مجتمع < الرئيسية

كيف نفضت تشيشي الفقر عن جبينها؟

: مشاركة
2018-06-28 11:36:00 الصين اليوم:Source ما لي:Author

في سنة ألفين وواحد، وصلتْ إلى قرية تشيشي، في دائرة مدينة نينغده في مقاطعة فوجيان، الفتاة تشونغ لي مي ذات العشرين ربيعا برفقة خطيبها. عن لقائها الأول مع قرية تشيشي، قالت تشونغ: "أصابني الذهول، فالقرية لا يوجد بها طريق للخروج من الجبل المحيط بها. نزلنا من الحافلة في محطة لونغتينغ، وترجلنا عبر الجبل حتى دخلنا إلى القرية من درب جبلي وعر." لا يزال مشهد دخول تشيشي لأول مرة قبل سبع عشرة سنة حيا في ذاكرة تشونغ لي مي.

في سنة 2003، أقامت تشونغ لي مي حفل زفافها في قرية تشيشي، برغم اعتراض أسرتها. خلال بضع عشرة سنة، تحولت تشونغ لي مي من زوجة قادمة من خارج القرية إلى رئيسة مجلس نائبات القرية، ورائدة تطوير السياحة فيها. قالت إن التحول الأكبر في حياة أسرتها هو الانتقال من دار مقامة من الخشب إلى بيت مبني بالإسمنت. بيتهم الجديد ليس مسكنا لهم فحسب، وإنما أيضا دار ضيافة يستقبلون فيها السياح. تشونغ لي مي شاهدة على التغيرات التي حدثت في قرية تشيشي.

ثلاثون عاما في مكافحة الفقر

قبل ثلاثين سنة، كانت تشيشي قرية نائية، قديمة، فقيرة، يسكنها أكثر من 280 أسرة من قومية شه منتشرة في 14 قرية طبيعية منفصلة.

في الرابع عشر من يونيو سنة 1984، نشرت صحيفة ((الشعب اليومية)) في صفحتها الأولى، "رسالة من القراء"، استعرضت حياة الفقراء في قرية شياشانشي الطبيعية لقومية شه التابعة لقرية تشيشي، فأثارت اهتماما بالغا لدى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة الصيني. في نهاية سبتمبر لنفس العام، أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ((نشرة بشأن مساعدة المناطق الفقيرة على التخلص من الفقر))، فكان ذلك إيذانا بإعلان الحرب الحاسمة على الفقر بشكل نظامي وعلى نطاق واسع في الصين. أُدرجت قرية تشيشي في قائمة القرى الهامة للحصول على المساعدة في تخفيف الفقر،  كما أطلق عليها "القرية الصينية الأولى للحصول على المساعدة في تخفيف الفقر".

قال السيد دو جيا تشو أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني لقرية تشيشي: "كان أبناء القرية يقيمون في أكواخ ويستخدمون مصابيح الكيروسين، ويأكلون البطاطا الحلوة والبقول البرية. كان اسم قرية تشيشي مرادفا للفقر المدقع."

وحول الطريق الذي سلكته القرية للتخلص من الفقر في العقود الثلاثة المنصرمة، قال: "في العقد الأول من عام 1984 إلى عام 1993، وبعد ظهور قرية تشيشي في الصفحة الأولى لصحيفة ((الشعب اليومية))، حظينا بعناية من الحكومات على المستويات المختلفة، وتلقى أبناء القرية شتلات أشجار وصغار الأرانب والحملان من أنحاء الصين لمساعدتنا على تنمية اقتصاد القرية." ولكن، بسبب افتقار أبناء القرية لتقنيات ومهارات الزراعة وتربية الحيوانات، جفت الشتلات وماتت الأرانب والحملان، ولم تفلح جهود مساعدة الفقراء خلال ذلك العقد.

في عام 1994، تم بناء طرق في القرية، وانتقلت 22 أسرة فقيرة من مساكنها في أعلى الجبل إلى القرية المركزية، التي انتقل إليها أيضا البضع عشرة قرية الطبيعية الأخرى التي يصعب الوصول إليها. وبفضل دعم اللجان الحزبية والحكومات على المستويات المختلفة، رأى أبناء قومية شه الذين عاشوا على الجبال جيلا بعد جيل، بارقة أمل للتخلص من الفقر. أضاف دو جيا تشو: "في عام 1995، تم نقل أكثر من 350 أسرة من أبناء قومية شه من الأكواخ الجبلية إلى بيوت مبنية بالطوب. وبفضل مساعدة الحكومة، أطلقت قرية تشيشي دفعة من مشروعات السياحة النموذجية ومشروعات الزراعة الإيكولوجية لإرشاد الجماهير في ريادة الأعمال في القرية."

 الفترة من عام 2007 إلى عام 2017 هي عقد التخلص من الفقر ومحو وصمته عن القرية. مع تعميق تطوير السياحة، أسست القرية شركة تشيشي للسياحة والاستثمار في عام 2016، حيث تم تخطيط وإقامة مركز السياحة ومنطقة شياشانشي للاستجمام وغيرهما من ستة مشروعات، لمواصلة تحسين مرافق البنية التحتية السياحية. قال دو جيا تشو: "حاليا، قريتنا بها مشروعات سياحية عديدة مثل ركوب الأطواف المصنوعة من الخيزران التي تنجرف مع تيار الماء وقطف الثمار وتسلق الجبال وغيرها، مما يشكل هيكل للتنمية السياحية مكون من حزام جيوليشي للمناظر المائية والمناظر المائية لوادي نهر شياشانشي ومجموعة مساكن كنغلينونغ القديمة والمناظر الريفية الطبيعية." في هذه السنوات العشر، تغيرت ملامح قرية تشيشي تغيرا تاما، وتجاوز عدد الزوار الذين استقبلتهم القرية 200 ألف شخص/ مرة في عام 2016، وبلغ متوسط دخل الأسرة من السياحة 60 ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 4ر6 يوانات).

