له تيان، واسمه الحقيقي لونغ يان، مدوّن مقاطع فيديو قصيرة. يمكننا مشاهدة المناظر الطبيعية المذهلة والثقافة التقليدية لمقاطعة قويتشو من أكثر من 170 مقطع فيديو قصيرا منشورة على تطبيق تيك توك. منذ وقت ليس ببعيد، كان هناك موضوع بحث ساخن على الإنترنت بعنوان "شاب يستقيل من عمله ليعيش في القرية فأصبح رئيسا لها"، مما جعل قصة له تيان وقرية هوانغقانغ لقومية دونغ تصبح معروفة مرة أخرى، وتم تعزيز أمل له تيان المتعلق بمواصلة "تسجيل القرية بالكاميرا ومساعدة القرية بشكل حقيقي".

العودة إلى مسقط الرأس

حتى الآن، عمل له تيان كمدون سياحي لأكثر من ثلاث سنوات، ويبذل قصارى جهده في تصوير المناظر الخلابة في كل مرة. يرى كثيرون أن له تيان شخص جاد وموثوق. ومع ذلك، كان هذا الشاب من جيل ما بعد التسعينات يسعى إلى "الشعر والأفق البعيد" (في الصين، يشير "الشعر والأفق البعيد" إلى الحياة المثالية التي يسعي الناس إليها).

قال له تيان: "اتخذت قرارا متسرعا باختيار تخصص الإذاعة، فلم يكن أمامي سوى اختيار الجامعات الواقعة في مقاطعة قويتشو فقط، وهذا جعلني أشعر بالندم إلى حد ما." على الرغم من أن له تيان عمل في محطة قويتشو للإذاعة والتلفزيون بعد التخرج، فإنه أراد رؤية عالم أكبر، فاستقال من عمله وذهب إلى بكين.

في عام 2016، وصل له تيان، وكان عمره خمسة وعشرين عاما، إلى بكين وبدأ من الصفر. عمل له تيان كمذيع للتسوق عبر البث المباشر، وقام بتحسين قدرته على الرد السريع خلال البث المباشر. كما عمل مقدم برامج في العديد من البرامج لتحسين قدراته المختلفة. ثم عمل له تيان في عدة شركات كبيرة مشهورة في مجال الإنترنت، حيث ظهر في العديد من البرامج الترفيهية والبث المباشر وعمل في تنظيم المؤتمرات وغيرها.

على الرغم من الدخل الجيد، لم يشعر له تيان بالانتماء في بكين. في التاسع عشر من أغسطس 2019، عاد له تيان إلى مسقط رأسه في قويتشو، وشعر بالهدوء والراحة فيها، مما جعله يدرك أخيرا ما يحتاجه حقا. قال: "لم أكن أعرف قيمة مسقط رأسي من قبل، والآن أدرك أن مسقط رأسي هو بالفعل 'الشعر والأفق البعيد'." لذلك، قرر له تيان القيام بتصوير مقاطع الفيديو القصيرة كمدون، وقال: "قدمت قويتشو لي موضوعات ومحتويات كثيرة، هناك موارد سياحية غنية وثقافات متنوعة، وهناك العديد من الثقافات الأصلية للقوميات الصينية بها، ويمكن أن توفر باستمرار محتوى عالي الجودة لي."

بفضل الخبرة المهنية وتشكيل فريق مهني، بلغ عدد المشاهدات لحساب له تيان على تيك توك مئات الآلاف خلال وقت قصير. يتذكر له تيان بوضوح أن عدد مشاهدات أول مقطع فيديو قصير تجاوز مليونا. هذا الفيديو الذي يحمل عنوان "تاوتيه في قوييانغ"، يحكي عن أطعمة قوييانغ المتنوعة من وجبات الإفطار وحتى الوجبات الخفيفة. بعد ذلك، قام فريقه الصغير بتصوير سلسلة من مقاطع الفيديو مثل "تاوتيه في جنوبي قويتشو" و"تاوتيه في جنوب شرقي قويتشو" و"تاوتيه في مدينة ليوبانشوي". بيد أن له تيان واجه صعوبات وتحديات في نفس الوقت، وقال بصراحة: "بعد حوالي عشرة أشهر من العمل المستمر في تصوير مقاطع الفيديو القصيرة، حصلنا أخيرا على دخلنا الإعلاني الأول." أشار له تيان إلى أنه واجه بيئة تنافسية شرسة على القنوات السياحية على تيك توك، وكان من الضروري مواصلة تصوير محتويات عالية الجودة باستمرار.

في السنوات الثلاث الماضية، زار له تيان 88 محافظة في قويتشو، وتحول محتوى مقاطع الفيديو القصيرة له من مجرد تسجيل رحلات السفر إلى تسجيل عادات القوميات المحلية والمناظر الطبيعية والثقافية والتاريخية، وراء جمال الطبيعة المحلي. يعتقد له تيان أن مقاطع الفيديو تلك هي القصص التي يرغب في عرضها للجميع حقا.

اكتشاف جمال التراث الثقافي

في نهاية عام 2022، بدأ له تيان في خطة إبداعية جديدة، وهي "تسجيل مائة مهارة من التراث الثقافي الصيني غير المادي". يريد له تيان أن يكمل تصوير المائة مقطع خلال ثلاث سنوات، حتى يظهر قيمة المحافظة على التراث الثقافي غير المادي وتوارثه للمزيد من الناس.

