مجتمع < الرئيسية

الباندا.. كنز وطني للصين

: مشاركة
2019-02-27 15:29:00 الصين اليوم:Source جيانغ فو مي:Author

الباندا من أشهر الحيوانات الموجودة في الصين، ويعود تاريخ حفريات الباندا إلى ثمانية ملايين سنة. خلال فترة أسرة جين الغربية (265- 316م)، كانت صور الباندا تُرسم على رايات الهدنة، ولهذا فهي رمز للسلام. عرف الغربيون الباندا لأول مرة في القرن التاسع عشر، عندما تم نقل بعض حيوانات الباندا إلى القارتين الأوروبية والأمريكية، لكن لسوء الحظ لم تتمكن تلك الحيوانات من التكاثر هناك. بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، بذلت الحكومة جهودا كبيرة لحماية حيوانات الباندا المهددة بالانقراض. حاليا، يوجد عدد متزايد من حيوانات الباندا التي تعيش طليقة حرة في غابات الخيزران بالصين.

حيوان الباندا ساكن قديم لكوكب الأرض، فقد بدأ سلفه المعروف باسم "أيلوراركتوس" العيش

في الصين منذ ما يقرب من ثمانية ملايين سنة. حاليا، حيوانات الباندا التي تعيش أساسا في المناطق الجبلية بمقاطعات سيتشوان وشنشي وقانسو، ليست كنزا وطنيا صينيا فحسب، وإنما أيضا حيوانات محبوبة على نطاق واسع من قبل شعوب العالم. في عام 1961 أصبحت الباندا تميمة الصندوق العالمي للحياة البرية.

يعيش حيوان الباندا في الجبال والغابات العميقة، لونه الأبيض والأسود يساعده في الاختباء بين أوراق الشجر أو الأرض المغطاة بالثلوج لتجنب اكتشافه من قبل الأعداء المنتشرين في الطبيعة. بالإضافة إلى الأطراف والأذنين والأنف والذيل السوداء، تحاط العينان بدائرة من الشعر الأسود، وكذلك المنطقة من الصدر إلى الكتف والرقبة محاطة بدائرة من الشعر الأسود، والأجزاء الأخرى كلها بيضاء. ومع ذلك، هناك استثناءات، بعض من هذه الحيوانات لديه بطون سوداء، في حين أن البعض الآخر لديه بطون بيضاء. بالإضافة إلى ذلك، بسبب بعض العوامل مثل أشعة الشمس والتغذية، بعض حيوانات الباندا ليست نقية اللون بما فيه الكفاية، وقد تكون حمراء أو رمادية أو بنية.

تنتمي الباندا إلى فصيلة الدببة التي هي ثدييات مفترسة. ومع ذلك، تستهلك الباندا أنواعا مختلفة من الخيزران كغذاء أساسي، كما أنها تأكل الأعشاب والزهور والكروم. الأضراس وعضلات الطواحن في الباندا قوية وبارزة بشكل خاص، لذلك لديها قدرة قوية على المضغ. على عكس الحيوانات الآكلة اللحوم الأخرى، الباندا أكثر شبها بالحيوانات العشبية. تمتلك الباندا أيضا أمعاء أقصر من الحيوانات الآكلة اللحوم التي ليس لديها عمليات هضم معقدة ولا جزء الأمعاء (الأعور) ضخم كتلك التي لدى العواشب لتخزين الطعام. كما لا توجد بكتيريا أو إنزيمات  تكافلية في الأمعاء والمعدة التي تحلل السليلوز إلى مواد مغذية ماصة. الطريقة الوحيدة للحصول على التغذية التي يحتاجها هذا الحيوان هي تناول المزيد من الطعام، لذلك يأكل الباندا أكثر من نصف الوقت كل يوم.

