مجتمع < الرئيسية

شي قوانغ ين.. مروض الصحراء

: مشاركة
2021-10-21 10:58:00 الصين اليوم:Source :Author

شي قوانغ ين، المعروف في الصين بأنه "بطل مكافحة التصحر"، قطع وعدا على نفسه منذ أربعين عاما بقوله: "مكافحة التصحر هي عملي الوحيد، ولن أتوقف عن زراعة الأشجار لمكافحة التصحر حتى آخر يوم في حياتي." هذا البطل الذي ولد في عائلة فلاحين عادية، عقد العزم منذ مرحلة شبابه على مكافحة التصحر لمساعدة سكان المناطق الصحراوية.

معاناة الناس من الرياح والرمال

ولد شي قوانغ ين في بلدة هايتسيليانغ بمحافظة دينغبيان، الواقعة على الحافة الجنوبية لصحراء ماووسو، المعروفة أيضا باسم أوردوس، بمقاطعة قانسو في عام 1952. في هذه البلدة ذات الببيئة طبيعية السيئة والمعيشة الشاقة، نشأ شي قوانغ ين بين الرياح والرمال وعانى مما يسببان من مصاعب جمة. في ذاكرته، الرياح والرمال في السماء هما "العدوان الطبيعيان" للمحليين الذين كانوا يضطرون إلى التنقل الدائم بسبب خطر الرياح والرمال. كانت أي عاصفة رملية كبيرة تعني ضياع كل المحاصيل التي كد الفلاحون في زراعتها، وكانت الكثبان الرملية المتحركة تدفن بيوتا كثيرة. وقد انتقل شي قوانغ ين مع والديه تسع مرات بسبب كوارث الرياح والرمال أيام طفولته.

من أجل تحسين البيئة الإيكولوجية، أصدرت الحكومة الصينية في بداية عام 1984، سياسات لتشجيع الأفراد على إدارة الغابات والتلال القاحلة والأراضي الرملية بالتعاقد. ومع معارضة شديدة من عائلته وأصدقائه، أصر شي قوانغ ين على الاستقالة من منصب رئيس مزرعة نانهايتسه في بلدة هايتسيليانغ في ذلك الوقت، من أجل مقاولة الأراضي الرملية لمكافحة التصحر. انتقل مع أسرته إلى منطقة رملية، وأنشأ أول شركة مساهمة للمزارعين للسيطرة على الرمال، وهي مزرعة شينشينغ للغابات وتربية الحيوانات (مجموعة شي قوانغ ين لمكافحة التصحر في مقاطعة شنشي حاليا). وقد وقع مع حكومة البلدة عقدا لمقاولة ثلاثة آلاف مو (الهكتار يساوي 15 موا) من الأراضي الرملية، ليصبح أول مزارع في البلاد يقاول الأراضي الرملية للسيطرة على التصحر. قال أحد السكان له: "في العشرين سنة الماضية، لم ينجح أحد في مكافحة التصحر، هل يمكنك حل هذه المشكلة؟" فأجابه شي قوانغ ين بحزم: "أريد معالجة الرمال حقا! ليتمتع المحليون بحياة جميلة بدون مخاطر ومخاوف من العواصف الرملية!"

في ذلك الوقت، كان شي قوانغ ين يفتقر إلى الأيدي العاملة والمال. من أجل جمع الأموال لشراء شتلات فقد أخذ كل مدخراته، وباع 84 شاة وبغلًا واحدًا تعتمد عليه عائلته، على الرغم من معارضة زوجته، كما باع الشركاء الستة الآخرون ما لديهم من مواشي. ومع ذلك، لم تكن هذه الأموال كافية، فاقترض شي قوانغ ين من جهات مختلفة، حتى جمع 120 ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات حاليا) لشراء الشتلات، ليبدأ رسميا حياته المهنية في مجال مكافحة التصحر.

