على مقهى في الشارع الصيني < الرئيسية

قانون العلاقات الخارجية لجمهورية الصين الشعبية

: مشاركة
2023-09-20 14:05:00 الصين اليوم:Source حسين إسماعيل:Author

في الأول من يوليو 2023، دخل قانون العلاقات الخارجية لجمهورية الصين الشعبية حيز التنفيذ، بعد أن تم اعتماده في الجلسة الثالثة للجنة الدائمة للمجلس الوطني الرابع عشر لنواب الشعب الصيني في الثامن والعشرين من يونيو 2023. القانون مكون من 45 مادة في ستة فصول، هي: المبادئ العامة، المسؤوليات المتعلقة بالعلاقات الخارجية، وظائف وصلاحيات تسيير العلاقات الخارجية، نظام العلاقات الخارجية، ضمانات تسيير العلاقات الخارجية، والأحكام التكميلية. هذا هو أول قانون أساسي وشامل للعلاقات الخارجية للصين، وباعتباره قانونا أساسيا فإنه يتبع الدستور فقط وأعلى من القوانين ذات النطاق الضيق. وحسب وانغ يي، عضو المكتب السياسي ومدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ستساعد صياغة القانون في توسيع صندوق الأدوات القانونية في الصين وتوفير أساس قانوني لمعارضة الهيمنة وسياسة القوة والأحادية والحمائية والتنمر مع تأثير وقائي ورادع.

تنص المادة الأولى على أن هذا القانون قد تم سنه وفقا لدستور جمهورية الصين الشعبية لتسيير العلاقات الخارجية من أجل: حماية سيادة الصين وأمنها الوطني ومصالحها التنموية؛ حماية وتعزيز مصالح الشعب الصيني؛ بناء الصين دولة اشتراكية حديثة؛ تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية؛ تعزيز السلام والتنمية في العالم؛ بناء رابطة المصير المشترك للبشرية. وتنص المادة الثانية على أن هذا القانون تطبقه جمهورية الصين الشعبية في إدارة العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى، والتبادلات والتعاون معها في المجالات الاقتصادية والثقافية وغيرها، وعلاقاتها مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى. وتؤكد المادة الرابعة على أن جمهورية الصين الشعبية تنتهج سياسة خارجية سلمية مستقلة وتلتزم بالمبادئ الخمسة للاحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي، وعدم الاعتداء المتبادل، وعدم التدخل المتبادل في الشؤون الداخلية، والمساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي. كما أن جمهورية الصين الشعبية تواصل انتهاج طريق التنمية السلمية وتلتزم بالسياسة الأساسية المتمثلة في الانفتاح على العالم الخارجي وإستراتيجية الانفتاح لتحقيق المنفعة المتبادلة. كما تلتزم الصين بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتسعى لحماية السلام والأمن العالميين، وتعزيز التنمية العالمية المشتركة، وبناء نمط جديد للعلاقات الدولية، وتلتزم بتسوية النزاعات الدولية بالوسائل السلمية وتعارض استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية وتعارض الهيمنة وسياسة القوة. وتظل الصين مؤمنة بمبدأ أن جميع البلدان متساوية بغض النظر عن حجمها أو قوتها أو مستوى تنميتها وتحترم مسارات التنمية والأنظمة الاجتماعية التي تقررها بشكل مستقل شعوب جميع البلدان. وتنص المادة الخامسة على أن العلاقات الخارجية تخضع للقيادة المركزية والشاملة للحزب الشيوعي الصيني، بينما تنص المادة السادسة على أن تتحمل مؤسسات الدولة والقوات المسلحة والأحزاب السياسية والمنظمات الشعبية والشركات والمؤسسات العامة والمنظمات الاجتماعية الأخرى والمواطنون، مسؤولية والتزام حماية سيادة الصين وأمنها الوطني وكرامتها وشرفها ومصالحها في سياق التبادلات الدولية والتعاون. وتحذر المادة الثامنة من أن أي منظمة أو فرد يرتكب أفعالا تضر بالمصالح الوطنية للصين بما ينتهك هذا القانون والقوانين الأخرى المعمول بها، في سياق المشاركة في التبادلات الدولية، يخضع للمساءلة بموجب القانون.

