مجتمع < الرئيسية

القناة الكبرى في العشرين حولا الماضية

: مشاركة
2025-08-18 12:57:00 الصين اليوم:Source رن ده يونغ:Author

صادف الثاني والعشرون من شهر يونيو لعام 2025، الذكرى السنوية الحادية عشرة لإدراج قناة الصين الكبرى في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو). في هذه السطور، وأنا أستعرض رحلتي مع القناة الكبرى خلال عشرين عاما، تغمرني مشاعر عميقة. لقد شهدت القناة الكبرى تحولات هائلة، وصارت قناة بكين، كجزء من قناة الصين الكبرى، تزهو ببهائها ورونقها.

لقد تم توسيع عرض قناة بكين من خمسين مترا إلى مائتي متر، فأضحت مياهها صافية وضفافها خضراء بالنباتات المورقة، مما جعلها مرفأ مثاليا لاسترخاء السكان حولها. بحلول عام 2024، وصلت نسبة الغطاء النباتي على ضفاف القناة إلى 7ر33%، مع تسجيل 367 نوعا من الطيور في حي تونغتشو، حيث تقضي عشرات الآلاف من الطيور المائية فصل الشتاء هنا سنويا.

من نافلة القول، الحديث عن فعاليات الماراثون المنتظمة وسباقات قوارب التنين في عيد دوانوو، والمشاهد المسرحية الغامرة لـ"مهرجان افتتاح النقل المائي" في "ميناء النقل المائي" أو على منصة معبد كونفوشيوس في حي تونغتشو. الأمر ذاته يقال عن المسرحيات الموسيقية الناجحة مثل "الفتاة التي أصلحت الحوض"، المأخوذة عن رواية تحمل نفس الاسم، أو مسرحية "الاتجاه شمالا" المستوحاة من موضوعات القناة. حاليا، تشهد المناطق المحيطة بالقناة حيوية ثقافية غير مسبوقة. لقد شاركت بشكل مباشر أو غير مباشر في أعمال حماية "مجمع برج راندنغ والبنايات الأثرية المحيطة". واليوم، أرى هذه المنطقة التي اعتدت زيارتها لإلقاء المحاضرات، وقد تحولت إلى مقصد سياحي عالمي مشهور، في المركز الإداري لبلدية بكين (حي تونغتشو) لتجربة ثقافة القناة الكبرى.

لؤلؤة مغطاة بالغبار

في تاريخ الصين، كانت قناة بكين- هانغتشو الكبرى، كجزء من القناة الكبرى، شريان نقل الحبوب الإمبراطورية، ولعبت دورا لا يمكن الاستغناء عنه. كانت بكين هي العاصمة لأسر يوان (1271- 1368م) ومينغ (1368- 1644م) وتشينغ (1644- 1911م)، وكانت الحبوب القادمة من الجنوب تنقل عبر القناة إلى بكين. بجانب "ميناء النقل المائي" الإمبراطوري، يشمخ برج راندنغ كمنارة ملاحية مهمة للسفن القادمة من الجنوب، بينما لا تزال قصيدة وانغ وي تشن من أسرة تشينغ "يظهر حي تونغتشو عندما ترى برج راندنغ" تتردد حتى اليوم. لكن بعد قرار حكومة أسرة تشينغ في عام 1901 بإنهاء نظام النقل المائي الذي استمر ألفي عام، بدأت القناة الكبرى تفقد أهميتها تدريجيا.

في صيف عام 2000، ومن أجل صياغة مستقبل مزدهر لحي تونغتشو، بادر مثقفو القطاع التعليمي في الحي بتنظيم "فريق استكشاف القناة الكبرى لطلاب المدارس الإعدادية والابتدائية في بكين"، حيث شارك خمسمائة معلم وطالب في رحلة بحثية على طول ضفاف نهر تونغهوي وشمالي القناة الكبرى، لدراسة البيئة الإيكولوجية والموارد الحضرية في الطرف الشمالي للقناة الكبرى بحي تونغتشو بشكل تفصيلي.

