تشتهر بحيرة أرهاي في ولاية دالي الذاتية الحكم لقومية باي بمقاطعة يوننان، بمناظرها الشاعرية الخلابة، وقد أضحت معلما سياحيا تهوي إليه أفئدة عدد لا يحصى من الناس. المشاهد على ضفافها متنوعة، فمن جانب تصطف الأنزال المشيدة بأسلوب مينشوكو، والتي تفوح بعبق أدبي وتعكس الخصائص المحلية؛ ومن جانب آخر، تتراكب المشاهد الطبيعية الجميلة؛ فجبل تسانغشان يشمخ كلوحة خالدة خالية من المداد، بينما تبدو البحيرة ذاتها كقيثارة عتيقة من دون أوتار. يتعانق الجبل والماء، فترتسم صورة طبيعية تشفي القلوب وتبهج النفوس. بهاء هذه الجنة الطبيعية لا ينفصل عن مثابرة وعرق جنودها المجهولين من حراسها وحماتها الذين يحافظون عليها خضراء صافية تحت السماء الزرقاء والسحب البيضاء.
حُماة أرهاي على مدى عشرات السنين
في الصباح الباكر، عندما تخترق أشعة الشمس الأولى السحاب وتسقط على بحيرة أرهاي، يبدأ يان بينغ تشي، مسؤول إدارة أراضي الشاطئ في قرية قوشنغ بمدينة دالي على مستوى المحافظة، يومه المزدحم. يرتدي السيد يان سترة زرقاء مكتوب عليها "الفريق المتخصص لتنظيف أرهاي"، ويقوم بإزالة الأعشاب المائية التي تجرفها الأمواج إلى الضفاف. يقول يان بينغ تشي، حامل "حامي أرهاي" المحبوب: "أقوم بهذا العمل منذ عشر سنوات. كل يوم، تجرف الأمواج الأعشاب المائية والأسماك الميتة إلى الضفاف. مهمتي هي انتشالها وتنظيف الضفاف، مرة تلو الأخرى." السيد يان مسؤول عن منطقة تمتد سبعة كيلومترات على ضفاف البحيرة، حيث يشرف على صيانة أراضي الشواطئ وفحص قنوات الصرف، مهما كانت حالة الطقس. قال مبتسما: "هذا يفيد الأجيال القادمة."
بحلول وقت الظهر، يرى الناس أكوام الأعشاب المائية متراصة بشكل أنيق على طول ممرات المشاة حول البحيرة، في انتظار شاحنات التنظيف لجمعها ونقلها، حيث يتم إعادة تدويرها إلى سماد عضوي. هذه الأكوام الخضراء هي نتاج عمل يان بينغ تشي وزملائه من "حُماة أرهاي"، الذين يرجع الفضل في وجودهم إلى الدعم الكامل من الحكومة المحلية لإشراك كل المحليين في حوكمة البحيرة. قال دونغ ليانغ، نائب المدير المتفرغ لمقر قيادة حماية وإدارة وتنمية بحيرة أرهاي وحوكمتها، في دالي: "نطبق طرق العمل الميداني والتركيز على المشروعات وتعلم النماذج، وأنشأنا جهازا قياديا ميدانيا، ونشرنا فرق عمل في ثماني عشرة بلدة وقرية ضمن حوض أرهاي. في كل شهر، نطلق عملا محددا ونعزز دور الجماهير كعنصر رئيسي. قمنا بجمع أموال وحشد قوة جميع قطاعات المجتمع على نطاق واسع، لبناء هيكل عمل للبناء المشترك والحوكمة المشتركة والاستفادة المشتركة بمشاركة كل جماهير الشعب، بقيادة الحكومة مع اتخاذ الشركات كهيئة رئيسية، ومشاركة المنظمات الاجتماعية والجمهور معا. ومن حيث تحسين جودة مياه البحيرة، بفضل التطبيق الصارم لنظام المسؤولين عن الأنهار واستعادة الأنهار المغذية للبحيرة، بلغت نسبة جودة المياه الممتازة 100%، في سبعة وعشرين نهرا رئيسيا مغذيا لبحيرة أرهاي.
