مجتمع < الرئيسية

"منغشيانغ" تستكشف أسرار أعماق الأرض

: مشاركة
2024-02-06 13:47:00 الصين اليوم:Source تشانغ منغ فان:Author

في السابع والعشرين من ديسمبر 2023، أكملت السفينة "منغشيانغ" (الحلم)، أول رحلة ملاحة تجريبية بنجاح في مصب نهر اللؤلؤ. وأشارت نتائج الاختبار إلى أنها مؤهلة من حيث الأداء والمؤشرات المختلفة للنظام البحري.

"منغشيانغ" تستكشف الأرض في قاع البحر

"منغشيانغ"، التي صممتها وبنتها الصين بشكل مستقل، يبلغ وزنها الإجمالي حوالي 33 ألف طن، وطولها الإجمالي 8ر179 مترا، وعرضها 8ر32 مترا، ويمكنها قطع مسافة تبلغ 15 ألف ميل بحري، والبقاء في المياه لمدة 120 يوما دون العودة إلى الميناء، وتتميز بثبات عال وقوة هيكلها التي تلبي متطلبات السلامة اللازمة للتصدي للظروف البحرية من الإعصار التيفوني من المستوى السادس عشر، وتتمتع بالقدرة على العمل في مناطق ملاحية غير محدودة في المياه العالمية وقدرة حفر تصل إلى 11000 متر في المناطق البحرية.

كأول سفينة حفر بحرية للصين، صممت "منغشيانغ" لأداء مهمة غير مسبوقة: الحفر عبر قشرة الأرض. من أجل تحقيق هذه المهمة، جُهّزت "منغشيانغ" بأول نظام نقل وتخزين أوتوماتيكي لعينات الصخر محمول على متن السفينة في العالم، ومختبرات محمولة على السفينة مع وظائف قوية وعملية ممتازة. تتجاوز المساحة الإجمالية للعمليات الاختبارية على السفينة 3000 متر مربع، وتضم تسعة مختبرات، منها مختبر الجيولوجيا الأساسية ومختبر المغناطيسية القديمة ومختبر الكيمياء الأرضية غير العضوية ومختبر الكيمياء الأرضية العضوية ومختبر الكائنات الحية الدقيقة ومختبر العلوم البحرية ومختبر هيدرات الغاز الطبيعي ومختبر فيزياء الأرض ومختبر تقنيات الحفر، إضافة إلى غرفة التدريع المغناطيسية وغرفة التجربة النظيفة للغاية على مستوى عالمي من الدرجة الأولى، لتلبية متطلبات البحث لجميع التخصصات في مجال العلوم البحرية.

إذا نجحت في اختراق قشرة الأرض، فسيرمز هذا إلى دخول البشرية إلى غشاء الأرض العلوي لأول مرة، مما يوفر معلومات جيولوجية جديدة، وربما يحل سر أعماق الأرض ويصل إلى مرحلة جديدة لأبحاث علوم الأرض. يتكون الهيكل الداخلي للأرض من نواة الأرض وغشاء الأرض وقشرة الأرض، وظلت الأنشطة البشرية والاستكشافات العلمية مقتصرة على سطح قشرة الأرض. يبلغ متوسط ​​سمك قشرة الأرض حوالي 15000 متر، وهو صغير جدا مقارنة مع نصف قطر الأرض الذي يبلغ حوالي 6371 كيلومترا. يوجد غشاء الأرض أسفل قشرة الأرض، وهو طبقة وسيطة تربط بين قشرة الأرض ونواة الأرض. يسمى السطح الفاصل بين غشاء الأرض وقشرة الأرض بـ"الانقطاع الموهوروفيسي"، والذي يظل عقبة أخيرة تواجه البشر في استكشاف غشاء الأرض. يقع "الانقطاع الموهوروفيسي" على عمق حوالي 7000 متر تحت قاع البحر وحوالي 40000 متر تحت الأرض، والهدف من بناء "منغشيانغ" هو الحفر عبر "الانقطاع الموهوروفيسي" والوصول إلى غشاء الأرض من سطح البحر، مما يفتح بابا ظل مجهولا للبحث العلمي.

منذ أوائل ستينات القرن العشرين، يحاول العلماء اختراق "الانقطاع الموهوروفيسي" للوصول إلى غشاء الأرض، لكن هذا الهدف لم يتحقق بعد. على الرغم من ذلك، قدمت تقنيات الحفر في المحيطات معلومات جديدة للبشرية لمعرفة هيكل الأرض، وحققت سلسلة من الإنجازات الرائعة. على سبيل المثال، التأسيس الرسمي لنظرية حركة الكتلة الأرضية المعروفة جاء بفضل الأدلة المقدمة من خلال الحفر في المحيطات؛ ونظرية ميلانكوفيتش المتعلقة بالتغيرات الدورية الطويلة المدى بين الفترات الجليدية والفترات بين الجليدية في تاريخ الأرض، وقد تم تحقيقها عن طريق الحفر في المحيطات؛ كما اكتشف الحفر في المحيطات أن هناك مخلوقات مذهلة في أعماق قاع البحر، أي ما يسمى بـ"المحيط الحيوي العميق"؛ واكتشفت الطاقة المهمة، هيدرات الغاز الطبيعي، المعروف أيضا باسم "الجليد القابل للاشتعال" وغيرها. قال توه شو تينغ، مدير مكتب الصين للبرنامج الدولي لاكتشاف المحيطات (IODP) ونائب عميد معهد علوم البحار والأرض بجامعة تونغجي: "يُعد برنامج الحفر في المحيطات (ODP) بمثابة ’الأولمبياد‘ للبحث في أعماق البحار، ويجسد القوة التكنولوجية لدول العالم في أعماق البحار."

