مجتمع < الرئيسية

إزالة الكربون عن صناعة النقل

: مشاركة
2021-04-16 17:05:00 الصين اليوم:Source ما يان:Author

أدى ‏الاحتباس الحراري المتزايد إلى زيادة أهمية التحكم في ارتفاع درجة الحرارة العالمية بحدود 5ر1 درجة مئوية. ومن أجل تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، من الضروري خفض ‏انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية إلى الصفر في النصف الثاني من هذا القرن. إن هدف ‏محايدة الكربون بحلول عام 2060 ‏الذي أعلنه الرئيس الصيني شي جين بينغ في سبتمبر عام 2020 ذو أهمية كبيرة، فبالنسبة للصين، ‏لن يبرز هذا طموحاتها المناخية فحسب، وإنما أيضا سيساعدها على تسريع وتيرة الابتكار التكنولوجي والارتقاء الصناعي، ‏وسيساعد الصين على أن تصبح دولة خضراء ونموذجا للتنمية الصناعية المستدامة. ‏أما بالنسبة للعالم، فإن العهود التي قطعتها الصين لن تلهم المجتمع الدولي وتحفزه للاقتراب من هدف ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 5ر1 درجة مئوية فحسب، وإنما أيضا ستصبح نموذجا ومثلا أعلى للدول الأخرى. وفي غضون أسابيع قليلة من إعلان الصين عن أهدافها، أطلقت اليابان وجمهورية كوريا أهدافهما الخاصة بخصوص محايدة الكربون أيضا.

 المجالات الرئيسية للتخلص من الكربون

في الصين، يعني تحقيق محايدة الكربون تقليل انبعاثات الكربون بشكل كبير. ويشير بحث معهد الموارد العالمية (WRI) أن الصناعات الخمس الرئيسية التي تتضمن ‏إنتاج الطاقة والصناعة والنقل والبناء والزراعة واستخدام الأرض لا بد أن تتخلص من الكربون. وعلى الرغم من أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في صناعة النقل بالصين تمثل 9% فقط من إجمالي الانبعاثات، وتعد ثالث مصدر للانبعاثات بعد إنتاج الطاقة والصناعة، فإنها تعتبر الأكثر صعوبة في التخلص من الكربون. وبأخذ ألمانيا آلتي تعتبر بلدا صناعيا كبيرا له هيكل اقتصادي مشابه للصين كمثال، فلقد بدأت ألمانيا خطواتها باتجاه الاقتصاد المنخفض الكربون في تسعينيات القرن العشرين. وبحلول عام 2017، انخفضت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بها بمقدار الثلث مقارنة مع عام 1990، ولكن ارتفعت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لصناعة النقل فيها بدلا من أن تنخفض. ويوضح هذا أن صناعة النقل هي واحدة من المجالات الرئيسية التي تحتاج للتنسيق والعمل ويتوقف عليها نجاح الصين في تحقيق هدف محايدة الكربون.

أشار ((مخطط شبكة النقل الوطنية الشاملة الثلاثي الأبعاد)) باعتباره وثيقة إرشادية لخطة النقل في "الخطة الخمسية الرابعة عشرة"، والصادر عن مجلس الدولة في فبراير من هذا العام، إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع النقل الصيني يجب أن تصل إلى ذروتها في أقرب وقت ممكن، وأن تكون كثافة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2035 أقل بكثير مما هي عليه في عام 2020. ونظرا لأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في صناعة النقل تتميز بتعدد الطرق والهيكل المعقد وصعوبة الإحصاء، فإن العثور على حل جوهري أمر بالغ الأهمية للحد من الكربون في هذا المجال، ويعتبر النقل البري هو أكثر القطاعات إمكانية لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في هذا المجال.

يشير ((تقرير الصين الثاني المحدث بشأن تغيير المناخ الذي يصدر كل سنتين))، إلى أن انبعاثات النقل البري شكلت 1ر84% من إجمالي انبعاثات قطاع النقل الصيني في عام 2019. وباعتبارها دولة تصنيع وإنتاج رئيسية وذات اقتصاد استهلاك عبر الإنترنت رائد في العالم، يصل استهلاك طاقة شحن البضائع في الصين إلى 50%، وهذا أعلى بكثير من المتوسط الدولي الذي يمثل 37% فقط، لذلك يوجد أمامها مجال كبير لخفض الانبعاثات. ‏وبالإضافة إلى ذلك، فيما يتعلق بالنقل البري للركاب، تمثل السيارات والدراجات النارية ما يصل إلى 45% من طاقة الاستهلاك، بينما وسائل النقل العامة تمثل 4% فقط، أما الانبعاثات الناتجة عن الدراجات وغيرها من وسائل النقل الأخرى تكاد لا تذكر. لذلك فإن التعديل الهيكلي للتحول إلى نقل صديق البيئة والاتجاه نحو السيارات الكهربائية يعتبر هاما جدا لتحقيق محايدة الكربون في مجال نقل الركاب.

