، حصلت على فرصة لتعلم التزلج في مدينة هاربين، وعاشت مع عشرة أطفال في مرآب تحت الأرض. لم يكن لديهم مكان خاص للتدريب، وكان لا بد لهم من القيام بالتدريبات في مدرسة الرياضة بالمدينة في منتصف الليل. كانت بداية حياتها الرياضية شاقة جدا، لكن جهودها المستمرة آتت ثمارها، ونجحت في الانضمام إلى فريق التزلج لمقاطعة هيلونغجيانغ في عام 2008.
وفي مارس عام 2009، عندما بلغت سن فان كه شين السادسة عشرة من عمرها، نجحت في إحراز المركز الثاني في سباق 500 متر في بطولة الصين للتزلج السريع على المضمار القصير للناشئين، وفي نفس العام، حصلت على لقب التزلج السريع على مسافة 500 متر في جولة هاربين لدوري التزلج السريع الوطني. وفي يناير عام 2010، شاركت في بطولة العام للتزلج السريع على المضمار القصير للشباب، وأحرزت ميداليتين فضيتين في سباق 500 متر وسباق التتابع لمسافة 5000 متر. أداؤها المتميز جذب اهتمام المدربة الرئيسية للفريق الصيني لي يان. وفي أكتوبر من نفس العام، انضمت إلى الفريق الوطني. وفي نفس الشهر، شاركت في سباق التتابع لمسافة 3000 متر في كأس العالم للتزلج السريع على المضمار القصير في مونتريال، في كندا، مع زميلاتها تشو يانغ وليو تشيو هونغ وتشانغ هوي، وبفضل مهارتها وقدرتها القوية والتعاون والتفاهم الجيد مع زميلاتها تمكنّ من الحصول على الميدالية الذهبية. كانت تلك الدورة من بطولة العالم هي الدورة الثامنة التي تشارك فيها، وحصلت على خمس ميداليات ذهبية خلال مشوارها الرياضي. إلا أن طريق البطولات والألقاب العالمية لم يأت لها بالشهرة وشرف التتويج فحسب، بل الإصابات أيضا، وخاصة إصاباتها في منطقة الخصر التي تركت تأثيرات سلبية كبيرة على أدائها ومستواها، فواجهت صعوبات متزايدة كبيرة من أجل عودتها إلى ساحات التنافس. لذا، فإن حصولها على الميدالية الفضية في هذه الدورة من بطولة العالم لا يثبت مدى قوتها وإصرارها فحسب وإنما أيضا يزيد من ثقتها بنفسها ويقدم مثالا ممتازا لزميلاتها الشابات ليحذون حذوها.
رغم فشل وو دا جينغ وفان كه شين في نيل الميدالية الذهبية، فإن تطور وتقدم مستوى لاعبات ولاعبي التزلج السريع الآخرين أبهر الجميع وزرع الأمل في نفوسنا بتحقيق إنجازات في المستقبل.
المتزلج الصيني رن تسي وي حصل على ميدالية فضية وميدالية برونزية في هذه الدورة من بطولة العالم. من أجل مساعدة وو دا جينغ في الاستعداد لنهائي 500 متر وتوفير وقت الراحة له، قاد رن تسي وي المتزلجين الجدد في المشاركة في سباق التتابع لمسافة 5000 متر، وواجه ضغطا كبيرا وقاد زملاءه للدخول في نهائي سباق التتابع، وساهم مساهمة كبيرة في مساعدة الفريق الصيني لنيل هذه الميدالية الفضية.
