تحتل صحراء كوبوتشي، سابع أكبر صحراء في الصين، حوالي ثلث أرض راية دالات التابعة لمدينة أوردوس في منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم. ولسنوات عديدة، ظلت كيفية استخدام هذه الأرض القاحلة والاستفادة منها محور جهود تنمية راية دالات. بفضل وفرة أشعة الشمس وموارد الرياح في صحراء كوبوتشي، فإن الطاقة المتجددة تعتبر صناعة مهمة لدعم التنمية الاقتصادية والحوكمة الإيكولوجية المحلية.

في التاسع والعشرين من ديسمبر عام 2023، تم دمج المرحلة الأولى للمشروع التجريبي لقاعدة توليد الطاقة الكهروضوئية الواقعة في وسط شمالي صحراء كوبوتشي (المشار إليها فيما يلي باسم "قاعدة كوبوتشي") بالكامل في شبكة الكهرباء. المرحلة الأولى للمشروع والتي تبلغ قدرتها الإنتاجية مليون كيلووات تغطي أكثر من ثلاثين ألف مو (الهكتار يساوي 15مو)، وتضم 350 عمودا إسمنتيا سميكا تحمل ملايين الألواح الكهروضوئية.

لا يمثل هذا المليون كيلووات سوى جزء صغير من إجمالي القدرة المركبة المخطط لها لقاعدة كوبوتشي. وباعتبارها أول قاعدة واسعة النطاق لتوليد طاقة الرياح الكهروضوئية بعشرات الملايين من الكيلووات في الصين، وتقع في الصحاري وغوبي والأراضي القاحلة، تبلغ القدرة المركبة الإجمالية لقاعدة كوبوتشي 12 مليون كيلووات، منها ثمانية ملايين كيلووات من الطاقة الكهروضوئية وأربعة ملايين كيلووات من طاقة الرياح. وبعد الانتهاء من بناء قاعدة كوبوتشي، ستكون القدرة المركبة للطاقة المتجددة في راية دالات أضعاف القدرة الحالية مما يحقق لها فوائد اقتصادية وبيئية ضخمة.

تسارع بناء قواعد توليد الطاقة النظيفة

في السابع والعشرين من فبراير عام 2022، أصدرت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح والإدارة الوطنية للطاقة بالصين ((خطة مشروعات قواعد الرياح والطاقة الكهروضوئية الواسعة النطاق الواقعة في الصحاري وغوبي والأرض القاحلة رئيسيا)). وتقترح الخطة التركيز على صحاري كوبوتشي وأولان بوه وتنغر وبادين جاران لتخطيط وبناء قواعد للرياح والطاقة الكهروضوئية واسعة النطاق. تنص الخطة بوضوح على أنه بحلول عام 2030، ستخطط الصين لبناء قواعد للرياح والطاقة الكهروضوئية بسعة مركبة إجمالية تبلغ حوالي 455 مليون كيلووات.

شركة سانشيا (المضايق الثلاثة)، باعتبارها مؤسسة رائدة في مجال الطاقة النظيفة، استجابت بنشاط لدعوة الدولة وتعاونت مع مجموعة منغوليا الداخلية للطاقة للاستثمار في بناء قاعدة كوبوتشي. تمت الموافقة على بناء هذه القاعدة في الثالث من أغسطس عام 2022، لتصبح من الدفعة الأولى لقواعد الرياح والطاقة الكهروضوئية الواسعة النطاق الواقعة في الصحاري وغوبي والأرض القاحلة، بسعة عشرات الملايين من الكيلووات. سيوفر المشروع، بعد الانتهاء منه، ستة ملايين طن من الفحم القياسي ويقلل حوالي ستة عشر مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا.

قال بي ياو بينغ، نائب مدير عام شركة منغننغ المحدودة للطاقة التابعة لشركة المضايق الثلاثة: "شرف لي أن أشارك في بناء أول قاعدة طاقة متجددة بقدرة عشرة ملايين كيلووات." بي ياو بينغ لديه خبرة 13 عاما في مجال البناء الكهروضوئي، من مشاركاته الأولية في مشروعات بقدرة عشرة آلاف أو عشرين ألف كيلووات، إلى قاعدة قدرتها عشرة ملايين كيلووات حاليا، فقد شهد بنفسه التطور المتسارع لبناء الطاقة النظيفة في الصين.

