قبل يوم واحد من فوز اللاعبة الصينية قو آي لينغ بميدالية ذهبية في نهائي القفز الهوائي للتزلج الحر للسيدات خلال أولمبياد بكين الشتوية 2022، في الثامن من فبراير، كانت قو آي لينغ، التي من المفترض أن تستعد بنشاط لمباراتها النهائية، لا تزال تسجل برنامجا في الأستوديو. هل هي غير مهنية إلى هذه الدرجة؟ لا تخطئ الفهم! لم تكن قو آي لينغ الحقيقية هي التي في الأستوديو، وإنما "صورتها الرمزية الرقمية".

ما هو الإنسان الرقمي الافتراضي؟ ببساطة هو صورة بشرية افتراضية صريحة تتحقق من خلال دمج الوحدات النمطية الخمس لصورة الشخص وتوليد الصوت وتوليد الرسوم المتحركة وعرض توليف الصوت والفيديو والتفاعل من خلال الوسائل التقنية.

تشير الإحصاءات المعنية إلى أنه في أقل من شهر في عام 2022، بلغ عدد التمويلات في مجال الإنسان الرقمي الافتراضي ما يقرب من 100 تمويل، بقيمة إجمالية بلغت 411 مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 6ر6 يوانات).

الاستفادة من مفهوم ميتافيرس

تم اقتراح مفهوم الإنسان الرقمي الافتراضي من قبل في ثمانينيات القرن الماضي، وبدأ ينتشر على نطاق واسع في عام 2022. يعتقد الكثير من الناس أن سبب انتشار الإنسان الرقمي الافتراضي يرجع إلى ركوبه "رياح الشرق" لميتافيرس. فهل هذا هو الحال فعلا؟

يعتقد تسوه بنغ فَيّ، الباحث المشارك في معهد الاقتصاد الكمي والفني التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، أن الإنسان الرقمي الافتراضي يتطور بالفعل بقوة "رياح الشرق" لميتافيرس، وأن العديد من المؤسسات والأجهزة أطلقت الإنسان الرقمي الافتراضي. ومع ذلك، لا يمكن فصل ذلك عن التطور السريع لتكنولوجيا الواقع الافتراضي، وحاجة المستخدمين إلى صور رمزية بصرية مجسمة للغاية، واحتياجات المؤسسات التي ترغب في نقل قيم الشركة وأفكارها من خلال الإنسان الرقمي الافتراضي.

قالت يان مي، مهندسة بقسم الذكاء الاصطناعي بمعهد الحوسبة السحابية والبيانات الكبرى في الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات: "لا يمكننا إنكار التأثير المحفز لميتافيرس على تطوير صناعة الإنسان الرقمي الافتراضي. مع انتشار مفهوم ميتافيرس، ارتفع عدد المؤسسات التي تعمل في مجال الإنسان الرقمي الافتراضي، وتشهد السوق ازدهرا كبيرا." أشارت يان إلى أن السبب وراء قدرة الإنسان الرقمي الافتراضي على الاستفادة من "رياح الشرق" لميتافيرس، هو أن لديه بالفعل ثلاثة شروط: التقدم السريع لتكنولوجيا الإنسان الرقمي وتحسين قابليتها للاستخدام بشكل كبير؛ واحتمالية التطبيق الواسع للإنسان الرقمي، والذي يمكنه تلبية الاحتياجات المعنية لجميع أطراف الإنتاج الذكي للمحتوى الرقمي والتفاعل المرئي والاحتياجات الأخرى ذات الصلة.

ما زال في مرحلة مبكرة

تعتقد يان مي أن التطور الحالي للإنسان الرقمي الافتراضي لا يزال في مرحلة مبكرة، ولا يزال بعيدا عن التطبيق الكامل الذي يتوقعه الجمهور. من منظور السوق، أظهر الطلب في السوق اتجاها سريعا للنمو، وبدأ عدد الشركات التي تدخل الصناعة في الزيادة، لكن الصناعة ككل لم تحقق الربحية بعد. من وجهة نظر التطبيق، كنوع جديد من تطبيقات الكمبيوتر، يلبي الإنسان الرقمي الافتراضي بشكل أساسي احتياجات السيناريوهات المختلفة. ولكن لا تزال هناك مشكلات مثل عدم كفاية تراكم البيانات والتكنولوجيا الأساسية، وجودة المنتج غير المتساوية، وضعف درجة الذكاء.

قال لي شي يان، مسؤول بمختبر التفاعل بين الإنسان والحاسوب الذكي السحابي AI في بايدو، إن الإنسان الرقمي الافتراضي قد تطور الآن إلى المرحلة 3.0. النصف الأول من هذه المرحلة هو مرحلة التطبيق للإنسان الرقمي الافتراضي على منصة الحوسبة المسطحة، وخاصة الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة الذكية؛ النصف الثاني هو التطبيق على منصة الحوسبة الفضائية وخاصة أجهزة تقنية الواقع الافتراضي وتقنية الواقع المعزز.