التكنولوجيا تعزز حماية البحيرة
تحتضن دالي أكثر من عشرة فرق بحثية تعمل في المحافظة على البحيرات، ومنها معهد بحوث يوننان (دالي) التابع لجامعة جياوتونغ بشانغهاي الذي أُنشئ بالشراكة بين مديرية العلوم والتكنولوجيا لمقاطعة يوننان وحكومة ولاية دالي وجامعة جياوتونغ بشانغهاي. يقع المعهد في منطقة هايدونغ الجديدة بمدينة دالي. وعلى هذا الأساس، أنشئت في عام 2021 بمقاطعة يوننان، محطة البحوث الوطنية للمراقبة البرية للنظام البيئي لبحيرة أرهاي.
قال وانغ شين تسه، عميد معهد بحوث يوننان (دالي) التابع لجامعة جياوتونغ بشانغهاي: "يمكن القول إن التكنولوجيا تستخدم من السماء إلى الأرض. نستخدم الاستشعار عن بُعد والطائرات من دون الطيار للمراقبة في السماء، وقوارب بحثية متخصصة لحماية بحيرة أرهاي على سطح المياه، ودوريات قوارب غير مأهولة تحت الماء للتعرف على حالة الشفافية تحت الماء وتغيرات الكائنات القاعية. لدينا سلسلة من أدوات المراقبة عبر الإنترنت، وأيضا محطات مراقبة تلقائية للأنهار التي تدخل البحيرة، والتي يمكنها مساعدتنا في فهم الوضع في بحيرة أرهاي في الوقت الفعلي." بالاعتماد على هذه الوسائل العلمية والتكنولوجية، نقوم بما يلي: أولا، يجري فريق البحث دراسات متتابعة حول جودة المياه والتغيرات البيئية لبحيرة أرهاي، ويأخذ العينات ويحلل جودة المياه والطحالب لمنطقة البحيرة، من مرة إلى ثلاث مرات أسبوعيا. ثانيا، نقوم بمراقبة جودة مياه الأنهار التي تصب في البحيرة والخنادق المائية المهمة ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي في البلدات والقرى الرئيسية في منطقة الأحواض الرئيسية للبحيرة، لتحليل فعالية خفض انبعاثات الملوثات في أحواض البحيرة. ثالثا، مراقبة مشروعات السيطرة على البكتيريا الزرقاء والاستعادة البيئية للأراضي الرطبة في أحواض بحيرة أرهاي من مرة إلى مرتين كل الشهر، وتحليل فعالية إجراءات الحوكمة البيولوجية، لتوفير أساس لاتخاذ القرار بشأن النموذج الطويل الأجل لحماية وحوكمة بحيرة أرهاي.
بجانب ذلك، يطور معهد بحوث يوننان (دالي) التابع لجامعة جياوتونغ بشانغهاي، عددا من تقنيات الحوكمة العملية وينفذ نماذج هندسية، ويقدم الدعم الفني لحل مشكلات التلوث غير المحدد المصدر ومشكلات جودة مياه الأنهار التي تصب في البحيرة ومشكلات الاستعادة البيئية للبحيرات والخلجان الرئيسية في حوض بحيرة أرهاي.
قال وانغ شين تسه: "في عام 2003، كان عمق الرؤية في بحيرة أرهاي 5ر1 متر فقط، وكانت كثافة الفسفور ضمن معايير المياه من الدرجة الثالثة، بنسبة تصل إلى 34 ميكروغرام/ لتر. بحلول 2023، وصل عمق الرؤية إلى 1ر2 متر وتحسنت كثيرا، وانخفضت كثافة الفسفور إلى 19 ميكروغرام/ لتر. ترتبط هذه النتائج ارتباطا وثيقا بأعمال الحماية والحوكمة البيئية في السنوات الماضية." عندما يأتي الناس إلى دالي، فإنهم يشعرون أن مياه بحيرة أرهاي أصبحت أكثر نقاء، وعاد لونها تدريجيا إلى اللون الأزرق الداكن الذي يحبه الناس.
بناء حواجز خضراء لاستقرار النظام البيئي
على الممر الإيكولوجي بضفاف بحيرة أرهاي، إشارات ولوحات إرشادية واضحة، فيمكن التمتع بالأمواج الخضراء والمناظر الطبيعية الخلابة. من أجل استعادة بيئة الأحواض، تم بناء ممر إيكولوجي يبلغ طول مساره الرئيسي حول بحيرة أرهاي 129 كيلومترا. بالإضافة إلى دوره في حماية البيئة وإتاحة التمتع بالمناظر الطبيعية، فإنه يربط بين البلدات والقرى المحيطة ببحيرة أرهاي، مما يوفر للزوار تجربة سياحية فريدة، فضلا عن أنه حاجز إيكولوجي أخضر للبحيرة. قال يان تشي بينغ، وهو من سكان قرية قوشنغ القريبة من البحيرة: "حدثت تغيرات كبيرة في السنوات الماضية. على سبيل المثال، لم يكن عدد زوار قريتنا يتجاوز مائة شخص قبل سنوات، ولكن العدد حاليا يصل إلى آلاف. ويمتدح الزوار قريتنا بأنها ذات بيئة جيدة ومناظر طبيعية جميلة."