منذ ذلك الحين، يخرج شي قوانغ ين وفريقه مبكرا ويعودون متأخرا كل يوم، لشق طريق لزراعة الصفصاف الجاف والصفصاف الرملي وأشجار الحور على مساحة ثلاثة آلاف مو من الأراضي الرملية القاحلة. على الرغم من طموحه وشغفه، تجاوزت صعوبة السيطرة على الرمال توقعاته. يتذكر شي قوانغ ين تلك الفترة قائلا: "كنا نعيش في ظروف معيشية سيئة للغاية في الصحراء. كنا نأكل الخبز الجاف الذي يصعب قضمه والذي تم إحضاره من المنزل". وأضاف: "بينما كنا نمارس عملنا في السيطرة على الرمال، كانت العواصف الرملية تفاجئنا، وفي بعض الأحيان تجرف بعضا منا بعيدا، فنتوقف على الفور للبحث عنهم بسرعة."

كان شي قوانغ ين ورفاقه محظوظين، فبعد عام من العمل الشاق، وإلى جانب الطقس الجيد في ذلك العام والأمطار الغزيرة على مدار العام، وصل معدل بقاء الشتلات في المنطقة المعالجة إلى 85%. عزز ذلك الانتصار في المعركة الأولى للسيطرة على الرمال ثقة شي قوانغ ين فازداد إصرارا على مواصلة مكافحة التصحر.

مكافحة التصحر في لانغووشا ثلاث مرات

بعد ذلك، وقع السيد شي مع مزرعة تشانغماوتان للغابات المملوكة للدولة بمحافظة دينغبيان، عقدا لمعالجة 58 ألف مو من الأرض الرملية. من أجل حل مشكلة نقص العمال في مشروعه، نشر السيد شي "إعلان جذب الأكفاء" بالقرب من مقر حكومة البلدة، كتب فيه: "إلى جميع الأصدقاء، اسمي شي قوانغ ين، وأنشأت شركة لمكافحة التصحر، وأريد حل مشكلة التصحر في لانغووشا... أرحب بكل شخص يجد في نفسه القدرة والرغبة في مشاركتي هذا الهدف، بغض النظر عن قومتيه وهويته ومن أين جاء." وقد نجح السيد شي في جمع 484 شخصا من 127 عائلة للانضمام إلى فريق مكافحة التصحر، بعد نشر "الإعلان".

يوجد حوالي ألف كثيب رملي على مساحة الـ58 ألف مو من الأرض، ولانغووشا هي المنطقة الأكثر صعوبة في السيطرة عليها، حيث التضاريس معقدة والبيئة قاسية، ويمكن أن تصل درجة الحرارة على سطح الرمل إلى أكثر من 60 درجة مئوية في الصيف وتنخفض إلى 40 درجة مئوية تحت الصفر في الشتاء. ومن الصعب أن تنمو الشتلات في ظل هذه الظروف. كان المحليون لا يفهمون رغبة السيد شي في ترويض بيئة لانغووشا، ومن وجهة نظرهم، زراعة الشتلات على كثبان متحركة هي بلا شك إهدار للمال في الرمال. لكن بالنسبة إلى السيد شي، فإن ترويض الرمال ليس لمصلحته الشخصية فحسب، وإنما للمحليين أيضا، وهو أمر يستحق المغامرة.

تبلغ مساحة لانغووشا أكثر من ستة آلاف مو، وتهب عليها الرياح الشديدة طوال العام. أثناء السيطرة على الرمال، عاش شي قوانغ ين وجميع أعضاء فريقه في الصحراء لعشرات الأيام، حيث كانت الرياح تهب وكانت الشمس حارقة، وكانوا يعيشون في خيمة مصنوعة من الخوص والأغطية البلاستيكية، ويأكلون خبز الذرة الجاف والصلب ويشربون المياه الكدرة المأخوذة من حفرة في الصحراء، وينقلون الشتلات على ظهورهم. وقد تغير لون بشرتهم بسبب أشعة الشمس اللاهبة وظهرت بثور على أفواههم.