البرنامج الدولي لاكتشاف المحيطات

أعماق البحار هي آخر عالم على الأرض يحاول الإنسان أن يعرفه، ولا تزال مليئة بالعديد من الألغاز العلمية. المكان الأقل سمكا في قشرة الأرض هو قاع البحر، منذ أكثر من نصف قرن، أطلق الحفر في المحيطات "الثورة الجيولوجية" العظيمة على المستوى الدولي.

تقنيات الحفر في المحيطات، التي تطورت في ستينات القرن العشرين، فتحت "باب الكنز" لبحوث علوم الأرض. فبرنامج الحفر في المحيطات الذي بدأ في عام 1968، سعى إلى استكشاف القضايا العلمية الدولية الرائدة من خلال الحفر للحصول على العينات والملاحظة والتجارب تحت عدة آلاف من الأمتار في قاع البحر العميق، وأصبح أكبر برنامج للتعاون الدولي في مجال علوم الأرض في القرن العشرين من حيث الحجم والوقت، وساهم في سلسلة من البحوث العلمية. وفي عام 1998، انضمت الصين رسميا إلى برنامج الحفر في المحيطات، وأصبحت أول "عضو مشارك" في تاريخ الحفر في المحيطات؛ وفي عام 2013، انضمت الصين رسميا إلى البرنامج الدولي لاكتشاف المحيطات الذي أطلق على أساس برنامج الحفر في المحيطات.

على مدى أكثر من عشرين عاما، منذ انضمام الصين إلى البرنامج، نفذت أربع رحلات بحرية للحفر في المحيطات بتصميم وقيادة العلماء الصينيين في بحر الصين الجنوبي، وهي: 184 ODP (الموضوع: الرياح الموسمية القديمة في شرقي آسيا، عام 1999)، و349 IODP (الموضوع: التوسع في قاع بحر الصين الجنوبي، عام 2014)، و367 IODP و368 IODP (الموضوع: الصدع القاري في بحر الصين الجنوبي، عام 2017). هذه الرحلات الأربع، جعلت بحر الصين الجنوبي أكثر البحار الهامشية التي تم حفرها على نطاق واسع. وحققت الصين سلسلة من الإنجازات الاختراقية، حيث طرحت الفهم الجديد المتعلق بتغيرات المناخ وتشكيل الحوض البحري، الذي تحدى نظرية "نموذج الأطلسي" التقليدية، وقد أكسب هذا الصين مكانة رائدة دوليا في أبحاث أعماق البحار في بحر الصين الجنوبي وقدم مراجع نظرية مهمة للتنقيب عن النفط والغاز في أعماق البحار في بحر الصين الجنوبي.

في عمليات تنفيذ البرنامج الدولي لاكتشاف المحيطات، تكون سفينة الحفر في المحيطات بمثابة "حاملة الطائرات" في مجال بحوث أعماق البحار، ومن يهيمن على سفينة الحفر يملك زمام القيادة في التعاون الدولي. كانت في السابق سفينتا حفر فقط في العالم، الأولى هي "جويديس ريزولوشن" المملوكة للولايات المتحدة الأمريكية، والأخرى هي "تشيكيو" المملوكة لليابان. على الرغم من أن العلماء الصينيين قد تحولوا تدريجيا من مشاركين إلى مصممين في مجال الحفر البحري الدولي، وظل امتلاك سفينة للحفر البحري خاصة بالصين رغبة قوية لها. مع طرح مفهوم "بناء دولة بحرية قوية" في العصر الجديد، ووفقا لخطة مشتركة من قبل وزارة الموارد الطبيعية ولجنة التنمية والإصلاح الوطنية ووزارة العلوم والتكنولوجيا، وغيرها من سبع وزارات ولجان، وقعت مهمة بناء سفينة الحفر البحري على عاتق مكتب المسح الجيولوجي الصيني التابع لوزارة الموارد الطبيعية. مع التركيز على الهدف العظيم المتمثل في بناء سفينة للحفر البحري رائدة دوليا، بدأ رسميا بناء أول سفينة حفر بحري للصين في الثلاثين من نوفمبر 2021، وسميت باسم "منغشيانغ" رسميا في الثامن عشر من ديسمبر 2023، وبدأت أول رحلة تجريبية في الثاني والعشرين من ديسمبر في حي نانشا بمدينة قوانغتشو، ووصلت إلى مصب نهر اللؤلؤ في السابع والعشرين من ديسمبر للانتهاء بنجاح من أول رحلة تجريبية، مما يرمز إلى اتخاذ الصين خطوة مفتاحية في بناء القدرة على استكشاف البحر العميق وبناء تحديث المعدات.

