على مقهى في الشارع الصيني < الرئيسية

"فكر شي جين بينغ.. للصين والعالم"

: مشاركة
2025-06-23 14:56:00 الصين اليوم:Source حسين إسماعيل:Author

في التاسع عشر من شهر إبريل 2025، احتضنت مدينة القاهرة فعالية مهمة حول فكر الرئيس الصيني شي جين بينغ، نظمتها مجلة ((الصين اليوم)) التابعة للمجموعة الصينية للإعلام الدولي، بالتعاون مع مؤسسة ((أخبار اليوم)) المصرية. شارك في الفعالية، التي أقيمت على شكل صالون ثقافي بعنوان "فكر شي جين بينغ.. للصين والعالم"، نخبة من الخبراء والإعلاميين الصينيين والمصريين والعرب، وذلك لتسليط الضوء على البعد الفكري والإنساني لفكر شي جين بينغ، وتعزيز الحوار الصيني- العربي والأفريقي حول إمكانات التفاعل الحضاري، ومجالات الاستفادة العربية والأفريقية من التجربة الصينية. وقد أدار الفعالية طه بنغ تشو يون، رئيس فرع الشرق الأوسط لمجلة ((الصين اليوم))، وكاتب هذه السطور.

في كلمتها بالجلسة الافتتاحية لهذا الصالون، أوضحت تشاو لي جيون رئيسة دار مجلة ((الصين اليوم))، أن مفهوم "مجتمع المستقبل المشترك للبشرية" يعد من أبرز تجليات فكر الرئيس شي جين بينغ، حيث يدعو إلى احترام التنوع والتشاور المتكافئ وتقاسم ثمار التنمية. وقالت إن هذا يتفق مع المواقف الثابتة لدول شمالي أفريقيا ومصر، القائمة على الاستقلال والسلام والانفتاح على الحضارات الأخرى، مما يعزز من الأساس الفكري لتعميق التعاون بين الجانبين. وأضافت أن التبادلات بين الحضارتين الصينية والمصرية بدأت منذ آلاف السنين. وفي العصر الحديث، تتوسع مجالات التعاون بين الجانبين في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، مما يجعل من البلدين ركيزتين أساسيتين لتعزيز التعاون الصيني- العربي والأفريقي، وكذلك التعاون بين دول "الجنوب العالمي".

وقال إسلام عفيفي رئيس مجلس إدارة مؤسسة ((أخبار اليوم))، إن الجانب الأبرز في العلاقات المصرية- الصينية هو الرؤية المشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس شي جين بينغ، حيث يسعى الزعيمان إلى تحقيق نهضة شاملة من خلال بناء شراكات إستراتيجية تدعم التنمية الاقتصادية المستدامة في كلا البلدين. وأوضح أن رؤية الزعيمين تتجسد في التعاون الفعال الذي يفتح آفاقا جديدة للتطوير والتحديث على أسس من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة. وأضاف: "هذه الصيغة من التعاون، القائمة على الاحترام المتبادل والتفاهم العميق، هي وحدها الكفيلة بتعزيز النمو وتحقيق الاستقرار والسلام والخير للشعوب. ولفت عفيفي في كلمته بالجلسة الافتتاحية، إلى أن السياسات التي يتبناها الرئيس شي جين بينغ، بما في ذلك رؤية "الحزام والطريق" و"مجتمع المستقبل المشترك للبشرية"، تعد أداة فكرية متكاملة تهدف إلى بناء عالم أكثر توازنا وعدلا. ومن هذا المنطلق، تقدم الصين نفسها كقوة ناعمة تسعى إلى تفعيل تعاون دولي طويل الأمد بعيدا عن المصالح الضيقة. وقال: "إن التحول الذي نشهده اليوم في فكر القيادة الصينية، بقيادة الرئيس شي جين بينغ، لا يقتصر على الجوانب الاقتصادية فحسب، وإنما أيضا يشمل أبعادا إنسانية تتعلق بتبادل المعرفة وتعزيز الفهم المتبادل بين مختلف الشعوب والثقافات. وهذا ما يجعل هذه السياسات حجر الزاوية في إعادة ترتيب النظام العالمي القائم."