لم يكونوا محظوظين في هذه المرة. فقد هبت رياح قوية فوق الدرجة السادسة أكثر من عشر مرات، ودمرت 90% من الشتلات المزروعة. ثم في عام 1987، قاد شي قوانغ ين القرويين للسيطرة على الرمال من جديد، ففشلوا مرة ثانية، إذ دمرت الرياح 80% من الشتلات المزروعة، تذكر شي أنه عندما تلفت الشتلات بسبب الرياح والرمال لمدة عامين متتاليين، كان الجميع مترددين في مواصلة العمل، حتى بدأوا يتساءلون عما إذا كان بإمكانهم زراعة الغابات في مواجهة الرمال الصفراء الهائجة. لكن السيد شي لم يتردد في عمله بعد الفشل مرتين متتاليين، وبدأ يدرك أنه لا يمكن السيطرة على الرمال بطريقة العمل العشوائي، بل يجب الاهتمام بالطريقة العلمية. لذلك قاد أفراد فريقه لدراسة تجربة ترويض الرمال، واستشار فنيين متخصصين في إدارة الغابات، وطلب مساعدة خبراء تقنيات الزراعة في بكين، وأرسل أفرادا من مجموعته إلى هنغشان وأماكن أخرى لدراسة تجربة السيطرة على الصحراء.

في ربيع عام 1988، حاول شي قوانغ ين معالجة الرمال للمرة الثالثة، باتخاذ طريقة جديدة، هي التحكم في الرمال عن طريق حواجز مصنوعة من النباتات؛ أي بناء حواجز مصنوعة من النباتات في منحدر باتجاه الرياح من أجل إيقاف تحرك الكثيب، ثم زراعة الشيح الصحراوي والصفصاف الصحراوي بين الحواجز من أجل تثبيت الرمال المتحركة في مكانها، ثم أخيرا زراعة أشجار الحور والصفصاف وما إلى ذلك. من خلال هذه الطريقة، وصل معدل بقاء الشتلات إلى أكثر من 80% في ذلك العام. في تلك السنوات الثلاث، كان أفراد الفريق ينامون أينما وصلوا في العمل. بل ونقل شي قوانغ ين منزله أيضا إلى قرية ليست بعيدة عن لانغووشا، من أجل تسهيل أعمال السيطرة على الرمال.

وبعد ذلك، تسارعت أعمال ترويض الرمال التي يقودها السيد شي. في عام 1994، تعاقد شي قوانغ ين على معالجة 45 ألف مو من الشواطئ القلوية المالحة. ثم تعاقد على معالجة 5ر45 ألف مو من الأراضي القاحلة في مزرعة تشانغتشنغ للغابات المملوكة للدولة في عام 1997. في ربيع عام 2003، أنجز السيد شي تشجير 50 ألف مو في موسم واحد، وفقا لمعايير المرحلة الرابعة من مشروع حزام الغابات في "الشمالات الثلاثة (شمال شرقي الصين وشمال غربي الصين وشمالي الصين)". وبحلول نهاية عام 2004، قد تمت معالجة 250 ألف مو من الرمال القاحلة والشواطئ القلوية التي تعاقد عليها شي قوانغ ين، وبلغت مساحة التشجير المتكرر فيها 350 ألف مو، بمشاركة أكثر من مليون عامل، وبتكلفة بلغت عشرات الملايين من اليوانات من رأس المال المباشر.