واجه بناء هذا المشروع الواسع النطاق في منطقة صحراوية تحديات كثيرة، في مقدمتها الظروف الطبيعية القاسية وإدارة الأمن والسلامة، لكن البناة واجهوا الصعوبات مفعمين بالحماسة. بدأ العمل في المرحلة الأولى للمشروع التجريبي في إبريل عام 2023، وتم دمج إنتاجه من الطاقة في شبكة الكهرباء في نهاية ديسمبر، وقد حقق ذلك "البناء ودمج الطاقة المولدة في شبكة الكهرباء في نفس العام". في أكثر مناطق العمل ازدحاما، كان نحو مائتي جرافة تقوم بتسوية الأرض في نفس الوقت، وآلاف الأشخاص يعملون ليلا ونهارا.

يتبنى مشروع القاعدة نمط البناء المتكامل لتوليد طاقة الرياح وتوليد الطاقة الكهروضوئية وتوليد الطاقة بالفحم وتخزين الطاقة. جدير بالذكر أن محطة توليد الطاقة بالفحم تبلغ قدرتها حوالي أربعة ملايين كيلووات، بينما تبلغ سعة مرافق تخزين الطاقة من ثلاثة ملايين إلى خمسة ملايين كيلووات/ساعة من مرافق تخزين الطاقة. هذه التركيبة العلمية بين نسب توليد طاقة الرياح وتوليد الطاقة الكهروضوئية وتوليد الطاقة بالفحم وتخزين الطاقة، تساعد في التغلب على أوجه القصور للمشروع، المتمثلة في عدم استقرار توليد طاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية، فعندما يكون هناك فائض من الكهرباء يتم تخزينه، وعندما يكون ثمة نقص في الكهرباء يتم إكماله من طاقة الفحم والطاقة المخزنة. قال نا قوي تينغ، نائب رئيس مجلس إدارة شركة منغننغ المحدودة للطاقة التابعة لشركة المضايق الثلاثة، إن التركيبة العلمية لتوليد طاقة الرياح وتوليد الطاقة الكهروضوئية وتوليد الطاقة بالفحم وتخزين الطاقة ستضمن إنتاجا مستقرا يبلغ ثمانية ملايين كيلووات من القاعدة، وسيصل معدل استخدام الطاقة النظيفة إلى 90%، وستمثل الطاقة النظيفة أكثر من 50% من إنتاج الكهرباء.

سيتم نقل الكهرباء المولدة إلى منطقة بكين- تيانجين- خبي من خلال خط نقل التيار المباشر من غربي منغوليا الداخلية إلى بكين وتيانجين وخبي، المنصوص عليه في الخطة الخمسية الرابعة عشرة للتخطيط الوطني للكهرباء. وقد تم حاليا ربط الكهرباء المولدة من المرحلة الأولى للمشروع التجريبي بشبكة الكهرباء المحلية. وعند اكتمال المشروع بالكامل، سيكون المشروع قادرا على تزويد منطقة بكين وتيانجين وخبي بأربعة وأربعين مليار كيلووات/ ساعة من الكهرباء النظيفة كل عام.

في اليوم الذي تم فيه ربط الكهرباء المولدة من المرحلة الأولى للمشروع التجريبي بشبكة الكهرباء، أعلنت شركة المضايق الثلاثة عن بدء خطة بناء تالية لمشروع قواعد الرياح والطاقة الكهروضوئية الواسعة النطاق. وفقا للخطة، سيتم ربط المشروع بأكمله بشبكة الكهرباء بحلول نهاية عام 2025.

حاليا، يتقدم العمل في مشروعات قواعد الرياح والطاقة الكهروضوئية الواسعة النطاق التي تمت الموافقة عليها خلال نفس الفترة بشكل مطرد. إذا أخذنا منطقة منغوليا الداخلية كمثال، بالإضافة إلى القاعدة في وسط شمالي صحراء كوبوتشي، فإن منطقة منغوليا الداخلية لديها أيضا ثلاثة مشروعات واسعة النطاق لطاقة الرياح والقاعدة الكهروضوئية في جنوبي صحراء كوبوتشي وأولان بوه وتنغر، تبلغ طاقتها الإنتاجية المخططة 12 مليون كيلووات من الطاقة المتجددة وحوالي أربعة ملايين كيلووات من طاقة الفحم الداعمة. بدأ العمل في المشروعات التجريبية في المواقع الثلاثة، وسيتم ربطها بشبكة الكهرباء بحلول نهاية عام 2024.

ثمار الحوكمة الإيكولوجية

الألواح الكهروضوئية وتوربينات الرياح في الصحراء لا توفر الطاقة النظيفة للمناطق الحضرية على بعد آلاف الأميال فحسب، وإنما أيضا تحقق فوائد بيئية واقتصادية واجتماعية ملموسة للتنمية المحلية.