وقدمت الدكتورة خديجة عرفة رئيسة الإدارة المركزية للتواصل المجتمعي بمركز دعم اتخاذ القرار في مجلس الوزراء المصري، عرضا لرؤية الرئيس شي جين بينغ لقضايا ومشكلات جنوب العالم، مؤكدة أنها رؤية متكاملة شاملة، كونها تتطرق لأغلب التحديات التي تواجهها دول "الجنوب العالمي"، وتقدم تصورات متفاوتة بشأن كيفية التغلب عليها، مدعومة في حالات عدة بمسارات بديلة، حيث إنها رؤية واقعية وليست فلسفية تنطلق من مرتكزات عديدة وترتبط بالتحديات الحقيقية التي تعاينها دول "الجنوب العالمي". وأضافت: "هذه التحديات بعضها نابع من النظام الدولي، والبعض الآخر يرتبط بمشكلات داخلية تعانيها تلك الدول. فعلى المستوى الدولي، نشهد حاليا مرحلة من التدني غير المسبوق في مستوى التعاون الدولي مؤسسيا، في ظل غياب إرادة سياسية دولية لحل العديد من الأزمات الدولية السياسية والأمنية والاقتصادية. ويتوافق ذلك مع لحظة اهتزاز فيما يخص منظومة القيم العالمية وإدارة العلاقات بين الدول وغلبة ازدواجية المعايير، مع تراجع كبير لدور وأهمية التنظيم الدولي والمؤسسية في مقابل تعالي النزعات القومية والفردية. على الجانب الآخر، تعاني دول "الجنوب العالمي" من العديد من المشكلات التنموية والتي تترك تداعياتها ليس على مسار التنمية الحالي فحسب، وإنما أيضا على مسارات التنمية المستقبلية وحياة الأجيال المقبلة."

تحدث في الصالون أيضا، الدكتور ناصر عبد العال، أستاذ الدراسات الصينية بكلية الألسن في جامعة عين شمس والمستشار السياحي السابق بسفارة مصر لدى الصين، شارحا كيف أن فكر شي جين بينغ هو فكر للصين وفكر للعالم، فقال: "فكر شي جين بينغ للصين يركز على أن الصين اليوم ليست هي الصين في الأمس، وأن الصين في الحاضر ليست هي الصين في الماضي، وأن الأمة الصينية التي أنجزت حضارة عظيمة في الماضي عادت لإنجاز حضارة عظيمة في الحاضر، وأن الصين التي عانت من الظلم والفقر في الماضي لن تتراجع عن تحقيق حلم المئوية الثانية في عام 2050 في أن تصبح دولة كبيرة قوية غنية. أما فكر شي جين بينغ للعالم، فهو دعوة عملية وصادقة إلى نظام عالمي يتسم بالعدالة والمساواة والتعاون المشترك والبناء المشترك والسعي المشترك، من أجل الكسب المشترك والمشاركة في جني ثمار التنمية وتحقيق الرفاه لكافة شعوب العالم، ونبذ الصراعات والتمييز بين بني البشر والعمل المشترك لحماية الكوكب الذي نعيش عليه جميعا."

 وقال أحمد سلام، المستشار الإعلامي الأسبق بسفارة مصر لدى الصين، إن فكر شي جين بينغ قد برز كإطار نظري وعملي شامل لفهم الصين المعاصرة ونهضتها المتسارعة. إن فكر شي ليس مجرد خطط تنموية، بل رؤية فلسفية وإنسانية تضع الإنسان في قلب عملية التنمية وتؤكد على الانسجام بين الإنسان والطبيعة، في تناقض واضح مع الرأسمالية المتوحشة التي تهمّش الإنسان لحساب السوق. وأوضح أن الفكر الصيني يرفض فرض نماذج مسبقة أو وصفات جاهزة، كما تفعل المؤسسات المالية الغربية، بل يكرّس مبدأ "النموذج الخاص بكل دولة"، ويحترم الخصوصية الثقافية والحضارية، مما يجعل من الشراكة مع الصين الجديدة فرصة لبناء تنمية محلية قائمة على أولويات الشعوب لا على إملاءات الخارج.

