سياحة < الرئيسية

هانتشنغ.. مدينة الحكايات

: مشاركة
2021-01-06 12:42:00 الصين اليوم:Source سونغ تساي تشيون:Author

تشتهر مدينة هانتشنغ، التي تقع في مقاطعة شنشي بشمال غربي الصين، بكونها مسقط رأس سيما تشيان، وهو مؤرخ صيني في فترة أسرة هان الغربية (202 ق.م- 8 م) ومؤلف كتاب ((السجلات التاريخية)). كانت هانتشنغ تعرف أيضا في العصور القديمة باسم "لونغمن" أي بوابة التنين. هانتشنغ، التي بنيت في فترة أسرة تشو الغربية (1046 ق.م - 771 ق.م)، هي جزء من التكتل الحضري لسهل قوانتشونغ على طول ضفتي النهر الأصفر. شهدت هذه المدينة الكثير من الاضطرابات السياسية وإعادة الإعمار. وشهدت العديد من الاكتشافات الأثرية، التي تشمل أطلال الممالك القديمة لفترة أسرة تشو الغربية والرسوم الجدارية الكبيرة من فترة أسرة سونغ (960-1279)، وجميعها أضيفت إلى الحكايات العديدة التي ترويها هذه المدينة.

مدينة بسيطة ذات عمق تاريخي

يوجد في الصين العديد من المدن القديمة، ولكن هانتشنغ فريدة من نوعها. على مدار تاريخها العريق، طورت هذه المدينة شخصيتها المميزة بالبساطة والعمق. إنها واحدة من المدن القديمة القليلة التي حافظت على أكبر وأكمل كمية من البنايات التاريخية ذات الطراز المعماري لأسرة يوان (1271-1368).

جينتشنغ، وهو الشارع الرئيسي في هانتشنغ، يرجع تاريخه إلى زمن أسرتي مينغ وتشينغ (1368-1912)، ويمتد بطول ألف متر من الجنوب إلى الشمال. وعلى طوله توجد متاجر يرجع تاريخها إلى فترة أسرتي مينغ وتشينغ، ومعظمها من طابقين، ويعتبر هذا النمط المعماري نموذجيا في العصور القديمة في شمالي الصين. الطابق العلوي من بناية المتجر يكون عادة للتخزين، بينما يُستخدم الطابق الأرضي كواجهة للمتجر، ويقع المسكن في الجزء الخلفي من البناية. تم تزيين الشارع بأنواع مختلفة من المنحوتات الجميلة، الطوبية والخشبية والحجرية، كما توجد بوابات خاصة، تدعى بـ"بوابة الخيل". تفاصيل مفعمة بالتاريخ يرويها السكان المحليون بفخر وسعادة.

في نهاية شارع جينتشنغ، توجد باغودا ذهبية شاهقة الارتفاع تطل على مجموعة من المعابد القديمة والمساكن. يقع متحف هانتشنغ في أحد المعابد القديمة، وهو متحف للتاريخ المحلي ذو سمات مميزة ومقتنيات غنية، يجمع بين البنايات القديمة والآثار الثقافية، كما أنه صورة مصغرة لهذه المدينة التاريخية والثقافية الوطنية. يمكن أيضا رؤية مجموعة من المساكن التقليدية المحفوظة جيدا، من الباغودا المرتفعة. تم تصميم المساكن الكلاسيكية في هانتشنغ بطريقة منظمة، وهي مماثلة في الأسلوب لتلك الموجودة في بكين، فاتخذت المدينة لقب "بكين الصغرى".

"أحافير حية" في دانغجيا

تقع قرية دانغجيا في الجزء الشمالي الشرقي من هانتشنغ وتعود جذورها التاريخية إلى عام 1331 خلال فترة أسرة يوان. هذه القرية، بمجموعتها المعمارية القديمة، تمثل طريقة حياة الناس في مقاطعة شنشي في العصور القديمة، وتم تقديرها في الداخل والخارج باعتبارها "كنزا لسكن الإنسان" و" أحافير حية للقرى القديمة التي سكنها البشر في الشرق".