ولد رن تسي وي في عام 1997، وشارك في أولمبياد بيونغ تشانغ الشتوية لعام 2018، بجانب حصوله على الميدالية الفضية لسباق التتابع لمسافة 5000 متر مع وو دا جينغ، أحرز المركز السادس في سباق 500 متر. وفي بطولة العالم للتزلج السريع على المضمار القصير لعام 2018، وبعد تنافس قوي، حصل على الميدالية الفضية. وبالإضافة إلى ذلك، نجح رن تسي وي في كسر الرقم القياسي العالمي مع زملائه في سباق التتابع في جولة مدينة سولت ليك بالولايات المتحدة الأمريكية لكأس العالم في موسم 2016- 2017، وحصلوا على الميدالية الذهبية.
كان أداء رن تسي وي في هذه الدورة من بطولة العالم مستقرا، وفي الجولة الأولى من سباق 500 متر، تنافس بشكل جيد وانتهز الفرصة لكسب المرتبة الأولى في الجولة الأولى بنتيجة 024ر42 ثانية. وبعد وقت الراحة، بدأت الجولة الثانية، وكان رن تسي وي ما زال متحمسا جدا، وجاء في المرتبة الأولى مرة أخرى بعد التغلب على منافسه من جمهورية كوريا المشهور ليم هيو يون، وفي النهائي حصل على الميدالية البرونزية. كان سباق 1000 متر التحدي الحقيقي بالنسبة إلى رن تسي وي، فإنجازاته في هذا السباق ليست جيدة، لكنه كان مرنا وسريعا وتمكن من إبراز ميزاته بشكل جيد، وبفضل جهوده، تمكن في نهاية المطاف من الوصول إلى الجولة النهائية من المنافسات والحصول على المركز السادس، وهو أفضل أداء لفريق التزلج السريع للرجال الصيني في بطولة العالم هذه. وفي سباق 3000 متر، أحرز رن تسي وي المركز الخامس، الذي يعتبر نتيجة جيدة أيضا. رغم أنه لم يحصل على ميدالية في سباق 1000 متر وسباق 3000 متر، تعكس قوة أدائه إمكانياته الكبيرة على المنافسة على مستوى العالم. ومن المؤكد، أنه بعد تدريبات انتظامية وتحسن مستمر وجهود متواصلة، سوف يتقدم باستمرار ويصبح أقوى ويحمل المزيد من مسؤولية قيادة الفريق الصيني على كتفيه.
أما على مستوى فريق التزلج السريع الصيني للنساء، فإن أداء ومستوى المتزلجة تسانغ يي تسه ذات العشرين عاما، يستحق التقدير. دخلت هذه الرياضية الشابة نهائي مجموعة B لثلاثة سباقات، وأحرزت المرتبة الأولى لسباق 500 متر والمرتبة الأولى لسباق 1000 متر والمرتبة الثانية لسباق 1500 متر في مجموعة B، بجانب إحرازها المركز الثامن للتزلج السريع المتنوع. تمكنت تسانغ يي تسه من العودة بعد الإصابة الخطيرة بهذه النتيجة، ولا شك أنه عامل قوي يسهم في تشجيع فريق التزلج السريع الصيني للنساء بصورة كبيرة لتطوير مستواه ويبعث الثقة والأمل في نفوس المتزلجات.
ولدت المتزلجة الشابة تسانغ يي تسه في عام 1999، ورغم صغر سنها، هي عضوة في الفريق الوطني الصيني منذ ثلاث سنوات؛ حيث اختيرت في الفريق الوطني الصيني في عام 2016، وقبل ذلك تم اختيارها في فريق مقاطعة هيلونغجيانغ في عام 2012. استغرق الأمر أربع سنوات لتتمكن من الانضمام إلى الفريق الوطني الأول، وكانت تعرف أنه حلم صعب التحقيق. والجدير بالذكر أنه قبل انضمامها لفريق المقاطعة، كانت تتدرب تدريبا غير احترافي في مدرسة رياضية. وبعد التحاقها بالفريق الوطني، دخلت نهائي الدوري لموسم عام 2016، وحققت تقدما بشكل سريع وملفت للنظر.