كيفية تحقيق محايدة الكربون في صناعة النقل البري

تحاول البلدان المتقدمة مثل دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها استخدام "الصفقة الخضراء الجديدة" لتخليص صناعة النقل من الكربون كنقطة انطلاق هامة لدفع الانتعاش والتحول الاقتصادي في حقبة ما بعد الوباء. وقد أشار الاتحاد الأوروبي في ((اتفاقية أوروبا الخضراء)) إلى أنه يجب زيادة الاستثمارات في البنية التحتية للمواصلات الصديقة للبيئة من خلال تحسين قدرة شحن البضائع عن طريق السكك الحديدية والملاحة النهرية الداخلية، وتطوير صناعة السيارات الذكية ونظام النقل الذكي، وتحسين البنية التحتية لشحن مركبات الطاقة الحديثة وغيرها من التدابير الأخرى. كما تولي "خطة إنقاذ أمريكا" التي وضعتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن اهتماما كبيرا بصناعة النقل، بما في ذلك تعريز الاستثمار في بناء النقل بالسكك الحديدية بين المدن مع المحافظة على التشغيل الطبيعي للنقل العام، وتسريع تطوير صناعة مركبات الطاقة الجديدة ومرافق الشحن الأساسية، وتطوير صناعة المركبات الذاتية القيادة وغيرها.

في السنوات الأخيرة، قامت الصين بصياغة وتنفيذ سلسلة من السياسات لمواجهة التغير المناخي في مجال النقل البري، وفي الوقت ذاته، قاد التطور التكنولوجي صناعة النقل البري إلى فترة خاصة من التحول التكنولوجي. فتطورت التقنيات النظيفة مثل البطاريات ومركبات الطاقة الجديدة بسرعة، كما تم تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبرى بشكل سريع في صناعة النقل. ويحتل عدد مركبات الطاقة الجديدة الصينية التي يتم الترويج لها نصف الإجمالي العالمي تقريبا، ويقود تطوير مجال النقل الصديق للبيئة مثل الدراجات العامة والسيارات الذاتية القيادة الاتجاه الدولي ويوفر فرصا غير مسبوقة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مجال النقل.

من أجل تحقيق الانتقال من "الذروة" إلى "الحيادية"، يجب أن تنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في صناعة النقل البري بالصين من الذروة إلى الصفر في غضون ثلاثين عاما، وهذا يحتاج إلى إصلاحات جذرية في السياسات، مثل التعديلات المتعمقة في هيكل الشحن، كما يتطلب اختراقا تكنولوجيا لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المنخفضة التكلفة، مثل استخدام شاحنات وقود الهيدروجين الثقيلة. وأوصى تقرير "الصين الخالية من انبعاثات النقل البري بحلول عام 2050" الذي أصدره معهد الموارد العالمية (WRI) في عام 2019 بتنفيذ بعض الإجراءات الرئيسة والسياسات الداعمة للحد من الانبعاثات، والتي تتضمن ما يلي:

أولا: المساهمة بمقدار 35% من خفض نسبة الكربون في هدف محايدة الكربون من خلال نقل نماذج وسائل النقل، وذلك عن طريق تطوير النقل المتعدد الوسائط، وتطوير طرق جديدة لشحن البضائع لتنتقل من النقل البري إلى النقل بالسكك الحديدية والنقل المائي. وفي الوقت نفسه يجب تعزيز النقل الحضري الصديق للبيئة، وحماية حق الطريق لوسائل النقل العامة، وتوظيف المساحات الوظيفية للشوارع في المدن بشكل مناسب، وتنفيذ تخطيط نظام المشاة والدراجات من خلال دفع إنترنت المركبات والبنية التحتية للطرق الرقمية.

ثانيا: المساهمة بمقدار 35% من خفض نسبة الكربون في هدف محايدة الكربون من خلال تخليص وقود السيارات من الكربون، وذلك عن طريق الاتجاه نحو السيارات الكهربائية والاستبدال بالوقود المنخفض الكربون. وبالإضاقة إلى الترويج لاستخدام السيارات التي تعمل بالطاقة الجديدة، فهذا يسرع اتجاه الخدمات اللوجيستية وخدمات الشحن بين المدن نحو الشاحنات والسيارات الكهربائية.

ثالثا: المساهمة بمقدار 12% من خفض نسبة الكربون في هدف محايدة الكربون من خلال تقليل الأميال التي تقطعها المركبات، وذلك عن طريق إنشاء آليات لنقل الركاب وشحن البضائع وفقا لسعر الكربون، وإنشاء آليات لإدخال أسعار الكربون. والاستفادة من نماذج الأعمال التجريبية في المناطق الخالية من الانبعاثات.

أما عن الـ18% المتبقية لتخفيض الانبعاثات فتحتاج إلى تعاون الإدارات المختلفة، ويمكن تحقيقها من خلال شبكات الطاقة النظيفة والطاقة المتجددة.

إن فترة "الخطة الخمسية الرابعة عشرة" هي السنوات الخمس الأولى التي شرعت فيها الصين رحلة البناء الشامل لدولة اشتراكية حديثة. إن الاستمرار في تعميق الإصلاح في نظام النقل، وصياغة مسار خال من الانبعاثات ذي خصائص صينية وإطلاق مناطق عمل تجريبية في هذا المجال في أسرع وقت، لن يدفع بالنمو الاقتصادي الصديق للبيئة في حقبة ما بعد الوباء فحسب، وإنما أيضا سيعزز العمل الفعال للوصول لذروة ومحايدة الكربون.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4