مجتمع < الرئيسية

تطور المتاحف شاهد على الحياة الرغيدة

: مشاركة
2021-01-06 12:19:00 الصين اليوم:Source جيانغ هاو فنغ:Author

بالمقارنة مع المتاحف الكبيرة المملوكة للدولة التي تضم مجموعات غنية من المقتنيات، نجد أن التغييرات في المتاحف الخاصة والمتاحف الصناعية تعكس التحولات الاجتماعية بشكل أفضل. كما أن الزيادة الملحوظة في القدرة التصنيعية للصين والوفرة الهائلة من المواد قد أثبتت تقدم الشعب الصيني على طريق مجتمع الحياة الرغيدة.

من التحف إلى الأعمال المعاصرة

نشأ وو شاو هوا، رئيس ومؤسس جمعية جامعي التحف في شانغهاي، في الحي القديم لمدينة شانغهاي، حيث يهوى كثيرون جمع الأشياء والمنتجات القديمة.

تأسست جمعية تقدير وتثمين المقتنيات في شانغهاي في يونيو سنة 1986، وهي الاسم السابق لجمعية جامعي التحف في شانغهاي. قال وو شاو هوا، وهو الآن في السبعينات من عمره، إن الجمعية التي تضم حاليا أكثر من ستة آلاف عضو، عندما تأسست لم يكن عدد أعضائها يتجاوز عشرين فردا وكانت مقتنياتهم في الغالب أشياء قديمة. من المتاحف الخاصة التي اكتسبت تدريجيا شهرة واسعة، متحف وانغ آن جيان لآلات قياس الوقت، ومتحف تشن باو دينغ للمعدات، ومتحف لان شيانغ لعيدان الطعام، ومتحف فنغ يي يو للسجائر.

منذ أواخر فترة أسرة تشينغ (1644- 1912)، اشتهرت شانغهاي بعدد كبير من هواة جمع القطع الأثرية. والعديد من مشاهير هواة جمع التحف اليوم كانوا يبحثون عن الكنوز في متاجر السلع المستعملة المملوكة للدولة على طريق هوايهاي في ستينات وسبعينات القرن الماضي.

وفقا للسيد وو، كان أصحاب المتاحف الخاصة، خلال ثمانينات القرن الماضي، يقتنون في الغالب أشياء قديمة مثل التذاكر وأغلفة الحلوى والتقويمات السنوية وتذاكر الاشتراكات الشهرية في الحافلات والصحف القديمة وملصقات السجائر وعلب الثقاب. في وقت لاحق مع تعميق الإصلاح والانفتاح والتحسن المستمر لمستويات معيشة الناس، ارتفع عدد المتحمسين للمقتنيات، وصارت مجموعات أصحاب المتاحف أكثر ثراء وقيمة فنية. أضاف السيد وو: "يثير اليشب الشرقي والفخار المطلي بالمينا باللون الأحمر الداكن ولوحات تانغكا واللوحات المعاصرة وأعمال فن الخط اهتمام الكثير من الناس. وأعتقد أن زيادة المقتنيات وتنوعها علامة رئيسية على انتقال الفرد من وضع الكدح لتلبية احتياجاته الأساسية للحياة إلى وضع الرفاهية نسبيا. في الماضي كان بعض هواة الجمع مهووسين باقتناء التحف. على سبيل المثال، كان السيد وانغ آن جيان حريصا على جمع الساعات التي يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر وحتى أوائل القرن العشرين، وما يستحق المزيد من الثناء هو أنه تعلم أيضا بمفرده كيفية إصلاح الساعات. وقد نجح في إصلاح العديد من الساعات من مقتنياته بيده. أما اليوم، فأدخل المزيد من الناس الفن إلى الحياة اليومية، مثل أدوات فن الخط والرسم واليشم، كديكورات منزلية، مما خلق حاجة إلى المزيد من الفئات والمزيد من مستويات المجموعات في السوق.