كان هدفنا هو جعل الطلاب يختبرون بشكل ملموس القيمة التاريخية للقناة الكبرى وحكمة الأسلاف، ولكننا واجهنا موقفا محرجا خلال الرحلة الاستكشافية؛ فعندما وصل الطلاب المتحمسون إلى نقطة الانطلاق الشمالية لقناة بكين- هانغتشو الكبرى، وهي بوابة الفيضان الثانية لشمالي القناة الكبرى في حي تونغتشو، رفضوا النزول من الحافلة بسبب الرائحة الكريهة المنبعثة من المياه. كان المارة يغطون أنوفهم من بعيد، بينما يسارع راكبو الدراجات بالهروب سريعا، ويغلق السائقون نوافذ سياراتهم.

ماذا حدث للقناة الكبرى؟ لم يكن قد مضى عشرون عاما، في ثمانينيات القرن العشرين، عندما ظهرت مياه نهر اليانغتسي الصافية في الفيلم الوثائقي الضخم "حديث عن نهر اليانغتسي" و"حديث عن القناة الكبرى" لمحطة تلفزيون الصين المركزية، لكن أين ذهبت مياه قناتنا الصافية؟ سأل الأطفال ببراءة: "يا عم، لماذا رائحة مياه القناة كريهة هكذا؟ كيف تحمونها؟" نحن الذين نعتز بفصاحتنا، عجزنا عن الرد.

إن عظمة القناة الكبرى لا تقل عن سور الصين العظيم، فكلاهما من الإنجازات الهندسية العظيمة القديمة للأمة الصينية. في ذلك الوقت، كان سور الصين العظيم قد أدرج في قائمة التراث العالمي لليونسكو، بينما ما زالت قناة بكين- هانغتشو التي تجري مياهها منذ 2500 عام غير مشهورة.

في الحقيقة، ظهرت فكرة إدراج القناة الكبرى في قائمة التراث العالمي لليونسكو بالتزامن مع تقديم طلب إدراج سور الصين العظيم. لكن الرأي آنذاك كان هو أن سور الصين العظيم، رغم تدهور حالته، حظي بترميم واسع شاركت فيه جماهير الشعب في عام 1984 بعد حملة "أحبوا الصين، أصلحوا سور الصين العظيم"، بينما كانت أجزاء القناة الشمالية تعاني من الجفاف المتقطع، وبعض المجاري امتلأت بالأعشاب والقمامة. حتى الأجزاء التي ما زالت تحتفظ بالمياه، مثل المسار بين حي تونغتشو ومدينة تيانجين، لم تعد سوى قنوات للصرف الصحي وتصريف الفيضانات. لقد فقدت القناة الكبرى منذ أكثر من مائة سنة الأهمية التي جعلتها شريانا يربط بين أربع مقاطعات (تشجيانغ وجيانغسو وشاندونغ وخبي) ومدينتين (بكين وتيانجين)، وتمر عبر خمسة أنظمة مائية رئيسية (نهر تشيانتانغ ونهر اليانغتسي ونهر هوايخه والنهر الأصفر ونهر هايخه).

شعاع يسطع من جديد

هل أصبحت القناة الكبرى بهذا الانهيار والضعف؟ لا، الأمر ليس كذلك. القناة الكبرى هي إنجاز هندسي مائي ضخم للأمة الصينية، تحمل حكمة الأسلاف، وهي شريان حيوي وطني للنقل المائي عبر العصور. إذا كان سور الصين العظيم يمثل عمودا فقريا للأمة الصينية، كالأب القوي الشامخ، فإن القناة الكبرى هي الدم الذي يغذي الأمة الصينية، مثل حليب الأم، ويغذي ازدهار جميع القوميات الصينية.

تغيرت هذه الحالة في نهاية عام 2005. في ذلك العام، قام ثلاثة خبراء في القناة الكبرى، وهم لوه تشه ون (82 عاما) وتشنغ شياو شيه (90 عاما) وتشو بينغ رن (61 عاما)، بإرسال رسالة مشتركة إلى 18 مدينة على طول قناة بكين- هانغتشو الكبرى، بما فيها حكومة حي تونغتشو، داعين إلى تسريع وتيرة حماية التراث وعملية تقديم طلب تسجيلها في قائمة التراث العالمي. كانت دعوتهم الحماسية هي أن "قناة بكين- هانغتشو الكبرى كنز لا يقدر بثمن"، "يجب إدراج القناة الكبرى في قائمة التراث العالمي"، "ينبغي للعالم أن يدرك أهميتها". "لا يمكن تأخير هذا الأمر أكثر من ذلك". أثارت هذه الرسالة صدمة واسعة، وحفزت المدن المعنية على التنسيق المشترك لحماية القناة والبدء في إجراءات تقديم طلب جماعي لإدراجها في قائمة التراث العالمي لليونسكو.

