مجتمع < الرئيسية

نظام العمل المرن.. بيئة عمل أكثر شمولا للمرأة

: مشاركة
2025-09-15 11:44:00 الصين اليوم:Source ليو شيويه يون:Author

أثارت "وظائف الأمهات" نقاشا واسعا مؤخرا، وأصبحت مثالا حيا لـ"تمكين المرأة". تتسم "وظائف الأمهات"، المخصصة للنساء في فترة رعاية الأطفال، بنظام عمل مرن لحل معضلتين: صعوبة الجمع بين العمل ورعاية الأطفال، وصعوبة التوظيف. وهذا يوفر بيئة عمل أكثر شمولا للمرأة. لا يزال هذا النموذج الجديد للتوظيف في مرحلة الاستكشاف، ويواجه حتى الآن العديد من التحديات.

"وظائف الأمهات".. استجابة طبيعية لمتطلبات العصر

شركة كنتاكي فرايد تشيكن في مدينة تشينغداو، من أوائل الشركات المدرجة في دليل "وظائف الأمهات" بالمدينة. وفقا للمعلومات، تم شغل معظم الوظائف الخمسين المخصصة للعمل بدوام جزئي ("العمل بالساعة") التي أعلنت عنها الشركة، مع ملاحظة أن هذه الفرص لا تتوفر إلا في بعض فروع المناطق النائية. قال مسؤول في الشركة: "غالبية هذه الوظائف تكون في أعمال المطبخ الخلفي، بأجر يتراوح بين 14 و18 يوانا (الدولار الأمريكي يساوي 2ر7 يوانات تقريبا حاليا) في الساعة. يتم الحساب النهائي للأجر وفقا لإجمالي ساعات العمل الشهرية." وأضاف: "نحرص على مرونة المواعيد، حيث ننسق جداول العمل وفقا لمواعيد ذهاب وإياب الأمهات من وإلى المدارس، مع ضمان فترة عمل تتراوح بين 4 و8 ساعات في كل مرة. تعتمد عملية التوظيف بشكل أساسي على المقابلات الهاتفية، وبعد التأكيد نقوم بإتمام إجراءات الشهادات الصحية وبطاقات البنك ثم يمكن بدء العمل مباشرة."

تشمل القائمة المعلنة لـ"وظائف الأمهات"، شركة تشينغداو للأخوات الكبيرات المحبات، التي أعلنت عن حاجتها إلى فرص عمل في "الخدمات المنزلية الميدانية". إلى جانب الخدمات المنزلية، يمكن للمتقدمات الاختيار وفقا لظروفهن الشخصية وظائف مثل "مربية الأطفال" أو "مساعدة ما بعد الولادة"، بشرط إكمال التدريب والتأهيل المهني المعتمد لكل وظيفة. تتم عملية التوظيف من خلال التوفيق بين وقت المتقدمة وظروفها الشخصية من ناحية، ومتطلبات الوظيفة من ناحية أخرى.

مرونة الوقت عامل حاسم في تصميم "وظائف الأمهات"، كما تمثل حاجة مشتركة بين العديد من الباحثات عن هذا النوع من الوظائف. لكن هل يمكن الاعتماد فقط على هذه الوظائف بدوام جزئي لتقديم دعم حقيقي للنساء في سن الإنجاب؟

لي شيوي، وهي سيدة عمرها ثلاثة وثلاثون عاما من منطقة قوانغشي الذاتية الحكم لقومية تشوانغ، أم متفرغة منذ خمس سنوات. قبل ذلك، كانت معلمة في روضة أطفال. بسبب ظروف عائلية طارئة، اضطرت للعودة إلى سوق العمل. قالت: "إذا توفرت لنا منصات تعلم لتنمية المهارات إلى جانب فرص عمل مناسبة، فسيخفف هذا بشكل كبير من قلقنا وضغوطنا بشأن العودة إلى سوق العمل."

