مجتمع < الرئيسية

أبو منجل الأحمر.. جوهرة الشرق

: مشاركة
2019-04-03 11:47:00 الصين اليوم:Source جيانغ فو مي:Author

أبو منجل المتوج، الذي عرف باسم أبي منجل الأحمر في العصور القديمة، من الطيور النادرة في شرقي آسيا، ويتمتع بأعلى مستوى من الحماية في الصين. يحظى هذا الطائر بشعبية كبيرة بين الناس ويحمل لقب "جوهرة الشرق" لجمال ريشه القرمزي وهيئته الأنيقة الرائعة، ويعده الصينيون "طائر الحظ" ورمز البهجة. حاليا، الصين هي البلد الوحيد في العالم التي يوجد فيها أبو منجل المتوج البري.

 أبو منجل المتوج له منقار طويل وعرف العنقاء ووجه أحمر، إناثه وذكوره متشابهة في اللون والشكل. رأسه من الجبين الى الوجنة عار من الريش، لدرجة أن جلده الأحمر يظهر جليا، وذلك ما يميزه عن الطيور الأخرى، كما أن له قزحية عين برتقالية زهرية اللون، ومنقارا رفيعا منحنيا إلى الأسفل. مؤخرة العنق مغطاة بعُرف كثيف من الريش الأبيض. أرجله ليست طويلة، والجزء السفلي من سيقانه يظهر بجلد قرمزي. باستثناء الجزء السفلي تحت الأجنحة والجزء القرمزي من الذيل، يغطي الريش الأبيض كل بدنه، فيبدو جميلا أنيقا.

يحتاج أبو منجل المتوج إلى ظروف بيئية خاصة ومعقدة؛ فهو لا يحتاج إلى بيئة هادئة يكون أعداؤه فيها قليلين فحسب، وإنما أيضا إلى أشجار عالية يبني فيها أعشاشه ويتخذها مسكنا، فضلا عن حقول الأرز والمستنقعات من أجل الحصول على طعامه. يمضي أبو منجل ليله فوق الشجر، ويحلق نهارا فوق حقول الأرز والأراضي الرطبة الموحلة وجداول الماء النظيفة من أجل الحصول على طعامه وشرابه. يبحث أبو منجل عن طعامه في التربة والمياه مستعينا بمنقاره الطويل المنحني. أثناء الراحة، يدس أبو منجل منقاره الطويل في ريش ظهره، ويترك عرف الريش يتمايل مع النسيم، فيمنحه مظهرا طبيعيا رائعا. أثناء التحليق، يفرد أبو منجل رأسه وسيقانه ويحرك جناحيه ببطء ولكن بقوة. خطواته الخفيفة البطيئة تزيد من جماله وأناقته. أبو منجل له صوت مثل نعيق الغراب، ويطلق أصواتا من حين لآخر عند البدء في التحليق فقط.

في كل عام خلال موسم التزاوج من شهر مارس إلى شهر مايو، يبني أبو منجل أعشاشا بسيطة من الأغصان والعشب على الأغصان السميكة لأشجار الكستناء الطويلة أو أشجار الحور أو الصنوبر. يكون العش في العادة مسطحا مثل الصفيحة ومقعرا في الوسط. تضع الأنثى من بيضتين إلى أربع بيضات لونها أخضر فاتح، وبعد شهر تقريبا يفقس البيض وتخرج الفراخ الصغيرة. بعد شهرين، تكبر الفراخ الرمادية ويتم نمو ريشها. تصل صغار أبي منجل المتوج إلى البلوغ بعد ثلاث سنوات، فتتزاوج وتتكاثر.

وفقا للسجلات التاريخية، كان أبو منجل منتشرا على نطاق واسع في الصين وشبه الجزيرة الكورية واليابان وجنوب شرقي سيبيريا. الصين فيها أوسع المناطق التي ينتشر فيها هذا الطائر النادر، وذلك في بحيرة شينغكاي في وادي نهر هيلونغجيانغ شمالا، وفوجيان وتايوان شرقا، وتيانشوي في مقاطعة قانسو غربا، وهاينان جنوبا.

الصين لديها أيضا أقدم تسجيلات عن أبي منجل المتوج في التاريخ، فقد جاء ذكره في السجلات التاريخية والأغنيات الشعبية في فترة أسرة هان، قبل أكثر من 2100 عام، حيث شبه الرجل الذي يجرؤ على تقديم النصح للإمبراطور بأبي منجل المتوج. لذلك، فإن الطبل الكبير الذي يرسم على ظهره أبو منجل الأحمر اللون كان يوجد غالبا في البلاط الصيني القديم؛ لكي يضرب عليه المسؤول قبل تقديم النصح إلى الإمبراطور.

ورد ذكر أبي منجل المتوج على نطاق واسع في قصائد الشعر لأسرة تانغ (618- 907م)، وفي الغالب يكون له علاقة مع البلاط الإمبراطوري والثروة. في الصين، حيث يرمز اللون الأحمر للثراء والشرف والجاه، فإن أناقة ونبل وهيبة أبي منجل المتوج تناسب تماما الأباطرة والملوك. في اليابان القديمة، حيث كان للثقافة الصينية تأثير كبير، يعتبر أبو منجل "طائرا مقدسا" بل والطائر الوطني. كما تظهر صوره على نطاق واسع في القصر الإمبراطوري الياباني والكيمونو.