في ذلك الوقت، كان قد مضى على عملي في متحف تونغتشو أقل من عام. قبل ذلك، كنت أمضيت خمس عشرة سنة في التدريس. رغم أنني لم أكن تمكنت بعد من استيعاب كافة تفاصيل حماية التراث الثقافي للقناة الكبرى، جعلتني خبرتي في تدريس التاريخ بالمدارس الإعدادية أدرك أن القناة الكبرى هي تراث ثقافي عالمي متحرك ورثناه عن الأسلاف. ولأن حي تونغتشو هو نقطة البداية الشمالية لقناة بكين- هانغتشو الكبرى، لذا فإن مستقبل القناة الكبرى يجب أن يحظى بأهمية قصوى.

اليوم، عادت القناة الكبرى إلى الحياة من جديد أخيرا. خلال أكثر من عشرين عاما من الاستعدادات لتقديم طلب الإدراج في قائمة التراث العالمي وحتى النجاح في ذلك، توالت الأخبار السارة: اكتمل الربط الملاحي لقطاع بكين- خبي بطول 62 كيلومترا، مما عزز تطوير الموارد الثقافية والسياحية على ضفاف القناة. ومنذ عام 2022، تم تحقيق ربط مائي متواصل للقناة بأكملها لأربع سنوات متتالية، مع استمرار عمليات تعزيز تدفق المياه حتى نهاية يونيو هذا العام بحجم بلغ حوالي خمسمائة مليون متر مكعب، مما يعزز النظام البيئي على طول ضفافها. في عام 2023، أعيد افتتاح معبد كونفوشيوس في تونغتشو الذي يقع في شمالي القناة، والذي يرجع تاريخ بنائه إلى عام 1298 في أسرة يوان بعد ثلاث مراحل من تحسين البيئة والترميم، فأضاف عمقا تاريخيا لمنطقة بكين (تونغتشو) السياحية لثقافة القناة الكبرى التي ارتقت إلى تصنيف 5A الوطني. بهذه الإجراءات من الإصلاح الإيكولوجي وحماية الآثار، تفتح القناة الكبرى فصلا جديدا من الحماية والتوارث والاستخدام.

يقول البعض إن سور الصين العظيم يشبه "الشرطة اليسرى الهابطة" في الكتابة الصينية، بينما تشبه القناة الكبرى "الشرطة اليمنى الهابطة"، ويشكلان معا مقطع الكتابة الصيني "" (الإنسان) العملاق على أرض الوطن. كواحد من أبناء تونغتشو، نشأت وترعرعت على ضفاف القناة الكبرى، وكمعلم قاد طلابه سابقا لاكتشاف الآثار القديمة على طول القناة، وكباحث تراث شارك في أعمال تقديم طلب إدراج القناة في قائمة التراث العالمي، وكمثقف سياحي يستقبل الزوار يوميا فوق مياه القناة، أجد هذا التشبيه دقيقا بشكل مؤثر.

تحولت تونغتشو اليوم بشكل مبهر إلى المركز الإداري لبلدية بكين، بينما أصبحت القناة الكبرى عبر العمل المشترك بين الجهات الحكومية المعنية على طول ضفافها، من المواقع الرئيسية التي يقصد إليها المواطنون للاسترخاء اليومي والغوص في تجربة الثقافة الصينية التقليدية المتمثلة في تراث القناة الكبرى.

شهدت سلسلة التحولات المهمة للقناة الكبرى؛ من التنفيذ المتدرج لـ((خطة حماية التراث الثقافي للأولمبياد الإنسانية)) إلى البناء المزدهر لحزامها الثقافي، ومن نجاح إدراجها في قائمة التراث العالمي، وحتى حصول المنطقة السياحية الثقافية على تصنيف 5A الوطني. لم تجتذب هذه التغيرات السياح من كل أنحاء العالم فحسب، وإنما أيضا عززت إصراري على تحمل مسؤولية رواية حكاية القناة الكبرى بوصفي راويا للقصص الثقافية. وإنني على ثقة بأن جهودنا المشتركة ستجعل قصصها أكثر حيوية وانتشارا عبر العالم.

--

رن ده يونغ، عضو لجنة الثقافة والتاريخ للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني في حي تونغتشو، ومسؤول سابق في متحف حي تونغتشو.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4