في عام 2018، افتتحت أول حديقة غابات حضرية في حي دونغتشنغ، بالقرب من إستاد العمال في بكين، لجعل سكان وسط المدينة يستمتعون بالطبيعة على أعتاب منازلهم.

هذه مجرد بداية لتوسيع المساحات الخضراء في العاصمة الصينية، إذ يعتزم حي شيجينغشان في غربي بكين بناء ثلاث عشرة حديقة غابات على مساحة 604 هكتارات في السنوات المقبلة.

بكين واحدة من المناطق والمدن الصينية التي تقوم ببناء حدائق الغابات في مناطق وسط المدينة لتنقية الهواء وخلق بيئة طبيعية خضراء لسكان الحضر، وتشمل مقاطعة قوانغدونغ ومقاطعة شانشي ومنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي ومدينة تيانجين ومدينة خفي حاضرة مقاطعة آنهوي.

تساعد الأشجار في تنقية الهواء في المناطق الحضرية عن طريق إطلاق الأكسجين أثناء عملية التمثيل الضوئي، مما يساعد على تخفيض تركيز الغازات الضارة مثل ثاني أكسيد الكبريت والفلورايد وأكسيد النيتروجين.

الحاجز البيئي

الحدائق الحضرية القائمة حاليا معظمها حدائق لأغراض الزينة، لكن حدائق الغابات الحضرية هدفها هو إقامة نظام بيئي في المدن.

بأشجارها الكثيفة ونباتاتها المتنوعة، تعد حدائق الغابات الحضرية جزءا لا يتجزأ من مناظر المدينة الخضراء والنظم الإيكولوجية الحضرية. قال المهندس قوه رونغ رونغ، من الأكاديمية الصينية لتخطيط وتصميم المدن: "إن حديقة الغابة الحضرية تهدف لخلق نظام بيئي يهتم بتكامل السلسلة الغذائية والسلسلة الإيكولوجية وبناء بيئات إيكولوجية متنوعة من تحت الأرض وسطحها الى الشجيرات ورؤوس الأشجار." وتحقيقا لهذه الغاية، فإن المدن في جميع أنحاء الصين تبني المزيد من حدائق الغابات الحضرية.

في حديقة الغابات الحضرية في حي شيتشنغ ببكين، التي افتتحت في سبتمبر 2018، هناك 79 نوعا من الأشجار و32 نوعا من الأعشاب والجنكة، وهي توفر الغذاء والموائل لحيوانات برية مثل السناجب والأرانب البرية والحشرات والطيور.

قال تشيو أر فا، الباحث المساعد بمركز دراسة الغابة الحضرية التابع لمصلحة الدولة للتحريج والمروج: "يجب أن التمسك بمفهوم الطبيعة الإيكولوجية في بناء حديقة الغابة الحضرية، كما يجب بناء حديقة الغابة الحضرية على أساس خدمة سكان المدن والاهتمام بالظروف البيئية المحلية. يجب أن يتم اختيار موقع مناسب لها وتقسيم المناطق والمرافق وفقا لحاجات السكان." واقترح السيد تشيو زراعة الأشجار المحلية والأشجار الجميلة والأشجار المناسبة لتخفيف التلوث، وذلك لتشكيل البيئة الطبيعية، كما يجب الاهتمام بتخطيط مساحة الحديقة حسب عدد مرتاديها.

الحياة مع الأخضر

تشونغتشينغ الآن موطن لتسع حدائق إيكولوجية كبرى مساحة أراضيها الإجمالية 6ر5 ملايين متر مربع. المساحة الخضراء الحضرية تغطي أكثر من 40% من المساحة الإجمالية للمدينة، ويبلغ متوسط نصيب الفرد من المساحة الخضراء 15 مترا مربعا. وبفضل حدائق الغابات الحضرية ذات الأهمية لسكان المدن للحفاظ على صحة جيدة وتحسين نوعية حياتهم، تنعم تشونغتشينغ بالتنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية الجيدة.

حديقة بحيرة تشيانداو الوطنية للغابات هي الأكبر من نوعها في الصين، وتعد مثالا ساطعا لإضافة قيمة إلى حياة سكان الحضر. تقع الحديقة في محافظة تشونآن بمقاطعة تشجيانغ، هذه الحديقة توفر نشاطات ترفيهية لزوارها مثل الجولات في الغابات والتجديف وتسلق الصخور والتخييم.

بالمقارنة مع الحديقة العادية، تساعد حديقة الغابة الحضرية في المحافظة على التوازن بين الكربون والأكسجين وتعديل المناخ المحلي والمحافظة على المياه والتربة، كما تحافظ على المناظر الطبيعية للغابات الأصلية وتحسن نوعية الهواء في المناطق الحضرية.

وفقا لخطة التنمية في تشنغدو، ستبلغ نسبة مساحة التشجير لحديقة غابة لونغتشيوانشان الحضرية 5ر70% من المساحة الإجمالية للحديقة، التي ستُربى فيها آلاف الأنواع من الحيوانات البرية والنباتات. وسيزداد متوسط نصيب الفرد من مساحة الأرض الخضراء عشرة أمتار مربعة، بالإضافة إلى ذلك، ستزداد القدرة السنوية على الاحتفاظ بالمياه بنحو 840 مليون متر مكعب.

مدن ملائمة للسكن

يعيش أكثر من 55% من سكان الصين حاليا في المناطق الحضرية. في نهاية عام 2017، بلغت نسبة الحضر في الصين 5ر58%. لقد دفع التحول الحضري السريع سرعة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين معيشة الشعب، ولكن البيئة الإيكولوجية تواجه تحديات لم تكن متوقعة.

قال دا ليانغ جيون، الأستاذ في كلية علوم البيئة بجامعة شرقي الصين للمعلمين: "المدن الملائمة للسكن هي الآن طموح مشترك. المدن الصينية تتقدم نحو أعلى مرحلة من مراحل التنمية الخضراء."

البروفيسور دا لديه رؤية ثاقبة حول كيفية دمج النظام الإيكولوجي في مدينة ملائمة للعيش وصديقة للبيئة. قال: "استنادا إلى النظريات البيئية، يمكن أن نستخدم الأساليب العلمية والتقنيات الحديثة لبناء النظام الإيكولوجي الطبيعي واستعادة النظام الإيكولوجي في المناطق الحضرية. سيكون النظام الجديد نظاما صحيا متجددا قادرا على الصيانة ذاتيا. بناء حدائق الغابات الحضرية وسيلة جيدة للقيام بذلك."

في الخطة الخمسية الثالثة عشرة لتنمية التشجير والتحريج، تم تحديد مهام "بناء مدن الغابات" باعتبارها جزءا من المدن الملائمة للسكن. إن حدائق الغابات الحضرية ليست مجرد حدائق في المدن، بل تشكل نظاما إيكولوجيا حيويا مطلوبا للحفاظ على التوازن الصحي في الحياة الحضرية الحديثة.

--

دونغ جيا ينغ وليو شان يان، صحفيتان في الطبعة الخارجية لصحيفة ((الشعب اليومية)).