سياحة < الرئيسية

متحف خبي

: مشاركة
2025-08-13 17:02:00 الصين اليوم:Source :Author

مقاطعة خبي، الواقعة شمالي النهر الأصفر وشرقي جبال تايهانغ، من مهود الحضارة الصينية، وتعد شاهدة على مسار التطور البشري والتاريخ الثقافي وتاريخ الحضارة. خلال فترة الربيع والخريف (770- 476 ق.م) وفترة الممالك المتحاربة (475- 221 ق.م)، كانت معظم الأراضي في خبي تابعة لمملكتي يان وتشاو، لذلك كانت خبي تعرف أيضا باسم "أرض يان وتشاو" في العصور القديمة.

يسلط متحف خبي الضوء على أروع الفصول التاريخية لمقاطعة خبي، ويحتضن عشرة معارض دائمة، ويسجل تاريخ التطور البشري المستمر في خبي من خلال أكثر من خمسة آلاف قطعة (مجموعة) من الآثار الثقافية الرائعة وطرق العرض الحديثة. ومن بين أبرز المعروضات، مصباح قصر تشانغشين، والرداء اليشمي المطرز بخيوط ذهبية، ومبخرة بوشان، والتي تعد جميعها من الكنوز الوطنية التي تجذب الانتباه بشكل خاص. ويقيم متحف خبي أيضا معارض موضوعية مؤقتة كل عام، مما يثري الحياة الروحية والثقافية للجمهور إلى حد كبير.

مصباح قصر تشانغشين

مصباح قصر تشانغشين، وهو قطعة أثرية من البرونز المذهب من فترة أسرة هان الغربية (206 ق.م- 24م)، تم صنعه في عام 151 قبل الميلاد تقريبا، أي قبل ما يزيد على 2200 عام. اكتشف هذا المصباح في عام 1968 بمقبرة دو وان، زوجة ليو شنغ؛ الملك جينغ لمملكة تشونغشان الإقطاعية في أسرة هان الغربية. وسمى بهذا الاسم نظرا لوجود نقش بمقطعي الكتابة الصينية "تشانغ" و"شين" عليه.

يبلغ ارتفاع المصباح 48 سنتيمترا، وصمم ليكون في نفس مستوى نظر الشخص الجالس، ليكون مناسبا تماما للقراءة والدردشة، وهو ما يتماشى مع عادة الناس في الجلوس على الأرض آنذاك. يبلغ وزن المصباح 85ر15 كيلوغراما، وهو على شكل خادمة قصر جاثية على ركبتيها تحمل مصباحا بكلتا يديها، بشكل هادئ وأنيق.

يتميز مصباح قصر تشانغشين بشكله الجميل وطبيعته العملية في الوقت ذاته. جسم التمثال البرونزي لخادمة القصر مجوف من الداخل، وذراع الخادمة اليمنى المجوفة مع الكم تشكل غطاء المصباح، يمكن فتحه وإغلاقه بسهولة لضبط زاوية سطوع الضوء. وتم صب الأجزاء الستة من المصباح، وهي الرأس والذراع اليمنى والجسم والغطاء وحاوية الزيت وقاعدته، بشكل منفصل ويمكن تفكيكها بسهولة، مما يجعله سهل النقل والتنظيف.

يعد المصباح أيضا صديقا للبيئة وفريدا من نوعه، إذ يدخل الدخان الناتج عن الاحتراق إلى الجسم المجوف للمصباح، فيبرد ويستقر، وبذلك لا يتصاعد إلى البيئة المحيطة بكميات كبيرة وبالتالي لا يلوثها. ويعكس مفهوم حماية البيئة هذا حكمة الصينيين القدماء. لا تزال هذه القطعة الأثرية العريقة ملهمة للأجيال اللاحقة، إذ استلهم منها تصميم شعلة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين عام 2022.

الكفن اليشمي المطرز بخيوط ذهبية

في الثاني والعشرين من مايو عام 1968، اكتشفت مقبرتان يعود تاريخهما إلى ألفي عام في محافظة مانتشنغ بمقاطعة خبي. كانت المقبرتان كبيرتي الحجم، وقد تأكد أنهما مقبرتا  ليو شنغ؛ الملك جينغ لمملكة تشونغشان في أسرة هان الغربية، وزوجته دو وان. واكتشف في المقبرتين عدد كبير من الآثار الثقافية الثمينة، وأشهرها رداءان من اليشم مطرزان بخيوط ذهبية يعودان إلى ليو شنغ ودو وان. الرداءان عبارة عن الكفن الذي كان يصمم خصيصا للأباطرة والأمراء والنبلاء في فترة أسرة هان (206 ق.م- 220م). ويعد الرداءان من أقدم وأرقى وأفضل الملابس المصنوعة من اليشم المطرز بالخيوط الذهبية التي اكتشفت في الصين حتى الآن، وهما محفوظان حاليا في متحف خبي.

قد يتساءل البعض عن سبب لف الموتى في أكفان من اليشم، وهذا يقودنا إلى تقديس الصينيين القدماء لليشم. ففي فترة أسرة هان تأثر الناس بفكر كونفوشيوس عن "اليشم الثمين"، الذي بلوره كرمز للفضائل والأخلاق الحميدة. بالإضافة إلى ذلك، اعتقد القدماء الصينيون أن اليشم يحفظ الجثث من التحلل لآلاف السنين. منذ فترة أسرة تشو الغربية (القرن 11- 771 ق.م)، كانت هناك عادة دفن اليشم مع المتوفى. وفي فترة أسرة هان، تطور الأمر إلى صنع الكفن بالكامل من اليشم، وبلغت عادة الدفن في أكفان من اليشم إلى ذروتها.