في الحقيقة، "وظائف الأمهات" ليست من ابتكار مدينة تشينغداو. في السنوات الأخيرة، قامت مقاطعات مثل قوانغدونغ وتشجيانغ بإصدار سياسات داعمة لتوظيف النساء في سن الإنجاب بشكل مرن. فعلى سبيل المثال، منذ عام 2019، بدأت بعض الشركات في مدينة تشونغشان بمقاطعة قوانغدونغ في تخصيص وظائف لـ"العاملات الأمهات"، بما في ذلك "ورش عمل مخصصة لوظائف الأمهات". وقد وصلت "وظائف الأمهات" في تشونغشان حاليا إلى مرحلة جديدة، حيث تم توسيع نطاق الوظائف المعروضة، مع التركيز على تحسين مستوى الوظائف وتطوير المهارات المهنية.

قالت يويه لينغ، الأستاذة المساعدة في جامعة الصين للعلاقات العمالية: "من دون شك، تستحق 'وظائف الأمهات' الإشادة والتشجيع، لأنها تلبي احتياجات التوظيف لفئة معينة في فترة زمنية محددة، وتقدم حلا انتقاليا لأشكال عودة النساء إلى سوق العمل بعد الإنجاب". وأشارت إلى أن القيود الواقعية تجعل هذه الوظائف ذات متطلبات منخفضة ومهارات محدودة، مما لا يلبي طموحات الأمهات ذوات المؤهلات العالية والمهارات المتقدمة. لذا تبقى هذه الوظائف محدودة الفاعلية في معالجة أشكال عودة معظم النساء إلى سوق العمل. وأضافت: "لا يجب حصر 'وظائف الأمهات' في الطبيعة المؤقتة للوظيفة، بل يمكن تصميمها وتعديلها بمرونة وفقا للاحتياجات الفعلية للمتقدمات والظروف المحلية."

معضلة العودة إلى العمل

تشن يون، وهي أم جديدة عمرها ثمانية وعشرون عاما، كانت المرونة في ساعات العمل عاملا أساسيا في بحثها عن وظيفة. بفضل خلفيتها الأكاديمية في مجال الإدارة وخبرتها العملية، وجدت وظيفة مناسبة كمتخصصة في الموارد البشرية في شركة خاصة، حيث تتناسب ساعات العمل (من التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء) بشكل مثالي مع ظروفها. قالت تشن يون: "لم يكن طريق العودة إلى العمل مفروشا بالزهور. بالمقارنة مع فترة تخرجي في الجامعة، أشعر بوضوح بصعوبة سوق العمل الحالية ومعاناة المرأة في سن الإنجاب لإيجاد فرصة عمل." وأضافت: "عادة ما تتحفظ الشركات أكثر عند توظيف النساء بعد الإنجاب."

قالت الآنسة وي، المسؤولة عن شؤون الموظفين في شركة لمستلزمات الأجهزة المنزلية الذكية بمدينة تشونغشان: "الاستقرار هو العامل الأساسي الذي نأخذه في الاعتبار." تسعى الشركة حاليا لشغل وظيفة "مساعد مالي"، مع توقع أن يتمتع المرشحون بخبرة مهنية معينة. رغم أن الشركة سبق وأن جربت فتح هذا النوع من الوظائف للأمهات ذوات الخبرة العملية، فإن حاجة الأمهات المتكررة لمعالجة أمور مثل ذهاب وإياب الأطفال من المدارس ودور الحضانة تؤدي إلى إرباك إداري لعمليات الشركة اليومية. ولهذا، تتعامل الشركة بحذر في هذا الشأن.

قالت لي شيوي: "أشعر بحيرة وقلق كبيرين. من ناحية، أعتقد أنني ابتعدت عن المجتمع لفترة طويلة وأفتقر إلى القدرة التنافسية؛ ومن ناحية أخرى، لا أعرف ما يمكنني فعله." بعد غياب طويل عن الحياة المهنية، يعود الفرد إلى سوق العمل وهو يحمل في صدره مخاوف وقلقا عميقين، مع انعدام ثقته بنفسه في قدرته على الاندماج بسلاسة في المجتمع وإيجاد وظيفة مناسبة.