السيطرة على الرمال مع دفع تخفيف حدة الفقر

خلال مسيرته مع السيطرة على الرمال، أدرك شي قوانغ ين أن ترويض الرمال وتخفيف حدة الفقر، عملان يعزز كل منهما الآخر. وأخذ يعمل لدفع التهجير البيئي منذ عام 1997، استجابة لنداء الحكومة. فأقنع 272 شخصا من أفقر خمسين عائلة في منطقة باييوي الجبلية للانتقال تدريجيا من الجبل إلى قرية جديدة للمهجرين تم تأسيسها في قرية شيليشا. وقد انتقل العديد من العائلات الفقيرة في المناطق الجبلية الجنوبية إلى مكان كان في الماضي "بحر الرمال". قام بتخصيص 3 مو من الأرض لكل أسرة مجانا على الأرض التي كانت رملية وقد تمت معالجتها على يده، وقادهم إلى حفر الآبار وبناء المنازل ومد الأسلاك الكهربائية وتطوير الاستزراع المائي، فتخلصوا تدريجيا من الفقر. بعد عدة سنوات من الاستكشاف، أبدع شي قوانغ ين وفريقه نموذجا لتطوير الأعمال وهو "الشركة+ المزارع+ القاعدة"، فقاد المحليين إلى تطوير اقتصاد الغابات والعشب وصناعة تربية الحيوانات، والجمع بين السيطرة على الرمال وتخفيف حدة الفقر. قام على التوالي بإنشاء مزرعة شيومي للغابات، ومزرعة نموذجية للأبقار تضم مائة رأس، ومصنع لمعالجة الأعلاف بطاقة إنتاجية 3000 طن سنويا، ومركز تدريب لتكنولوجيا الغابات، وقاعدة لتربية جذور البطاطس الخالية من الفيروسات على مساحة ألف مو، وقاعدة لزراعة الفلفل على مساحة ألف مو، وكيانات اقتصادية ومقاصد سياحية، مثل الغابات البيئية على مساحة 50 ألف مو، ومناطق للجذب السياحي في بحيرة يوييا، وحدائق الصنوبر والسرو، وغيرها.

استثمرت شركته أكثر من مليون يوان لبناء مدرسة هوانغشا الابتدائية ومدرسة قوانغ ين الابتدائية، لحل مشكلة صعوبة التحاق الأطفال في سن المدرسة بالمدارس في قرية شيليشا والمناطق المحيطة بها. وفي عام 2015، تولى السيد شي منصب أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني في قرية شيليشا. بالجهود المشتركة بينه وبين القرويين، أكملت قرية شيليشا على التوالي توصيل مياه الصنبور إلى المنازل، وبناء طرق الإنتاج على مستوى القرية، وتجديد شبكة الكهرباء الريفية. وحققت شبكة النطاق العريض تغطية كاملة لكل البيوت، وشهدت حياة القرويين الكثير من التغيرات. كما أدى تحسين الظروف المعيشية إلى زيادة حماسة الجميع لمكافحة التصحر، وتشكيل دورة إيجابية جيدة.

منذ عام 2019، دعم السيد شي المحليين لبناء 322 صوبة زراعية متنقلة وتطوير زراعة نبات السنفوريت والخوخ في القرية. قال شي قوانغ ين: "ليس بالضرورة أن يقوم الشخص بأشياء عظيمة في حياته، لكن عليه أن يفعل شيئا ذا مغزى. والشئ الذي كنت ولا أزال أفعله في حياتي هو مكافحة التصحر والفقر. أنا عضو بالحزب الشيوعي الصيني، علي أن أجعل الجماهير تعيش في حياة رغيدة أيضا."

استقبل قادة الحزب والدولة السيد شي قوانغ ين عدة مرات، وفاز بالعديد من الأوسمة. كما دعته الأمم المتحدة لحضور مؤتمرات مكافحة التصحر للتعريف بتجربته في ترويض الصحراء، وحصل على "جائزة مزارع الغابات العالمية المتميز" من قبل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة. يرى السيد شي، أن مكافحة التصحر مهمة شاقة وصعبة، وبالمثابرة والعزم والإصرار يتحقق النصر على كل المصاعب. قال: "إذا أردت أن تسيطر على الرمال، يجب عليك أن تتمتع بروح الحرفي العظيم، وأن تتعامل مع ترويض الرمال كمهنة وحياة. وهذا هو التصور الحقيقي وهدفي طوال الوقت."

 

--

شي قوانغ ين، ولد في محافظة دينغبيان بمقاطعة شنشي في فبراير عام 1952، وانضم إلى الحزب الشيوعي الصيني في عام 1970. كان نائبا في المجلس الوطني الثالث عشر لنواب الشعب الصيني، وعضو لجنة عمل حماية البيئة والموارد التابعة للجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب لمقاطعة شنشي. وهو رئيس مجلس إدارة مجموعة شي قوانغ ين لمكافحة التصحر. منحه مجلس الدولة الصيني لقب العامل النموذجي على المستوى الوطني في عام 2000، ومنحته اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني "وسام الأول من يوليو" في 29 يونيو عام 2021.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4