في معركة مكافحة وباء كوفيد- 19 في أنحاء العالم، يجذب كل خبر حول لقاحات كوفيد- 19 اهتمام العالم على نطاق واسع. وفقا للمعلومات التي أصدرتها وزارة الخارجية الصينية، قدمت الصين اللقاحات كمساعدات إلى ثلاثة وخمسين بلدا، وقد تم تصدير اللقاحات أو يجري تصديرها إلى اثنتين وعشرين دولة حتى الآن.

إن توجه اللقاحات الصينية الواقية من كوفيد- 19 نحو خارج الصين لا ينفصل عن أمن وفعالية أعمال تخزين ونقل اللقاحات. في معهد بكين للمنتجات البيولوجية، فريق من العاملين قد لا يكون معروفا إلا لقليل من الناس، يبذل أعضاؤه جهودهم من أجل ضمان بحث وتطوير وإنتاج اللقاحات الواقية من كوفيد- 19.

السباق مع الزمن ورفع السرعة

قال شيوي تشي تشونغ، مدير قسم التخزين والنقل بمعهد بكين للمنتجات البيولوجية: "منذ عيد الربيع عام 2020 وحتى اليوم، لم يسترح كثير من زملائنا، وإذا طلب من أي منهم الحضور إلى مقر العمل يأتي فورا حتى ولو كان الوقت متأخرا."

قسم التخزين والنقل تحت قيادة شيوي تشي تشونغ مسؤول عن إدارة مواد ومنتجات المعهد، مثل تخزينها وصيانتها وتوزيعها. في عملية بحث وتطوير لقاحات كوفيد- 19، يجب على هذا القسم ضمان تموين وإمداد المواد مقدّما، وتحتوي هذه المواد على المواد الخام للبحث والتطوير في المرحلة الأولية ومواد التغليف للمنتجات في المرحلة الأخيرة، مثل الكواشف الكيماوية والمواد الاستهلاكية للترشيح والكيماويات الخطيرة والقوارير واللصيقات أو البطاقات الملصوقة على القنينات وتعليمات الإرشادات، وغيرها من المواد التي تشتمل على مئات الأصناف.

اختلافا عن الإمدادات اليومية، يحتاج بحث وتطوير لقاح كوفيد- 19 إلى بعض المواد الخاصة التي لا يمكن الحصول عليها بسهولة، بل يتم شراؤها من أنحاء متفرقة في الصين أو خارجها. قال السيد شيوي: "صادف ذلك الوقت عطلة عيد الربيع وهو أخطر فترة لتفشي الوباء، فلا بد أن نسابق الزمن ونرفع الفعالية ونستفيد من شبكة المواد. بذلنا جهودا لا يتخيلها الإنسان العادي. تجري أعمالنا العادية وفقا لخطة حسب الطلب، نحدد دورة الشراء ودورة الفحص، غير أن كوفيد- 19 تفشى فجأة، وتقريبا بدأ تحضير الخامات والبحث والتطوير والتصميم في نفس الوقت، ولا سيما في ظل تعليق الرحلات الجوية وإغلاق المدن والعزل، وطبقت كل مقاطعة إجراءات خاصة للعزل، فواجه أعمال نقل وتداول البضائع صعوبات كثيرة، مما زاد من مشقة أعمالنا."

في قسم التخزين والنقل أقل من عشرين موظفا، مهمتهم هي شراء ونقل وتخزين وتوزيع المواد الخام لبحث وتطوير اللقاح الواقي من كوفيد- 19، بينما يقومون بالتموين والإمداد لمختبرات البحث وورش الإنتاج، فتضاعف حجم أعمالهم من أربع إلى ثماني مرات مقارنة مع كان عليه في السابق. وهم يعملون مع الزملاء في قسم بحث وتطوير اللقاح بدون استراحة، إذا شعروا بالتعب الشديد، يستريحون قليلا على أريكة في الورشة أو المكتب. وقد قال أحدهم: "أشتاق إلى سريري كثيرا!"

ستة أيام في مخزن التبريد

مع دخول اللقاح الواقي من كوفيد- 19 إلى المرحلتين الأولى والثانية للاختبارات السريرية، قاد شيوي تشي تشونغ قسم التخزين والنقل لتوفير عينات اللقاح عبر سلسلة التبريد، وهي عملية لا يسمح فيها بأي خطأ، والأهم هو المحافظة على درجة الحرارة عند مستوى من درجتين إلى ثماني درجات مئوية، لأن اللقاح حساس لدرجة الحرارة، وتتأثر فعالية المنتجات بدرجة الحرارة غير العادية.

في ناحية النقل عبر سلسلة التبريد، فإن معهد بكين للمنتجات البيولوجية لديه تجارب في معالجة منتجات مماثلة، ولكن لقاح كوفيد- 19 الذي تم بحثه وتطويره قبل وقت قصير، ليس له تجربة يمكن الرجوع إليها. لذلك، أجرى شيوي تشي تشونغ وزملاؤه اختبارات وإثباتات مرات، واختاروا الصناديق المبردة بدقة، ونظموا شحن الصناديق في الموقع المحدد، مما شكل عملية إدارة سلسلة التبريد الكاملة. من أجل ضمان سلسلة التبريد لكل العملية، يجب على العاملين أن يشحنوا الصناديق داخل مخزن التبريد الذي تكون درجة الحرارة فيه حوالي أربع درجات مئوية. والأعمال المفصلة، مثل تشغيل مسجلات درجة الحرارة ومسجلات وقت ختم الصناديق والأكياس التي لا يمكن تشغيلها إلا في درجة الحرارة المطلوبة، ومراجعة أرقام المسجلات والصناديق وقوائم البضائع المرسلة وتسجيلات الخروج من المخزن، ينبغي إجراؤها داخل مخزن التبريد. يعمل الجميع داخل مخزن التبريد طوال النهار، وذات مرة عملوا لمدة ستة أيام وست ليال متواصلة، لضمان الدقة والجودة وعدم الخطأ.

