مجتمع < الرئيسية

لان تيان يه.. حياتي كلها للمسرح

: مشاركة
2021-12-13 17:17:00 الصين اليوم:Source تشانغ شي:Author

في شهر مايو سنة ألف وتسعمائة وسبع وعشرين، ولد الفنان لان تيان يه، واسمه الحقيقي وانغ رون سن، في قرية تشانغليو بمحافظة راويانغ في مقاطعة خبي، وقبل أن يكمل عامه الأول انتقلت أسرته إلى بكين. في سنوات عمره الأولى، ومنذ بدأ يتذكر الأشياء، كان يذهب إلى المسرح مع عائلته للاستماع إلى الأوبرا كل ليلة تقريبا. كان الأداء الرائع على خشبة المسرح يدهشه دائما. كان جده، الذي يسكن معه في نفس البيت، كثيرا ما يحكي له ولأخيه وأخته قصصا شيقة لشخصيات من أعمال أدبية صينية مشهورة مثل ((قصص الممالك الثلاث)) و((حافة المياه)) و((رحلة إلى الغرب)) و((حكايات لياو تشاي)) و((سوي تانغ يانيي)) و((جنرالات عائلة يانغ)) و((جنرالات عائلة يوي)) وغيرها من القصص الأدبية والأسطورية التي صارت لاحقا مصدر إلهام له. عندما كان شقيقه الأكبر دو بينغ (اسمه الحقيقي وانغ رون تشيوان) يتعلم الرسم، كان لان تيان يه يجلس بجانبه ليتعلم رسم الطيور والحيوانات والزهور والنباتات والمناظر الطبيعية والشخصيات.

الرسم هو حلمي الآخر

لا تيان يه، المشهور على نطاق واسع بأعماله المسرحية والدرامية المعروفة، كان الرسم دائما حلما له. بتأثير من شقيقه الأكبر، شغف لا تيان يه بالفنون الجميلة منذ نعومة أظفاره، وقد قال: "أحببت الرسم منذ صغري. كانت عائلتي تسكن بالقرب من معبد مياوينغ، وفي كل مرة أزور فيها مهرجان المعبد، كنتُ أرسم ما رأيت فيه من الحرف اليدوية الشعبية. كما كنت أذهب إلى المسارح في بكين لرسم نماذج الوجوه المسرحية والأزياء المسرحية والأسلحة المسرحية فيها. كنتُ أيضا أرسم الصور التوضيحية وصور سلاسل قصص الأطفال وغيرها." في سنة ألف وتسعمائة وأربع وأربعين، التحق لان تيان يه بالمعهد الوطني للفنون في بيبينغ (بكين)، وهو حاليا كلية الرسم الزيتي بالأكاديمية المركزية للفنون الجميلة، لدراسة الفنون الجميلة.

كان مسكن عائلة لان تيان يه يقع بعيدا عن المعهد الوطني للفنون، وبدلا من ركوب الحافلة العامة التي كان يطول انتظارها أحيانا لأكثر من ساعة، كان يسير على قدميه أكثر من خمسة كيلومترات للوصول إلى المعهد، ويمضي النهار كاملا في أستوديو الرسم. قال لا تيان يه: "اعتدنا في ذلك الوقت على الرسم بالفحم، وكنا نستخدم خبز مانتو لإجراء التعديلات على الرسم، وأحيانا، عندما كنت أشعر بالجوع في وقت الظهيرة، أكتشف أنني استهلكت الخبز كله تقريبا."

دخل لان تيان يه عالم التمثيل مصادفة، ولكنه جذوة عشقه للرسم لم تنطفئ أبدا. في أوائل ستينات القرن العشرين، تعرّف لان تيان يه إلى الرسامين الصينيين المشهورين لي كو تشان وشيوي لين لو. بعد ذلك، بالإضافة إلى انخراطه في التمثيل، عاد لان تيان يه مع هذين الرسامين المشهورين إلى عالم الرسم، واجتهد في تعلم تقنيات الرسم الأساسية، لدرجة أنه كان ينسى النوم والطعام في أحيان كثيرة، ولا يعرف الراحة. حقق تقدما كبيرا في مهارات الرسم، وأشاد به كل من لي كو تشان وشيوي لين لو.