قبل بداية القرن العشرين، كانت الطيور المائية تُشاهَد في أماكن كثيرة. وفقا للسجلات التاريخية، في ديسمبر 1911، توافد الآلاف من طيور أبي منجل المتوج إلى كيمجي في الضفة الغربية لشبه الجزيرة الكورية، وظهرت أسراب الطيور وكأنها سحب وردية لا نهاية لها. وفي أوموري في اليابان، اعتبر المزارعون هذه الطيور "طيورا ضارة"؛ لأن كثرتها تؤدي إلى الضرر بحقول الأرز. كما كان هناك عدد لا يحصى من طيور أبي منجل المتوج في الصين والأراضي الرطبة في سيبيريا. حتى ثلاثينات القرن العشرين، تم العثور على آثار لأبي منجل المتوج في أربع عشرة مقاطعة على الأقل في الصين.

مع تطور التكنولوجيا الزراعية الحديثة، تضاءل موطن أبي منجل المتوج بشكل حاد. فقد أدى الاستخدام الواسع للمبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية إلى تقليل كمية طعامه، بل وتسمم عدد كبير من هذه الطيور. في عام 1960، وخلال المؤتمر الدولي لحماية الطيور الذي عقد في طوكيو، تم تصنيف أبي منجل المتوج ضمن "الطيور المحمية على مستوى العالم". في عام 1963، بحث العلماء عن طيور أبي منجل المتوج في الشرق الأقصى ولكنهم لم يجدوا أي أثر لها. في عام 1967، تم بناء مركز لحماية أبي منجل المتوج في جزيرة سادو باليابان. في عام 1975، اختفى آخر طائر من طيور أبي منجل المتوج في شبه الجزيرة الكورية. في عام 1981، من أجل إنقاذ أبي منجل المتوج من الانقراض، وضعت اليابان كل طيور أبي منجل المتوج الستة المتبقية في حاضنات من أجل حمايتها وتربيتها، وهذا يشير إلى انقراض أبي منجل المتوج البري في اليابان.

في الثامن عشر من مايو 1981، بعد البحث لأكثر من ثلاث سنوات ورحلات لمسافة خمسين ألف كيلومتر، عثر علماء صينيون على مكانين فيهما أعشاش أبي منجل المتوج البري، وسبعة من الطيور، في غابة جبلية في ياوجياقو بقرية داديان، التابعة لمحافظة يانغشيان في مقاطعة شنشي. ومنذ ذلك الحين بدأت جهود حماية هذا الطائر النادر في الصين. استفادة الصين من تجربة اليابان في حماية أبي منجل المتوج، إذ بدأت تنفيذ حماية هذا الطائر النادر في مكانه وخارج مكانه أيضا، وتجمع بين حمايته الميدانية مع تكاثره الاصطناعي. في أغسطس 1981، حددت حكومة محافظة يانغشيان منطقة محمية لأبي منجل المتوج ووضعت قوانين لمنع التعدين والصيد وقطع الأشجار في المنطقة. في عام 1983، شجعت الحكومة المحلية المزارعين على التخلص من المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية في المنطقة المحمية، وحماية الأراضي الرطبة الطبيعية وحقول الأرز الشتوي، وتوسيعهما. بالإضافة إلى ذلك، عملت الحكومة على تمويل بناء موئل مثالي لأبي منجل المتوج باستعادة أكثر من 230 هكتارا من الأرض الرطبة الطبيعية، وإصلاح مائة هكتار من حقول الأرز الشتوي، وزراعة 2600 هكتار من الغابات، وتنظيف المجاري المائية بطول 30 كيلومترا. في سبتمبر 2001، تم بناء محمية طبيعية على مستوى المقاطعة في هانتشونغ بمقاطعة شنشي، وتم إدراجها كمحمية طبيعية على المستوى الوطني في التاسع من أغسطس 2005.

بدأت التربية الاصطناعية لأبي منجل المتوج في حاضنات بحديقة الحيوان في بكين في عام 1981، ثم في محافظة يانغشيان في عام 1990. وفي عام 1995 تحقق اختراق في تقنيات تربية أبي منجل المتوج اصطناعيا. في عام 2002، تم توطين ثلاثين زوجا من طيور أبي منجل المتوج من يانغشيان الواقعة بالسفح الجنوبي لجبال تشينلينغ إلى محافظة تشوتشي بالسفح الشمالي لتلك الجبال.

بفضل هذه الجهود، تم إنقاذ طيور أبي منجل المتوج من حافة الانقراض. في الوقت الحاضر، هناك أكثر من ثلاثة عشرة محمية لهذه الطيور في جميع أنحاء الصين، بما في ذلك شنشي وقانسو وبكين وشانغهاي وخنان وتشجيانغ وفوجيان، ومدينة هوتشو بمقاطعة تشجيانغ قد نجح في تربية سلالة من أبي منجل المتوج البرّي عن طريق "الحاضنات الاصطناعية". وحسب تقديرات متحفظة، فقد تجاوز عدد طيور أبي المنجل المتوج خمسة آلاف طائر في الصين، منها ثلاثة آلاف طائر من سلاسته البرية.

بالإضافة إلى ما سبق ذكره، تلعب طيور أبي منجل المتوج دور المبعوث الدبلوماسي، وأصبحت رمزا للصداقة الصينية- اليابانية، حيث يوجد حاليا في اليابان حوالي مائتين من طيور أبي منجل المتوج جاءت كلها من الصين.

-----

جيانغ فو مي، صحفية مستقلة في بكين.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4