مجتمع < الرئيسية

شارع وانغسان: من قصة قديمة الى أسطورة حديثة في شينجيانغ

: مشاركة
2020-11-03 12:14:00 الصين اليوم:Source ما لي:Author

في صباح كل ثلاثاء، يتواعد دائما لو جيان بوه صاحب مطبعة في مدينة آكسو بشينجيانغ، ومختار عبد الرسول صاحب عيادة للطب الصيني، ليتقابلا في مطعم "العائلة الواحدة" الواقع في شارع وانغسان بمنطقة هونغتشياو ليتعرفا على أحوال إدارته. والذي يختلف في هذا المطعم عن غيره هو: أنه يضم 44 زوجا من الشركاء المساهمين فيه أي 88 مساهما، ولو جيان بوه ومختار عبد الرسول اثنان منهم، واللذان يعتبران شريكين ومؤسسين لهذا المطعم. لو جيان بوه من قومية هان، ومختار عبد الرسول من قومية الويغور، تاجران لم يكونا يعرفا بعضهما البعض، وتطورت علاقتهما من مجرد معارف إلى شركاء عمل إلى أن أصبحا صديقين مخلصين. وبدأت القصة في عام 2016، منذ إقامة نشاط "العائلة" في التجمع السكني بمنطقة هونغتشياو.

من "أهل" إلى "عائلة واحدة"

في ديسمبر عام 2016، وبمساعدة إدارة منطقة هونغتشياو السكنية وفريق العمل في المنطقة التابع لمكتب الشؤون المدنية في مدينة آكسو، تم التوفيق بين 27 زوجا من 54 تاجرا بشارع وانغسان وشارع شينغلونغ ليصبحوا "شركاء".

وانغسان وشينغلونغ شارعان تجاريان للمشاة بمدينة آكسو، ومعروفان بنطاقهما وسمعتهما في جميع أنحاء جنوبي شينجيانغ. الفرق بينهما هو أن 99% من التجار والعمال بشارع وانغسان من قومية الويغور أو الأقليات القومية الأخرى، وفي شارع شينغلونغ 99% من التجار والعاملين من قومية هان. وقبل التوفيق بينهما كان شارع شينغلونغ يكتظ بالمشاة، أما شارع وانغسان فكان خاليا، ونادرا ما تدب فيه الأقدام. وبعد التوفيق والتشارك بينهما أصبح التجار يذهبون ويأتون بين الشارعين، ويجتمعون بانتظام لتعزيز التنمية معا، ليصبحوا رمزا لوحدة القوميات في المدينة، مع وجود متجر خضراوات "العائلة الواحدة"، ومتجر "من القلب إلى القلب" وغيرهما من المتاجر الأخرى. بني مطعم "العائلة الواحدة" في ظل هذه الخلفية.

قال لو جيان بوه، الشراكة لا تحتاج إلى التواصل فحسب، وإنما أيضا إلى المقابلات والاتصال المستمر، ويمكن للطعام أن يقرب المسافة بين الناس. لذلك، فكر هو ومختار عبد الرسول في فتح مطعم ليوفرا مكانا للتعارف والتواصل بين المزيد من الشركاء.

 

فكرا في استخدام نظام "التمويل المشترك" لفتح مطعم. قال لو جيان بوه: "كانت فكرة جريئة في ذلك الوقت، فكم من الناس على استعداد للاستثمار والمساهمة في هذا المشروع؟ لم يكن لدي أدنى فكرة." وقال مختار عبد الرسول أنهما كانا يأملا أن يجذبا المزيد من الشركاء باستخدام هذه الطريقة، لتعزيز التبادلات والتواصل بين التجار من القوميات المختلفة، وليس فقط مجرد فتح مطعم. وقال مختار عبد الرسول: "لم يكن هناك سواي أنا ولو جيان بوه وأمينة مورا على استعداد للاستثمار في الأسهم في بداية تأسيس المطعم."

ولكن ما إن علمت إدارة منطقة هونغتشياو السكنية وفريق العمل في المنطقة بأمر التمويل الجماعي لفتح مطعم، حتى أعربوا عن دعمهم القوي لهم. قال لو جيان بوه: "شعرنا بالاطمئنان الشديد، وبدأنا على الفور في تجميع الأصدقاء والأقارب وإعلامهم بنموذج التعاون التجاري للمطعم وما نخطط له من حيث اتحاد القوميات والتخفيف من حدة الفقر." زاد عدد الشركاء من ثلاثة أفراد إلى ثلاثين ثم خمسين ثم ثمانين في فترة وجيزة. وأخيرا شارك 88 مساهما من 44 زوجا من التجار في الأسهم وافتتح مطعم "العائلة الواحدة" رسميا في يناير عام 2018.

القصة القديمة وراء شارع وانغسان

شارع وانغسان الذي يقع فيه مطعم "العائلة الواحدة"، هو الشارع الوحيد الذي سمي باسم شخص في آكسو، وقصة"وانغ سان" معروفة بين الجميع في آكسو.