عند دخول قرية دانغجيا، ما يلفت النظر للوهلة الأولى هو شارع قديم مرصوف بالحصى، ومساكن بها بوابات كبيرة بأحجام مختلفة تخبرنا عن ازدهار القرية ومجدها في السنوات الماضية. دقق الأسلاف في اختيار موقع هذه القرية، فهي تقع في منطقة منخفضة على شكل القرع وذات تضاريس غير مستوية. لدخول القرية، يتعين على الزائرين اتباع مسار ينحدر حتى يصلوا إلى درب حجري أزرق اللون، حيث يمكن للمرء أن يرى منظرا بانوراميا كبيرا لأنواع مختلفة من الهياكل بما في ذلك الأبراج والمعابد والأجنحة والممرات الحجرية والبنايات المدرسية القديمة وقاعات الأسلاف العائلية وأبراج المراقبة وما إلى ذلك. بالنظر إلى المشهد النابض بالحياة بالثقافة القديمة الغنية والجمال الفني، يشعر الناس كما لو أن الزمن عاد بهم إلى أيام أسرتي مينغ وتشينغ لمشاهدة الصفحات المفقودة من التاريخ القديم.

بصمات التاريخ

على قمة جبل إلى الجنوب من مدينة هانتشنغ يقع معبد سيما تشيان الذي تم بناؤه في عام 310 من أسرة جين الغربية (266-316). يفتخر المعبد بتاريخ يقارب 1700 عام. في عام 1982، تم تحديده ضمن الدفعة الثانية للآثار الثقافية المحمية على المستوى الوطني، وفي عام 2014، تم تصنيف الموقع كوجهة سياحية وطنية على مستوى AAAA.

تبدأ الزيارة لهذه المنطقة الخلابة من بوابة تذكارية خشبية أعيد بناؤها في فترة أسرة تشينغ، ونقشت عليها ستة مقاطع صينية بمعنى: معبد المؤرخ الكبير سيما تشيان. ثم تظهر ثلاثة معابد على المنحدر الجنوبي للجبل، وهي معبد يويوانغ ومعبد تشانغياو ومعبد سانشنغ. وبعد ذلك يمكن للزوار أن يروا بوابة تذكارية أخرى عند مفترق الطرق، يعود تاريخها إلى أسرتي يوان ومينغ، ونقشت عليها أربعة مقاطع صينية، تشير إلى الشخصية الأخلاقية العظيمة لسيما تشيان. ثم يؤدي المسار إلى بوابة تذكارية ثالثة كتبت عليها مقولة لسيما تشيا، ثم يدخل الزوار معبد سيما تشيا بعد صعود 99 درجة في الطريق، حيث يمكن للزوار رؤية النهر الأصفر الهائج في الشرق، وجبل ليانغشان في الغرب، والأطلال القديمة للسور العظيم خلال فترة مملكة وي (403 ق.م- 225م)، وكتل المياه الجارية في الشمال.

في السنوات الأخيرة، أصبح "مهرجان تقديس سيما تشيان" حدثا رئيسيا يجتذب الزوار إلى هذه المنطقة السياحية. هذا المهرجان الذي تم الحفاظ عليه لآلاف السنين، مفعم بالقيمة الثقافية ويعد رمزا ثقافيا ومعلما من معالم هانتشنغ.

في هذه المنطقة أيضا معلم سياحي آخر، هو معبر لونغمن القديم على بعد ثلاثين كيلومترا شمال المدينة، حيث ترتفع الجروف بجانبي النهر الأصفر وتشكل ممرا يشبه بوابة عملاقة. يقال إن التنين وحده هو الذي يمكنه أن يطير فوق البوابة، ومن هنا أخذ المعبر اسم لونغمن، أي بوابة التنين. ويقال إن المضيق قد نحته الإمبراطور يوي من أسرة شيا (2100 ق.م- 1600 ق.م) لترويض مياه الفيضانات، لذا يطلق على الممر بوابة يوي أيضا.

يتمتع معبر لونغمن القديم بأهمية إستراتيجية منذ الزمن القديم، باعتباره محور نقل يربط شنشي وشانشي المجاورة. يمكن للزوار الوصول إلى منطقة شيمن المنظرية، بعد أن يواصلوا السير حوالي 4 كيلومترات من نهر لونغمن، حيث يبلغ عرض النهر 60 مترا فقط، وهو أضيق جزء من النهر الأصفر. ثم، بالسير لمسافة ثمانية وثلاثين كيلومترا نحو أعلى النهر يمكن الوصول إلى شلالات هوكو الصاخبة.