الباندا ليست حيوانات نباتية تماما، فهي تبحث عن الفئران المختبئة بين أشجار الخيزران  وأغصانه، وتحبها مثلما تفعل الدببة الأخرى. ومن المعروف أيضا أنها تطارد الماعز، ويمكن أن تتناول أيضا لحم الثور إذا صادفت رفاته. حيوان الباندا البدين الضخم ليس بطيئا في الركض كما يتوقع البعض، بل إنه بإمكانه الركض سريعا عندما يواجه خطرا، بنفس السرعة التي يتمتع بها أفضل الرياضيين في العالم. ومع ذلك، يفضل حيوان الباندا غالبا تسلق الأشجار العالية في أوقات الخطر. جدير بالذكر، أن مخلب الباندا الأمامي لا يحتوي على خمس سلاميات أصابع فحسب، بل إن به  أيضا زوجا من الإبهام الزائف، يساعدانه على الإمساك بالخيزران وتسهل عليه عملية التسلق.

حيوانات الباندا لديها أيضا طبقة سميكة من الجلد تحت السطح الزغبي، يساعدها على التكيف مع المناخ البارد والرطب في الجبال. عندما يأتي فصل الشتاء، بدلا من الدخول في مرحلة السبات، تترك حيوانات الباندا سفح الجبل وتلجأ إلى الوديان الدافئة نسبيا في هذا الوقت من السنة، برغم أن أوراق الخيزران التي تحبها حيوانات الباندا تظل طازجة حتى في فصل الشتاء في الجبال التي تسكنها. في الربيع، تتفتح براعم الخزيران المحببة للباندا. ولأن هذه الحيوانات تمضي معظم وقتها في غابات معتمة، يصبح نظرها قصيرا، ولهذا السبب تبدو عليها السمنة المتكاسلة التي تجعلها في نظر الجميع حيوانا لطيفا.

يتراوح طول حيوان الباندا البالغ من 160 سم إلى 180 سم ويتراوح وزنه من 80 كيلوغراما إلى 120 كيلوغراما. ذكر الباندا أكبر من أنثى الباندا جسدا، وكذلك فإن الباندا في المزرعة أكبر من الباندا البرية حجما. كحيوانات انفرادية، حيوانات الباندا البرية البالغة تميز مواقعها عن طريق تلطيخ سوائل الجسم أو إطلاق رائحتها في الأرض التي تقطنها. مع بداية مايو من كل عام، يبدأ موسم تزاوج الباندا، فتتلقى أنثى الباندا إشارات المغازلة من الذكر لبدء التزاوج. حيوان الباندا، سواء الذكر أو الأنثى، لا يكتفي بشريك واحد مدى الحياة ويختار عدة شركاء على مدى حياته.

حوالي نصف إناث الباندا يمكن أن تحمل أطفالا في موسم التزاوج، وبعضها يحمل توأما أو حتى ثلاثة توائم. ومع ذلك، تتحمل أنثى الباندا مراحل الحمل والولادة والتغذية بمفردها. وبدون مساعدة بشرية، لا تستطيع الباندا الأم سوى رعاية الأقوى من صغارها والتخلي عن الأضعف. من أجل إنتاج وإطعام صغار الباندا، تبحث إناث الباندا البرية عن تجويف دافئ في شجرة قديمة وتملأه بتبن وقش سميك لاستقبال مولودها الجديد.

مدة حمل الباندا ثمانية أشهر. مولود الباندا الجديد يكون صغيرا في حجم الفأر، ويبلغ متوسط وزن المولود 120 غراما والأصغر 50 غراما فقط. مع الشعر الأبيض المتناثر، لا يمكن لصغار الباندا فتح أعينها، لكنها تعوي بصوت عال. بعد حوالي أسبوعين، مع نمو الشعر، يسودّ موقع الشعر الأسود. في غضون شهر بعد الولادة، ينمو الفراء الأسود ببطء على الأذنين والعينين والأرجل والكتفين. عندما يصبح عمر صغير الباندا من ستة إلى ثمانية أسابيع، يبدأ بفتح عينيه وتبدأ الأسنان في النمو. بعد ثلاثة أشهر، يبدأ صغار الباندا الزحف ببطء.