وقد تحول بعض جامعي التحف المتمرسين في شانغهاي من جمع التحف القديمة إلى جمع كل من التحف والأعمال المعاصرة. مثل متحف تسيدونغقه للفنون في منطقة بودونغ، الذي يجمع بشكل أساسي قطع الأثاث المصنوعة من الخشب الأحمر على طراز شانغهاي، ومن معروضاته الأثاث القديم والأعمال المعاصرة، بما في ذلك الأعمال القديمة المعاصرة. بحسب السيد وو، فإن المزيد من هواة الجمع يحبون جمع التحف القديمة والأعمال المعاصرة معا، ليس فقط لأن الثاية أسهل في التعرف عليها من التحف العتيقة، وإنما أيضا لأن أصحاب المتاحف الخاصة الذين يتمتعون اليوم بالتراث الثقافي لأسلافهم، يرغبون في ترك بعض الأشياء للأجيال القادمة!"

أعمال تجارية متنوعة

في سنة 2014، اشترى مالكا متحف لونغ الشهير، السيد ليو يي تشيان وزوجته وانغ وي، سلطانية كان يستخدمها الإمبراطور تشنغ هوا في فترة أسرة مينغ (1368- 1644)، في مزاد علني مقابل 280 مليون دولار هونغ كونغ، ولوحة تانغكا إمبراطورية مطرزة من عهد الإمبراطور يونغ له لأسرة مينغ مقابل 4ر348 مليون دولار هونغ كونغ، وقد افتتح الزوجان متحفين خاصين باسم "لونغ" للفنون على جانبي ضفتي نهر هوانغبو.

على الرغم من أن شانغهاي لديها بالفعل متحف الفن المعاصر، وبينالي شانغهاي الذي يحظى بمزيد من الاهتمام، يظل عدد معارض مجموعات الفن المعاصر في شانغهاي قليلا بشكل عام. في هذا الصدد، كان متحف لونغ مكملا تماما لمتحف شانغهاي للفن المعاصر.

في سنة 2011، وصل عدد المتاحف الصينية الخاصة إلى 456. وفي سنة 2015، بعد تنفيذ لوائح جديدة للمتاحف، تجاوز عدد المتاحف الصينية الخاصة ألف متحف. خلال فترة خطة الصين الخمسية الثالثة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (2016- 2020)، كان يتم افتتاح متحف خاص كل يومين في المتوسط، ويوجد متحف واحد لكل 250 ألف شخص في المتوسط. وفقا لبيانات الإدارة الوطنية للتراث الثقافي، فقد تم تسجيل 5535 متحفا على مستوى البلاد بحلول نهاية عام 2019، بزيادة قدرها 181 متحفا عن عام 2018. ومن بينها متاحف غير حكومية، يبلغ عددها 1710.

متحف لونغ ومتحف يوز الذي افتتحه بودي تيك، وهو رجل أعمال إندونيسي من أصل صيني، هما حاليا من أفضل المتاحف الخاصة في شانغهاي. قال السيد وو: "لقد توصل العالم إلى بعض الإجماع حول معايير الحضارة المدنية التي تشمل عدد المتاحف. وعدد المتاحف في شانغهاي مستمر في الزيادة. بالإضافة إلى المتاحف المملوكة للدولة، هناك أيضا أنواع مختلفة من المتاحف الأخرى مثل المتاحف المشتركة والمتاحف الخاصة."

بمجرد أن يصل بلد أو اقتصاد إلى مرحلة معينة من التنمية، يصبح هناك اهتمام متزايد من جانب الأفراد أو الشركات بالاستثمار بكثافة في مجال المتاحف، والتي يمكن أن تكون مكملة للمتاحف المملوكة للدولة أو المتاحف العامة لتعزيز مستوى حضارة المدن. الآن مع دخول الصين إلى مجتمع الحياة الرغيدة، يعتقد السيد وو أنه بالإضافة إلى المعارض الفنية والمتاحف الخاصة، ستظهر أيضا متاحف تقيمها المؤسسات.