يشكل الممر الإيكولوجي لبحيرة أرهاي حزاما واقيا من التلوث المحيط بالبحيرة، مما يعزز بشكل كبير التنوع البيولوجي واستقرار النظام الإيكولوجي للبحيرة. وفي الوقت ذاته، تم إنشاء ممر مراقبة إيكولوجي من أجل المراقبة والإدارة، وإنشاء منظومة ممرات خضراء بطيئة الحركة حول البحيرة. وبفضل هذه الحواجز الخضراء، انخفض حمل تلوث المغذيات في بحيرة أرهاي باستمرار في السنوات الأخيرة، وصارت جودة مياهها مستقرة بشكل عام عند مستوى "ممتاز".
في عملية تخطيط وبناء ممر أرهاي الإيكولوجي، حددت الحكومة المحلية علميا الخط الأحمر الإيكولوجي على ضفاف بحيرة أرهاي والخط الأصفر الإيكولوجي للبحيرة، وقسمت أحواض بحيرة أرهاي إلى: المنطقة الجوهرية للحماية الإيكولوجية، والمنطقة العازلة للحماية الإيكولوجية، ومنطقة التنمية الخضراء. إن هذه الطريقة توضح حدود ومبادئ ومتطلبات حماية بحيرة أرهاي وإدارتها، الأمر الذي يرسى أساسا متينا لحماية بحيرة أرهاي على المدى الطويل. وفي الوقت ذاته، يجري مشروع تشجير الجبل الشرقي ومشروعات ترقية جودة وفعالية الأرض الرطبة والخزانات والبرك في أحواض بحيرة أرهاي، مما يعزز وظيفتها كحاجز إيكولوجي.
نفذت الحكومة المحلية مشروع استعادة النظام الإيكولوجي في بحيرة أرهاي، والمتمثل في "الحشائش المائية والطحالب والأسماك والطين"، والذي أعاد بشكل فعال التوازن الإيكولوجي لبحيرة أرهاي من خلال تربية الأسماك وإطلاقها بانتظام، والتنظيم الإيكولوجي والمراقبة، وزراعة النباتات المائية وغيرها. بالإضافة إلى ذلك، من حيث منع التلوث ومكافحته، وفقا لبيانات مركز دالي لمنع التلوث ومكافحته، تم بناء اثنتي عشرة محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي وشبكة أنابيب تجميع مياه الصرف الصحي بطول 4ر3 آلاف كيلومتر، و99 ألف خزان للصرف الصحي، في أحواض بحيرة أرهاي. وتم بشكل أولي إنشاء نظام محلي لجمع ومعالجة مياه الصرف الصحي، يغطي أحواض البحيرة بأكملها. منذ تنفيذ هذا النظام في الثلاثين من يونيو 2018، تم جمع ومعالجة أكثر من أربعمائة مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي المنزلية، مما يوفر ضمانا قويا للتحسين المستمر لجودة المياه في بحيرة أرهاي.
في السنوات الأخيرة، تتحسن تدريجيا البيئة المائية وبيئة المياه في بحيرة أرهاي. يعد نبات الأوتيليا المستدقة مؤشرا بيئيا مهما، فهو النبات الأصلي لأحواض بحيرة أرهاي، ويحتاج إلى مياه ذات جودة عالية، إذ ينمو فقط في جودة المياه من الدرجة الثالثة أو حتى الدرجة الثانية. ومع تحسين جودة المياه في بحيرة أرهاي وبحيرات المصدر، ظهرت الأوتيليا المستدقة من جديد في بحيرة أرهاي بعد أن اختفت لمدة عشر سنوات تقريبا. أرهاي التي تعد "البحيرة الأم" لولاية دالي، تشهد حيوية جديدة لتطبيقات حماية البحيرة وحوكمتها، بمشاركة كل المجتمع المحلي.