في الفصل الثاني، الذي يحدد وظائف وصلاحيات تسيير العلاقات الخارجية، تنص المادة التاسعة على أن الهيئة القيادية المركزية للشؤون الخارجية هي المسؤولة عن صنع السياسات والمداولات والتنسيق فيما يتعلق بتسيير العلاقات الخارجية. وتنص المادة الحادية عشرة على أن الرئيس يمثل جمهورية الصين الشعبية ويدير شؤون الدولة ويمارس الوظائف والصلاحيات المتعلقة بالعلاقات الخارجية بموجب الدستور والقوانين الأخرى. وتنص المادة الثالثة عشرة على أن اللجنة العسكرية المركزية تنظم وتدير التبادل والتعاون العسكري الدولي، وتمارس المهام والصلاحيات المتعلقة بالعلاقات الخارجية وفقا للدستور والقوانين الأخرى، في حين تتولى وزارة الشؤون الخارجية، وفقا للمادة الرابعة عشرة، إدارة الشؤون الخارجية وفقا للقانون وتتعهد بالمسائل المتعلقة بالتبادل الدبلوماسي لقادة الحزب والدولة مع القادة الأجانب. وتنص المادة السادسة عشرة على أن المقاطعات والمناطق الذاتية الحكم والمدن الخاضعة مباشرة للحكومة المركزية تجري التبادلات والتعاون الدوليين ضمن النطاق المحدد للولاية التي تسمح بها السلطات المركزية.

الفصل الثالث الذي يحدد أهداف ومهام تطوير العلاقات الخارجية، يتضمن اثنتي عشرة مادة، منها المادة الثامنة عشرة التي تنص على أن جمهورية الصين الشعبية تدعو إلى تفعيل مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية، وتسعى إلى دفع أجندة الشؤون الخارجية على جبهات متعددة وعلى مستويات مختلفة وفي مجالات مختلفة وأبعاد متعددة. أما المادة التاسعة عشرة فتنص على أن جمهورية الصين الشعبية تتمسك بالنظام الدولي وجوهره الأمم المتحدة، والنظام الدولي القائم على القانون الدولي، والمعايير الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية القائمة على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. وتنص المادة العشرون على أن جمهورية الصين الشعبية تلتزم برؤية الأمن العالمي المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، وتسعى إلى تعزيز التعاون الأمني الدولي ومشاركتها في آليات إدارة الأمن العالمي. الصين ملتزمة بدعم النظم الدولية لتحديد ونزع السلاح وعدم الانتشار النووي وتعارض سباق التسلح وتعارض وتحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل بأي شكل من الأشكال، وتفي بالالتزامات الدولية المعنية وتشارك في التعاون الدولي بشأن عدم الانتشار النووي. وتنص المادة الثانية والعشرون على أن جمهورية الصين الشعبية تحترم حقوق الإنسان وتحميها وتلتزم بمبدأ عالمية حقوق الإنسان ومراعاتها في ضوء واقع الدول، وتعزز التنمية الشاملة والمنسقة لحقوق الإنسان كافة، وتجري التبادلات الدولية والتعاون في مجال حقوق الإنسان على أساس المساواة والاحترام المتبادل وتعمل من أجل التنمية السليمة للقضية العالمية لحقوق الإنسان. وحسب المادة الخامسة والعشرين فإن الصين تلعب دورا نشيطا في الإدارة العالمية للبيئة والمناخ وتسعى إلى تعزيز التعاون الدولي بشأن التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون؛ وهي ملتزمة بالتعزيز المشترك لحفظ البيئة العالمية وبناء نظام عالمي لإدارة البيئة والمناخ يكون عادلا ومنصفا وتعاونيا ومفيدا للجميع. وتؤكد المادة السادسة والعشرون على التزام الصين بتعزيز الانفتاح العالي المستوى وتعزيز التنمية العالية الجودة لمبادرة "الحزام والطريق"، والتزامها بدعم النظام التجاري المتعدد الأطراف ومعارضة الأحادية والحمائية.