في سنة ألف وتسعمائة وست وثمانين، أقام لان تيان يه أول معرض خاص به للرسم الصيني، وبهذه المناسبة كتب الرسام الكبير شيوي لين لو عبارة "الجد في الرسم، وابتكار أسلوب فني فريد" تقديرا له. لا شك أن هذا الثناء اعتراف بالمستوى المتميز الذي وصل إليه لان تيان يه في الرسم. قال لان تيان يه: "استفدت كثيرا من تشجيع السيد شيوي لين لو. أهم شيء لتعلم الرسم هو التدريب على التقنيات بجد واجتهاد، وفقط من خلال الدراسة والممارسة الجادة يمكنك تسلق القمة. 'ابتكار أسلوب فني فريد"' يعني أن تشق طريقك الخاص وأن تبدع أسلوبك الخاص."

في سنة ألف وتسعمائة وسبع وثمانين، تقاعد لان تيان يه عن العمل في مسرح الفن الشعبي ببكين. وبعد تقاعده، كرس معظم طاقته لإبداع لوحات الرسم الصيني. في أعماله، يتمسك لان تيان يه دائما بمبدأ "الجد في الرسم، وابتكار أسلوب فني فريد"، لرسم الكثير من الأعمال الفنية التي تحتوي على شخصيات فنية مميزة ودلالات ثقافية عميقة، والتي يتنافس الكثير من الناس في الداخل والخارج على اقتنائها.

الإخلاص للحزب من صميم القلب

عاش لان تيان يه طفولته في مدينة بيبينغ (بكين حاليا)، التي احتلتها القوات اليابانية آنذاك، وشهد بنفسه الحياة المأساوية لعامة الشعب تحت الحكم الاستعماري الياباني. كان لان تيان يه يشعر بالضيق الشديد بسبب الفوضى الاجتماعية، فكان يلوذ بالرسم والمشاركة في الأعمال المسرحية للتخفيف من هذه المشاعر. في سنة ألف وتسعمائة وخمس وأربعين، عادت إلى البيت أخته الثالثة شي مي (اسمها الأصلي وانغ رون هوا)، بعد أن غادرته لسنوات، وبدأت تقوم بنشاطات سرية في المدينة كعضو سري في الحزب الشيوعي الصيني. قال لان تيان يه: "قرأتُ المنشورات والكتيبات الصغيرة، التي أحضرتها أختي، مثل ((حول الحكومة الائتلافية)) و((حول الديمقراطية الجديدة)) وغيرها، وكانت هذه أولى الأفكار الثورية التي تعرفت عليها. أكثر ما أثار إعجابي هو كتاب ((القدران المحتملان للصين))، والذي جاء فيه: أمام الشعب الصيني طريقان، الطريق المشرق والطريق المظلم... يجب أن نسعى جاهدين من أجل مستقبل مشرق ومصير مشرق بكل قوتنا، ونعارض المستقبل المظلم والمصير المظلم الآخر..."  أثارت هذه الأفكار التقدمية حماسة لان تيان يه.

بدأ لان تيان يه مشاركة أخته في جزء من الأعمال السرية، استفادة من ظروف عمله في التمثيل بالمسرح. كان لان تيان يه يتنقل بين منطقة شيتشيمن في وسط المدينة وجبل شيشان في ضاحية المدينة بالدراجة لنقل التقارير الاستخبارية والبضائع والمواد. كما ساعد لان تيان يه أخته على تسجيل المعلومات التي نُقلت من المنطقة المحررة عبر الراديو. في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر سنة 1945، انضم لان تيان يه إلى الحزب الشيوعي الصيني بموافقة المنظمة الحزبية الأعلى. على الرغم من أن لان تيان يه كان مهووسا بالرسم، ظل يعمل بالتمثيل من أجل تسهيل القيام بأعمال الحزب السرية، إلى أن سار في طريق مهنة جديدة أحبها طوال حياته. قال لان تيان يه: "السبب الذي جعلني أنضم إلى الحزب بسيط للغاية. أدركت بعمق أنني لا يمكن أن أكون عبدا بلا وطن، وعرفت أيضا أن الحزب الشيوعي الصيني وحده هو الذي يجلب الأمل للصين." كان يقول لنفسه دائما: "أنت عضو في الحزب الشيوعي الصيني، لذا عليك أن تكرس كل شيء للحزب، وأن تتبع أوامر الحزب مدى الحياة."