في السنوات الخمس الماضية، وبفضل ما تحقق من اختراقات في خوارزميات التعلم العميق، تم تبسيط عملية إنتاج الإنسان الرقمي الافتراضي بشكل فعال. على الرغم من ذلك، يعتقد لي شيويه تشاو، نائب مدير المنتجات الذكية في شركة تنسنت، أن الإنسان الرقمي الافتراضي الحالي قد بدأ للتو في السير على المسار الصحيح ودخل المرحلة الأولية. كما أنه يتطور نحو الذكاء والراحة والصقل والتنويع، ودخل في فترة النمو.

قال تسوه بنغ فَيّ: "حاليا، لا يزال الإنسان الرقمي الافتراضي في الغالب تطبيقات عرض، ولا يمكن له تحقيق تفاعل حقيقي مع البشر. لا يزال في المرحلة الأولية من التنمية، ولا تزال هناك مسافة معينة تفصلنا عن تطبيق الإنسان الرقمي الحقيقي."

بداية تطبيقات واسعة النطاق

في الوقت الحاضر، لا يزال تطوير الإنسان الرقمي الافتراضي في مرحلته المبكرة. ولا يزال اتجاه التطوير المستقبلي وإمكانية التسويق وما إذا كان يمكن إطلاق موجة من التطبيقات واسعة النطاق، أمرا غير مؤكد.

قالت يان مي إن الإنسان الرقمي الافتراضي سيتطور في المستقبل، في اتجاه الذكاء والراحة والدقة والتنويع والشعبية. مع التقدم المستمر في التقنيات المعنية مثل النمذجة والتقاط الحركة وقوة الحوسبة والاتصالات الشبكية في المستقبل، سيستمر تطور دقة الإنسان الرقمي الافتراضي أيضا. وأضافت يان: "سوف يتحقق تدريجيا تكامل الإنسان الرقمي الافتراضي وتطبيقه على أرض الواقع، في سيناريوهات ومجالات متعددة. ومع تقليل عتبات وتكاليف الاستخدام، سيصبح الإنسان الرقمي الافتراضي في النهاية تقنية جماعية متاحة للجميع".

قال تسوه بنغ فَيّ: "في الوقت الحاضر، ندخل عالم الإنترنت من خلال النقر على برنامج تطبيقات الهاتف النقال. مع تطوير ميتافيرس، سيحل الإنسان الرقمي الافتراضي محل تطبيقات الهاتف النقال الذي نستخدمه حاليا. سيكون ما ننقر عليه ليس التطبيق، ولكن الإنسان الرقمي الافتراضي. لذلك، فإن مجال الإنسان الرقمي الافتراضي لديه آفاق كبيرة للتنمية، وهناك احتمال كبير بأن تكون هناك موجة من التطبيقات الواسعة النطاق في المستقبل."

تشير الإحصاءات المعنية إلى أنه بحلول عام 2030، سيصل الحجم الإجمالي لسوق الإنسان الرقمي الافتراضي في الصين إلى 270 مليار يوان. وبفضل الإمكانات الهائلة للملكية الفكرية الافتراضية، سيحتل الإنسان الرقمي الافتراضي القائم على الهوية موقعا مهيمنا، بحوالي 175 مليار يوان. يتطور الإنسان الرقمي الافتراضي القائم على الخدمة بشكل مطرد نسبيا. لا يزال مساعد الذكاء الاصطناعي المتعدد الوسائط بحاجة إلى مزيد من التطوير. تمت ترقية خدمات المحادثة المختلفة إلى الشكل البشري الرقمي الافتراضي، بحجم إجمالي يزيد عن 95 مليار يوان.

قال لي شيويه تشاو: "إمكانيات تجارة الإنسان الرقمي الافتراضي كبيرة. والآن تعمل العديد من المنصات على خفض عتبة تطبيق الإنسان الرقمي، وتسعى جاهدة للسماح لمزيد من الناس باستخدام هذه التطبيقات."

العديد من المشكلات

يعكس صعود الإنسان الرقمي الافتراضي الاتجاه العام لتكامل العالم الافتراضي والعالم الحقيقي. على الرغم من أنه من المتوقع أن يتحسن مستوى ذكاء الإنسان الافتراضي في المستقبل، لا يزال هناك طريق طويل أمامنا لتحقيق التكامل الحقيقي. في هذا الصدد، أشار العديد من المنخرطين في هذا القطاع إلى أن تطوير صناعة الإنسان الرقمي الافتراضي لا يزال يواجه العديد من الصعوبات.