في الفصل الرابع الذي يحدد نظام العلاقات الخارجية، تنص المادة الثلاثون على أن الدولة تبرم المعاهدات والاتفاقيات أو تنضم إليها وفقا للدستور والقوانين الأخرى، وتفي بحسن نية بالالتزامات المنصوص عليها في هذه المعاهدات والاتفاقيات. ويجب ألا تتعارض المعاهدات والاتفاقيات التي تبرمها الدولة أو تنضم إليها مع الدستور. أما المادة الحادية والثلاثون فتتضمن النص على أنه لا يجوز أن يقوض تنفيذ المعاهدات والاتفاقيات وتطبيقها سيادة الدولة والأمن الوطني والمصالح العامة. وتنص المادة الثانية والثلاثون على أن تعزز الدولة تنفيذ وتطبيق قوانينها وأنظمتها في المجالات المعنية بالخارج بما يتوافق مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي والأعراف الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية. تتخذ الدولة إجراءات إنفاذ القانون أو الإجراءات القضائية أو غيرها وفقا للقانون لحماية سيادتها وأمنها الوطني ومصالحها التنموية وحماية الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنين والمنظمات الصينية. أما المادة الثالثة والثلاثون فتنص على أن لجمهورية الصين الشعبية الحق في أن تتخذ، حسب الاقتضاء، تدابير للمواجهة أو اتخاذ تدابير تقييدية ضد الأعمال التي تنتهك القانون الدولي أو القواعد الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية وتعرض سيادتها وأمنها الوطني ومصالحها الإنمائية للخطر. وتحدد المادة الرابعة والثلاثون أن جمهورية الصين الشعبية، وعلى أساس مبدأ الصين الواحدة، تقيم وتطور العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى وفقا للمبادئ الخمسة للتعايش السلمي. أما المادة الخامسة والثلاثون فتنص على أن الدولة تتخذ خطوات لتنفيذ قرارات العقوبات والتدابير المعنية الملزمة التي يتخذها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وتنص المادة السابعة والثلاثون على أن الدولة تتخذ الإجراءات اللازمة بما يتوافق مع القانون، لحماية سلامة وأمن وحقوق ومصالح المواطنين الصينيين والمنظمات الصينية في الخارج وأمنهم وحقوقهم المشروعة في الخارج وحماية مصالح الصين في الخارج من أي تهديد أو انتهاك. وفي المقابل، تنص المادة الثامنة والثلاثون على أن جمهورية الصين الشعبية تحمي الحقوق والمصالح المشروعة للأجانب والمنظمات الأجنبية في أراضيها وفقا للقانون. ويجب على المواطنين الأجانب والمنظمات الأجنبية في أراضي الصين الالتزام بقوانينها وعدم تعريض الأمن الوطني للصين للخطر أو تقويض المصالح الاجتماعية والعامة أو الإخلال بالنظام الاجتماعي والعام.

الفصل الخامس الذي يتناول ضمانات تسيير العلاقات الخارجية، يتضمن المادة الأربعين التي تنص على أن الدولة تعمل على تحسين نظامها للدعم المتكامل لإقامة العلاقات الخارجية وتعزيز قدرتها على إدارة العلاقات الخارجية والمحافظةعلى المصالح الوطنية، والمادة الرابعة والأربعين التي تنص على أن تعزز الدولة بناء القدرات في مجال الاتصالات الدولية، وتمكن العالم من معرفة المزيد عن الصين وفهمها بشكل أفضل، وتعزز التبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارات المختلفة.