ملاحقة الحلم الأزرق من "مشارك" إلى "قائد"

أبحرت "منغشيانغ" حوالي خمسمائة ميل بحري في رحلتها التجربية الأولى، وأكملت بنجاح التشغيل والتحقق من تسعة عشر نظاما بحريا رئيسيا مثل نظام دفع السفينة ومرسى الإنقاذ، وأكملت المشروعات المطلوبة دوليا حسب المخطط. أكملت الصين الخطوة الأخيرة من خطة "الخطوات الثلاث" الإستراتيجية للحفر الصيني في المحيطات، أي بناء جيل جديد من سفن الحفر في المحيطات، التي من شأنها تقديم مساهمات مهمة في قضية الحفر في المحيطات الدولية.

ستنتهي عملية IODP الحالية في عام 2024، وبعد ذلك ستودع الولايات المتحدة الأمريكية الحفر الدولي في المحيطات مؤقتا، بسبب تقاعد سفينة الحفر "جويديس ريزولوشن" وعوامل أخرى. حاليا، تخطط أوروبا واليابان لإطلاق البرنامج الدولي للحفر في المحيطات (IODP3) الذي تقوده أوروبا واليابان بشكل مشترك، وستواصلان مستقبلا تنظيم الرحلات البحرية الدولية باستخدام سفينة الحفر "تشيكيو" و"منصة المهام المعينة". كانت الصين منذ فترة طويلة مشاركة في حفر المحيطات، ولكن مع الانتهاء من بناء "منغشيانغ"، ستكون لدى الصين القدرة على تنظيم الرحلات البحرية مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وأوروبا، وتتحول من دور "المشارك" إلى "القائد"، وبالتالي تلعب دورا أكثر أهمية في الحفر الدولي في المحيطات. قال توه شو تينغ، إن الصين تطلق حاليا بنفسها جولة جديدة من برنامج الحفر الدولي في المحيطات، وستقوم في المستقبل بتنظيم الرحلات البحرية بشكل مستقل باستخدام سفينة الحفر البحري "منغشيانغ" وحفارة قاع البحار "ماناتي" وغيرها من معدات الحفر، والتعاون مع IODP3 بقيادة أوروبا واليابان من أجل تحقيق قيادة مشتركة للحفر الدولي في المحيطات. توفر "منغشيانغ" دعم المعدات لتنظيم رحلات بحرية صينية مستقلة.

أشار توه شو تينغ إلى أنه منذ بدء تطور الحفر في المحيطات حتى اليوم، انتهى العصر الذي يمكن فيه حل المشكلات العلمية عن طريق الحفر فقط. لذلك، سيحل الحفر في المحيطات للصين محل الحفر التقليدي باتخاذ نموذج "الحفر العميق+ الشبكة العميقة+ الغوص العميق" لتشكيل المزايا الفريدة للحفر في المحيطات للصين. كان الحفر في المحيطات دائما بمثابة "نادي الدول المتقدمة"، ولكن المناطق البحرية المهمة للعديد من القضايا العلمية تقع ضمن مناطق الدول النامية. لذلك، في المستقبل، ستعمل الصين بنشاط على توسيع الشراكات الدولية في حفر المحيطات وبناء "تحالف حفر المحيطات لـ’الحزام والطريق‘" بشكل مشترك من خلال توحيد الدول النامية وخاصة شركاء "الحزام والطريق"، لتعزيز رحلات "منغشيانغ" العالمية، وفي الوقت نفسه، مساعدة المزيد من الدول النامية على دخول مجال أبحاث أعماق البحار.

من المتوقع أن يتم البناء الكامل لـ"منغشيانغ" في عام 2024، وبعد ذلك، ستوفر السفينة دعما مهما لتصنيع واستكشاف هيدرات الغاز الطبيعي وتعدينه، وتدعم بقوة تنفيذ الصين للبرنامج الدولي لاستكشاف المحيطات وترفع قدرة "الدخول إلى أعماق البحار، واستكشافها وتطوير علومها". ونتطلع إلى أن تتمكن "منغشيانغ"، التي تحمل الحلم المشترك لجميع أبناء الشعب الصيني بتسريع بناء دولة بحرية قوية، وتحقيق الحلم المشترك لعلماء العالم لـ"اختراق الانقطاع الموهوروفيسي والدخول إلى غشاء الأرض العلوي" لتطوير علوم الأرض، والحلم المشترك للبشرية جمعاء للكشف عن موارد أكثر في أعماق الأرض، من الإبحار بعيدا في المستقبل القريب.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4