مدينة شوقوانغ بمقاطعة شاندونغ هي أكبر قاعدة لزراعة الخضراوات في شمالي الصين، وتحمل لقب "موطن الخضراوات"، حيث تبلغ المساحة المزروعة بالخضراوات فيها 600 ألف مو (الهكتار يساوي 15 مو)، وبلغ حجم إنتاجها من الخضراوات 5ر4 ملايين طن في عام 2021، ويتجاوز حجم الصفقات اليومي 15 مليون كيلوغرام. في الأيام الأخيرة، تعاونت شركة بايدو للذكاء الاصطناعي السحابي مع شركة ووتسه المحدودة لتطوير تكنولوجيا الزراعة الإيكولوجية بمقاطعة شاندونغ، وهي مؤسسة اقتصادية رائدة في التصنيع الزراعي بمدينة شوقوانغ، في بناء برنامج "المخ الذكي" للخضراوات المزروعة داخل الدفيئات، والذي يستفيد من منصة البيانات الضخمة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لجعل زراعة الخضراوات أكثر ذكاء. وتركز الشركتان على صياغة المعايير وتعميم الأنماط التجارية الجديدة لقيادة التنمية العالية الجودة لقطاع الخضراوات.
في شوقوانغ أكثر من 170 ألف دفيئة لزراعة الخضراوات تختلف عن الدفيئات التقليدية التي تُستخدم في الشتاء فقط، بل تحافظ على درجة حرارة ثابتة طوال السنة، فيمكن أن يزرع الفلاحون الخضراوات في جميع فصول السنة، ومساحة كل دفيئة كبيرة، بحجم ثلاثة ملاعب لكرة القدم، تبلغ مساحة زراعتها 4ر5 مو.
أتمتة زراعة الخضراوات
قونغ رو جيون، وهو فلاح عمره أربعة وخمسون عاما في بلدة ينغلي، يقوم مع ابنه بتعليق خمسة آلاف ومائتي شتلة طماطم واحدة تلو الأخرى داخل الدفيئة. في المساء، ومع انخفاض ضوء الشمس تدريجيا، تقل درجة الحرارة داخل الدفيئة. قال قونغ رو جيون: "هذه الشتلات حساسة للغاية، وأي انخفاض طفيف في درجة الحرارة والرطوبة يؤثر على المحصول." باستخدام تطبيق مثبت بهاتفه النقال، يتحكم قونغ رو جيون في الستائر التي تغطي سطح الدفيئة، وجهاز التدفئة وفتحات التهوية لتعديل الضوء ودرجة الحرارة في الصيف والشتاء.
قال ابنه، وهو يستخدم الصوت لإضافة الضوء: "في السابق، كنا نعرف درجة الحرارة من خلال مقياس الحرارة فقط، ولكن الآن، يمكن أن نتابع تغير درجة الحرارة طوال اليوم والتنبؤ بتغيرات درجة الحرارة على مدى أسبوع وعلى مدى عام كامل عبر تطبيق الهاتف النقال." من الواضح أن هذا التطبيق بات أفضل مساعد في إدارة الدفيئات.
لا تقتصر التغيرات التي أدخلتها التكنولوجيا على زراعة الخضراوات داخل الدفيئة، فقد أصبحت الأجهزة الذكية، مثل الستائر الدوارة الأوتوماتيكية والبخاخ الذكي والرشّاشة العالية الضغط وتجهيزات قياسية للدفيئات الحديثة، فلا يحتاج المزارع إلى كثير من العمل اليدوي. الآن، عندما يكون الطقس سيئا، يمكن أن يتابع قونغ رو جيون الدفيئة ويديرها عن بُعد عبر تطبيق الهاتف النقال الذكي، مما يوفر له مزيدا من الوقت ويزيد دخله.
قال ابنه: "ستباع هذه الطماطم في السوق بعد شهرين. ووفقا لسعر الطماطم في السوق للعام الماضي، سنكسب مائة ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7ر6 يوانات حاليا) من مبيعات الطماطم في هذه الدفيئة وحدها." ولأن الزراعة في الدفيئة مشروع واعد، قرر الابن أن يترك عمله في المدينة ويعود إلى القرية ليعمل مع والده. في مدينة شوقوانغ، بدأ عدد متزايد من الدفيئات في التحول إلى معامل ذكية.
الزراعة الذكية
تحققت أتمتة الزراعة التقليدية، ولكن عند ربط الدفيئات المتناثرة للأفراد وتحويلها إلى مشروع إنتاجي بمساحة 600 ألف مو، تتطلب الزراعة تنمية معيارية ورقمية وذكية.
تمتلك شركة ووتسه قاعدة نموذجية تجريبية مساحتها ثمانية آلاف مو في المركز الوطني لمعايير جودة الخضراوات، تشتمل على دفيئات خضراوات تبلغ مساحتها 2000 مو تُزرع فيها مختلف الخضراوات مثل الباذنجان والطماطم والخيار والفلفل.
قال بي تشيانغ، المسؤول عن مشروع شوقوانغ لشركة بايدو للذكاء الاصطناعي السحابي: "رغم أن دفيئة الخضراوات قللت عمل الفلاحين، فإنهم لا يزالون يواجهون مشكلة الاعتماد على التجارب ونقص المعايير الموحدة للإنتاج على نطاق واسع. النباتات المختلفة تحتاج إلى درجات حرارة متباينة في مختلف مراحل نموها، وتحتاج إلى قوة أشعة الشمس بدرجات مختلفة، كما أن توقيت الري والتسميد وكمياتهما للخضراوات المختلفة ليست واحدة. عندما تصبح كل الأجهزة أوتوماتيكية، من يشغلها؟ وما هو معيار التشغيل؟ يعرف الفلاحون أحوال نمو مختلف الخضراوات، ولكل فلاح تجارب فريدة وتقنية خاصة حتى بالنسبة لنفس النوع من الخضراوات، مما يؤدي إلى الافتقار إلى معايير موحدة لتشغيل الإنتاج وعملية الإنتاج." لذلك، تعاونت شركة ووتسه مع شركة بايدو في بناء منصة ذكية للزراعة لفتح طريق الزراعة الذكية.