لسوء الحظ، في نوفمبر عام 2017، في ربع نهائي سباق 500 متر في جولة شانغهاي لكأس العالم للتزلج السريع على المضمار القصير، تعرضت تسانغ يي تسه التي كانت في أوج مرحلة صعودها وتألقها، إلى إصابة خطيرة؛ كسر في عظمة الصدر، الأمر الذي أدى إلى غيابها عن منافسات أولمبياد بيونغ تشانغ الشتوية لعام 2018. لم تفقد ثقتها بنفسها وبقدراتها بعد الإصابة، وقالت: "على الرغم من أن الإصابة مؤسفة إلى حد ما، ولكن بما أن الإصابة قد حدثت بالفعل، فلا بد لي من قبولها والتعايش معها، فأنا ما زلت صغيرة وأدركت أن مسألة التعافي لن تكون صعبة، وصممت على بذل قصارى جهدي للعودة إلى حلبات المنافسة في أقرب وقت ممكن، وأكافئ جميع من يهتمّون بي ويدعمونني، لتحقيق الألقاب لبلدي."
أثناء مرحلة التعافي والنقاهة في أحد المستشفيات، كانت تسانغ يي تسه بمساعدة الأطباء تقوم بتدريبات وتمرينات خاصة تساعدها على الشفاء. وقالت، "إن هذه التدريبات الخاصة لم تكن أقل شدة من التدريبات اليومية، لكني لا أستطيع القيام بالتدريب إلا على السرير، لذلك، كانت الصعوبة كبيرة إلى حد ما، نفس مدة التدريب العادي تحتاج إلى المزيد من العرق والجهد". كانت هذه الرياضية الشابة تأمل في العودة إلى ميدان التنافس بسرعة وأن تكون بين زميلاتها. وقد عادت أخيرا إلى المضامير العالمية، رغم فشلها في الحصول على ميداليات حاليا، فإن من دواعي السرور والإعجاب أن تحصل على الميداليات لاحقا بوصفها رياضية مصابة بإصابات بالغة نجحت في التعافي والعودة بشكل أقوى. وهي على ثقة تامة بأنها ستتحسن وستستعيد قوتها ومستواها وتثبت تفوقها في المنافسات المحلية والدولية بعد تعافيها التدريجي من الإصابة.
في الموسم الماضي، ركز مدربو الفريق الصيني الرئيسي عملهم وجهودهم في تدريب المتزلجين والمتزلجات الجدد، ربما النتائج لم تكن متألقة وبمستوى طموح الجماهير، لكنه أمر طبيعي في عملية التكييف والتمرين والبناء. في الصين، تتطور رياضة التزلج السريع على المضمار القصير، ومن أجل الاستعداد لأولمبياد بكين الشتوية وتحضير الأكفاء والمتميزين في هذه الرياضة، استحدث الدوري الممتاز للتزلج السريع على المضمار القصير لكأس الصين. وبعد موسم من التطور، أصبح هذا الدوري ساحة طيبة للمتميزين الصينيين لإظهار مواهبهم وقدراتهم التنافسية. سون لونغ ويانغ شواي، اللذان شاركا في سباق التتابع لمسافة 5000 متر في بطولة العالم للتزلج السريع على المضمار القصير، تم اختيارهما من الدوري الممتاز الصيني. ثمة ما يدعو إلى الاعتقاد بأنه مع تحسن حالة المتزلجين الصينيين المشاهير وتصاعد مستوى المتزلجين الصينيين الجدد والتطور السريع لرياضة التزلج السريع على المضمار القصير في الصين، سوف تتحسن نتائج الفريق الصيني يوما بعد يوم. وكلنا أمل في هؤلاء الرياضيين لتحقيق إنجازات مميزة في أولمبياد بكين الشتوية عام 2022 وفي جميع المنافسات العالمية لرفع اسم وراية الصين في المحافل الدولية وتحقيق أحلام وطموح الشعب الصيني.
©China Today. All Rights Reserved.
24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037