واستعرض الدكتور ضياء حلمي الفقي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، المبادرات التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ، ومنها مبادرة "الحزام والطريق"، وقال إن هذه المبادرة هي طوق النجاة للدول النامية والاقتصادات الناشئة، لبناء عالم أكثر عدلا. وأشار إلى مبادرة "التنمية العالمية" التي ترحب بالمشاركة الواسعة من جميع الأطراف، وتسعى لتحقيق هدف عدم تخلف أي بلد عن الركب، وعدم تجاهل أي نداء، وعدم التخلي عن أي أحد، بغية بناء كيان للتنمية العالمية المشتركة. بينما تقدم الصين من خلال مبادرة "الأمن العالمي" إجابات واضحة لأسئلة العصر المتعلقة بمفهوم الأمن الذي يحتاجه العالم وكيفية تحقيق الأمن المشترك بين البلدان. وأضاف أن مبادرة "الحضارة العالمية" قد أظهرت أن الصين تلعب دورا مهما في تعزيز التعاون الدولي وتقدم الحضارة والتحديث للبشرية.

وقال عماد الأزرق، رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث في القاهرة، إن التقارب الصيني- الأفريقي ومعاناة الجانبين من الاستعمار الأجنبي والاستغلال والتربص، ورغبة الصين الحقيقية في التعاون المشترك، كان دافعا قويا للدول الأفريقية للذهاب بعيدا في تعاونها مع الجانب الصيني، وقد جنى الجانبان ثمار ذلك التعاون من خلال ما تحقق من مشروعات تنموية واقتصادية وتبادل ثقافي وتكنولوجي ومعرفي وتجاري وشعبي، ساهم في تحقيق المزيد من التقارب والتفاهم فيما بينهما. وأوضح أن الانتشار الصيني الضخم، والذي يغطي تقريبا الكرة الأرضية بأكملها، وتزايد الاستثمارات الصينية في الخارج واتساع دائرة المشروعات التنموية الضخمة والهائلة التي تنفذها وتمولها الصين في أنحاء العالم، والارتباط والترابط الشديدين بين الصين وكل دول العالم تقريبا، أفقد القرارات الحمائية الأمريكية أهميتها وجعلها عديمة الجدوى والتأثير على الاقتصاد الصيني، بل دفع الأمر الكثير من دول العالم، وفي مقدمتها حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية مثل دول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الآسيوية، إلى الاتجاه صوب الصين في محاولة للضغط على الإدارة الأمريكية ومن أجل التخفيف من حدة القرارات واحتواء تأثيراتها السلبية على اقتصاداتها.

وفي كلمتها بالصالون عبر الفيديو، استعرضت الباحثة التونسية الدكتورة هدى الحزامي، رئيسة نادي قراء ((الصين اليوم)) في تونس، التعاون الصيني- الأفريقي، مع التركيز على التعاون بين الصين وتونس، قائلة إن تونس بما تمتلكه من موقع جغرافي محوري ورصيد بشري متميز ومجتمع مدني نشيط، مؤهلة للعب دور حلقة الوصل بين الصين وشمالي أفريقيا، بل وأوروبا أيضا، شريطة أن تعي نخبها أهمية هذا الرهان التاريخي. وقالت إن الصين لا تمول فقط، بل تطرح نموذجا تنمويا يستلهم من تجربتها في التحديث والتصنيع، وهو ما يجعلها شريكا ذا مصداقية في أعين العديد من الحكومات الأفريقية. ونوهت د. الحزامي إلى أنه في قلب فكر شي جين بينغ نجد سردية تعلي من قيمة التعاون بدل الهيمنة والتضامن بدل الإملاء. وقد انعكس ذلك في الدبلوماسية الصينية، خاصة تجاه دول "الجنوب العالمي"، حيث تقدم الشراكات من دون شروط سياسية أو وصفات إصلاحية مفروضة، على عكس مقاربات بعض المؤسسات المالية الغربية.

