مجتمع < الرئيسية

الفكر الدبلوماسي لـ"شي جين بينغ" وموقع الصين في العالم في العصر الجديد

: مشاركة
2018-05-31 11:14:00 الصين اليوم:Source وانغ لي:Author

في هذه اللحظة التاريخية المفتاحية التي تقترب فيها الصين من مركز المسرح العالمي يوما بعد يوم وتحقق النهضة العظيمة للأمة الصينية، يعتبر الفكر الدبلوماسي لـ"شي جين بينغ"، دليل عمل للصين، ويوفر ضمانا أيديولوجيا لدفع بناء نمط جديد للعلاقات الدولية وإنشاء رابطة المصير المشترك للبشرية، وتفعيل دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية. إن هذا الفكر الهام يستجلي تنمية الصين في المستقبل وما يدور من نقاشات ناجمة عن اهتمام العالم بالصين، كما يقدم إضاءات حول رؤية الصين للنظام العالمي وموقعها في العالم في العصر الجديد.

اقتراب الصين من مركز المسرح العالمي يوما بعد يوم

لقد حدد الفكر الدبلوماسي للأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ، موقع الصين في العالم للمرحلة الحالية والمقبلة، وهو الحكم الهام الذي أكده الأمين العام شي جين بينغ في تقريره المقدم الى المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، أي "اقتراب بلادنا من مركز المسرح العالمي يوما بعد يوم واستمرارها في تقديم إسهامات أكبر للبشرية".

يحدد الفكر الدبلوماسي للسيد شي جين بينغ موقع بلاده في العالم، حاليا ومستقبلا. وكما أشار في تقريره المقدم للمؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني فإن الصين "تقترب من مركز المسرح العالمي يوما بعد يوم، وتواصل تقديم إسهامات أكبر للبشرية". هذا يعني أن الصين "تقترب من" مركز المسرح العالمي "يوما بعد يوم"، وليس أن الصين "دخلت إلى" المسرح العالمي. إنها رؤية للعمل الدبلوماسي الصيني تعي ظروف العصر المتمثلة في التغير المتسارع للوضع الدولي الحالي، والارتفاع السريع لمكانة الصين في العالم.

"الاقتراب من مركز المسرح العالمي يوما بعد يوم" يعني أن الفكر الدبلوماسي للأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ، هو الفكر الإرشادي الأهم لمواصلة الصين الحفاظ على التنمية المستقرة السليمة والسريعة، وتعزيز ورفع تأثير الصين وقدرتها المُلهِمة وخلق صورتها في المجتمع الدولي على مراحل وبإجراءات محددة ووفقا لتخطيط وبشكل فعال.

ينبغي التخطيط جيدا لنقطتين زمنيتين هامتين، وهما عام 2035 وعام 2050، بنظرة إستراتيجية ورؤية تاريخية، خطوة بعد خطوة، لتحقيق هدف إنجاز بناء دولة اشتراكية حديثة قوية تدريجيا، وتقديم إسهامات هامة جديدة لسلام العالم وتنميته.

هذه عملية متطورة ومتغيرة ومتحركة، وهدف يتطلب تحقيقه التدريجي التمسك بإرشاد الفكر الدبلوماسي للأمين العام شي جين بينغ، ومن خلال العمل الجدي لدبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية. وهذا يطرح متطلبات أعلى للأعمال الدبلوماسية الصينية في المرحلة الحالية والمقبلة في البيئة الدولية المعقدة المتغيرة الحالية. علينا أن نحذر من الغرور والطيش، وأن نعمل بهمة وجَلد، وأن نبذل أقصى الجهود لتحقيق المنجزات بثقة تامة؛ وأن نحترس من الشعور بالتحفظ والخوف من الصعوبات، وأن نتجنب الغرور والاعتداد بالنفس؛ وأن نواجه الضربات السافرة، وأن نحترس من المجاملة التي تختفي فيها أفخاخ مختلفة، لنبين عزيمتنا الثابتة لتنفيذ الإستراتيجيات، وثقتنا بأنفسنا.

تحديد موقع الصين في العالم

وفقا للفكر الدبلوماسي للسيد شي، فالهدف الهام للدبلوماسية الصينية هو الحفاظ على سلام العالم وتعزيز التنمية المشتركة لكافة الدول. والنهوض السريع للصين لكي "تقترب من مركز المسرح العالمي" تدريجيا، هو التعبير الدبلوماسي لـ"تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية، ومواصلة تقديم إسهامات أكبر للبشرية". ومن ثم، فإن "دخول الصين إلى مركز المسرح العالمي" ليس فقط أحد أهداف دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية، وإنما أيضا نتيجة حتمية لتبني دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية. ولكن في المرحلة الحالية، ما زالت هناك مسافة بين موقع الصين دوليا وهدف "الدخول" إلى مركز المسرح العالمي. هذا هو الموقف الأساسي الذي ينبغي أن يكون حاضرا في أذهاننا، كما أنه الخلاصة التي أشار إليها الأمين العام للحزب شي جين بينغ في التقرير المقدم للمؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، قائلا: "ينبغي لنا معرفة أن تغير التناقض الاجتماعي الرئيسي في بلادنا لا يغير من صواب تقديرنا للمرحلة التاريخية التي تمر بها الاشتراكية في بلادنا، حيث لم تتغير الظروف الأساسية المتمثلة في أن بلادنا ما زالت وستظل لفترة طويلة من الزمن في المرحلة الأولية من الاشتراكية، في حين لم تتغير كذلك المكانة الدولية لبلادنا كأكبر دولة نامية في العالم."