لا توجد أدوار صغيرة، يوجد فقط ممثلون صغار

كان لان تيان يه يبجث دائما عن النصوص المسرحية المختلفة لإثارة مشاعر المشاهدين إلى الحد الأقصى. في شتاء سنة ألف وتسعمائة وأربع وأربعين، شارك لان تيان يه في مسرح شالونغ خارج الحرم الجامعي، وظهر لأول مرة على خشبة المسرح في مسرحية ((العاصفة الرعدية)) للكاتب المسرحي تساو يوي، وأشاد الجميع بأدائه. جعل النجاح الأول في الأداء لان تيان يه يدرك أن بوسعه مواصلة التمثيل المسرحي. وبعد الانضمام إلى الحزب الشيوعي الصيني، لم يعد التمثيل مجرد مهنة فنية، وإنما أيضا عمل له رسالة.

يعتقد لان تيان يه أن الممثل يجب أن يركز على تراكم الخبرات الحياتية وتنمية المعارف الثقافية لإبداع شخصيات حية متميزة على خشبة المسرح، وليس تقليد الآخرين. كان لدى لان تيان يه ألبوم نفيس يتضمن آلاف الصور لشخصيات مختلفة من عشرات السنين الماضية، بعضها صور من مجلات، وبعضها رسومات تخطيطية رسمها بنفسه. جمع لان تيان يه تلك الصور ليتمعن في العالم الداخلي لأصحاب الصور، والحصول على إلهام التمثيل منها. زار لان تيان يه جميع مقاهي الشاي الكبيرة والصغيرة في بكين لمراقبة تصرفات سكان بكين ورواة القصص والنوادل فيها بشكل عميق، لإتقان دوره في مسرحية ((مقهى الشاي)) للكاتب المشهور لاو شه. كما تواصل لان تيان يه مع رجال الأعمال في بكين لمراقبة أحوالهم من أجل أداء شخصية "تشين تشونغ يي" في ((مقهى الشاي)). في شهر مارس سنة ألف وتسعمائة وخمس وثمانين، عُرضت مسرحية ((مقهى الشاي)) لأول مرة، وأدهش "تشين تشونغ يي" الجمهور بمجرد ظهوره على خشبة المسرح.

في الفترة من الثالث والعشرين من شهر يونيو إلى العاشر من شهر يوليو سنة ألفين وإحدى عشر، عرضت مسرحية ((الأسرة)) التي أخرجها لي ليو يي، على مسرح العاصمة في بكين. عاد لان تيان يه، وكان عمره قد ناهز أربعة وثمانين عاما، إلى المسرح وتحدى نفسه مرة أخرى، حيث لعب دور الشرير "فنغ له شان" في ((الأسرة)) لأول مرة. يعتقد لان تيان يه اعتقادا راسخا أنه لا توجد أدوار صغيرة، وإنما يوجد فقط ممثلون تافهون. بغض النظر عن حجم الدور، يجب على الممثل إبداع شخصية مميزة بمجرد ظهوره على خشبة المسرح.

نقل فن التمثيل والروح إلى الجيل القادم

قال لان تيان يه: "طالما يحتاج الحزب والجمهور إليّ، فينبغي لي بذل كل جهودي." بالإضافة إلى وضع المتطلبات والمعايير الصارمة لنفسه، قام لان تيان يه أيضا بنقل هذه الروح إلى الممثلين الشباب.