وفقا للسيد وو، خلال جنون الجمع الذي حدث قبل بضع سنوات، كان كثير من الناس يهدفون إلى الاستثمار بدلا من جمع التحف. هذا قد لا يكون سيئا. وقد لقيت بعض البرامج التليفزيونية الخاصة بالتعرف على التحف الأثرية إقبالا كبيرا، وظهر ما يسمى بـ"ثقافة الكنوز الوطنية"، وفي الواقع يهدف كثير من الناس لكسب الثروة من خلال هذه "الثقافة". نظرا لأن بعض جامعي التحف الفنية أقاموا المتاحف واشتروا الأعمال الفنية بأسعار باهظة في المزادات، أصبحت عقلية بعض جامعي الأعمال الفنية ومستثمري الأعمال الفنية متهورة تدريجيا. قال السيد وو: "إذا اتبعت المزيد من المتاحف الخاصة نمط المتاحف التي تقيمها المؤسسات، فسيكون هذا نموذجا أفضل لتوجيه رواد الأعمال في الاستثمار أو رد الجميل للمجتمع من خلال الاستثمار في الأعمال الفنية".

رد الجميل للمجتمع

بالإضافة إلى القيام بأعمال الزراعة، يحب وانغ جي جيا البالغ من العمر ثلاثة وخمسين عاما، البحث عن الأشياء في مستودعات إعادة تدوير المخلفات ومحلات الكتب القديمة. منذ أكثر من ثلاثين عاما، كان مسقط رأسه في محافظة تشوانغلانغ بمقاطعة قانسو مشابها للعديد من المناطق الريفية في غربي الصين، حيث لم يكن في موطنه ما يصلح للاقتناء غير المحابر القديمة والأقفال النحاسية والكتب القديمة.

على مر السنين، جمع وانغ أربعة آلاف قطعة أثرية ثقافية شعبية وخمسة عشر ألف كتاب وثلاثة آلاف قطعة من البيانات الأرشيفية. في سبتمبر عام 2019، عندما تم افتتاح متحف جياخه الخاص به، ظل يؤكد على أنه مزارع. لكن من الواضح أن حياته ومسقط رأسه يختلفان عما كانا عليه في السابق. في غضون عام، استقبل المتحف أكثر من ستة عشر ألف زائر. محافظة تشوانغلانغ، التي بدأت في بناء الحقول المدرجة في عام 1998، تخلصت أخيرا من الفقر المدقع في مارس بعد عقود من العمل الشاق الدؤوب.

في عام 2017، حصل وانغ على قرض من البنك لتنظيم مجموعته وتصميماته. في سبتمبر عام 2019، بنى السيد وانغ متحفا بمساحة خمسمائة متر مربع يشتمل على أربعة عشر موضوعا، ودفيئة زجاجية في الطابق الثاني من منزله. اختار المزارع العاشق لجمع المقتنيات، والذي مازال يثبت نظارته بشريط لاصق، أن يفتح متحفه بالمجان. إلى جانب ذلك، يقدم أيضا شروحا تطوعية حول العروض. لي فن لين، نائب أمين مكتبة مقاطعة قانسو، كتب الرسالة التالية في دفتر الزوار: "أن التجول في متحف جياخه يشبه المرور عبر ممر التاريخ الصيني. بالإضافة إلى دهشتي السارة، المتحف مثير للإعجاب للغاية وتأثرت به كثيرا."

مع تعميق الإصلاح والانفتاح وتحسن مستويات معيشة الناس، قل عدد المتاحف العائلية، وتحولت إلى متاحف خاصة قامت بتحسين مجموعاتها وتوسيع مساحة عرضها بشكل كبير. على سبيل المثال، قام شيه دانغ وي، جامع المينا، بوضع ما يقرب من ثلاثة آلاف قطعة من المينا في متحف بافنيوان للفنون في حي جيادينغ بشانغهاي. إنه مكان يجمع بين حديقة ومعرض فني ومطعم وغرفة شاي ومكتبة. أصبح معرض المينا الصينية منذ قرن، الذي أقامه شيه دانغ وي جناح عرض دائما في المتحف.