لماذا تواجه النساء صعوبات كبيرة في العودة إلى سوق العمل بعد الإنجاب؟ في مقالة للباحث تشيوي شياو بوه من معهد البحوث السكانية واقتصاديات العمل التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أشار إلى أنه على الرغم من أن مسؤولية تربية الأطفال لا تقع بالضرورة على جنس واحد، فإن المفاهيم الأسرية التقليدية غالبا ما تسند مهمة رعاية الأطفال إلى النساء، مما يؤثر سلبا على توظيفهن. من ناحية، قد يؤدي الإنجاب إلى انخفاض مشاركة المرأة في القوى العاملة، بما في ذلك الانسحاب من سوق العمل أو تقليل ساعات العمل. ومن ناحية أخرى، قد يؤثر الإنجاب سلبا على مستوى الأجور والتطور المهني للمرأة، وذلك بسبب تمييز أصحاب العمل ضد النساء المنجبات، وانقطاع تراكم رأس المال البشري بسبب الإنجاب.

قالت يويه لينغ: "بالإضافة إلى العوامل الشخصية والأسرية والاجتماعية، يرتبط هذا الأمر إلى حد ما بسياسة إجازة الأمومة الحالية في بلدنا." وفقا لـ((الوائح الخاصة بحماية عمل الموظفات))، تبلغ إجازة الأمومة الأساسية في الصين حاليا 98 يوما. وتحصل الموظفات اللاتي ينجبن الطفل الثاني أو الثالث على إجازة أمومة إضافية كمكافأة. على سبيل المثال في بكين، بالإضافة إلى إجازة الأمومة الأساسية، يمكن للموظفات الحصول على 60 يوما إضافيا من إجازة الأمومة الممتدة، ليصبح المجموع 158 يوما. وفي حال توافق الطرفين (الموظفة وصاحب العمل)، يمكن تمديد إجازة الأمومة لمدة من شهر إلى ثلاثة أشهر إضافية، وقد تصل إلى سبعة أشهر. وبعد تطبيق سياسة الطفل الثالث، أصبحت فترة إجازة الأمومة هذه أطول بشكل ملحوظ، مما زاد من صعوبة عودة المرأة إلى سوق العمل.

قالت يويه لينغ: "ما زالت هناك فرصة لتعديل سياسات الإنجاب. عند صياغة السياسات المعنية في المستقبل، من الضروري تحديد الحدود الواضحة بين إجازة الأمومة وإجازة رعاية الطفل". وهي ترى أن إجازة الأمومة مخصصة للنساء فقط، بينما يجب أن تشمل إجازة رعاية الطفل كلا الجنسين، مع التأكيد على المسؤولية المشتركة للرجل والمرأة في تربية الأطفال. يشكل هذا نقطة محورية في عملية صياغة السياسات، كما يمثل وسيلة على مستوى النظام لتوجيه الرجال نحو تحمل مسؤوليات تربية الأطفال.

"وظائف الأمهات" لا يجب أن تكون محطة النهاية

بعد الضجة والإشادة التي أحدثتها "وظائف الأمهات"، أطلقت شانغهاي مبادرة "وظائف صديقة للإنجاب". ففي العشرين من ديسمبر 2024، أصدرت شانغهاي ((الإشعار بشأن تنفيذ العمل التجريبي لنموذج التوظيف في "وظائف صديقة للإنجاب"))، داعية أرباب العمل إلى تخصيص وظائف تتميز بمرونة ساعات العمل وطرق العمل وبيئة عمل داعمة، لتكون "وظائف صديقة للإنجاب"، مقدمة في الأساس للعاملين الذين يعولون أطفالا تحت سن 12 سنة.