نكهات هانتشنغ لا تنسى

لتجربة مكان ما حقا، ينبغي للمرء أن يعرف ثقافته ويفهم الناس هناك. ذات مرة، وصف الشاعر والروائي الصيني الحديث يه لين تشي مدينة هانتشنغ بما يلي: "هانتشنغ مليئة بالحكايات. من قرع الطبول التقليدي وكعك الزهور إلى معكرونة حساء لحم الضأن، كل هذه الميزات تُظهر الصدق والجمال والشخصية الواقعية للسكان المحليين. ويمكن للزوار مشاهدة عروض أوبرا شنشي التي ينظمها الناس في الشوارع. السير عبر الزمن هو تقدير للمدينة، سواء القديمة أو الحديثة، وملامسة الجدران والشعور بالملمس الذي تم نقشه بمرور الوقت، أو الجلوس على المقاعد التي تعود إلى قرون والتي يمكن رؤيتها في كل مكان في شوارع المدينة القديمة، لا يسع المرء إلا أن يشعر بالرهبة من الحضارة المحمية والتنمية البشرية التي استمرت في هذه المدينة لقرون ".

من خلال تقلبات الزمن، تمتعت المدينة باستمرارية طويلة لتكوين تعبير غني عن الثقافة والمشاعر الإنسانية والجمال الطبيعي، والذي يظهر في شوارعها القديمة وقراها القديمة والمعابد القديمة والجسور الجذابة. والقائمة تطول لكل ما يتعلق بالماضي.

لا تمنح هانتشنغ الزوار شعورا بالحنين للثقافة القديمة والتاريخ فحسب، وإنما أيضا تقدم مجموعة متنوعة من الأطباق الشهية التي تتراوح من حساء فطيرة اللحم إلى حساء المعكرونة، وكعك بذور السمسم المخبوز، والجزر الحار، وحلوى الأرز الصيني التقليدية بنكهة العسل. في السنوات الأخيرة، طورت المدينة صناعة الفلفل الصيني. مع هذه الصناعة، أبدع السكان المحليون مجموعة من منتجات الفلفل، تشمل براعم الفلفل وبيرة الفلفل ومنتجات العناية بالبشرة من الفلفل وحليب الفلفل وما إلى ذلك. الزبادي المصنوع من الفلفل الصيني هو الأكثر شيوعا. نكهة هذا الزبادي ليست غريبة، كما قد يفترض المرء. إنه في الواقع يترك نكهة ممتعة دائمة في فم الآكل أو الشارب، من خلال مزيج من النكهات الحامضة والحلوة. ومن الأطعمة المحلية الأخرى الجديرة بالذكر، كعكة الزهرة الحلوة، وهي مصنوعة من مزيج لذيذ من الطحين التقليدي والجوز والتمر وبذور السمسم.

على مدى السنوات الماضية، عملت هانتشنغ بجد لتحسين مواقعها ذات المناظر الخلابة. أثناء إطلاق منتجات سياحية جديدة، كانت تتحرك بشكل أسرع في تحسين نظام تيسير السياحة وتوسيع شبكة النقل الخاصة بها، وذلك لتزويد السياح بمزيد من سهولة الوصول وتجارب السفر بأسعار معقولة. في الحادي عشر من أكتوبر 2020، تم تشغيل أول قطار فائق السرعة من مدينة شيآن، حاضرة مقاطعة شنشي، إلى هانتشنغ، مما أدى إلى اختصار وقت السفر بين المدينتين إلى أقل من ساعتين. في المستقبل، سيؤدي تشغيل خط السكة الحديدية بين شيآن وهانتشنغ إلى تسهيل وصول السياح من شيآن والمدن المجاورة إلى هانتشنغ.

على مر القرون، صعدت وهبطت ممالك وإمبراطوريات، ولكن تمت المحافظة على الحضارة. هانتشنغ مدينة ذات عمق تاريخي، لديها الكثير لتقدمه. عند التجول في شوارعها القديمة، سيجد الزوار أنفسهم قد رحلوا إلى العصور القديمة وانغمسوا في الحضارة التي صمدت أمام اختبار الزمن.

--

سونغ تساي تشيون، كاتب عمود متخصصة في السياحة والسفر.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4