صنع الملابس من اليشم عملية معقدة للغاية، إذ يجب تقطيع اليشم إلى شرائح رقيقة صغيرة وبأشكال مختلفة، يتراوح سمكها بين 2ر0 إلى 35ر0 سنتيمتر تقريبا، ومن ثم يتم ثقبها وتلميعها، ثم يتم ربط شرائح اليشم معا بخيوط مصنوعة من الذهب بطرق نسج مختلفة.

يبلغ طول كفن ليو شنغ 88ر1 متر، وهو مكون من 2498 شريحة من اليشم و1100 غرام من الخيوط الذهبية. أما كفن دو وان، فيبلغ طوله 72ر1 متر ومكون من 2160 شريحة من اليشم و700 غرام من الخيوط الذهبية. يعكس هذان الرداءان عادات الدفن الفخمة في فترة أسرة هان، لا سيما الاعتقاد في وجوب "معاملة الموتى كما لو كانوا أحياء". وعلى الرغم من أن الكفن اليشمي لم يجعلهما خالدين، فإن حرفية صناعته التي فاقت عصرها أذهلت الأجيال اللاحقة.

قاعدة طاولة برونزية مطعمة بالذهب والفضة تحمل أربعة تنانين وأربع عنقاوات

من بين أبرز القطع الأثرية في المتحف أيضا، قاعدة طاولة برونزية مربعة الشكل، مزخرفة بأشكال أربعة تنانين وأربع عنقاوات ومطعمة بالذهب والفضة. وهي قطعة أثرية من مملكة تشونغشان خلال فترة الممالك المتحاربة (475- 221 ق.م)، اكتشفت في عام 1977 بمقبرة ملك مملكة تشونغشان في محافظة بينغشان بمقاطعة خبي. وتعد هذه القطعة الأثرية، بالإضافة إلى الردائين اليشميين المطرزين بخيوط ذهبية ومصباح قصر تشانغشين، ضمن الدفعة الأولى من الآثار الثقافية الصينية المحظور عرضها في الخارج.

هذه القاعدة البرونزية مطعمة بالذهب والفضة، وتجمع بين تقنيات متعددة مثل الصب والتطعيم واللحام، وهي تمثل أعلى مستوى من براعة التطعيم بالذهب والفضة خلال فترة الممالك المتحاربة، لذلك تعد من بين أكثر طاولات الصين القديمة روعة. عندما اكتشفت هذه القطعة الأثرية، كان سطح الطاولة الخشبي قد تآكل بالفعل، ولم يتبق سوى قاعدة الطاولة البرونزية بطول ضلع يبلغ 5ر47 سنتيمترا.

يتميز هيكل القاعدة بأربعة من الأيل المرقط جاثية، اثنين من الذكور واثنتين من الإناث، وعلى ظهر كل منها تنين. شكل التنين فريد للغاية، فهو برأس واحد وذيلين وجناحين، ويظهر رأس العنقاء حيث تتقاطع ذيول كل تنينين. الجزء الأوسط من قاعدة الطاولة نصف كروي وغير مستقر، لذلك استخدم المصممون في ذلك الوقت نظام "دوقونغ"، وهو نظام مكون من أقواس خشبية متشابكة يستخدم في العمارة الصينية، للانتقال من الهيكل النصف كروي للقاعدة إلى الهيكل المربع أعلاه. ويعد هذا المثال الأقدم والوحيد المعروف لاستخدام نظام "دوقونغ" خلال فترة الممالك المتحاربة.

نشر الثقافة التقليدية

يعقد المتحف محاضرات عامة بشكل منتظم لنشر المعارف الخاصة بالآثار الثقافية. على سبيل المثال، يقيم المتحف جلسات تعليمية مجانية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 إلى 12 عاما يوم السبت من كل أسبوع، حيث يشاركون في ورش لصنع الحرف اليدوية. بالإضافة إلى ذلك، هناك محاضرات متخصصة كل أسبوع مجانية ومفتوحة للجمهور، ويمكن المشاركة فيها عن طريق حجز موعد مسبق عبر الإنترنت.

ينظم المتحف أيضا فعاليات موضوعية خلال الأعياد. فعلى سبيل المثال، احتفالا بعام الثعبان هذا العام، أطلق المتحف سلسلة من الأنشطة تحت عنوان "برج الثعبان" خلال عيد الربيع. ومن خلال عدد كبير من صور الآثار الثقافية الثمينة والقصص التاريخية والتراث الشعبي، تعرف الأطفال على الثعبان والمفاهيم المرتبطة به في الثقافة الصينية. كما أقام أيضا أنشطة مثل صنع الفوانيس و"هونغباو" (مظاريف العيدية الحمراء) وحقائب الحظ لعام الثعبان ودبابيس شعر مزخرفة بأشكال الثعبان احتفالا بالعام الصيني الجديد.

ويساهم متحف خبي أيضا في بناء جسر للتبادل الثقافي بين الصين والدول الأجنبية. فخلال عيد دوانوو (عيد قوارب التنين) لعام 2025، شارك طلاب صينيون من مدرسة شيجياتشوانغ المتوسطة رقم 42 مع طلاب أجانب من إيطاليا والدنمارك ودول أخرى في ورشة عمل للخزف. خلال الحدث، عمل الطلاب كـ"حرفيي خزف" تحت إشراف المعلمين المتخصصين في المتحف، واختبروا تقنيات زخرفة الخزف الأزرق والأبيض عن كثب. وقد مكن الحدث الطلاب الأجانب من تعزيز فهمهم للثقافة الصينية من خلال التجربة الشخصية، ومكن الطلاب الصينيين من زيادة ثقتهم الثقافية الوطنية من خلال الحوار بين التقاليد والحداثة، وبالتالي تعزيز التواصل والتبادل بين الثقافات.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4