وفي كلمته عبر الفيديو أيضا، تناول رئيس نادي قراء ((الصين اليوم)) في المغرب الدكتور فؤاد الغزيزر، الأستاذ في جامعة الحسن الأول، العلاقات الصينية- المغربية، مؤكدا أن التعاون المغربي- الصيني- الأفريقي فرصة لتعزيز نموذج شراكات الجنوب- الجنوب، القائم على المنافع المتبادلة والاحترام المتبادل بعيدا عن الهيمنة أو التبعية الاقتصادية. وقال: "تمتلك الصين تجربة متقدمة في مجال مواجهة تحديات التنمية، من هنا تبرز مسألة النموذج الصيني في التنمية، وهي مسألة تستحوذ على قدر كبير من الاهتمام، لأن أحد عناصر السياسة الصينية تجاه المغرب هو 'مبدأ التعلم المتبادل' من خبرات كل طرف في مختلف المجالات، وهو مبدأ تطرحه الصين من خلال نموذجها التنموي وتجربتها في مختلف المجالات، وعادة ما يبدي المسؤولون المغاربة إعجابهم بهذا النموذج." وأضاف أن الدول النامية، وخاصة الدول الأفريقية، قد تجد في التحديث الصيني النمط ونجاح الصين في محاربة الفقر، مصادر إلهام من أجل تحقيق تطلعات الشعوب الأفريقية في العيش حياة أفضل، والمساهمة في بناء أفريقيا جديدة تتمتع بالسلام والوحدة والازدهار والقوة.

 وقالت الدكتورة شيماء كمال، رئيسة قسم اللغة الصينية بجامعة بدر في مصر، إن الصين تنظر إلى دول أفريقيا كشريك إستراتيجي، وتسعى إلى تعزيز مكانتها في أفريقيا من خلال الشراكة والاحترام المتبادل، مع التأكيد على المنفعة المشتركة والسيادة الوطنية، كما تواصل دعم قضايا أفريقيا في المؤسسات الدولية والعمل على حل التحديات المشتركة، مثل التغير المناخي والتنمية المستدامة.

تحدث في الصالون أيضا الدكتور أحمد السعيد، رئيس مجموعة ((بيت الحكمة للثقافة)) في مصر، وقال إن نشر فكر شي جين بينغ، هو جزء من معركة التنوير في العالم العربي، وجزء من جهد ثقافي أوسع يهدف إلى كسر الأحادية، وتعزيز التعددية، وتقديم نماذج بديلة في التفكير والتخطيط والتنمية. واستعرض دور ((بيت الحكمة للثقافة)) في هذا الصدد قائلا: "كان لهذا المشروع ثماره الملموسة؛ من انتشار الكتب التي تتناول فكر شي جين بينغ في الجامعات ومراكز البحوث والجهات الرسمية والوزارات والمكتبات العامة في أكثر من عشر دول عربية، إضافة إلى مشاركتها في أبرز معارض الكتاب العربية من المحيط للخليج، وأيضا من خلال نقاشها في الندوات والمنتديات الفكرية، بل وحتى اعتماد بعضها كمراجع أكاديمية في الدراسات السياسية المعاصرة، وعقد المسابقات والجلسات النقاشية حولها."

حظيت فعالية ((فكر شي جين بينغ.. للصين والعالم)) باهتمام إعلامي وأكاديمي واسع، فقد كانت موضوع العمود الأسبوعي في صحيفة ((الأهرام)) للكاتب الصحفي منصور أبو العزم، الذي أشار إلى المحاور الأساسية التي يرتكز عليها فكر الرئيس شي، ومنها مبدأ الكسب المشترك وضرورة تعدد القوى الدولية وعدم فرض شروط سياسية على الدول التي تحتاج إلى قروض.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

互联网新闻信息服务许可证10120240024 | 京ICP备10041721号-4