قال لي شيويه تشاو: "الافتقار إلى منصات الصناعة في المنبع والمصب يقيد تطوير التصنيع إلى حد كبير، كما أنه يضع حدا غير مرئي للاستثمار في هذه الصناعة. علاوة على ذلك، فإن طريقة الإنتاج منخفضة نسبيا في الأتمتة، وعتبة الإنتاج مرتفعة، والتقنيات المفتاحية ليست ناضجة بما فيه الكفاية، كما أن الافتقار إلى الأكفاء الفنيين يقيد تطور الإنسان الرقمي إلى حد معين."

يرى لي شيويه تشاو أن الصعوبات الحالية في تطوير الصناعة الإنسان الرقمي الافتراضي هي أساسا من حيث التكنولوجيا. إن التعرف على الكلام ينتمي إلى الذكاء الإدراكي، وتحويل الآلات من مجرد التعرف على الكلام إلى فهم الكلام، يعني الارتقاء بها إلى مستوى الذكاء المعرفي، ومدى قدرة الآلة على فهم اللغة الطبيعية علامة على ما إذا كانت ذات حكمة أم لا. وقد أصبح فهم اللغة الطبيعية صعوبة تواجه الذكاء الاصطناعي. وتعد كيفية تمثيل واكتساب وتعلم المعرفة ودمج المعرفة بالبيانات تحديا لأجهزة الكمبيوتر. لذلك، فإن مفتاح التطور المستقبلي للإنسان الرقمي الافتراضي هو "فهم المشهد العميق" و"التحسين التقني الفعال".

بالإضافة إلى الصعوبات على مستوى التطبيق الفني، أشارت يان مي إلى أن هناك حاليا أربعة مستويات تقيد تطور صناعة الإنسان الرقمي الافتراضي: على مستوى بيئة السياسات، لا تزال الصناعة في فترة النمو، وتفتقر إلى دعم السياسات ورأس المال؛ على مستوى تدريب الأكفاء، هناك نقص حاد في المواهب الفنية والمواهب الشاملة، ونظام الإمداد بالأكفاء ليس مثاليا؛ على مستوى المعايير الموحدة، هناك نقص في المعايير والأنظمة الفنية الموحدة في الصناعة، وجودة المنتجات متفاوتة؛ على مستوى السلامة والأخلاقيات، لا يزال يتعين تحسين القوانين واللوائح والمعايير الأخلاقية المعنية، وهناك مخاطر محتملة.

الحاجة إلى تنمية صحية وموحدة

مع استمرار توسع نطاق صناعة الإنسان الرقمي الافتراضي، بدأت أيضا قضايا مثل معايير الصناعة في جذب الانتباه. في الوقت الحاضر، هناك نقص في المعايير والمتطلبات التقنية الموحدة في الصناعة، كما أن جودة المنتجات متفاوتة، والقوانين واللوائح والمعايير الأخلاقية المعنية لم يتم تحسينها بعد.

قال لي شيويه تشاو إن صناعة الإنسان الرقمي الافتراضي بحاجة ماسة إلى نظام كامل للإمداد بالأكفاء، وخاصة نظام الأكفاء عبر الحدود، من أجل ضمان التشغيل الصحي لهذه الصناعة. بالإضافة إلى ذلك، نظرا لأن تطوير تكنولوجيا الإنسان الرقمي الافتراضي سيتسبب في بعض المشكلات القانونية والمخاطر الأخلاقية، فإن القوانين واللوائح المعنية والمعايير الأخلاقية بحاجة إلى تحسين عاجل.

اقترح تسوه بنغ فين: أولا، الإرشاد الإيجابي، حيث إن آفاق تطوير الصناعة الإنسان الرقمي الافتراضي كبيرة. يجب احترام قوانين تطوير الصناعات الناشئة، وتوجيه المؤسسات المعنية في صناعة الإنسان الرقمي الافتراضي بنشاط للتركيز على الابتكار التكنولوجي وتسريع وتيرة التنمية؛ ثانيا، يرتبط الإنسان الرقمي الافتراضي بسمات تقنية وسمات ثقافية، هناك حاجة إلى إظهار دلالات ثقافية معينة من خلاله؛ ثالثا، الإشراف العلمي والالتزام بالمعايير التنظيمية مع تعزيز التنمية، وتسريع تشكيل الانضباط الذاتي في الصناعة من خلال المعايير؛ رابعا، من الضروري تشجيع المؤسسات ووحدات البحث العلمي على تسريع تطوير المعايير، وتعزيز التطور السريع لصناعة الإنسان الرقمي الافتراضي من خلال وضع المعايير والقواعد مسبقا. خامسا، التشريع الاستشرافي على أساس ضمان حيوية الابتكار في صناعة الإنسان الرقمي الافتراضي، ينبغي التفكير بشكل شامل في القضايا الأساسية مثل الأخلاقيات والسلامة، والقيام بعمل جيد للتشريع بطريقة استشرافية.

--

تشانغ لي جيوان، صحفية في مجلة ((تقرير الصين)).