للتعبير عن الامتنان لمساعدة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي والحكومات على المستويات المختلفة في تخليص قرية تشيشي من الفقر، أقام أبناء القرية نصبا حجريا في مدخل القرية، نقشت عليه عبارة "القرية الصينية الأولى للحصول على المساعدة في تخفيف الفقر" لتذكّر أبناء قومية شه دائما بشكر دعم الحزب والحكومة على مساعدتهم في التلخيص من الفقر وتحقيق الثراء.

في صباح التاسع عشر من فبراير عام 2016، تحدث الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ من مقر الموقع الإلكتروني لصحيفة ((الشعب اليومية)) مع المراسل الذي كان يقوم بتغطية صحفية في قرية تشيشي التابعة لمدينة نينغده، وتبادل الحديث مع أبناء القرية، حيث تأكد من تخلصهم من الفقر وتحقيق الثراء، وتمنى لهم حياة أفضل.

خلال ثلاثين سنة من أعمال مساعدة الفقراء، سلكت قرية تشيشي طريق "إثراء القرية اعتمادا على السياحة، وتقوية القرية اعتمادا على الزراعة، وبناء القرية اعتمادا على الثقافة، وتجميل القرية اعتمادا على البيئة الإيكولوجية." ارتفع متوسط الدخل السنوي الصافي للفرد من الفلاحين في القرية من 166 يوانا في عام 1984 إلى 16640 يوانا في عام 2017؛ وتحولت تشيشي من قرية ديونها تتجاوز مائة ألف يوان في عام 1984 إلى قرية حققت إيرادات مالية بلغت 800 ألف يوان في عام 2017.

طريق أوسع للثراء

باعتبارها قرية تجريبية للحصول على المساعدة في تخفيف الفقر، من خلال السياحة، وقرية نموذجية للسياحة الريفية وأجمل قرية للاستجمام في الصين، لم تؤخر قرية تشيشي خطى التنمية أبدا. ومع بدء تشغيل الطرق العامة السياحية واستخدام مرافق البنية التحتية المعنية في السنوات الأخيرة، جذبت قرية تشيشي الزوار من خارج الجبال. تشو شيويه تشين، التي فتحت فندقا ريفيا في القرية، قالت إن أسرتها شاهدة على التحولات في قرية تشيشي. أضافت: "في السابق، كنا نعتمد في معيشتنا على الزراعة. وبفضل مساعدات الحكومة للفقراء، يسير تطور السياحة في قرية تشيشي على الطريق الصحيح. الآن، في شوارع القرية كثير من الفنادق الريفية التي توفر خدمات الطعام والإقامة والسياحة معا."

مع تحسن الأحوال في قرية تشيشي، طفق كثرة من شبابها الذين غادروها في أيام الفقر، يرجعون إليها لممارسة أعمال مربحة، كونهم من الفلاحين الجدد. قال دو ينغ: "قبل خمس سنوات، كانت لدي فرصة للبقاء في المدينة بعد تخرجي في الجامعة، ولكنني رأيت آفاق التنمية الجيدة في مسقط رأسي، فاخترت أن أعود إلى هنا لأساهم في بناء قريتي الجميلة وإنهاضها." بعد تخرجه في جامعة قوانغشي، شق دو ينغ طريق معالجة الشاي، وجمع نحو مليون يوان لتأسيس المشروع، وأسس مصنعا للشاي، حيث يشتغل في معالجة الشاي نهارا، ويعالج استمارات طلب البضائع ليلا. أصبح دو ينغ قوة رئيسية جديدة للتنمية المستدامة للاقتصاد السياحي لقرية تشيشي.

قال دو ينغ: "قريتنا غنية بالشاي ولكن ينقصها مصنع لمعالجته، ولهذا قررت أن أعود إلى القرية لفتح مصنع. دعوت بعضا من خريجي الجامعات ومن الشباب الذين حققوا إنجازات خارج القرية للعودة إلى القرية لريادة الأعمال." يرسم دو ينغ مع الشباب الآخرين مستقبلا أجمل لقرية تشيشي.

الآن، تركز قرية تشيشي على تطوير صناعة السياحة الإيكولوجية، بينما تأسست شركة بهدف تحقيق الثراء لأبناء القرية من خلال استخدام الأرض وجذب الاستثمارات. إن تطوير السياحة الإيكولوجية يجعل هذه القرية تسلك طريق تنمية "القرية الجميلة" التي تجمع بين ثراء الجماهير وجمال البيئة الإيكولوجية.

تُعد قرية تشيشي مثالا نموذجيا لقيادة الحزب والحكومة جماهير الشعب للتلخيص من القفر وتحقيق الثراء، من خلال تنمية السياحة الريفية على أساس استغلال الثروات الطبيعية، الأمر الذي يجعل التفوق الإيكولوجي سبيلا للتخلص من الفقر وتحقيق الثراء، ويحول الجبال الخضراء إلى جبال من فضة وذهب.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4