بعد تقاعده عن العمل الرسمي، ظل لان تيان يه يعلم الممثلين الشباب تقاليد المسرح ونظريات الأداء المسرحي وتقنياته في مسرح الفن الشعبي ببكين. في عام ألفين وخمسة عشر، أخرج لان تيان يه، وهو في الثامنة والثامنين من العمر، مسرحية ((زيارة السيدة العجوز)) للكاتب السويسري فريدريش دورنمات. شرح لان تيان يه جميع التفاصيل للممثلين بعد التفكير بعمق في كل عبارة من النص المكتوب للدور وكل حركة له في المسرحية. في إحدى المناسبات، شاهد لان تيان يه الممثلين يتدربون على خشبة المسرح، وكان غير راض عن الحركات الجسدية لأحد الممثلين الشباب، فألقى لان تيان يه عصا المشي من يده فجأة لعرض الحركات الصحيحة لهم بنفسه. قال الممثلون الشباب من حوله: " مثابرته وتفانيه في الأداء الجاد أثناء وجوده في غرفة التدريب، يؤثران بقوة في قلوب الممثلين الشباب. أثناء البروفات، يكون هذا الرجل العجوز أفضل منا."

بالإضافة إلى التمثيل، يشارك لان تيان يه بحماسة في أنشطة الرعاية الاجتماعية. قال: "يجب على أعضاء الحزب الشيوعي الصيني تكريس أنفسهم للحزب." وبعد زلزال ونتشوان ويوشو، بادر للتبرع بالمال للمناطق المنكوبة. علاوة على ذلك، استخدم لان تيان يه أمواله، التي حصل عليها عن طريق بيع أعماله الفنية، للمساعدة في علاج الأطفال الذين يعانون من الشفة المشقوقة والشق الحلقي. خلال مكافحة كوفيد- 19، شارك لان تيان يه في تسجيل مقطع الفيديو القصير "الصين، شد حيلك". بعد ذلك، شارك أيضا في العديد من برامج المحطات التلفزيونية ووسائل الإعلام على الإنترنت، وقام برسم الأعمال الفنية المتعلقة بالأطقم الطبية من أجل نشر الطاقة الإيجابية في المجتمع لمكافحة الوباء.

حتى الآن، لا يزال لان تيان يه، وقد ناهز عمره أربعة وتسعين عاما، يقوم بالتمثيل على خشبة المسرح. قال: "أنا سعيد بأن أعيش في عصر يشهد التطور والازدهار العظيمين للثقافة، ومنحني فرصة للمشاركة في الأعمال الفنية وتقديم المزيد من المساهمات للحزب والفن. "

لان تيان يه في سطور:

وُلد لان تيان يه في شهر مايو سنة ألف وتسعمائة وسبع وعشرين، واسمه الحقيقي وانغ رون سن، وهو عضو بالحزب الشيوعي الصيني وفنان مسرحي ورسام مشهور. درس فن الرسم على يد لي كو تشان وشيوي لين لو. تلتزم أعماله بالأفكار الإبداعية المتمثلة في "الجد في الرسم، وابتكار أسلوب فني فريد"، تعكس أعماله الفنية الشخصية الفنية المميزة والدلالات الثقافية العميقة، والتي نالت استحسانا كبيرا. في سنة ألف وتسعمائة وأربع وأربعين، كان لان تيان يه يقوم بالتمثيل في المسرح في أوقات فراغه، بينما كان يدرس في المعهد الوطني للفنون في بيبينغ، ومنذ ذاك، يعمل في مجال التمثيل لأكثر من سبعين عاما. نجح لان تيان يه في لعب أدوار رائعة في الكثير من المسرحيات والأعمال الدرامية مثل ((سكان بكين)) و((مقهى الشاي)) و((الأسطورة والبطل)) وغيرها. فاز بـ"جائزة الإنجاز مدى الحياة للدراما الصينية" وبلقب "العضو الممتاز للحزب الشيوعي الصيني على المستوى الوطني" على التوالي. في التاسع والعشرين من شهر يونيو سنة 2021، منحت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني لان تيان يه "وسام الأول من يوليو".

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4