في قاعدة زراعة الخضراوات المذكورة، التي تبلغ مساحتها 2000 مو، كل دفيئة مزودة بكثير من الأجهزة المتقدمة وأجهزة الاستشعار لجمع ونقل البيانات مثل درجة الحرارة والرطوبة وعمليات التسميد في الإنتاج الزراعي فورا إلى مركز إدارة البيانات السحابية، ثم يتم إنشاء نموذج زراعي علمي عبر خوارزميات خاصة بالذكاء الاصطناعي، لتوفير قواعد الإنتاج والإدارة الدقيقة والتنبؤ بالمردود وبرنامج الزراعة وغيرها من حلقات الزراعة للقاعدة.
قال الفني الزراعي ما شيويه مينغ: "’المخ الذكي‘ لزراعة الخضراوات يُعدّل الضوء ودرجة الحرارة للدفيئة ويشغل الجهاز الموحد للري والتسميد ويستخدم المبيدات الزراعية وفقا لأحوال الخضراوات. في السابق، كان التسميد يعتمد على التجارب، ولا يعرف الفلاحون أيضا ما إذا كانت كمية المبيدات المستخدمة مناسبة أم لا. إذا استخدموا كمية غير كافية من المبيدات، فلا تفيد؛ وإذا استخدموا كمية أكثر من المطلوبة، سترتفع التكلفة، وقد يؤدي ذلك إلى بقايا المبيدات على الثمار. الآن، يحدد الجهاز الموحد توقيت وكمية المياه والسماد والمبيدات الزراعية."
أشار السيد بي إلى الأرض تحت قدميه، وقال إن هناك كثيرا من الأنابيب تحت الأرض، وهناك قطّارة ترشّ الماء على جذور المزروعات، على تباعد معين بين الجذور، وكلما تتلقى التوجيه من "المخ الذكي"، يخلط الجهاز المياه بالسماد بالنسبة المحددة أوتوماتيكيا، ويسكب الخليط في المزروعة.
وأضاف قائلا: "خلال السنوات العديدة الماضية، واجهت زراعة الخضراوات داخل الدفيئات مشكلة تصلب التربة." برغم الفعالية المرتفعة لزراعة الخضراوات داخل الدفيئات، تظل قدرة التربة على التنظيف الذاتي منخفضة بسبب نقص التهوية الطبيعية والتعرية بفعل المطر داخل الدفيئة، فيترسب السماد الذي لم تمتصه المزروعات. من الشائع أن تتشكل في تربة الدفيئات مساحة كبيرة من طبقة التربة المتصلبة مثل الأسمنت بعد ثلاث أو خمس سنوات، مما يؤثر على الزراعة اللاحقة.
قال السيد بي: "ما نقوم به الآن يعتمد على البيانات المتراكمة من قبل شركة ووتسه لأكثر من عشر سنوات، لإنشاء نموذج من خلال التعلم العميق للذكاء الاصطناعي، مما يحقق الحساب الدقيق ويشكل المعيار الموحد لإرشاد الفلاحين في استخدام السماد بدقة، فيمكن أن يتجنبوا ظاهرة تصلّب التربة، ويحققوا الإنتاج الأخضر والزراعة الذكية."
لقد حقق إنشاء أنظمة ضمان الجودة، مثل المراقبة بالفيديو في الموقع وجودة المنتجات الزراعية وتتبع السلامة، هدف المساءلة الكاملة ويسمح بتوثيق عملية زراعة الخضراوات وتتبعها بشكل جيد.
قال السيد بي: "إن الزراعة تبدأ من نشر البذر، وتمر بمرحلة الإنبات ومرحلة الشتلة ومرحلة الإزهار ومرحلة الإثمار، يجب أن تكون إدارة الزراعة مختلفة في مختلف المراحل. الآن، حققنا الإدارة الذكية في كل المراحل لأن كل نماذج الإدارة الذكية قد أقيمت. وإذا غُرست الشتلة، يمكن أن نتبنأ بجودة الثمار وحجم الإنتاج بعد ثلاث أشهر عبر النماذج، فيمكن أن نخطط أعمال الترويج ونقل وتداول البضائع سلفا."
وفقا لـ((تقرير تنمية الأرياف الصينية لعام 2020))، ستبلغ نسبة التحول الحضري في الصين 5ر65% بحلول عام 2025، وستنخفض نسبة توظيف الفلاحين إلى 20%.
الآن، يتمتع الفلاحون بالخدمات المعيارية التجارية من الزراعة إلى الترويج. وبفضل شبكة الأشياء والبيانات الضخمة والحساب السحابي والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات، يمكن إنجاز التشغيل عبر بعض التوجيهات الصوتية على الهاتف النقال، وازداد عدد بساتين الزراعة الذكية الحديثة في شوقوانغ. تجذب هذه المنصة العالية الفعالية والجودة للتنمية الزراعية كثيرا من الشباب أن يعودوا إلى مسقط رأسهم الريفي للاشتغال في الإنتاج الزراعي، حيث تحمل أراضي مسقط رأسهم أحلامهم، وتبعث أملا جديدا في إنهاض الريف.