بعد هذا العرض لقانون العلاقات الخارجية لجمهورية الصين الشعبية، لا بد من التنويه إلى أن وسائل الإعلام الصينية احتفت بهذا القانون، فاعتبرته صحيفة ((تشينا ديلي))، في الأول من يوليو 2023، "ضمانة"، فقد قال تساو ده شنغ، إن قانون العلاقات الخارجية يأتي في الوقت الذي يواجه فيه تطور الأمة تحديات متزايدة في العلاقات الخارجية، بما في ذلك قيود التصدير والولاية القضائية "الطويلة الذراع" والعقوبات. لقد تعرضت الصين، على سبيل المثال، لعقوبات متزايدة من الولايات المتحدة الأمريكية بسبب التقنيات المتقدمة وكذلك القضايا المتعلقة بمنطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم ومنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة. ومع ذلك، فشل القانون الدولي في توفير العلاجات المناسبة. من أجل حماية أمنها الوطني ومصالحها، أدركت الصين الحاجة الملحة لإطار قانوني محلي لتنظيم العلاقات الخارجية. وفي التاسع والعشرين من يونيو، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، إن القانون يعكس السياسة الدبلوماسية للصين المتمثلة في المحافظة على السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة. كما أنه يمثل توقعات الصين القوية من أجل التنمية السلمية والتعاون المربح للجميع. وأضافت أن القانون يجسد التزام الصين بإقامة رابطة المصير المشترك للبشرية وتعزيز بناء نمط جديد من العلاقات الدولية والتمسك بالقيم المشتركة للبشرية جمعاء. أما صحيفة ((هوانتشيو "غلوبال تايمز")) فاعتبرت القانون علامة بارزة لنهوض سيادة القانون في الشؤون الخارجية للصين. وحسب التحليل الذي كتبه هوه تشنغ شين في الثلاثين من يونيو، فإنه بسبب التغيرات في البيئة الخارجية التي واجهتها الصين في السنوات الأخيرة، ظهرت تناقضات وتحديات جديدة، وأضحت أوجه القصور المؤسسية في سيادة القانون في الشؤون الخارجية واضحة تدريجيا. وقال أيضا إن إصدار القانون وتنفيذه يعد تحسنا كبيرا في قدرة الصين على القيام بالنضالات الدولية والدفاع عن مصالح الوطن والشعب من خلال سيادة القانون، وبالتالي توفير ضمانات قانونية قوية للتعزيز الشامل للنهضة العظيمة للأمة الصينية. وفي ذات اليوم، حملت افتتاحية نفس الصحيفة العنوان التالي: "قانون العلاقات الخارجية يضع موقف الصين على الطاولة"، والتي أشارت إلى شعور بعض وسائل الإعلام الغربية والرأي العام في الولايات المتحدة الأمريكية بالتوتر بشأن قانون العلاقات الخارجية للصين، ومحاولة تشويهه. وقالت الافتتاحية إن رد الفعل هذا ليس مفاجئا. أولا لأنه عرض لتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الطويل في إساءة استخدام الإجراءات القانونية. على مدى عقود، دأبت واشنطن مرارا على انتهاك القانون والأعراف الدولية من خلال استخدام "الولاية القضائية الطويلة الذراع" بموجب قانونها المحلي، وفرض عقوبات غير قانونية من جانب واحد أو ترهيب دول أخرى، مما تسبب في أضرار جسيمة للعديد من البلدان. والآن بعد أن رأوا أن الصين قد سنت مثل هذا القانون، فإنهم بشكل طبيعي وغير واع قلقون بشأن ما إذا كانت الصين ستستخدم نفس الوسائل "للانتقام" من الولايات المتحدة الأمريكية. بعبارة واضحة، هذا هو معيارهم المزدوج المعتاد ومظهر من مظاهر الشعور بالذنب بسبب تاريخهم الواسع في ارتكاب الأخطاء.

في الحقيقة، لم يكن متوقعا أن يتم الترحيب غربيا، وأمريكيا بشكل خاص، بقانون العلاقات الخارجية للصين، كما كان الحال بالنسبة لقوانين صينية عديدة أخرى. ولعل ما قاله وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في المقابلة التي أجرتها معه شبكة ((CNN)) في الخامس والعشرين من يونيو 2023، يعكس هذه الحالة، فقد قال: "من الواضح جدا أنه عندما يتعلق الأمر بالصين، سنفعل ونقول أشياء لا يحبونها؛ وسيفعلون ويقولون أشياء لا نحبها."

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4