في فترة حكم الإمبراطور قوانغ شيوي لأسرة تشينغ (1644- 1911)، دخل التاجر وانغ فو تساي القادم من تيانجين إلى شينجيانغ مع قافلة تجارية. سقط السيد وانغ من على حصان وكسرت قدمه اليمنى أثناء شرائه لمواد الطب الصيني في آكسو، وقضى أكثر من عام في منزل أحد أبناء قومية الويغور، فأصبحت علاقتهما قوية كالأشقاء. ومن أجل تعميق مشاعر الأخوة بينهما، عهد الصديق الويغوري بأحد ابنيه التوأم إلى صديقه وانغ فو تساي ليكون ابنا له بالتبني، وغيّر اسمه إلى وانغ سان ليشبه أسماء أبناء قومية هان. بعد ذلك، عاد وانغ سان مع وانغ فو تساي إلى تيانجين ودرس الطب الصيني والتجارة. وعندما بلغ وانغ سان الرابعة عشرة من عمره، اصطحبه وانغ فو تساي وعادا إلى آكسو ليبحث عن أقاربه، ولكنه لم يتمكن من العثور عليهم، لذلك بنى وانغ فو تساي سوقا على المساحة الكبيرة من الأرض التي كان عليها منزل أهل وانغ سان قديما. ومع مرور الوقت، تحولت هذه السوق (البازار) تدريجيا إلى شارع وانغسان الحالي.

مرت سنوات عديدة، وبلغ مايهيميتي توهوتي حفيد وانغ سان مرحلة منتصف العمر، وكان يعمل في محطة الإذاعة والتلفزيون التابعة لمنطقة آكسو، وكان يستمع دائما لقصة جده من أبيه في صغره، ولم ينس هو ووالده عادات وتقاليد أسرته رغم مرور العديد من السنوات، وحمل "عصا التتابع" للحفاظ على الوحدة القومية بكل نشاط وإيجابية.

قال مايهيميتي توهوتي: "من أجل حفظ المودة بين قومية هان والويغور، حرص جدي على تسمية أبي باسم من أسماء قومية هان فسماه وانغ شي ينغ، وأطلق عليّ أبي اسم وانغ وي هان وهو من أسماء قومية هان أيضا. وكذلك الاسم الذي أطلقته على ابني هو وانغ هان تشينغ، هكذا توارثنا أسماء قومية هان جيلا بعد جيل، لنحافظ على العلاقة الجيدة والتناغم بين القوميتين." درست نازاكايتي ابنة مايهيميتي توهوتي الكبرى في مدارس المرحلة الثانوية المخصصة لأبناء شينجيانغ في تشيغداو بمقاطعة شاندونغ. والدها وشريكه تشاو تشينغ كلاهما من المساهمين في مطعم العائلة الواحدة، والعلاقة بين عائلتيهما ليست وثيقة فقط، بل وأصبح أبناء كل منهما أصدقاء مقربين أيضا.

متابعة قصة "وانغ سان الجديد"

كبر مختار عبد الرسول وهو يستمع لقصة وانغ سان من صغره، واليوم بعد أن أصبح لديه مطعم بالتمويل الجماعي في شارع وانغسان، يريد أن يفعل شيئا أيضا من أجل الوحدة القومية.

في عام 1984، التحق مختار عبد الرسول بكلية نانجينغ للطب الصيني، وبعد التخرج في الكلية واصل دراسته في مناطق الصين الداخلية، وعاد إلى آكسو في عام 1992 للقيام بأعمال التشخيص والعلاج بالطب الصيني. قال مختار عبد الرسول إن وانغ سان قام بعلاج العديد من المرضى الويغوريين بالطب الصيني، وقال إن قرار سفره لدراسة الطب الصيني جاء تأثرا بشكل كبير بقصص علاج وانغ سان للمرضى في آكسو، فهو أيضا يريد أن يكون مثله.

ولكن الأمر لم يكن سهلا في بدايته. قال مختار عبد الرسول: "لم يكن الجميع يؤمنون بالطب الصيني عندما رجعت." وبعد أن عالج العديد من المرضى من قومية الويغور بالمهارات الطبية الرائعة، كسب ثقتهم. والآن، يعالج أكثر من 10 آلاف مريض من الأقليات القومية المختلفة سنويا. أضاف: "بعد عقد الشراكة مع لو جيان بوه، قام بتقديمي للعديد من المرضى من قومية هان، والآن مرضاي منتشرون في جميع أنحاء شينجيانغ."

في عام 2018، ذهب مايهيميتي توهوتي إلى يانغليوتشينغ في تيانجين ليبحث عن أهل جده وانغ سان من قومية هان، ولكن بسبب مرور الوقت والسنوات البعيدة، كان بحثه دون جدوى. قال: "العديد من أهل تيانجين قالوا لي حينها: على الرغم من أنك لم تجد أقاربك، سنكون نحن أهل تيانجين جميعا أقاربك من اليوم فصاعدا." قال مايهيميتي توهوتي إنه يشعر بالدفء والتأثر الشديد كلما تذكر هذه الجملة.

لهذا السبب أصبح لدى المساهمين في مطعم "العائلة الواحدة" فكرة جديدة، وهو أن يقوموا بفتح فرع للمطعم في تيانجين، فهم يريدون أن تنتقل قصة وحدة القوميات التي حدثت في آكسو وتتوارث جيلا بعد جيل في تيانجين.

في العامين الماضيين، وبالتزامن مع تزايد الشراكة التجارية بين أبناء قوميتي هان والويغور، لم تعد الشراكة التجارية في مدينة آكسو تقتصر على شارع وانغسان وشارع لونغشينغ فقط. فقد تم إنشاء العديد من جمعيات تعزيز وحدة القوميات خارج المنطقة الحضرية، ويشارك فيها المزيد والمزيد من أبناء قومية هان. والآن أصبح هناك 197 زوجا من 398 شريكا، يسردون بأفعالهم قصة "وانغ سان العصر الجديد".

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4