خلال تصوير أوبرا آنشون المحلية، شعر له تيان بالإلحاح أن الوقت قد فات، مما حثه على تصوير مهارات التراث الثقافي غير المادي بشكل أسرع، قال: "في عام 2020، توفى أحد وارثي أوبرا آنشون المحلية كنت قابلته من قبل." عند سماع هذا الخبر، بكى له تيان وقال: "يجب تسجيل التراث الثقافي بسرعة، فإذا لم نقم بذلك، فسيندثر".

في الواقع، خطة "تسجيل مائة مهارة من التراث الثقافي الصيني غير المادي" نابعة من رحلات التصوير التي قام بها له تيان خلال أكثر من ثلاث سنوات. بالنسبة له، بالإضافة إلى الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة، كان يستمتع أيضا بالعديد من ثقافات التراث الثقافي الرائعة، وتعرف على العديد من الأشخاص الذين كرسوا أنفسهم للمحافظة على هذا التراث الثقافي غير المادي.

كلما فهم له تيان في التراث الثقافي غير المادي بشكل أعمق، أصبح مفتونا أكثر به، وفي الوقت نفسه اكتشف صعوبات توارث هذه المهارات، مما جعله يشعر بأهمية تسجيلها. قال له تيان: "مثلا، لم تحسن يانغ لي، وريثة فن التطريز على أوراق الأشجار، من ظروف أسرتها الصعبة بيديها فحسب، وإنما أيضا قادت نساء القرية لتحقيق الرخاء المشترك؛ وتأثرت بالسيد هوانغ آن دونغ وريث فن نحت رأس التنين لعيد دوانوو، الذي قام بنحت رأس التنين لمدة عشر سنوات." وأضاف: "في البداية، كنت مشوشا مثل العديد من مدوني مقاطع الفيديو. كيف يمكنني إنتاج محتوى عالي الجودة باستمرار؟ خلال تصوير الفيديوهات في السنوات الثلاث الماضية، أدركت أن العديد من المناظر الطبيعية ستبقى إلى الأبد، إذا لم يتم تدميرها بشكل متعمد، ولكن الكثير من الثقافات ستختفي إذا لم نسجلها أو نروي قصتها."

حاليا، يتم تسجيل "مائة مهارة من التراث الثقافي الصيني غير المادي" بشكل منظم. يعمل له تيان الآن على استكشاف كيفية نقل مهارات التراث الثقافي غير المادي التي على وشك الاندثار والحصول على الفوائد الاقتصادية في نفس الوقت. وما يسره هو أن الكثير من الأشخاص، الذين ولدوا بعد عام 1995 وعام 2000، أصبحوا القوة الجديدة لتوارث مهارات التراث الثقافي غير المادي، مما يخلق مستقبلا أفضل لنقل وتطوير مهارات التراث الثقافي غير المادي.

حارس قرية هوانغقانغ

في نهاية عام 2021، انضم له تيان إلى برنامج حماية القرى على تطبيق تيك توك، وأصبح "حارس قرية" في هذا البرنامج. ومع ذلك، فإن كيفية حماية القرية ومساعدتها على التطور من خلال تصوير أعماله، كان هناك دائما سؤال يشغل بال له تيان. في هذا العام، ومن خلال تصوير مقطع الفيديو المتعلق بأغنية قومية دونغ، وجد له تيان الإجابة بشكل غير متوقع. قال: "عندما جئت إلى قرية هوانغقانغ لقومية دونغ لتصوير الفيديو، توقفت بسيارتي أمام منزل أحد السكان. رأتني امرأة مسنة وأشارت لي بأن أبعد السيارة. ظننت أنها غاضبة، لأني كنت أغلق مدخل منزلها، لكن الحقيقة كانت أنها خائفة من أن الأطفال الصغار، الذين يلعبون أمام منزلها، قد يتسببون في تلف سيارتي." في تلك اللحظة، تأثر له تيان بهذا اللطف، وشعر برغبته في البقاء لفترة هنا.

أثناء تصوير الفيديو، دعا المكتب الثقافي والسياحي المحلي له تيان ليكون الرئيس الفخري لقرية هوانغقانغ لقومية دونغ بسبب جديته واحترافيته، وعلى أمل أن يكون بإمكانه تعزيز التنمية الثقافية والسياحية المحلية كمدون سفر. وافق له تيان بسرور على هذا المنصب، رغم أنه لا يتقاضى راتبا في المقابل. الآن، عندما تُذكر قرية هوانغقانغ، يقول له تيان دائما "قريتنا". بالإضافة إلى تصوير مقاطع الفيديو لجذب الزوار، قام له تيان أيضا بمساعدة السكان المحليين على الترويج للمنتجات المحلية.

قال له تيان: "قرية هوانغقانغ لقومية دونغ هي مكان ميلاد أغاني قومية دونغ، وتحتضن أبناء قومية دونغ اللطفاء والتقاليد الأصلية والمناظر الجميلة الرائعة والمنتجات المحلية الممتازة مثل الأرز العطري والبيض المملح. سأقوم بتصوير مقاطع الفيديو والبث المباشر لتسجيل أجمل المناظر الطبيعية والثقافية فيها وترويج المنتجات السياحية والزراعية في المستقبل. نرحب بجميع الزوار لزيارة قريتنا."

تحول له تيان من مذيع إلى مدون سفر وأطعمة لذيذة وحارس قرية، ويستكشف العالم عبر مقاطع الفيديو القصيرة وخارجها. قال: "أحب شعور أن أكون دائما على الطريق."