في هذه العملية، يتحمل قسم التخزين والنقل بمعهد بكين للمنتجات البيولوجية المسؤولية عن توزيع ونقل كل المنتجات المطلوبة إلى أنحاء البلاد. وقد انضم حساب تشيوي تشي تشونغ على تطبيق ويتشات إلى العديد من مجموعات الدردشة، مثل مجموعات تنسيق الأعمال وشحن لقاح كوفيد- 19 وإرسال لقاح كوفيد- 19 إلى الخارج والمواد الخام وأعمال شينجيانغ والتقارير اليومية... قال تشيوي تشي تشونغ: "إنه أحد حساباتي على ويتشات فقط، وكلما أرد على رسالة في إحدى مجموعات الدردشة، تظهر رسالة جديدة في مجموعة دردشة أخرى، وأحيانا لا أعرف أي رسالة يجب علي أن أرد عليها أولا."

قبل أيام، ظهر الوباء في المحافظات والأحياء النائية في منطقة شينجيانغ ومنطقة سويفنخه بمقاطعة هيلونغجيانغ. قال شيوي تشي تشونغ: "استخدمنا كل الطرق، حيث قمنا بشحن اللقاح باستخدام الصناديق المبردة على متن الطائرة ثم نقله عبر عربات مبردة. وفي حالة المسافات غير البعيدة، قمنا بنقله عبر العربات المبردة مباشرة."

بالإضافة إلى ضمان تخزين ونقل اللقاح، يتحمل قسم التخزين والنقل المسؤولية عن إدارة متابعة اللقاح، حيث يسجل العاملون معلومات تداول كل دفعة من اللقاح وبيانات سلسلة التبريد على منصة التنسيق التي أقامتها مصلحة الدولة لمراقبة الأدوية.

7ر3 درجات مئوية لمدة 14 يوما!

نظرا لأن الوباء قد تمت السيطرة عليه محليا، كان لابد من إجراء المرحلة الثالثة للاختبارات السريرية للقاح كوفيد- 19 خارج الصين، الأمر الذي طرح مطلبا أعلى للشحن عبر سلسلة التبريد. إجراءات التوجه نحو خارج البلاد معقدة، وتتطلب المحاسبة الدقيقة لوزن وحجم كل صندوق مبرد وإبلاغ ذلك إلى أجهزة الوقاية والسيطرة على الوباء والجمارك، وأي خلل غير مسموح به وإلا ستتأثر العملية بأكملها.

في مواجهة الضغوط الكبيرة، قاد شيوي تشي تشونغ زملاءه في قسم التخزين والنقل لبدء الاكتشاف الجديد، حيث أن بيرو والإمارات ومصر وغيرها من الدول التي تجري المرحلة الثالثة من الاختبارات السريرية، درجة الحرارة فيها مرتفعة نسبيا، فمن أجل ضمان سلسلة التبريد في كل العملية، قاد شيوي تشي تشونغ زملاءه لإجراء الاختبار الشديد على ضوء مقاييس منظمة الصحة العالمية أي ضمان سلسلة التبريد في كل العملية في درجة حرارة تتراوح من 43 درجة مئوية و5 درجات مئوية تحت الصفر، إلى جانب اختيار الصناديق المبردة بدقة. وبعد ذلك، قاموا باختبار نموذجي: بعد تغليف اللقاح عبر سلسلة التبريد، تم نقله من المعهد إلى المطار بعربات مبردة، ثم دخل اللقاح مخزن التبريد للمطار مباشرة، مع المحافظة على درجة حرارته بين درجتين إلى ثماني درجات مئوية في هذه العملية.

قال تشيوي تشي تشونغ، بعد شحن اللقاح على متن الطائرة، تكون درجة الحرارة داخل كابينة الطائرة من 5 درجات مئوية إلى 25 درجة مئوية، ودرجة الحرارة هذه مناسبة نسبيا. على سبيل المثال، الرحلة من بكين إلى الإمارات تستغرق خمس ساعات، وفقا للأعراف، يبدأ التخليص الجمركي للقاح فورا ويُنقل إلى مخزن التبريد مباشرة. وإذا لا يمكن دخول مخزن التبريد فورا، يمكن أن تحافظ الصناديق المبردة على درجة حرارة سلسلة التبريد لمدة من سبعة إلى تسعة أيام في أفريقيا وأمريكا الجنوبية حسب اختباراتنا.

ذات مرة، أُرسل اللقاح إلى بيرو، وبقيت الصناديق المبردة في درجة الحرارة الثابتة لأكثر من نصف شهر بسبب سوء ظروف المنشآت التحتية المحلية. وقال المسؤول عن إرسال اللقاح لشيوي تشي تشونغ، "يا أخي شيوي، صناديقك رائعة جدا، قد مضى أربعة عشر يوما، وما زالت درجة حرارتها 7ر3 درجات مئوية!" منذ يوليو عام 2020، أرسل شيوي تشي تشونغ وفريقه عشرات الدفعات من لقاح كوفيد- 19 إلى الإمارات والمغرب والأرجنتين وبيرو ومصر وغيرها من الدول، ولم تظهر مشكلة حتى الآن.

قال شيوي تشي تشونغ: "لقاح كوفيد- 19 ليس بضاعة عادية، بل يتعلق بصورة المعهد وصورة البلاد. الخطأ غير مسموح، وتلك مسؤوليتنا!"

--

تشانغ تشون شيا، صحفي في مجلة ((تقارير صينية)).