الحالة الحالية تختلف تماما عما كان في ربيع عام 2014، حينها كان على شيه تخزين كل مجموعاته في شقة في تجمع سكني في شانغهاي. على الرغم من أن التجمع السكني كان خاصا جدا وكان المنزل مزينا بشكل جيد، فإنه يعترف بأن الترتيبات كانت أكثر ملاءمة للعيش بدلا من إدارة متحف. باختصار، كان لدى شيه مجموعات كافية ولكن ليس لديه مساحة لمتحف المينا.

خلال الإجازات الصيفية في السنوات الأخيرة، يقوم الشبان الصغار بزيارة متحف بافنيوان للفنون من وقت لآخر. ومنذ افتتاحه، خلال السنوات الأربع، تم تنظيم ما يقرب من مائة فعالية كل عام، مما زاد معرفة الطلاب بتاريخ المينا الصينية التي تعود إلى قرن من الزمان، بل وزادت حماستهم للتمتع بها، وقد رسموا صورا متميزة للأكواب المطلية بالمينا المختلفة.

في رأي وو شاو هوا، هناك عدد أقل من هواة يجمعون التحف لمجرد جني الثروة. ويولي الكثير من الشباب في الوقت الحاضر مزيدا من الاهتمام لعرض الإنجازات الفنية الشخصية، سواء كانت إكسسوارات على ملابسهم أو مفروشات في منازلهم. في هذه الحالة، يتغير جنون اقتناء التحف أيضا. على سبيل المثال، يقوم بعض أفراد جيل ما بعد ثمانينات القرن الماضي بجمع الألعاب القديمة ونماذج السيارات وأشرطة الكاسيت. على الرغم من أن التحف هذه ليست غالية الثمن، فإنها تحمل تاريخا وثقافة معينة ومليئة بالذكريات، تماما مثل الأشياء القديمة التي خلفها الأجداد.

عندما افتتح معرض "الصعود من جديد" للمصورة خه تشاو ياو بنت شانغهاي، في معرض أثاث "ناتوزي إيطاليا" بشانغهاي في السابع من أغسطس 2020، شعر العديد من الضيوف بالدفء الفريد للتعاطف الإنساني. قال السيدة خه: "الأعمال التي عرضتها تدور بشكل أساسي حول أوراق الشجر المتساقطة في الحارات أثناء الوباء، واسكتشات لتلك الأوراق." وعلق الإذاعي يي شا قائلا: "مقارنة بالأوراق الخضراء الجديدة في الربيع، الأوراق المتساقطة تحت عدسة خه وفرشاته تظهر أثرا للحياة. كيف يمكننا المحافظة على مفردات الحياة الصغيرة، وتلك اللحظات الجميلة التي مازالت حية ومساعدتها على النمو في حياتنا؟ كيف نبني مساحة صغيرة جميلة لأنفسنا؟ من الأفضل أن نقوم بجمع المقتنيات."

وعندما عرض متجر "ناتوزي إيطاليا" أعمال خه في العرض، بدا المتجر وكأنه متحف. قال السيد وو: "يحب الشباب في الوقت الحاضر تجميع احتياجاتهم الفكرية والتركيز عليها. وهذا يدل على أن توق الناس إلى حياة أفضل قد تطور من مجرد تلبية الضروريات الأساسية إلى تلبية الاحتياجات الفكرية مع الاستمتاع بوصول مجتمع الحياة الرغيدة. إن ازدهار المتاحف المختلفة هو شهادة كاملة على هذا الجانب."

--

جيانغ هوفنغ، صحفي في مجلة ((شينمين الأسبوعية)) الصينية.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4