قال نا قوي تينغ إن الحوكمة الإيكولوجية تعد وظيفة مهمة لمشروع قاعدة كوبوتشي. تستخدم أعمدة الأسمنت الكهروضوئية والألواح الكهروضوئية الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في نفس الوقت، ويمكنها منع تحرك الكثبان الرملية وتقليل تبخر رطوبة التربة ولعب دور في منع التصحر ومكافحته. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد القاعدة نظاما من ثلاثة مستويات لمنع التصحر ومكافحته، ويشمل ذلك زراعة أنواع من الأشجار مثل الدردار الأبيض والصنوبر البري في محيط القاعدة، وزراعة الأشجار والشجيرات مثل الدردار الأبيض والصنوبر البري ونبات النيلة وصفصاف الصحراء في الطرق الداخلية، وكلها تساعد في تثبيت الرمال وصد الرياح، إضافة إلى زراعة أنواع من الأشجار الاقتصادية مثل نبات النيلة والفويلة المنغولية والقرغانة بين الألواح الكهروضوئية وتحتها، وكذلك النباتات العشبية مثل عرق السوس وتوت البروتين.

أضاف نا قوي تينغ: "من أجل جعل التربة الرملية أكثر ملاءمة للزراعة، وجدت القاعدة طريقة لتحسين التربة من خلال التجارب، وهي خلط الطمي من جانبي النهر الأصفر القريب مع الرمال السطحية وإضافة الأسمدة العضوية. وفي الوقت نفسه، تم إدخال مياه صرف مناجم الفحم من مناجم الفحم القريبة واستخدامها للري بالتنقيط بعد معالجتها لكي تكون غير ضارة. هذا لا يحل مشكلة تصريف المياه في منطقة الاستخراج فحسب، وإنما أيضا يحل مشكلة المياه في الحوكمة الإيكولوجية بالمناطق الصحراوية."

في الوقت الحاضر، نجحت قاعدة كوبوتشي في زراعة 400 مو من البرسيم، وستزرع في المستقبل الأعشاب الطبية الصينية مثل أستراغالوس وعرق السوس والسنفورينة الغربية. مع الأخذ في الاعتبار ندرة المياه في المناطق الصحراوية، تكثف قاعدة كوبوتشي أبحاثها حول تدابير توفير المياه، وتبذل الجهود لجعل منطقة الزراعة الأساسية لا تحتاج إلى الري بعد ثلاث سنوات، وتحقق التنمية المستدامة في ظل الظروف الطبيعية.

بعد حل مشكلة التربة، يمكن البدء في تطوير الاقتصاد تحت الألواح الكهروضوئية من قبل المزارعين والرعاة، وتعزيز العلاقة بين مصالح المشروع والمزارعين والرعاة. وفقا لإدارة الطاقة في راية دالات، كانت قدرة المزارعين والرعاة على زيادة دخلهم ضعيفة في الماضي، بسبب عدم انتهاج التخطيط الصناعي، بالإضافة إلى إيجار الأراضي، وضعف كفاءة استخدام المساحات الكبيرة من الأراضي تحت الألواح الكهروضوئية. أرست تدابير الحوكمة الإيكولوجية لمشروع قاعدة كوبوتشي أساسا جيدا للتنمية الصناعية وزيادة دخل المزارعين والرعاة. في الوقت نفسه، من أجل تسهيل تطوير الاقتصاد تحت الألواح الكهروضوئية، تستخدم القاعدة أعمدة بارتفاع حوالي 5ر2 متر فوق سطح الأرض، وهي أطول من أعمدة المشروعات الكهروضوئية التقليدية. وقد أدت هذه الإجراءات إلى زيادة كبيرة في تكاليف البناء.

وفقا للإحصاءات، يبلغ حجم الاستثمار في الحوكمة الإيكولوجية لكل مو في المشروع الكهروضوئي لقاعدة كوبوتشي حوالي خمسة آلاف يوان. ومع ذلك، من وجهة نظر نا قوي تينغ، فإن هذه الاستثمارات مستحقة ويمكن تحملها. قال: "في الماضي، كانت إدارة الصحراء بسيطة، وكان من الصعب رؤية الفوائد الاقتصادية. الآن، من خلال نموذج الطاقة الخضراء والحوكمة الإيكولوجية، لا تتحقق الفوائد الإيكولوجية فحسب، وإنما أيضا يمكن تحقيق الفوائد الاقتصادية من خلال تطوير الطاقة المتجددة في المرحلة المبكرة، ويمكن تحقيق الفوائد الاجتماعية من خلال تطوير الاقتصاد تحت الألواح الكهروضوئية."