عندما يبلغ الشبل حوالي 18 شهرا من عمره، يصبح قادرا على ترك الأم والاعتماد على نفسه. وقبل ذلك، تعلمه الباندا الأم البحث عن المأوى والطعام وتناول الطعام وتسلق الأشجار والسباحة. في سن السادسة، يبدأ الباندا في التودد والمغازلة من أجل التزاوج. بالنسبة لحيوانات الباندا التي تربى من قبل الإنسان، تبدأ بالمغازلة والتزاوج في سن الرابعة بسبب ظروف المعيشة والتربية الأكثر ملاءمة.

كان حجم أسلاف حيوان الباندا، الذي عاش قبل ثمانية ملايين عام في أرض الصين، نصف حجم حيوان الباندا الحالي. ومع ذلك، من خلال دراسة حفريات الأسنان، فإن عاداتهم الغذائية قد تكون مشابهة لعادات الباندا حاليا. قبل مليون سنة، تطور أسلاف الباندا وانتشرت في العديد من المناطق. وقد تم العثور على بقايا وحفريات الباندا في معظم أنحاء شرق وجنوبي الصين، وحتى في جنوب ميانمار وشمال فيتنام.

بحلول فترة أسرة جين الغربية (265- 316)، كان إذا رفع أحد الأطراف المتحاربة في الحرب راية تحمل رسما للباندا، فإن ذلك إشارة إلى أنه يرغب في وقف القتال الدائر وإحلال السلام، فأصبح حيوان الباندا منذ ذلك الحين رمزا للسلام والمودة. وفقا للسجلات التاريخية اليابانية، أهدت إمبراطورة أسرة تانغ الصينية، وو تسه تيان (624- 705م) اليابان زوجا حيا من الباندا وجلود سبعين من الدببة.

لم يعرف الغرب الباندا حتى القرن التاسع عشر، حين تم إدخال حيوان الباندا هناك. في عام 1869، اكتشف أحد المبشرين الفرنسيين ويدعى أرماند دفيد ما يسميه السكان المحليون بالدب المخطط في باوشينغ بمقاطعة سيتشوان، وشحن عينة منه إلى العاصمة الفرنسية باريس، وقد سميت هذه الأنواع الجديدة بـ"آليوروبودا ميلانوليكو". ومنذ ذلك الحين، جذب حيوان الباندا انتباه واهتمام المستكشفين والمغامرين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وجاءت مجموعة من المستكشفين من بينهم ابنا الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت إلى المنطقة الجبلية في جنوب غربي الصين للبحث عن حيوانات الباندا. في عام 1936، حظي مصمم أزياء أمريكي بترحيب مثير عندما قام بتهريب حيوان باندا صغير عمره ثلاثة أشهر إلى بلده من محافظة ونتشوان، في مقاطعة سيتشوان. خلال عشر سنوات، تم تهريب أكثر من عشرين باندا إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، لكنها جميعا فشلت في التناسل. أما عدد عينات الفرو للباندا، والتي تم اصطيادها فلا يقل عن مائة.

لقد جعلت جمهورية الصين الشعبية، منذ تأسيسها، حماية حيوان الباندا مهمة وطنية هامة. في الستينات من القرن الماضي، تم إدراج الباندا كحيوان محمي، وتم إنشاء محمية وولونغ وأربع محميات أخرى للباندا. في السبعينات، تم إجراء أول تعداد وطني للباندا وتمت زيادة عدد المحميات الطبيعية لهذا الحيوان الثمين إلى ثلاث عشرة محمية. في التسعينات، ارتفع عدد حيوانات الباندا في الصين إلى 36.

منذ بداية القرن الحالي، أعادت الصين الغابات التي كان قد تم تحويلها إلى حقول زراعية في العديد من المناطق، وأعادت توطين السكان المحليين. في الصين حاليا ثلاث وستون محمية طبيعية للباندا، فازدادت مساحة موائل الباندا في الصين من 22 ألف كيلومتر مربع في ثمانينات القرن العشرين إلى 34 ألف كيلومتر مربع حاليا. وارتفع عدد حيوانات الباندا البرية من ألف وثلاثمائة إلى حوالي ألفين حاليا. في عام 2016، قام الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة بتعديل مستوى الحماية للباندا من حيوان مهدد بالانقراض إلى حيوان ضعيف.

--

جيانغ فو مي، صحفية مستقلة في بكين.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4