إن تأكيد فكر شي جين بينغ على "مركز المسرح العالمي" وليس "محور المسرح العالمي" تحديد واضح لمكانة الصين في العالم، حيث يعكس بشكل مستفيض أن الصين- باعتبارها دولة كبيرة ملتزمة بمسؤولياتها - تعمل على بناء عالم متعدد الأقطاب تتعايش فيه الصين مع مختلف دول العالم في تناغم، ولا تسعى لتكون "محور المسرح العالمي"، ولا تمارس الأحادية القطبية، وتنبذ سياسة القوة وتعارض الهيمنة.

إن الدبلوماسية الصينية، التي ترتكز على الثقافة الصينية التقليدية وترث السياسات الخارجية للحزب الشيوعي الصيني، لا تنطوي على الهيمنة وسياسة القوة. ولا تهدف دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية إلى إنكار النظام الدولي القائم، لبناء هيمنة جديدة، بل تسعى إلى أن "يتمتع الكل بجماله المتميز ويمتص من غيره الجمال، ليتجمع ويمتزج جمال الجميع"، من أجل دفع إنشاء رابطة المصير المشترك للبشرية. ولا شك أن ذلك يعتبر اختراقا تاريخيا لنظرية العلاقات الدولية التقليدية الغربية.

اختراق تاريخي لنظرية العلاقات الدولية الغربية

تشتمل النظريات الرئيسية للعلاقات الدولية الغربية التقليدية على الواقعية والليبرالية وأشكالهما المتغيرة المختلفة وتفريعاتهما، والتي تشتمل على الأمة والوطن والسيادة والحق والأمن والمصلحة وتوازن القوى وغيرها من المفاهيم التي تعتبر نواة نظرية العلاقات الدولية التقليدية الغربية، حيث وضعت النظريات الرئيسية للعلاقات الدولية الغربية التقليدية أساس العلاقات الدولية الغربية للعصر الحديث منذ انتهاء "حرب الثلاثين عاما" في أواسط القرن السابع عشر، ولا تزال لها تأثير على الوضع الدولي اليوم والسياسة الدولية.

وتعكس النظريات الغربية التقليدية حول العلاقات الخارجية الرؤية الثنائية للفلسفة الغربية، المسؤولة عن الظلم في العلاقات الدولية والذي يتجلى في قانون الغاب، حيث يكون الضعيف فريسة للقوي والاعتقاد بأنه عندما يفوز أحد يخسر الآخرون. هذه النظريات تدفع الدول إلى تشكيل تحالفات سياسية وعسكرية، وبالتالي ترسيخ الانقسام الأيديولوجي والمجابهة بين معسكرات مختلفة، وتكون النتيجة هي عدم استقرار النظام الدولي.

لقد أدى الافتقار إلى السلام والاستقرار إلى إلحاق الضرر بالبشرية عبر التاريخ. واليوم، يواجه العالم عدم استقرار صارخ وعدم يقين وانعدام الأمن، فضلا عن تصاعد العجز في السلام والتنمية والحوكمة، ما يفرض تهديدا قاتما على السلام العالمي والتنمية المشتركة للبشرية. لقد حان الوقت الآن لكي يقرر العالم أن "يعبر نهر روبيكون"، كما فعل يوليوس قيصر قبل أكثر من ألفي سنة.

يعتبر الفكر الدبلوماسي للأمين العام شي جين بينغ، اختراقا تاريخيا لنظرية العلاقات الدولية الغربية التقليدية، وذلك يتجسد واضحا في النقاط التالية:

أولا، الدعوة إلى بناء علاقات جديدة تماما بين الدول. وجوهر ذلك هو انتهاج طريق جديد للعلاقات بين الدول، وكسر الأساليب القديمة للتحالفات السياسية والعسكرية، وتجاوز السياج الأيديولوجي للتمييز بين التابع والمتبوع والفرق بين المعسكرات؛

ثانيا، دفع بناء نمط جديد للعلاقات الدولية، يتمحور حول التعاون والفوز المشترك. جوهر ذلك هو تجاوز الإطار الأيديولوجي للثنائية المتعارضة، وتجاوز الحواجز النظرية المتمثلة في اللعبة الصفرية و"أن يأخذ الفائز كل شيء"، وعدم التوازن بين الإنصاف والمصالح؛

ثالثا، طرح إنشاء رابطة المصير المشترك للبشرية. وجوهر ذلك هو إعادة هيكلة المعرفة الأساسية والفهم الأساسي للنظام الدولي، وتجاوز طريقة التفكير المتحجرة لنظرية العلاقات الدولية التقليدية الغربية بأن المجتمع الدولي هو مجتمع بدون حكومة، وطرح طريقة تفكير صائبة لحل مشكلات أمن وتنمية وسلام واستقرار العالم، ودفع التنمية السليمة للعلاقات الدولية.

وإجمالا نقول، إن الفكر الدبلوماسي لـ"شي جين بينغ" هو التصميم الفوقي للأعمال الخارجية الصينية، والذي تشكل على أساس التحليل الشامل والعميق لتغيرات الوضع الدولي وظروف الصين ومكانتها الدولية والاستيعاب الصحيح لاتجاه تطورها وقانون تنميتها، ويرشد الوضع العام لاستيعاب الدبلوماسية الصينية وتكيفها مع العولمة الاقتصادية ودمقرطة العلاقات الدولية. بإرشاد الفكر الدبلوماسي للسيد شي، تركز دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد على بناء نمط جديد من العلاقات الدولية، وإنشاء رابطة المصير المشترك للبشرية، وتقدم مساهمات جديدة جديرة بالعصر والتاريخ في تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية وتعزيز سلام وتنمية البشرية، وتحقيق التنمية المشتركة للشعب الصيني وكافة شعوب العالم.

--

وانغ لي، أستاذ مساعد بمعهد الإدارة الحكومية التابعة لجامعة بكين للمعلمين.

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4