كسرت شانغهاي الحواجز القائمة على النوع الاجتماعي، متجاوزة فكرة حصر هذه الوظائف في إطار دور "الأم" التقليدي. كما تبذل جهودا شاملة لتعزيز "الوظائف الصديقة للإنجاب" عبر تحسين بيئات العمل وتطوير خدمات التوظيف وتعزيز برامج التدريب المهني. تشجع حكومة المدينة بنشاط أرباب العمل على تطوير هذه الوظائف ووضع معايير وظيفية علمية ومعقولة، مع التركيز بشكل خاص على توجيه قطاعات الصناعة التحويلية والضيافة والمطاعم والخدمات السكنية، بالإضافة إلى قطاعات الاقتصاد الحديثة مثل اقتصاد المنصات والاقتصاد الرقمي والاقتصاد الإبداعي والثقافي واقتصاد الشيخوخة، لتقديم خدمات مثل برامج إعادة التدريب بعد العودة من إجازة الأمومة.

قالت يويه لينغ: "بالنسبة للنساء اللواتي يرغبن في العودة إلى العمل بعد الإنجاب، لا ينبغي أن يقتصر دعمنا على مجرد خلق فرص عمل جديدة. يتطلع العديد منهن للعودة إلى بيئات العمل الأصلية، مما يبرز أهمية توفير دعم قوي للنساء بعد الإنجاب في مكان العمل." وهي ترى أنه أولا، يجب الحد من التمييز في مكان العمل. فالإنجاب ليس مسؤولية الموظفة وعائلتها فحسب، بل هو مسؤولية المجتمع بأكمله. ثانيا، ينبغي خلق بيئة عمل متسامحة تدعم عودة النساء المنجبات. وذلك من خلال توفير مرونة في ساعات العمل مع تقديم الدعم اللازم لتحديث المهارات بعد العودة. ثالثا، تمثل رعاية الرضع من عمر 0 إلى 3 سنوات قضية محورية يتعين على المجتمع بأسره معالجتها. يمكن لمنظمات مثل النقابات العمالية واتحاد المرأة استغلال مواردها والتعاون مع المؤسسات والشركات والحدائق الصناعية والجهات الخارجية، لتقديم خدمات رعاية الأطفال في مكان العمل أو المجتمع، مما يخفف العبء عن النساء والعائلات في رعاية الأطفال.

للتغلب على تحفظات الشركات بشأن إنشاء "وظائف الأمهات" وتحفيز المزيد من المؤسسات على المشاركة في بناء بيئة داعمة للتطور المهني للمرأة وزيادة عدد الوظائف ذات الصلة، يتعين على الحكومة تقديم حوافز وسياسات داعمة. في وثيقة ((إجراءات بشأن تعزيز نموذج توظيف "وظائف الأمهات")) التي أصدرتها مدينة تشونغشان في نوفمبر 2023، تم ذكر تفاصيل السياسات الداعمة والإعانات، حيث تقدم إعانات التأمينات الاجتماعية الشهرية بقيمة 400 يوان لكل موظفة في المؤسسات المؤهلة التي تقدم "وظائف الأمهات"، بحد أقصى 200 ألف يوان سنويا لكل مؤسسة. كما تقدم إعانات تأمينات اجتماعية شهرية بقيمة 300 يوان لكل عاملة مستقلة مؤهلة تشغل "وظائف الأمهات".

قالت يويه لينغ: "يمكن لمنصات التوظيف العامة الحالية توسيع نطاق خدماتها، وإضافة خدمات مخصصة لفئات معينة (مثل العائدين إلى سوق العمل أو الباحثين عن التطور المهني). يجب على الحكومة وضع وتنفيذ سياسات إعانات تفضيلية، من خلال توفير منح مالية أو إعفاءات ضريبية أو إعانات مباشرة، لتحفيز هذه المؤسسات على تقديم خدمات التوظيف وتطوير المهارات للنساء بعد الإنجاب، مما يساعدهن على العودة بسلاسة إلى سوق العمل أو تحقيق الترقية المهنية."

--

ليو شيويه يون، صحفية في مجلة ((تقرير الصين)).

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4